¬ تحول حفل تأبين المفكر الدكتور نصر حامد أبوزيد إلى تظاهرة ثقافية شارك فيها نخبة من أعلام الفكر العربي طالبوا فيها بحرية التعبير في العالم العربي، مؤكدين أن أفكار أبوزيد التي صادرها بعض المتشددين ستظل باقية رغم رحيله. ودعا الدكتور عماد أبو غازي أمين المجلس الأعلى للثقافة إلى أحياء أفكار أبوزيد من خلال تنظيم ندوات لمناقشتها في الوقت الذي أعلن فيه الدكتور أحمد مرسي الذي أدار حفل التأبين الذي أقيم مساء أمس السبت بدار الأوبرا عن أن العديد من المؤسسات في مصر ولبنان وأسبانيا وفرنسا وهولندا قد أعلنت عن تنظيم لقاءات لمناقشة فكر أبوزيد. ويعد نصر حامد أبو زيد أحد رموز المفكرين المصريين الذين تعرضوا للاضطهاد بسبب أفكاره المطالبة "بالتحرر لا من سلطة النصوص (الدينية) وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا"، وبسبب أفكاره حكمت أحد المحاكم المصرية بتفرقته عن زوجته الدكتورة ابتهال يونس، وهو ما انتهي بترك أبوزيد الوطن إلى المنفي منذ 1995 للعمل كأستاذ لكرسي الحرية بجامعة ليدن بهولندا إلى أن وافته المنية شهر يوليو الماضي عن عمر يناهز السابعة والستين. وقال الدكتور برهان غليون، أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون "نحن لا ندافع اليوم عن حق نصر في حرية التفكير بل نريد أن ندافع عن حق جميع المثقفين والمواطنين والمسلمين أن يكونوا أحرارا أن يفكروا بما يمليه عليهم ضمائرهم لأنهم إن لم يفعلوا كذلك يصبحوا إما من أهل الرياء أو إمعات". وأكد غليون أن المنطقة العربية تعيش فترة تحول سريع وهناك اختلاف في كل شيء سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي و إذ لم نقبل بالاختلاف وحق أي فرد في أن يفكر باستقلال و يدافع عن رأيه فسوف نصطدم باستمرار. وقال الكاتب والمفكر الفلسطيني فيصل دراج "أقام أبوزيد بحثه على مبدأ التعدد الذي لا يرتاح إلى اليقين مؤكدا أن المعرفة حوار وأن العقل الإنساني متعدد وإن الركون إلى الأحادية و التجانس اقتراب من الموت وبسبب قلقه المعرفي الذي هو ميزة كل مفكر حقيقي اختلف مع حراس الركود الذين يساوون بين الجمود والمقدس واختلف مع تقليد مدرسي قديم يصالح ما بين الحقيقة والمنفعة السلطوية". حضر حفل التأبين مثقفين من مختلف الدول العربية منهم من دعي للمشاركة ومنهم شخصيات كبيرة جاءت للمشاركة. وقالت الدكتورة آمنة نصير أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر "إن آفة مجتمعنا الآن هو أننا دخلنا في التدين الظاهري وأصبحنا خواء من الداخل". وقال الناقد والأديب إبراهيم فتحي "إن منهج نصر التاريخي العقلي منهج خصب لا يحيد عن المبادئ الإسلامية بل يوظفها توظيفا شديد الفائدة". من جانبه، قال الكاتب اللبناني على حرب إن "كتابات نصر تصب في صالح زعزعة السلطة الدينية وإنه لا يفيد الإسلام بقدر ما يفيد المجتمعات العربية من خلال منهجه في التأويل العقلي". و أضاف إن أبوزيد وإن أبدى تراجعا في الفترة الأخيرة من حياته إلا أن الأفكار التي طرحها لن تموت.