وزير الخارجية: التعاون الاقتصادي بين مصر ودول التعاون الخليجي ركيزة لتعزيز الأمن القومي العربي    رويترز: من المقرر أن يغادر الرئيس الفرنسي الأسبق السجن في وقت لاحق من اليوم    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    انطلاق معسكر منتخب مصر الثاني لمواجهتي الجزائر استعدادا لكأس العرب    أيمن يونس يطالب بعودة اللجنة الفنية في الزمالك    بسبب الإصابة.. رينارد يستبعد مدافع المنتخب السعودي    الأمن يكشف ملابسات فيديو عامل يصفع سيدة فى الشرقية بعد مشادة بين والدته والمجنى عليها    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    بلاغ للنائب العام ضد ياسر جلال بسبب تصريحات مهرجان وهران    احذرى، النوم بعد 1 منتصف الليل هو القاتل الصامت    رئيس جامعة قناة السويس يواصل أعمال تطوير سور الحرم الجامعي تمهيدًا للانتهاء نهاية الشهر الجاري    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بعد 40 يوما.. تصويت حاسم بمجلس الشيوخ الأمريكي لإنهاء أطول إغلاق حكومي (تقرير)    تليجراف: دعوات لBBC بالاعتراف بالتحيز المؤسسى بعد تلاعبها بخطاب ترامب    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    انقطاع التيار الكهربائي عن 19 قرية و 7 مراكز بكفر الشيخ    سعر الذهب اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025.. عيار 24 ب6194 جنيها    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    مصدر من اتحاد اليد ل في الجول: تأجيل السوبر المصري في الإمارات    «تطوير التعليم» يطلق مبادرة «شتاء رقمي» لمضاعفة فرص الحصول على الرخص الدولية لطلاب المدارس    تشييع جثماني شقيقين توفيا في حادث تصادم سيارتين بطريق خط 12 بالقناطر الخيرية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    مصابان وتحطيم محل.. ماذا حدث في سموحة؟| فيديو    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رغم مزاعم حكومة الانقلاب حول التعافى الاقتصادى..ارتفاع معدل التضخم الشهري 1.3%    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    تحت شعار «مصر تتحدث عن نفسها».. تفاصيل مشاركة الأوبرا في احتفالات اليوم العالمي للطفولة    طرح تريلر وبوستر فيلم صف تاني المشارك فى مهرجان القاهرة السينمائى    المتحف المصري الكبير يعلن القواعد المنظمة لزيارات المدارس الحكومية والخاصة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    فى أول أيام الاقتراع ..عزوف الناخبين وعمليات تزوير وتصويت بالوكالة بانتخابات مجلس نواب السيسي    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وينفذون جولات استفزازية    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة البورصة .. يحاول قتل شريكة عمره وبناته خوفا من المستقبل
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 11 - 2009

لعنة البورصة.. أصابت الكثيرين ممن خسروا أموالهم فيها بلوثة عقلية واكتئاب نفسى.. أفقدتهم القدرة على مواصلة الحياة بهدوء والتعامل بمبدأ المكسب والخسارة فى الدنيا، جعلت بعضهم يشنق نفسه ليتخلص من حياته والبعض الآخر قتل أفراد أسرته وذبحهم بالسكين ببشاعة قاسية ثم يحاول الانتحار بعدها وآخر يطلق النار على زوجته وأطفاله ويقتل نفسه وأخيرا وقد لا يكون آخر، يلقى بزوجته وابنتيه من الطابق الرابع لأنهم لا يعرفون العيش فى وضع مادى ضعيف بعد الثراء الفاحش، فماذا حدث لآخر ضحية للبورصة؟
دقت الساعة الثامنة مساء، انطلقت صرخات مدوية تبعها أصوات ارتطام جسم بالأرض اخترقت سكون الليل بقرية «أم خنان» مركز الحوامدية.. هرول سكان العقار رقم 40 فى شارع جمال عبدالناصر وقبل لحظات من خروجهم سمعوا صراخا آخر لطفلة، وتعلقت عيون السكان على الصغيرة التى ألقاها والدها لكنها وقعت على حبل الغسيل فى الطابق الثالث وتعلقت قدماها وانحشرت على حافة الشرفة.. التقطها الجيران قبل سقوطها.
شاهد الجيران نوره سعيد 23 سنة زوجة صائغ المجوهرات الذى يقطن فى الطابق الرابع غارقة فى دمائها على الأرض تحتضن نجلتها.. ارتفع صراخها من شدة الألم.
وارتفع صراخ زوجها من الشرفة هائجا يهذى بكلمات هستيرية ويقول.. قتلتها..
قتلتها... أسرع الجميع نحو الزوجة وتم نقلها إلى مستشفى قصر العينى فى حالة خطيرة وأمسك الجيران بالزوج داخل شقته.. قام السكان بتكبيله بالحبال خوفا من حالة الهياج التى تنتابه، أعقبها بكاء هستيرى وصراخ إلى أن بح صوته.
تذكر الجميع وقتها لعنة البورصة التى أصابت الجواهرجى كما أصابت غيره، ولم يصدقوا أن الرجل الهادئ الذى كانوا يرونه يعيش حياة سعيدة مستقرة هادئة.
استمرت حالة الهياج لدى الجواهرجى حتى أثناء وجوده فى قسم الشرطة، وفور دخوله انخرط فى البكاء والصراخ المتواصل فما زال صرخات الزوجة والبنات عالقة فى أذهانه.
هدأ الضابط من ثورته فجلس على الأرض وضع يديه فوق رأسه، لا يعرف كيف حدث الأمر يريد أن يرى مبررا لما ارتكبه من جريمة، أسئلة كثيرة كانت تدور فى رأسه بينما تنهمر الدموع على خديه بغزارة.. لطم وجهه بقوة شديدة.. ضرب رأسه فى الحائط عده مرات.. صرخ فى الضابط وطلب منه أن يلقيه من الشرفة مثل زوجته حتى يموت هو الآخر مثلما حدث لها.. قال بصوت عال أنا عايز أموت..أموت.. سكت الضابط ولم يرغب فى استفزازه، جلب إليه كوبا من الماء وتركه حتى عاد إلى هدوئه وبدأ خالد سعيد 25 عاما يتحدث.
انساب الحديث من بين شفتيه واعترافه بمحاولة قتل زوجته وأولاده حتى يتخلص من حياته ويرتاح من الهموم والكوابيس التى يشاهدها يوميا، بدا متناقضا وهو يحكى عن مدى حبه لزوجته وعشقه لبناته وكيف كان يريد أن يؤمن لهن مستقبلهن ولكن البورصة قضت على كل ما يملك فأراد هو أن يخلصهم من المشكلات والديون التى تراكمت عليه بصورة رهيبة، زادت من الضغوط عليه فقرر أن يتخلص من جميع أفراد الأسرة ويرحل من الدنيا التى كانت تضحك له من قبل.
وأخذ يتذكر كيف كان كثيرون يحبونه عندما كان يملك الأموال وكان الكل يبتسم فى وجهه ويلتف حوله ويسألون عنه ومكالمتهم الهاتفية تلاحقه ولكن بعد الخسارة فى البورصة الكل تركه وهرب الجميع من حوله ورفض من كان يعتبرهم أعز الناس من مساعدته فى محنته.. وأصبحت الحياة مملة.. قاسية فكيف ينتظر بعد ذلك؟
توقف خالد عن الكلام قليلا وانخرط فى البكاء مرة أخرى.. صرخ صرخات متتالية.. ارتشف كوبا من الماء، وقال: نشأت فى أسرة مكونة من ولدين وبنت أنا أكبرهم.. عملت مع والدى فى محل المجوهرات الذى يمتلكه لأننى خرجت من الدراسة فى المرحلة الابتدائية ولم أحصل على قدر كاف من التعليم.. تعلمت من والدى صناعة المشغولات الذهبية.. أحببت المهنة وتفوقت فيها وبدأت فى السوق صغيرا.. أتعامل بقطع ذهبية صغيرة وترعرعت فى تجارة المشغولات الذهبية.. وخلال عامين حققت مكاسب كبيرة فى تجارة المصوغات الذهبية ووصل بى الحال إلى منافسة والدى فى التجارة.. التف حولى زملائى وكنت أسهر يوميا معهم فى أحسن الفنادق.
وأرجع رأسه إلى الخلف ليتذكر كيف قابل زوجته، بعدما حضرت إلى محل والدى، وأثناء الحديث الذى جمعهما عرف أنها تقطن فى الشارع المقابل لمنزله. أسرع إلى عمته وطلب منها أن تخطبها بسرعة، وفى اليوم التالى، تمت الخطوبة، وبعدها بفترة قليلة تزوجا، وفى البداية بشقة بالطابق الأرضى بإيجار 150 جنيها فى الشهر.
وبعد عامين طلبت من صاحب البيت أن يؤجر لى شقة فى الطابق الرابع ب250 جنيها، يقول الجواهرجى: «عشت مع زوجتى 5 سنوات جميلة وهادئة وأنجبت فى البداية نورهولكن جاءت خسارة البورصة لتدمر حياتى حيث بدأت خسارتى منذ 3 سنوات بمائة ألف جنيه وانتظرت بعض الوقت وبعد ذلك دخلت فى عملية شراء أسهم جديدة بكامل أموالى لتعويض خسارتى السابقة وكانت المصيبة الكبرى خسارتى أكثر من 300 ألف جنيه.. اضطررت إلى الاقتراض من والدى وكذلك شقيقى لكى أعيش فلم يعد معى أى نقود ولا أعمل ولكن مساعدتهم لى لم تطل.
يتحدث فى حسرة فى هذا الزمن كل إنسان يعيش مع نفسه ولا يتحمل إنسانا آخر حتى لو كان شقيقه أو ابنه وبعد ذلك رفعوا أيديهم عنى ورفض الجميع زيارتى ورفضوا أيضا سداد ديونى.
أصبت بحالة نفسية رهيبة وترددت على طبيب نفسى أكثر من مرة.. تناولت مهدئات حتى أتمكن من المعيشة ومواصلة حياتى وكانت زوجتى تساعدنى على تحمل الكارثة التى أحلت بى ولكن قدرتها المعنوية قد تحطمت تماما بسبب ضيق ذات اليد والمعيشة غير الآدمية التى نعيشها خلال السنوات الثلاث الماضية حيث إننى فى كثير من الأحيان لا أجد قوت يومى ولا يوجد معى ثمن كيس لبن لابنتى وجاءت علىّ أيام كانت ابنتى نوال تصرخ من شدة الجوع ولم أتمكن من إسكاتها أنا وزوجتى وكنت أبكى وزوجتى طوال الليل بسبب الحسرة التى أصابتنى و«انحدار مستوى المعيشة من فوق لتحت».
طرقت باب والدى وطلبت منه أن أعمل لديه مرة أخرى حتى أعيش مثل الناس وأسترد عافيتى ولكن التفكير فى الخسارة دمر عقلى تماما وجعلنى لا أفكر فى شىء غير حالة الدمار التى أعيشها... اختل توازنى النفسى والعقلى ووصل الأمر إلى حد النسيان والإهمال وحالة كسل تنتابنى فى كل وقت وفشلت فى التعامل مع والدى والعمل لديه.
وأصبحت غير قادر على العمل نهائيا بسبب إصابتى بحساسية على الصدر والقولون العصبى وأفرطت فى شرب السجائر فقط وتدهورت صحتى وبعد عامين من خسارتى أنجبت «خلود» وحاولت بعدها أن أبدأ حياة جديدة وبدأت أتعامل فى السوق مرة أخرى ولكن ظروفى المادية جعلتنى أبيع المصوغات وأتصرف فى ثمنها وامتنعت عن إعادة المشغولات للتاجر الذى أتعامل معه إلى أن سدد والدى ما تبقى من مديونية وطلب منى أن أجلس فى البيت وألا أتعامل فى السوق خوفا على سمعته.
جلست فى البيت ودارت المشكلات بينى وبين زوجتى وكانت تنتهى غالبا بالاعتداء عليها إلى أن تركت لى الشقة لأكثر من ثلاثة شهور وبعدها طلبت منها العودة فعادت مرة أخرى رغم رفض أسرتها للعودة إلى مرة أخرى لاعتدائى عليها ولأنها بنت أصيلة عادت إلى الجحيم معى وهى تعلم أننى لا أملك أى نقود ولكنى عاهدتها بأننى سأعود إلى العمل وبعد يومين من الصفاء والعشرة الطيبة عادت المشكلات بيننا من جديد كان آخرها يوم الحادث حيث كنا نتحدث عن إنجاب الأطفال وعندما طلبت منها أن تنجب ولدا ثارت وتبادلنا الشتائم بالألفاظ النابية ووجدت نفسى مندفعا نحوها وحاولت أن أمسك ابنتى نوال منها وألقى بها من البلكونة ووقتها انتابنى شىء غريب أردت أن أتخلص من زوجتى وبناتى بأى طريقة ودفعت زوجتى إلى البلكونة وهى تحمل ابنتى نوال ولأنها نحيفة رفعتها بكل قوتى وهى تصرخ وألقيت بها من الطابق الرابع ودخلت الصالة وحملت خلود وألقيتها من البلكونة هى الأخرى حتى أرتاح منهما وكنت سأقفز من البلكونة حتى أنتحر وأتخلص من حياتى ولكنى فوجئت بالجيران يمسكوننى ويمنعوننى من الموت الذى كنت أريده.
فجأة تساءل خالد عن مصير زوجته وأطفاله وهل هن أموات أم على قيد الحياة؟ أخبره الضابط بأن زوجته وابنتيه أحياء.. تساءل مرة أخرى: ماذا أصابهن؟ وطلب من الضابط أن يطمئن عليهن ويسمع صوتهن وقال «والله أنا بحب مراتى وعيالى لكن البورصة يا ناس هيه اللى دمرتنى».
تمت إحالة المتهم خالد سعيد إلى محمود خيرى وكيل أول نيابة البدرشين وقرر شادى القاضى مدير نيابة البدرشين بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق وتجديد حبسه فى المواعيد المقررة.
انتقلت «الشروق» إلى موقع الحادث.. كان أهل القرية يعرفونه جيدا لأنه من عائلة محترمة وثرية، كان من السهل الوصول إلى منزله، فالكل يحكى عما حدث، ويتعجب من أن الزوجة والبنات لم يمتن.
ولا تزال أم محمد جارة نوره تتذكر صرخات وتأوهاتها، بعد السقوط الرهيب فخرجت تهرول إلى الخارج لتجد نوره ملقاة على الأرض هى وزوجها وقبل أن تذهب إلى إنقاذها سمعت صراخ الأهالى وهم يتابعون سقوط الطفلة الصغيرة لتتعلق بأحبال الغسيل.
وتقول أم محمد: إن جميع أصيبوا بالانهيار بسبب الموقف الجنونى الذى فعله الزوج، وقالت إنها لم تسمع عن مشكلاتهم نهائيا وأن زوجته كانت تعيش فى حالها وطيبة وتتعامل مع الجيران فى حدود الجيرة، وأنها لم تسمع صوت أى مشكلات أو مشاجرات بينهم نهائية لأنها سيدة لا تخرج صوتها للجيران وتغلق بابها على بناتها دائما.
وأضافت أم أحمد وهى تقطن فى المنزل المجاور للجريمة أنها سمعت صوت صراخ وشتائم بين الصائغ وزوجته فى البلكونة وسمعته وهو يقول إنه يريد التخلص من زوجته وبناته بأى طريقة وفى لحظات شاهدت الزوجة تحمل طفلتها فى يدها وتطير فى السماء وكأنها تشاهد فيلما أمريكيا وبعد لحظات شاهدته يلقى بطفلته الصغيرة من الطابق الرابع ويصرخ صرخات عالية وقام بعدها الجيران بالإمساك به وإبلاغ الشرطة.
أما محمد أحمد عبدالرازق أحد جيران الضحية فقال إن الصائغ خسر أمواله فى البورصة وبعد ذلك جلس فى البيت دون أن يخرج لأيام كثيرة وهو هادئ الطباع لا يتحدث كثيرا مع أحد ويتعامل مع الجيران بالحسنى وهو من عائلة كبيرة فى القرية وأن ما حدث له شىء رهيب لم نصدقه حتى الآن خاصة أنه رجل مسالم للغاية.
وفى مستشفى قصر العينى وبالتحديد فى قسم العظام عنبر رقم 20 ترقد الزوجة الضحية نوره سعيد المصابة بتهتك فى العمود الفقرى وكسر مضاعف فى قدميها ويدها اليسرى وإلى جوارها ابنتاها مصابتان بكسور مضاعفة وحالتهما مستقرة وقد يستغرق علاجهن وقتا طويلا.
يلتف حول الثلاثة أهل نوره وأقاربها وبدت هى بيضاء البشرة نحيفة الجسد ترتسم على وجهها الابتسامة رغم مأساتها مع زوجها، فهى لا تزال تتذكر ما فعله بها ولكنها تحبه جدا، وبدت تستجمع قواها قبل أن تقول سوف أتنازل عن حقى وبناتى لأننى فى النهاية لا أريد شيئا يؤثر على سمعة بناتى وأرفض أن يعايرهن أحد فى المستقبل بما فعله زوجى.
وبدت مدافعة عن زوجها رغم ما حدث فهى متأكدة من حبه الشديد لها ولبناتها، ولكنه يريد أن يعيش حياة مرتاحة، وبدأت تتذكر هى الأخرى كيف كانت أوضاعهم المادية، وكيف صارت بعد خسارته فى البورصة وكانت بين نارين، تتذكر الأيام الجميلة التى كان فيها الزوج طيب القلب وعطوفا ويحب الناس وهادئ الطباع، وكيف انقلب حاله بعد ما حدث له فى البورصة وجعله شخصا آخر يغضب من أقل الأشياء ودائما يبكى حاله الذى تحول من عيشة ثرية وأموال فى البنك إلى الاقتراض من أجل كيس لبن وبضعة أرغفة وقطعة جبن وهذا حالنا منذ عامين تقريبا وأغلقنا علينا الباب دون أن يسمع عنا أحد شيئا.
ولكننى اضطررت إلى العودة إلى أسرتى حتى أحافظ على بناتى من عدم التغذية وهن فى مقتبل العمر ووقفت أسرتى معى ولكننى فوجئت به يعيدنى إليه مرة أخرى لأنه لا يتصور أن يعيش بعيدا عنى وظل يبكى لى من همومه ومشكلاته مع الديون وعدم الحصول على الأموال فى الوقت الذى يعيش فيه والده وشقيقه عيشة طيبة وعدت إليه وعشت معه ولكن الزوج عندما يجلس فى البيت تدخل المشكلات من أوسع أبوابها، خاصة أن يجلس طوال الوقت وأصبحت حياتنا جحيما وتنتابه حالة هياج كثيرة وكنت وقتها أغلق الغرفة على وأتركه مع نفسه.
وفى يوم الحادث كنا نتحدث فى هدوء ولكنه ثار بشدة عندما رفضت أن ننجب مرة أخرى حتى تتحسن أحوالنا ولكنه أصر على كلامه وطلب منى أن ننجب ولدا وحذرنى من عدم الإنجاب، وقال لى لو أنجبت بنتا فسوف أتزوج مرة أخرى لكى أحصل على الولد، رفضت أسلوبه وحدثت بيننا مشادة كلامية حاول خلالها أن يمسك منى ابنتى نوره ليضربها.. هربت منه إلى البلكونة حتى يتركنى ولكننى فوجئت به يثور ويصرخ بطريقة لم أشاهدها من قبل، وأصر على دفعى نحو سور البلكونة اضطررت إلى سبه بألفاظ نابية حتى يبعد عنى ونجلتى وحملنى بين يديه وألقى بى من البلكونة وأنا أتوسل إليه، ووجدت نفسى على الأرض ونجلتى بين أحضانى لأننى كنت أخشى عليها من الموت وكانت نظراتى على البلكونة خوفا على نجلتى خلود، وحمدت الله على إنقاذها فى حبال الغسيل فى الطابق الثالث وإنى فى النهاية أتمنى من الله شفائى على خير حتى أقوم بتربية بناتى وأضمن لهن مستقبلا جيدا وسوف أعود إلى زوجى مرة أخرى رغم خوفى منه ولكن لا يصلح أن أربى بناتى دون أب فى هذا الزمن.
بعد حوادث مشابهة فى النزهة .. خسارة الأموال كلمة السر
لم تكن حادثة الجواهرجى هى الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقتها حوادث مماثلة وبالتحديد فى منطقة النزهة الراقية، وتتنافس الحادثتان الأخيرتان فى البشاعة، وإن كانت أسبابهما واحدة وهى خسارة الأموال فى البورصة.
وقبل أكثر من شهرين شهدت منطقة النزهة بالقاهرة جريمة قتل بشعة راح ضحيتها جميع أفراد الأسرة على يد والدهم رجل الأعمال الذى انتحر بعد ارتكاب الجريمة.
بدأت الجريمة البشعة بعد أن أطلق رجل الأعمال أسامة ألفريد أمين الرصاص على زوجته المدرسة وابنه الطالب بإحدى الجامعات الخاصة وابنته الطالبة بالثانوية العامة أثناء نومهم ثم انتحر بإطلاق رصاصة فى فمه.
وتبين من التحريات الأولية أن الأب يعانى من ظروف مالية سيئة فى الآونة الأخيرة، مما تسبب فى تفاقم الخلافات مع زوجته وأنه هجر منزل الزوجية منذ حوالى 20 يوما بسبب هذه الخلافات، ليعود الأب إلى المنزل ويستغل استغراق الأسرة فى النوم ويطلق عليها الرصاص ثم ينتحر، ولا تختلف تلك القصة عن أخرى سبقتها فى الحى الراقى عندما قتل شريف كمال الدين حافظ زوجته وأولاده، وقد توفى المتهم قبل تنفيذ حكم الإعدام وذلك إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية تعرض لها داخل سجنه.
وكان قد حكم على شريف بالإعدام فى القضية التى أثارت الرأى العام بعد قيامه بقتل أسرته المكونة من زوجته وابنيه وابنته عقب خسارة أمواله فى البورصة بسبب الأزمة المالية.
وتبدو تلك الحوادث ناقوس خطر يحذر المجتمع من حوادث الانتحار لخسارة الأموال التى لا يكتفى فيها الشخص بالانتحار بل يقضى على أسرته بدعوى الخوف على مستقبلهم من بعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.