مأساتها يصعب تصديقها والتعامل معها على أنها حقيقة حدثت على أرض الواقع.. يمكن أن تعتبرها مسلسلا تليفزيونيا أو فيلما سينمائيا لفريق عمل رائع، لكن تفكيرك من الصعب أن يذهب إلى أن ما يحدث حقيقة، وأن هذه السيدة الجميلة وقفت تصرخ فى الشارع حتى ينقذها أحد من مجرم ألقى على وجهها ماء النار وهرب. ارتفع صراخها لكى تنبه المارة ليمسكوا بالمجرم، خلعت ملابسها ووقفت عارية، ونار المادة الكاويه تنخر جسدها، سقطت على الأرض دون أن تجد من ينقذها وينقلها إلى المستشفى، مرت الثوان كالساعات قبل أن تنقلها سيارة الإسعاف إلى قصر العينى بأعجوبة. حضر إليها زوجها يبكى حالها ويعرض الأموال على الأطباء والممرضات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، دخلت غرفة العناية المركزة لمدة 5 أيام خرجت بعدها وقد تشوه وجهها وجسدها، انخرطت فى البكاء، وانهمرت الدموع من زوجها الذى كان يحاول تهدئتها، دخل ضابط المباحث ليلقى القبض على الزوج لاتهامه بالتحريض على تشويه وجه زوجته.. صرخت فى وجه الضابط مستنكرة اتهامه لزوجها.. كشف لها الضابط جريمة زوجها البشعة لتصفيتها، انهارت تماما وراحت فى غيبوبة قاتلة. دخلت الزوجة غرفة العناية المركزة مرة أخرى، ضاقت أنفاسها، أصيبت بمرض السكر فجأة لكنها رفضت تناول العلاج حتى تموت وتنهى حياتها، فما فعلته مع زوجها لايمكن أن يقابل بهذه القسوة والنذالة. ومع اشتداد آلام الحروق فى جسدها.. تذكرت رحلة الزواج المريرة.. شريط ذكريات قاس مر أمام عينيها. تعرفت عليه عن طريق مكتب المحاماة الذى كانت تعمل به.. فهو موظف بوزارة الزراعة، ويتعامل مع بعض المقاولين لإنهاء وبيع الأراضى الصحراوية.. تزوجته دون أن تعرف سجله الإجرامى. عاشت معه عاما كاملا سعيدة مثل كل الزوجات.. فجأة اقتحم شقتها رجال المباحث للقبض على الزوج المزور لعقود أراض ملك الدولة، دخلت فى دوامة المحامين وأقسام الشرطة خلف زوجها. باعت مصوغاتها وسحبت رصيدها من البنك حتى تنقذ زوجها من السجن، قضى عاما آخر خلف الأسوار وعاد إليها حزينا بعد أزمة الأحكام التى طاردته مفصولا من عمله، وعدها بالالتزام.. استأجرت له تاكسى يعمل عليه، التزم فى العمل بعض الوقت بعد أن رزقه الله بمولودة، هدأت المشكلات عدة أيام إلى أن علمت أنه عاد لممارسة جرائمه فى تزوير الأوراق الرسمية وبيع الأراضى المملوكة للدولة، وأنه ترك التاكسى لصديق له يعمل عليه لحسابه الخاص، واجهته بجرائمه ودبت المشكلات بينهما من جديد. طردها من شقتها وباع الشقة، ودمر منقولات الزوجية، وانقطعت أخباره عدة أشهر، عاد إليها فى شقة والدتها، وارتضت بنصيبها وطبقت المثل «ضل رجل ولاضل حيط». لكنها لم تفلح فى إجباره على التوبة، فقد عاد إليها بجرائمه ومطاردة المباحث له مرة أخرى، وبعدها اكتشفت زواجه من فتاة عمرها 19 عاما بالصدفة أثناء تنظيف ملابسه. لم تتحمل الموقف، وقامت بطرده أمام الجيران. اضطرت للخروج للعمل فى إحدى الشركات، وأقامت ضده دعوى خلع للطلاق منه، ووصلت إليها عدة تهديدات بالقتل منه ومن بعض البلطجية، لكنها لم تصدق أن زوجها يمكن أن ينتقم منها ويلوث يده بدماء امرأة أحبته وعاشرته من أجل أن يمنع دعوى الطلاق خلعا. لكن تلاميذ الشيطان لهم رأى آخر.. لا يعرفون محبة ولا يقيمون وزنا للعشرة، خطط للانتقام منها، وفى أحد الأيام خرجت لطيفة إلى عمها ظهرا، وفوجئت بأحد الشباب يلقى على وجهها «ماء نار» وعندما أفلتت الزجاجة من يده قام بإلقاء الزجاجة الثانية على وجهها عمدا، وجرى نحو سيارة كانت فى انتظاره ليفر هاربا من موقع الجريمة. تم نقلها إلى مستشفى قصر العينى.. وبعد دقائق حضر إليها زوجها يبكى ويصرخ من الجريمة التى تعرضت لها.. جلس معها خمسة أيام يبكى حظها ويقف مع رجال المباحث ويرشدهم عن المجرم الذى ارتكب الجريمة ويتوعده بالقتل انتقاما لزوجته، وفجأة اكتشفت المباحث أن زوجها هو المحرض الأصلى فى القضية، وأنه اتفق مع أحد أصدقائه على تشويه وجه زوجته مقابل 1300 جنيه.. وخطط للجريمة منذ أيام.. ألقت المباحث القبض على الزوج، وتم حبسه مع شريكه على ذمه التحقيق. وفى المحكمة وقفت الزوجة الحزينة أمام المستشار لطفى حسانين رئيس محكمه جنايات الجيزة. رفعت النقاب من على وجهها لتبين التشويه الذى أحدثه المجرم، وطلبت من زوجها فى القفص أن ينظر بدقة إلى جريمته. والدمع يسيل منها قالت: يا سيادة القاضى إن جريمة زوجى جريمة مستمرة لأنه يقتلنى فى اليوم 100 مرة.. حرمنى من الخروج إلى الشارع، وحبسنى داخل النقاب بالإكراه حتى أن ابنتى الصغيرة تخاف منى، ولاتريد أن تنام فى أحضانى خوفا من تشوهات جسدى، وتصرخ ليلا من الخوف الذى يملأ قلبها. وأضافت الضحية: حرمنى من أنوثتى وشبابى.. ليته كان قد أطلق الرصاص علىّ أو طعننى بالسكين، فالموت أهون من أن أعيش ذليلة فى مجتمع لا يرحم وفى انتظار عطف متبرع بأمبول مرهم يطفئ النار فى جزء بسيط من جسدى. وأضافت: بعت كل ما أملك من أجل علاجى، ولم أجد من يشاركنى أحزانى، حيث إننى وحيدة أمى بعد وفاة شقيقى فى حادث، ولا يوجد أى مصدر دخل لى فقدت كل شىء، حتى معاش وزارة التضامن جريت وراءه بأوراقى منذ عام، وإلى الآن لم أحصل عليه. صرخت أمام القضاة، وتساءلت ما الذى يعوضنى عن ضياع مستقبلى وحياتى وانقطاعى عن الناس وعدم قدرتى على العمل للصرف على ابنتى الصغيرة، وكذلك علاجى، حيث إننى أحتاج لعمليات تقدر تكلفتها بمائة وخمسين ألف جنيه من سيدفعها؟! قدم محاميها صورا لوجهها قبل الإصابة وبعدها، وشهادة من سجل زوجها الإجرامى والأحكام الصادرة ضده فى قضايا تزوير فى أوراق رسمية. طلب الدفاع عن المتهم البراء لموكله؛ لأنه لم يكن مع المتهم أثناء ارتكاب الجريمة، واعتراف المجرم الأصلى بإلقاء ماء النار لا يعنى اتهام الزوج الكيدى. قاطعه الشريك الثالث الذى قام بنقل مرتكب الجريمة من موقع الحادث وقال فى شهادته إن الزوج اتفق معه على تنفيذ الجريمة فرفض وأحضر المتهم الأصلى له فى المقهى وتسلم المتهم النقود وماء النار لتنفيذ الجريمة. طالبت النيابة توقيع أقصى العقوبة ضد المتهمين الذين عقدوا النية على الجريمة، وأعدوا لها وقاموا بالتخطيط وتنفيذها فى المكان الذى كانت تسير فيه المجنى عليها، وأصر المتهم على تشويهها بعد فشله فى إلقاء الزجاجة الأولى فألقى عليها الزجاجة الثانية. وأصدرت المحكمة حكمها حضوريا بالسجن المشدد للزوج خيرى ياسين محمد مرسى 7 سنوات مع الشغل والنفاذ وشريكه أحمد على قطب بنفس العقوبة وبراءة الثالث وفى الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحق المدنى لطيفة عبداللطيف مبلغ 2001 على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهما بمصروفات المحاماة.