أسماء الفائزين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    أسعار الفاكهة اليوم السبت 11 أكتوبر في سوق العبور للجملة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 11 أكتوبر 2025    أسعار الأرز الشعير والأبيض السبت 11-10-2025 ب أسواق الشرقية    أخبار مصر: مفاجأة صحية عن "قلب" ترامب قبل زيارته لمصر، تمساح يثير الرعب بشوارع الهرم، تعاقد عماد النحاس مع نادٍ خليجي كبير    كرم سامي يكتب: من شرم الشيخ إلى العالم .. القاهرة تُعيد السلام في الشرق الأوسط    مواعيد مباريات اليوم السبت 11-10-2025 والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في تصفيات كأس العالم    حالة المرور اليوم، كثافة على غير العادة بهذه الشوارع والمحاور    الطقس اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. انخفاض في درجات الحرارة واضطراب بالملاحة البحرية    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بكفر الزيات    عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي تشعل الأجواء    فأر يفاجئ مذيعة الجزيرة أثناء تقديم النشرة يثير الجدل.. حقيقي أم مشهد من الذكاء الاصطناعي؟    صلاح خارج مواجهة مصر وغينيا بيساو    أسعار الفاكهة اليوم السبت 11-10-2025 في قنا    أسعار الذهب اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة قنا    ترامب يسخر من منح جائزة نوبل للسلام للمعارضة الفنزويلية    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 كتوبر 2025    كوريا الشمالية تستعرض صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في عرض عسكري ضخم    الولايات المتحدة تعلن استعدادها لخوض حرب تجارية مع الصين    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    انخفاض كبير تخطى 1000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم السبت 11-10-2025    النيابة العامة تباشر التحقيق في واقعة وفاة 3 أطفال داخل بانيو ب المنوفية    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا يرتاح المزورون
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 09 - 2010

ونحن نتحرك صوب انتخابات مجلس الشعب تواجهنا كل يوم شواهد جديدة على المشكلات التى باتت متأصلة فى حياتنا السياسية، فزينت صفحات الجرائد يوم الثلاثاء، مثلا، صورة نائب فوة، محمد عبدالعليم داود، يشهر حذاءه فى وجه الكاميرا ويقول «حذائى أشرف من أى اتهام» كذا «توجهه إلى قيادات الوطنى، وأى مسئول حكومى»، وداود متهم مع 15 آخرين بإهدار مليار و500 مليون جنيه فى قضية العلاج على نفقة الدولة، ويؤكد أن القضية فى الأساس لتلويث سمعته، «لأننى فضحت حاتم الجبلى، وزير الصحة، فى استجواب واجهته به عام 2009 عن إصداره قرارات علاج موجهة لمستشفى دار الفؤاد الذى يمتلكه».
نالت أمثال هذه الأحداث والقصص من هيبة البرلمان، فبرغم أن هناك عددا من النواب الشرفاء يأخذون رسالتهم مأخذ الجد، أصبحت النظرة الغالبة أن مقعدا فى البرلمان يساوى طريقا مفتوحا للفساد، فنجد الأوصاف المقرونة بالنواب اليوم تصف شتى المجالات التى تكسبوا منها بشكل غير مشروع.
نحن، شعب مصر، يمثلنا اليوم «نواب القروض»، و«نواب الأراضى»، و«نواب البودرة»، وغيرهم.
ونحن، شعب مصر، نحتاج إلى التغيير: فى برلماننا، وفى حكومتنا، وفى دستورنا، وفى سياساتنا، وفى اقتصادنا. وهذا التغيير لن يحدث طالما بقى النظام الحالى، والحزب الوطنى الديمقراطى الذى هو أداة النظام. هذا نظام يقبض على البلاد ويمتص دماءها، وتنازله عن هذه القبضة وهذا الامتصاص فيه نهايته، فلن يتناول. ومن هنا يقين الشارع المصرى أن الانتخابات القادمة، التى يمكن أن تكون مجالا سلميا ومشروعا لتداول السلطة، قد حسمت نتائجها مسبقا.
فى آخر دورة للانتخابات البرلمانية، فى عام 2005، جاءت أكثر المنافسات جدية من الإخوان المسلمين، الذين فازوا كمستقلين بثمانية وثمانين من المائة والخمسين مقعدا التى رشحوا لها «من مجموع 444 مقعدا منتخبا» فوعى الحزب الوطنى الدرس واستغل السنوات الخمس الماضية فى تطوير تقنيات السيطرة على المناصب العليا فى مؤسسات المجتمع المدنى. فمن تعديل فى لوائح الجامعات ومجالس المدن، إلى عقد صفقات مع أجزاء من المعارضة على حساب أخرى، إلى عرض خدمات مباشرة لقاء أصوات انتخابية، إلى شطب أسماء أشخاص بعينهم من قوائم الترشيح، «كما حدث فى نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة» إلى أن نجح فى وضع شخصيات لنصفها بالمسالمة فى الكثير من المناصب المؤثرة فى البلاد.
والحزب يستعد الآن لشغل مقاعد مجلس الشعب بالطريقة نفسها. يقول مصدر موثوق به إن قيادة كبيرة فى الحزب الوطنى حذرته أنه لن يصل أحد إلى الترشيح أساسا إلا أن تكون السلطة راضية عنه. مجلس الشعب القادم سيتكون من 518 مقعدا بعد اضافة 64 مقعدا جديدا للنساء فقط، يستطيع الحزب أن يلعب بمائة وسبعين منها، يملؤها بنواب مسالمين من خارج الحزب الوطنى، فيرسم واجهة «ديمقراطية»، دون أن يتخلى عن التحكم فى قرارات المجلس أو حتى فى إمكانية وضع مقترحات جديدة أمامه.
ومع هذا فإن المشهد السياسى العام لم يعد نفس مشهد سنة 2005، فمثلا نرى الأحزاب والحركات الشعبية دخلت فى تجارب ائتلافية لعلها لم توفق تماما لكنها تعبر عن اتجاه إيجابى قد يثمر، وظهر فى الساحة الدكتور محمد البرادعى فبلور مطالب الناس بالتعديلات الدستورية التى تتيح لأى جاد أن يترشح للانتخابات الرئاسية عام 2011، ومع أن الدكتور البرادعى وباعترافه ليس البطل المنقذ الذى أمل فيه البعض، إلا أن شخصيته المحترمة، والمشهود لها بالنزاهة، والمتمتعة بتقدير عالمى، شكلت نقطة التقاء والتفاف للكثيرين، وقد وقع على عريضة مطالبه حتى الآن ثمانمائة ألف مصرى.
أما التطور الأكثر أهمية فى المشهد السياسى فهو انشقاق النظام على نفسه فى غضون محاولاته البحث عن قوالب جديدة يتشكل بها ليتمكن من الاستمرار فى السلطة. فالشق الأصغر سنا من رجال الأعمال الساسة المحيطين بنجل الرئيس يرون فى دفعه إلى كرسى الرئاسة الفرصة الأعظم لهم فى الاستمرار، أما الحرس القديم، المسيطر على البلاد مدة ثلاثة عقود، الذى يدرك رفض المصريين مبدئيا لفكرة التوريث، فيرى الأسلم فى اختيار رئيس جديد بين صفوفه.
وأمام هذه المعطيات الجديدة اضطر الحزب الوطنى أن يكشف عن وجهه الحقيقى، فالوقت لا يسمح الآن باتباع الأساليب التقليدية فى المساومة والترغيب: الآن وقت الترهيب. فمثلا، يوم الثلاثاء الماضى أيضا، اختطف مجهولون الدكتور شادى الغزالى من طابور الجوازات فى مطار القاهرة، حيث كان يستعد للسفر إلى لندن لأداء امتحان الزمالة، فالدكتور شادى مدرس فى كلية الطب، ومتخصص فى جراحة الكبد، إلى جانب كونه من مؤيدى الدكتور البرادعى وناشطا فى حملة ضد التوريث. أكدت مباحث أمن الدولة لعم الدكتور شادى، وهو شخصية ذات مكانة عالية فى الأوساط السياسية والثقافية المصرية، أن ابن أخيه ليس فى حوزتهم. لكن اختطاف الغزالى تم فى منطقة محظورة بالمطار. كما أن اثنين من زملائه الناشطين، وكانوا قد اختطفا وأطلق سبيلهما قبل ذلك بيومين، حكيا عن سيارات معتمة الزجاج، منزوعة الأرقام، وعن تعرية وتغمية واستجواب، وعن إطلاق السراح أخيرا فى موقع على الطريق الزراعى. إن لم يكن أمن الدولة فمن؟ من الذى يقوم باختطاف واستجواب شبابنا؟
على هذه الخلفية من الصفقات والبلطجة، يطالب بعض رموز المعارضة، ومن بينهم الدكتور البرادعى، بمقاطعة الانتخابات. والحجة هنا أن المقاطعة تعرى النظام وتفقده الشرعية. والسؤال هو: فى أى عيون؟ فالنظام فقد شرعيته فى عيون المصريين منذ زمن. مشهد المقاطعة، إذن، موجه إلى الخارج، إلى المجتمع الدولى. ولكن هل من اللائق، أو من الحكمة، أن يعلق شعب دولة ذات سيادة آماله على التدخل الأجنبى؟ ثم إننا قد رأينا رد الفعل الغربى لانتخابات السودان وأفغانستان، فأى أمل يمكن استخلاصه من هذا؟ أضف إلى هذا أن الحالة المصرية يدخل فيها أيضا العامل الإسرائيلى: فمردود الخدمات الكثيرة التى يقدمها النظام المصرى لإسرائيل اليوم وجدت تلخيصا وافيا فى مقولة الصحفى الأمريكى المخضرم، ديفيد أوتاواى فى حديثه فى «صوت أمريكا» إن الرئيس أوباما ربما يرى أن مساندة الديمقراطية فى مصر ستكون لها أثر سلبى على محادثات السلام.
الرأى عند الكثير من المعارضة لا يميل إلى المقاطعة، والقلة من المستقلين الحقيقيين الذين فازوا بمقاعد ونجحوا فى تكوين قاعدة انتخابية لا يرون وجها للتخلى عنها لماذا نسلم البلاد للوطنى «مقشرة»؟
المشاركة والالتحام أصعب وأفيد وأوجب من المقاطعة، ونحن المصريون وجب علينا العمل، العمل بنا ولنا. نعم يستطيع النظام أن يتحكم فى نتيجة الانتخابات، لكنه لا يستطيع أن يتحكم فى العملية الانتخابية برمتها، والعملية لها مدلولها وأهميتها: مرشحون يتقدمون ببرامج يناقشونها مع الناس، ناخبون ينتخبون، معارضة تضع كوادرها فى مقرات الانتخاب، تصر على حق المواطن فى إدلاء صوته فى سرية، تنشر هواتف يمكن الاتصال بها للتبليغ عن الغش أو الترهيب.
فى عام 2005 رأينا النساء يتسلقن الجدران ويدخلن مراكز الاقتراع من النوافذ لتفادى حصار أمن الدولة، ورأينا المسئولين يستقلون تمسكا بصناديق الاقتراع يحتضنونها فيقذفون معها إلى بوكسات الأمن المركزى، رأينا إصرارا حيا على حق الناس فى أن يمثلوا تمثيلا حقيقيا، ومررنا منذ ذلك الوقت فى خمس سنوات من التظاهرات والوقفات والاعتصامات والبلوجات، أليس واجب المعارضة أن تجمع كل هذا الحرام والقلق لتدفع به التوجه الديمقراطى؟
يجب ألا يحصل الحزب الوطنى على البرلمان الأليف الذى يبغيه دون أن يدفع ثمنا لذلك، وجزء من هذا الثمن هو المزيد من فقدان الشرعية، أما الجزء الآخر فهو تفعيل الشعب، فالبلاد، بعد انتخابات مجلس الشعب، يجب ألا تكون منكسرة، بل يجب أن تكون غاضبة، لتفعل قدراتها السياسية الخلاقة والمشروعة فى انتخابات الرئاسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.