كجوك: طرح 3 استراتيجيات متوسطة المدى للدين والسياسات الضريبية والمالية العامة نهاية الشهر الجاري    مسؤول سوداني: الحرب في البلاد صراع على الموارد ورغبة في تغيير ديمغرافيتها    خط نتنياهو الأصفر!    الامين العام يدعو إلى تغليب المصلحة العليا للشعب اليمني وتجنب التصعيد في حضرموت والمهرة في الجمهورية اليمنية    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك قدم أسوء مبارياته أمام سموحة ولست راضيا عن الأداء    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    ترحيل طليق المطربة رحمة محسن تمهيداً لحبسه تنفيذاً لقرار جهات التحقيق    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة جامبو بالطريق الصحراوي في البحيرة    بعد واقعة موقع المتحف المصري الكبير المزور.. أسامة كمال: ما الذي يمنع تكرارها وما هي العقوبة؟    رئيس شعبة المصورين الصحفيين: صاحب واقعة ريهام عبدالغفور لا يعمل بصحيفة أو موقع    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بختام تعاملات اليوم الخميس    تعيين محمد حلمي البنا عضوًا بمجلس أمناء الشيخ زايد    ضياء رشوان: نتنياهو يريد تجنب الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    ستة منتخبات تصنع المفاجأة وتُحافظ على شباكها نظيفة في افتتاح أمم إفريقيا 2025    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    نجاح عالمي للمعارض السياحية الخارجية وقرارات جديدة لتعزيز تجربة الزائر    هي تلبس غوايش وأنا ألبس الكلبش| انفعال محامي بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات    «مؤسسة محمد جلال الخيرية» تكرم أكثر من 200 حافظة وحافظ للقرآن الكريم    شبكة أطباء السودان: الدعم السريع تحتجز 73 امرأة و29 طفلة بولاية غرب كردفان    بعد قرار البنك المركزي بخفض الفائدة.. خبراء: ينعش أسواق المال ويعيد توجيه بوصلة المستثمرين    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    العائلة المصرية في برلين: مشاركة إيجابية للجالية المصرية في انتخابات «النواب»    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    تعرف على أبرز الشخصيات فى مقابر تحيا مصر للخالدين    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة البورصة .. يحاول قتل شريكة عمره وبناته خوفا من المستقبل
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 11 - 2009

لعنة البورصة.. أصابت الكثيرين ممن خسروا أموالهم فيها بلوثة عقلية واكتئاب نفسى.. أفقدتهم القدرة على مواصلة الحياة بهدوء والتعامل بمبدأ المكسب والخسارة فى الدنيا، جعلت بعضهم يشنق نفسه ليتخلص من حياته والبعض الآخر قتل أفراد أسرته وذبحهم بالسكين ببشاعة قاسية ثم يحاول الانتحار بعدها وآخر يطلق النار على زوجته وأطفاله ويقتل نفسه وأخيرا وقد لا يكون آخر، يلقى بزوجته وابنتيه من الطابق الرابع لأنهم لا يعرفون العيش فى وضع مادى ضعيف بعد الثراء الفاحش، فماذا حدث لآخر ضحية للبورصة؟
دقت الساعة الثامنة مساء، انطلقت صرخات مدوية تبعها أصوات ارتطام جسم بالأرض اخترقت سكون الليل بقرية «أم خنان» مركز الحوامدية.. هرول سكان العقار رقم 40 فى شارع جمال عبدالناصر وقبل لحظات من خروجهم سمعوا صراخا آخر لطفلة، وتعلقت عيون السكان على الصغيرة التى ألقاها والدها لكنها وقعت على حبل الغسيل فى الطابق الثالث وتعلقت قدماها وانحشرت على حافة الشرفة.. التقطها الجيران قبل سقوطها.
شاهد الجيران نوره سعيد 23 سنة زوجة صائغ المجوهرات الذى يقطن فى الطابق الرابع غارقة فى دمائها على الأرض تحتضن نجلتها.. ارتفع صراخها من شدة الألم.
وارتفع صراخ زوجها من الشرفة هائجا يهذى بكلمات هستيرية ويقول.. قتلتها..
قتلتها... أسرع الجميع نحو الزوجة وتم نقلها إلى مستشفى قصر العينى فى حالة خطيرة وأمسك الجيران بالزوج داخل شقته.. قام السكان بتكبيله بالحبال خوفا من حالة الهياج التى تنتابه، أعقبها بكاء هستيرى وصراخ إلى أن بح صوته.
تذكر الجميع وقتها لعنة البورصة التى أصابت الجواهرجى كما أصابت غيره، ولم يصدقوا أن الرجل الهادئ الذى كانوا يرونه يعيش حياة سعيدة مستقرة هادئة.
استمرت حالة الهياج لدى الجواهرجى حتى أثناء وجوده فى قسم الشرطة، وفور دخوله انخرط فى البكاء والصراخ المتواصل فما زال صرخات الزوجة والبنات عالقة فى أذهانه.
هدأ الضابط من ثورته فجلس على الأرض وضع يديه فوق رأسه، لا يعرف كيف حدث الأمر يريد أن يرى مبررا لما ارتكبه من جريمة، أسئلة كثيرة كانت تدور فى رأسه بينما تنهمر الدموع على خديه بغزارة.. لطم وجهه بقوة شديدة.. ضرب رأسه فى الحائط عده مرات.. صرخ فى الضابط وطلب منه أن يلقيه من الشرفة مثل زوجته حتى يموت هو الآخر مثلما حدث لها.. قال بصوت عال أنا عايز أموت..أموت.. سكت الضابط ولم يرغب فى استفزازه، جلب إليه كوبا من الماء وتركه حتى عاد إلى هدوئه وبدأ خالد سعيد 25 عاما يتحدث.
انساب الحديث من بين شفتيه واعترافه بمحاولة قتل زوجته وأولاده حتى يتخلص من حياته ويرتاح من الهموم والكوابيس التى يشاهدها يوميا، بدا متناقضا وهو يحكى عن مدى حبه لزوجته وعشقه لبناته وكيف كان يريد أن يؤمن لهن مستقبلهن ولكن البورصة قضت على كل ما يملك فأراد هو أن يخلصهم من المشكلات والديون التى تراكمت عليه بصورة رهيبة، زادت من الضغوط عليه فقرر أن يتخلص من جميع أفراد الأسرة ويرحل من الدنيا التى كانت تضحك له من قبل.
وأخذ يتذكر كيف كان كثيرون يحبونه عندما كان يملك الأموال وكان الكل يبتسم فى وجهه ويلتف حوله ويسألون عنه ومكالمتهم الهاتفية تلاحقه ولكن بعد الخسارة فى البورصة الكل تركه وهرب الجميع من حوله ورفض من كان يعتبرهم أعز الناس من مساعدته فى محنته.. وأصبحت الحياة مملة.. قاسية فكيف ينتظر بعد ذلك؟
توقف خالد عن الكلام قليلا وانخرط فى البكاء مرة أخرى.. صرخ صرخات متتالية.. ارتشف كوبا من الماء، وقال: نشأت فى أسرة مكونة من ولدين وبنت أنا أكبرهم.. عملت مع والدى فى محل المجوهرات الذى يمتلكه لأننى خرجت من الدراسة فى المرحلة الابتدائية ولم أحصل على قدر كاف من التعليم.. تعلمت من والدى صناعة المشغولات الذهبية.. أحببت المهنة وتفوقت فيها وبدأت فى السوق صغيرا.. أتعامل بقطع ذهبية صغيرة وترعرعت فى تجارة المشغولات الذهبية.. وخلال عامين حققت مكاسب كبيرة فى تجارة المصوغات الذهبية ووصل بى الحال إلى منافسة والدى فى التجارة.. التف حولى زملائى وكنت أسهر يوميا معهم فى أحسن الفنادق.
وأرجع رأسه إلى الخلف ليتذكر كيف قابل زوجته، بعدما حضرت إلى محل والدى، وأثناء الحديث الذى جمعهما عرف أنها تقطن فى الشارع المقابل لمنزله. أسرع إلى عمته وطلب منها أن تخطبها بسرعة، وفى اليوم التالى، تمت الخطوبة، وبعدها بفترة قليلة تزوجا، وفى البداية بشقة بالطابق الأرضى بإيجار 150 جنيها فى الشهر.
وبعد عامين طلبت من صاحب البيت أن يؤجر لى شقة فى الطابق الرابع ب250 جنيها، يقول الجواهرجى: «عشت مع زوجتى 5 سنوات جميلة وهادئة وأنجبت فى البداية نورهولكن جاءت خسارة البورصة لتدمر حياتى حيث بدأت خسارتى منذ 3 سنوات بمائة ألف جنيه وانتظرت بعض الوقت وبعد ذلك دخلت فى عملية شراء أسهم جديدة بكامل أموالى لتعويض خسارتى السابقة وكانت المصيبة الكبرى خسارتى أكثر من 300 ألف جنيه.. اضطررت إلى الاقتراض من والدى وكذلك شقيقى لكى أعيش فلم يعد معى أى نقود ولا أعمل ولكن مساعدتهم لى لم تطل.
يتحدث فى حسرة فى هذا الزمن كل إنسان يعيش مع نفسه ولا يتحمل إنسانا آخر حتى لو كان شقيقه أو ابنه وبعد ذلك رفعوا أيديهم عنى ورفض الجميع زيارتى ورفضوا أيضا سداد ديونى.
أصبت بحالة نفسية رهيبة وترددت على طبيب نفسى أكثر من مرة.. تناولت مهدئات حتى أتمكن من المعيشة ومواصلة حياتى وكانت زوجتى تساعدنى على تحمل الكارثة التى أحلت بى ولكن قدرتها المعنوية قد تحطمت تماما بسبب ضيق ذات اليد والمعيشة غير الآدمية التى نعيشها خلال السنوات الثلاث الماضية حيث إننى فى كثير من الأحيان لا أجد قوت يومى ولا يوجد معى ثمن كيس لبن لابنتى وجاءت علىّ أيام كانت ابنتى نوال تصرخ من شدة الجوع ولم أتمكن من إسكاتها أنا وزوجتى وكنت أبكى وزوجتى طوال الليل بسبب الحسرة التى أصابتنى و«انحدار مستوى المعيشة من فوق لتحت».
طرقت باب والدى وطلبت منه أن أعمل لديه مرة أخرى حتى أعيش مثل الناس وأسترد عافيتى ولكن التفكير فى الخسارة دمر عقلى تماما وجعلنى لا أفكر فى شىء غير حالة الدمار التى أعيشها... اختل توازنى النفسى والعقلى ووصل الأمر إلى حد النسيان والإهمال وحالة كسل تنتابنى فى كل وقت وفشلت فى التعامل مع والدى والعمل لديه.
وأصبحت غير قادر على العمل نهائيا بسبب إصابتى بحساسية على الصدر والقولون العصبى وأفرطت فى شرب السجائر فقط وتدهورت صحتى وبعد عامين من خسارتى أنجبت «خلود» وحاولت بعدها أن أبدأ حياة جديدة وبدأت أتعامل فى السوق مرة أخرى ولكن ظروفى المادية جعلتنى أبيع المصوغات وأتصرف فى ثمنها وامتنعت عن إعادة المشغولات للتاجر الذى أتعامل معه إلى أن سدد والدى ما تبقى من مديونية وطلب منى أن أجلس فى البيت وألا أتعامل فى السوق خوفا على سمعته.
جلست فى البيت ودارت المشكلات بينى وبين زوجتى وكانت تنتهى غالبا بالاعتداء عليها إلى أن تركت لى الشقة لأكثر من ثلاثة شهور وبعدها طلبت منها العودة فعادت مرة أخرى رغم رفض أسرتها للعودة إلى مرة أخرى لاعتدائى عليها ولأنها بنت أصيلة عادت إلى الجحيم معى وهى تعلم أننى لا أملك أى نقود ولكنى عاهدتها بأننى سأعود إلى العمل وبعد يومين من الصفاء والعشرة الطيبة عادت المشكلات بيننا من جديد كان آخرها يوم الحادث حيث كنا نتحدث عن إنجاب الأطفال وعندما طلبت منها أن تنجب ولدا ثارت وتبادلنا الشتائم بالألفاظ النابية ووجدت نفسى مندفعا نحوها وحاولت أن أمسك ابنتى نوال منها وألقى بها من البلكونة ووقتها انتابنى شىء غريب أردت أن أتخلص من زوجتى وبناتى بأى طريقة ودفعت زوجتى إلى البلكونة وهى تحمل ابنتى نوال ولأنها نحيفة رفعتها بكل قوتى وهى تصرخ وألقيت بها من الطابق الرابع ودخلت الصالة وحملت خلود وألقيتها من البلكونة هى الأخرى حتى أرتاح منهما وكنت سأقفز من البلكونة حتى أنتحر وأتخلص من حياتى ولكنى فوجئت بالجيران يمسكوننى ويمنعوننى من الموت الذى كنت أريده.
فجأة تساءل خالد عن مصير زوجته وأطفاله وهل هن أموات أم على قيد الحياة؟ أخبره الضابط بأن زوجته وابنتيه أحياء.. تساءل مرة أخرى: ماذا أصابهن؟ وطلب من الضابط أن يطمئن عليهن ويسمع صوتهن وقال «والله أنا بحب مراتى وعيالى لكن البورصة يا ناس هيه اللى دمرتنى».
تمت إحالة المتهم خالد سعيد إلى محمود خيرى وكيل أول نيابة البدرشين وقرر شادى القاضى مدير نيابة البدرشين بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق وتجديد حبسه فى المواعيد المقررة.
انتقلت «الشروق» إلى موقع الحادث.. كان أهل القرية يعرفونه جيدا لأنه من عائلة محترمة وثرية، كان من السهل الوصول إلى منزله، فالكل يحكى عما حدث، ويتعجب من أن الزوجة والبنات لم يمتن.
ولا تزال أم محمد جارة نوره تتذكر صرخات وتأوهاتها، بعد السقوط الرهيب فخرجت تهرول إلى الخارج لتجد نوره ملقاة على الأرض هى وزوجها وقبل أن تذهب إلى إنقاذها سمعت صراخ الأهالى وهم يتابعون سقوط الطفلة الصغيرة لتتعلق بأحبال الغسيل.
وتقول أم محمد: إن جميع أصيبوا بالانهيار بسبب الموقف الجنونى الذى فعله الزوج، وقالت إنها لم تسمع عن مشكلاتهم نهائيا وأن زوجته كانت تعيش فى حالها وطيبة وتتعامل مع الجيران فى حدود الجيرة، وأنها لم تسمع صوت أى مشكلات أو مشاجرات بينهم نهائية لأنها سيدة لا تخرج صوتها للجيران وتغلق بابها على بناتها دائما.
وأضافت أم أحمد وهى تقطن فى المنزل المجاور للجريمة أنها سمعت صوت صراخ وشتائم بين الصائغ وزوجته فى البلكونة وسمعته وهو يقول إنه يريد التخلص من زوجته وبناته بأى طريقة وفى لحظات شاهدت الزوجة تحمل طفلتها فى يدها وتطير فى السماء وكأنها تشاهد فيلما أمريكيا وبعد لحظات شاهدته يلقى بطفلته الصغيرة من الطابق الرابع ويصرخ صرخات عالية وقام بعدها الجيران بالإمساك به وإبلاغ الشرطة.
أما محمد أحمد عبدالرازق أحد جيران الضحية فقال إن الصائغ خسر أمواله فى البورصة وبعد ذلك جلس فى البيت دون أن يخرج لأيام كثيرة وهو هادئ الطباع لا يتحدث كثيرا مع أحد ويتعامل مع الجيران بالحسنى وهو من عائلة كبيرة فى القرية وأن ما حدث له شىء رهيب لم نصدقه حتى الآن خاصة أنه رجل مسالم للغاية.
وفى مستشفى قصر العينى وبالتحديد فى قسم العظام عنبر رقم 20 ترقد الزوجة الضحية نوره سعيد المصابة بتهتك فى العمود الفقرى وكسر مضاعف فى قدميها ويدها اليسرى وإلى جوارها ابنتاها مصابتان بكسور مضاعفة وحالتهما مستقرة وقد يستغرق علاجهن وقتا طويلا.
يلتف حول الثلاثة أهل نوره وأقاربها وبدت هى بيضاء البشرة نحيفة الجسد ترتسم على وجهها الابتسامة رغم مأساتها مع زوجها، فهى لا تزال تتذكر ما فعله بها ولكنها تحبه جدا، وبدت تستجمع قواها قبل أن تقول سوف أتنازل عن حقى وبناتى لأننى فى النهاية لا أريد شيئا يؤثر على سمعة بناتى وأرفض أن يعايرهن أحد فى المستقبل بما فعله زوجى.
وبدت مدافعة عن زوجها رغم ما حدث فهى متأكدة من حبه الشديد لها ولبناتها، ولكنه يريد أن يعيش حياة مرتاحة، وبدأت تتذكر هى الأخرى كيف كانت أوضاعهم المادية، وكيف صارت بعد خسارته فى البورصة وكانت بين نارين، تتذكر الأيام الجميلة التى كان فيها الزوج طيب القلب وعطوفا ويحب الناس وهادئ الطباع، وكيف انقلب حاله بعد ما حدث له فى البورصة وجعله شخصا آخر يغضب من أقل الأشياء ودائما يبكى حاله الذى تحول من عيشة ثرية وأموال فى البنك إلى الاقتراض من أجل كيس لبن وبضعة أرغفة وقطعة جبن وهذا حالنا منذ عامين تقريبا وأغلقنا علينا الباب دون أن يسمع عنا أحد شيئا.
ولكننى اضطررت إلى العودة إلى أسرتى حتى أحافظ على بناتى من عدم التغذية وهن فى مقتبل العمر ووقفت أسرتى معى ولكننى فوجئت به يعيدنى إليه مرة أخرى لأنه لا يتصور أن يعيش بعيدا عنى وظل يبكى لى من همومه ومشكلاته مع الديون وعدم الحصول على الأموال فى الوقت الذى يعيش فيه والده وشقيقه عيشة طيبة وعدت إليه وعشت معه ولكن الزوج عندما يجلس فى البيت تدخل المشكلات من أوسع أبوابها، خاصة أن يجلس طوال الوقت وأصبحت حياتنا جحيما وتنتابه حالة هياج كثيرة وكنت وقتها أغلق الغرفة على وأتركه مع نفسه.
وفى يوم الحادث كنا نتحدث فى هدوء ولكنه ثار بشدة عندما رفضت أن ننجب مرة أخرى حتى تتحسن أحوالنا ولكنه أصر على كلامه وطلب منى أن ننجب ولدا وحذرنى من عدم الإنجاب، وقال لى لو أنجبت بنتا فسوف أتزوج مرة أخرى لكى أحصل على الولد، رفضت أسلوبه وحدثت بيننا مشادة كلامية حاول خلالها أن يمسك منى ابنتى نوره ليضربها.. هربت منه إلى البلكونة حتى يتركنى ولكننى فوجئت به يثور ويصرخ بطريقة لم أشاهدها من قبل، وأصر على دفعى نحو سور البلكونة اضطررت إلى سبه بألفاظ نابية حتى يبعد عنى ونجلتى وحملنى بين يديه وألقى بى من البلكونة وأنا أتوسل إليه، ووجدت نفسى على الأرض ونجلتى بين أحضانى لأننى كنت أخشى عليها من الموت وكانت نظراتى على البلكونة خوفا على نجلتى خلود، وحمدت الله على إنقاذها فى حبال الغسيل فى الطابق الثالث وإنى فى النهاية أتمنى من الله شفائى على خير حتى أقوم بتربية بناتى وأضمن لهن مستقبلا جيدا وسوف أعود إلى زوجى مرة أخرى رغم خوفى منه ولكن لا يصلح أن أربى بناتى دون أب فى هذا الزمن.
بعد حوادث مشابهة فى النزهة .. خسارة الأموال كلمة السر
لم تكن حادثة الجواهرجى هى الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقتها حوادث مماثلة وبالتحديد فى منطقة النزهة الراقية، وتتنافس الحادثتان الأخيرتان فى البشاعة، وإن كانت أسبابهما واحدة وهى خسارة الأموال فى البورصة.
وقبل أكثر من شهرين شهدت منطقة النزهة بالقاهرة جريمة قتل بشعة راح ضحيتها جميع أفراد الأسرة على يد والدهم رجل الأعمال الذى انتحر بعد ارتكاب الجريمة.
بدأت الجريمة البشعة بعد أن أطلق رجل الأعمال أسامة ألفريد أمين الرصاص على زوجته المدرسة وابنه الطالب بإحدى الجامعات الخاصة وابنته الطالبة بالثانوية العامة أثناء نومهم ثم انتحر بإطلاق رصاصة فى فمه.
وتبين من التحريات الأولية أن الأب يعانى من ظروف مالية سيئة فى الآونة الأخيرة، مما تسبب فى تفاقم الخلافات مع زوجته وأنه هجر منزل الزوجية منذ حوالى 20 يوما بسبب هذه الخلافات، ليعود الأب إلى المنزل ويستغل استغراق الأسرة فى النوم ويطلق عليها الرصاص ثم ينتحر، ولا تختلف تلك القصة عن أخرى سبقتها فى الحى الراقى عندما قتل شريف كمال الدين حافظ زوجته وأولاده، وقد توفى المتهم قبل تنفيذ حكم الإعدام وذلك إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية تعرض لها داخل سجنه.
وكان قد حكم على شريف بالإعدام فى القضية التى أثارت الرأى العام بعد قيامه بقتل أسرته المكونة من زوجته وابنيه وابنته عقب خسارة أمواله فى البورصة بسبب الأزمة المالية.
وتبدو تلك الحوادث ناقوس خطر يحذر المجتمع من حوادث الانتحار لخسارة الأموال التى لا يكتفى فيها الشخص بالانتحار بل يقضى على أسرته بدعوى الخوف على مستقبلهم من بعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.