لماذا تصر الحكومة على إهانة قضائنا الشامخ ثم تزعم أن الانتخابات المقبلة سليمة ونزيهة وبإشراف القضاء؟ الحاصل أن الحكومة تخرج على القانون وتزدرى القضاء وتتعامل مع السادة الأفاضل أعضاء اللجنة العليا للانتخابات على أساس أنهم مجموعة من جلساء حضرة العمدة فى دواره العامر، يتحدثون ويحكون ويزيدون وينصحون ويوصون ويقررون، ثم يضرب بقراراتهم عرض الحائط. وما جرى بشأن المرشحين الحاصلين على أحكام من القضاء الإدارى بأحقيتهم فى خوض الانتخابات، يبين إلى أى مدى لا تلقى أحكام القضاء الاحترام الواجب، خصوصا فى ضوء صدور قرار اللجنة العليا للانتخابات التى تضم شخصيات قضائية رفيعة ومحترمة، بإلزام وزارة الداخلية بتنفيذ حكم القضاء والسماح للمرشحين بتقديم أوراقهم. ذلك أن قرار اللجنة العليا للانتخابات والذى صدر يوم الخميس الماضى ووقع عليه أحد عشر قاضيا وإعلاميا هم مجموع أعضاء اللجنة نص صراحة على: أولا تنفيذ أحكام القضاء الإدارى.. وثانيا إلزام وزارة الداخلية بتنفيذ قرار اللجنة ونشره فى الوقائع المصرية وصحيفتين يوميتين ذائعتى الانتشار. ولعل إحاطة قرار اللجنة العليا بهذا السياج القوى من الحيثيات، وتحديدا نشره فى الوقائع المصرية وصحيفتين يوميتين، يرفع القرار إلى مرتبة القانون واجب النفاذ فورا، غير أن كل ذلك تم القفز عليه وتجاهله تماما بأن رفضت وزارة الداخلية قبول أوراق المستبعدين من الترشيح، وكأنه لا توجد لجنة عليا، هى جهة الحل والعقد فى موضوع الانتخابات من ألفه إلى يائه. إن عدم الاعتداد بقرارات اللجنة العليا، أو الالتفاف عليها، من الجهة الإدارية ينذر بدخول العملية الانتخابية كلها فى منعطف خطير يأخذ الجميع إلى دوامات من العنف والفوضى. وما جرى فى الإسكندرية مساء أول أمس يظهر بجلاء أن هذه الانتخابات ربما تشهد معدلات عنف غير مسبوقة فى التاريخ، إذ تحولت المواجهات بين الشرطة ومرشحى الأخوان وأنصارهم إلى ما يشبه حرب شوارع، تحولت معها المدينة إلى ساحة من الكر والفر. الموقف خطير ويتطلب تدخلا عاجلا ممن بيدهم الأمر حتى لا تتحول الانتخابات إلى مناسبة أخرى لإهانة القضاء، وكما قال لى مستشار مرموق فى مكالمة طويلة أمس فإن الأمر الآن يتطلب تدخل الرئيس مبارك شخصيا، لإعادة الاعتبار لأحكام القضاء وقرارات اللجنة العليا للانتخابات، قبل أن يفلت الزمام، وتخوض البلد كلها فى حقول من العنف والفوضى.