واصلت أمس نيابة الأموال العامة التحقيق فى قضية إهدار مليار و500 مليون جنيه من ميزانية العلاج على نفقة الدولة لصالح مستشفيات خاصة مملوكة لرجال أعمال وهى القضية المتورط فيها 14 عضوا بمجلسى الشعب والشورى ومسئولين بمجلس الوزراء ووزارة الصحة. وقدم أمس مصطفى بكرى عضو مجلس الشعب لنيابة الأموال العامة مستندات رسمية، تفيد أن الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، احتاج لإجراء عملية جراحية فى عينيه لعلاج انفصال الشبكية، وهى عملية بسيطة تحتاج لعلاج يوم واحد، لكنه ظل يضلل رئيس الوزراء أحمد نظيف بشأن علاجه فى الخارج، وقضى 30 ليلة خارج البلاد فى فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية لأسباب غير واضحة، وكانت السفارات المصرية تصرف له يوميا مبالغ بلغت فى المتوسط 9 آلاف دولار كمصروف جيب للإنفاق على تنقلاته وتحركاته تحت بند يسمى «بدل سفر الوزراء»، حتى بلغ إجمالى ما حصل عليه كمصروف جيب مبلغ 270 ألف دولار، يعادل مليونا و400 ألف جنيه. وقال بكرى أمام محمد عبدالسلام رئيس النيابة، إن ما قام به غالى فضلا عن كونه إهدارا للمال العام والاستيلاء عليه، فإنه تغيب عن عمله بوزارة المالية بدون عذر، وتقاضى راتب 3 أشهر رغم أنه كان منقطعا عن العمل بزعم تلقى العلاج بالخارج. وقدم بكرى 20 مستندا للنيابة شملت قرارات العلاج الصادرة من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وفواتير شراء تذاكر الطيران، وقال إن رئيس الوزراء أثبت فى كل قرار أنه اطلع على قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 الخاص بالعلاج على نفقة الدولة، وبعدها وافق على طلب غالى السفر للخارج 9 مرات، وهو ما يثبت تورط رئيس الوزراء فى القضية، حيث إن قرار رئيس الجمهورية المنوه عنه ينص على أن العلاج على نفقة الدولة للفقراء والمحتاجين فقط، والدكتور يوسف بطرس غالى من الأغنياء المقتدرين ماليا، ورغم ذلك وافق رئيس الوزراء على طلباته المتكررة بتحمل الدولة نفقات علاجه بالخارج رغم أن علاجه فى المستشفيات المصرية بتكلفة زهيدة للغاية. وتبين من واقع المستندات أن قصة علاج الدكتور يوسف بطرس غالى بدأت بطلب قدمه لرئيس الوزراء طالبا السماح له بالسفر للخارج للاطمئنان على صحته فى مستشفى جونز هوبكنز بولاية ميرلاند الأمريكية، وذلك بإجراء فحوصات طبية، وطلب صرف 5 آلاف دولار له فى سبيل ذلك، وبالفعل وافق رئيس الوزراء، وقرر إصدار قرار علاج له بالمبلغ برقم 932 لسنة 2008، واشترط رئيس الوزراء، طبقا للقرار، على وزير المالية تقديم المستندات الدالة على الفحوصات التى سيجريها فى الخارج، ولم يتضح ما إذا كان وزير المالية قدم فيما بعد المستندات التى تفيد دخوله المستشفى من عدمه. وقال بكرى تعليقا على هذا القرار خلال التحقيق فى النيابة، إن الفحوصات الطبية التى يرغب أى مواطن أو مسئول فى إجرائها من باب الاطمئنان على صحته لا تدخل ضمن موازنة العلاج على نفقة الدولة، فلا بد أن يكون طالب العلاج فقيرا وفى ذات الوقت مصابا بمرض محدد ومعروف، وليس إجراء فحوصات من باب الترف والاطمئنان على صحته. وبعد ذلك بشهرين، طلب وزير المالية للمرة الثانية من رئيس الوزراء السماح له بالسفر للخارج للعلاج فى باريس، مع صرف مبلغ 15 ألف يورو، فوافق رئيس الوزراء، وتضمن القرار إلزام الوزير بتقديم ما يفيد تلقيه العلاج فعلا، ولم يتضح فيما بعد ما إذا كان الوزير قد قدم ما يفيد دخوله المستشفى من عدمه. وبعد ذلك بخمسة أشهر، طلب وزير المالية من رئيس الوزراء من جديد الانقطاع عن العمل والسماح له بالسفر للخارج مع تغيير جهة العلاج من فرنسا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم يتضح سبب عدم رغبة الوزير فى السفر إلى فرنسا مرة أخرى، واختار ولاية ميرلاند الأمريكية لتلقى العلاج فيها، وصدر القرار الثالث، ولكن هذه المرة دون أن يشترط رئيس الوزراء على الوزير تقديم ما يفيد أنه دخل المستشفى فعلا. بل تضمن القرار لأول مرة صرف بدل نقدى من مكتب واشنطن قدره 9 آلاف دولار وأحيانا 14 ألف دولار يوميا كمصروف جيب، فضلا عن تحمل تكاليف السفر والمرافق له وهو زوجته. وبعد 3 أشهر عاد وزير المالية وطلب من جديد السماح له من جديد بالسفر لأمريكا، حتى سافر 9 مرات، أمضى خلالها 90 يوما، بل فى آخر مرة زار فيها أمريكا، أخبر رئيس الوزراء أنه يحتاج للبقاء فى المستشفى 15 يوما، وعندما خاطبت السفارة المصرية فى واشنطن المستشفى، فتبين لها أن الوزير غادر المستشفى منذ أسبوعين ولا تعلم عنه شيئا. وأضاف بكرى أنه يتوقع أن يكون الوزير كان يسافر على طائرات خاصة إلى أمريكا نظرا لأن سعر تذاكر السفر ذهابا وعودة للولايات المتحدة تبلغ 34 ألف جنيه، بينما كانت تذاكر السفر الخاصة بالوزير تدور حول 200 ألف جنيه. كما طلب بكرى من النيابة استدعاء الدكتور أحمد نظيف والتحقيق معه فى تسهيل الاستيلاء على المال العام بإصدار قرارات علاج الوزراء والمسئولين بلا مستندات تفيد أنهم مرضى أم أصحاء. كما طلب التحقيق مع المستشار محمد يسرى زين العابدين رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء لإصداره شيكات لأفراد أسرته بلا مستندات، كى يسلموا الشيكات لصيدليات خاصة، ولم يقدموا ما يفيد أنهم صرفوا الأدوية فعلا، كما طلب بكرى التحقيق مع المستشار أحمد زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة حول المبالغ المالية التى سهل له والده رئيس هيئة المستشارين الحصول عليها بزعم العلاج عليه.