عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    طالبوا بصفقة لتبادل الأسرى.. شرطة الاحتلال تعتقل 7 متظاهرين في تل أبيب    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    الزمالك يتحدى دريمز في مباراة العبور لنهائي الكونفدرالية الإفريقية    حطموني بعد 23 سنة والآن مفلسة، أيقونة المطبخ الجزائري تستنجد بالرئيس (فيديو)    الأرصاد: اليوم طقس حار نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    عاجل.. قرار مفاجئ من ليفربول بشأن صلاح بعد حادثة كلوب    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة البورصة .. يحاول قتل شريكة عمره وبناته خوفا من المستقبل
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 11 - 2009

لعنة البورصة.. أصابت الكثيرين ممن خسروا أموالهم فيها بلوثة عقلية واكتئاب نفسى.. أفقدتهم القدرة على مواصلة الحياة بهدوء والتعامل بمبدأ المكسب والخسارة فى الدنيا، جعلت بعضهم يشنق نفسه ليتخلص من حياته والبعض الآخر قتل أفراد أسرته وذبحهم بالسكين ببشاعة قاسية ثم يحاول الانتحار بعدها وآخر يطلق النار على زوجته وأطفاله ويقتل نفسه وأخيرا وقد لا يكون آخر، يلقى بزوجته وابنتيه من الطابق الرابع لأنهم لا يعرفون العيش فى وضع مادى ضعيف بعد الثراء الفاحش، فماذا حدث لآخر ضحية للبورصة؟
دقت الساعة الثامنة مساء، انطلقت صرخات مدوية تبعها أصوات ارتطام جسم بالأرض اخترقت سكون الليل بقرية «أم خنان» مركز الحوامدية.. هرول سكان العقار رقم 40 فى شارع جمال عبدالناصر وقبل لحظات من خروجهم سمعوا صراخا آخر لطفلة، وتعلقت عيون السكان على الصغيرة التى ألقاها والدها لكنها وقعت على حبل الغسيل فى الطابق الثالث وتعلقت قدماها وانحشرت على حافة الشرفة.. التقطها الجيران قبل سقوطها.
شاهد الجيران نوره سعيد 23 سنة زوجة صائغ المجوهرات الذى يقطن فى الطابق الرابع غارقة فى دمائها على الأرض تحتضن نجلتها.. ارتفع صراخها من شدة الألم.
وارتفع صراخ زوجها من الشرفة هائجا يهذى بكلمات هستيرية ويقول.. قتلتها..
قتلتها... أسرع الجميع نحو الزوجة وتم نقلها إلى مستشفى قصر العينى فى حالة خطيرة وأمسك الجيران بالزوج داخل شقته.. قام السكان بتكبيله بالحبال خوفا من حالة الهياج التى تنتابه، أعقبها بكاء هستيرى وصراخ إلى أن بح صوته.
تذكر الجميع وقتها لعنة البورصة التى أصابت الجواهرجى كما أصابت غيره، ولم يصدقوا أن الرجل الهادئ الذى كانوا يرونه يعيش حياة سعيدة مستقرة هادئة.
استمرت حالة الهياج لدى الجواهرجى حتى أثناء وجوده فى قسم الشرطة، وفور دخوله انخرط فى البكاء والصراخ المتواصل فما زال صرخات الزوجة والبنات عالقة فى أذهانه.
هدأ الضابط من ثورته فجلس على الأرض وضع يديه فوق رأسه، لا يعرف كيف حدث الأمر يريد أن يرى مبررا لما ارتكبه من جريمة، أسئلة كثيرة كانت تدور فى رأسه بينما تنهمر الدموع على خديه بغزارة.. لطم وجهه بقوة شديدة.. ضرب رأسه فى الحائط عده مرات.. صرخ فى الضابط وطلب منه أن يلقيه من الشرفة مثل زوجته حتى يموت هو الآخر مثلما حدث لها.. قال بصوت عال أنا عايز أموت..أموت.. سكت الضابط ولم يرغب فى استفزازه، جلب إليه كوبا من الماء وتركه حتى عاد إلى هدوئه وبدأ خالد سعيد 25 عاما يتحدث.
انساب الحديث من بين شفتيه واعترافه بمحاولة قتل زوجته وأولاده حتى يتخلص من حياته ويرتاح من الهموم والكوابيس التى يشاهدها يوميا، بدا متناقضا وهو يحكى عن مدى حبه لزوجته وعشقه لبناته وكيف كان يريد أن يؤمن لهن مستقبلهن ولكن البورصة قضت على كل ما يملك فأراد هو أن يخلصهم من المشكلات والديون التى تراكمت عليه بصورة رهيبة، زادت من الضغوط عليه فقرر أن يتخلص من جميع أفراد الأسرة ويرحل من الدنيا التى كانت تضحك له من قبل.
وأخذ يتذكر كيف كان كثيرون يحبونه عندما كان يملك الأموال وكان الكل يبتسم فى وجهه ويلتف حوله ويسألون عنه ومكالمتهم الهاتفية تلاحقه ولكن بعد الخسارة فى البورصة الكل تركه وهرب الجميع من حوله ورفض من كان يعتبرهم أعز الناس من مساعدته فى محنته.. وأصبحت الحياة مملة.. قاسية فكيف ينتظر بعد ذلك؟
توقف خالد عن الكلام قليلا وانخرط فى البكاء مرة أخرى.. صرخ صرخات متتالية.. ارتشف كوبا من الماء، وقال: نشأت فى أسرة مكونة من ولدين وبنت أنا أكبرهم.. عملت مع والدى فى محل المجوهرات الذى يمتلكه لأننى خرجت من الدراسة فى المرحلة الابتدائية ولم أحصل على قدر كاف من التعليم.. تعلمت من والدى صناعة المشغولات الذهبية.. أحببت المهنة وتفوقت فيها وبدأت فى السوق صغيرا.. أتعامل بقطع ذهبية صغيرة وترعرعت فى تجارة المشغولات الذهبية.. وخلال عامين حققت مكاسب كبيرة فى تجارة المصوغات الذهبية ووصل بى الحال إلى منافسة والدى فى التجارة.. التف حولى زملائى وكنت أسهر يوميا معهم فى أحسن الفنادق.
وأرجع رأسه إلى الخلف ليتذكر كيف قابل زوجته، بعدما حضرت إلى محل والدى، وأثناء الحديث الذى جمعهما عرف أنها تقطن فى الشارع المقابل لمنزله. أسرع إلى عمته وطلب منها أن تخطبها بسرعة، وفى اليوم التالى، تمت الخطوبة، وبعدها بفترة قليلة تزوجا، وفى البداية بشقة بالطابق الأرضى بإيجار 150 جنيها فى الشهر.
وبعد عامين طلبت من صاحب البيت أن يؤجر لى شقة فى الطابق الرابع ب250 جنيها، يقول الجواهرجى: «عشت مع زوجتى 5 سنوات جميلة وهادئة وأنجبت فى البداية نورهولكن جاءت خسارة البورصة لتدمر حياتى حيث بدأت خسارتى منذ 3 سنوات بمائة ألف جنيه وانتظرت بعض الوقت وبعد ذلك دخلت فى عملية شراء أسهم جديدة بكامل أموالى لتعويض خسارتى السابقة وكانت المصيبة الكبرى خسارتى أكثر من 300 ألف جنيه.. اضطررت إلى الاقتراض من والدى وكذلك شقيقى لكى أعيش فلم يعد معى أى نقود ولا أعمل ولكن مساعدتهم لى لم تطل.
يتحدث فى حسرة فى هذا الزمن كل إنسان يعيش مع نفسه ولا يتحمل إنسانا آخر حتى لو كان شقيقه أو ابنه وبعد ذلك رفعوا أيديهم عنى ورفض الجميع زيارتى ورفضوا أيضا سداد ديونى.
أصبت بحالة نفسية رهيبة وترددت على طبيب نفسى أكثر من مرة.. تناولت مهدئات حتى أتمكن من المعيشة ومواصلة حياتى وكانت زوجتى تساعدنى على تحمل الكارثة التى أحلت بى ولكن قدرتها المعنوية قد تحطمت تماما بسبب ضيق ذات اليد والمعيشة غير الآدمية التى نعيشها خلال السنوات الثلاث الماضية حيث إننى فى كثير من الأحيان لا أجد قوت يومى ولا يوجد معى ثمن كيس لبن لابنتى وجاءت علىّ أيام كانت ابنتى نوال تصرخ من شدة الجوع ولم أتمكن من إسكاتها أنا وزوجتى وكنت أبكى وزوجتى طوال الليل بسبب الحسرة التى أصابتنى و«انحدار مستوى المعيشة من فوق لتحت».
طرقت باب والدى وطلبت منه أن أعمل لديه مرة أخرى حتى أعيش مثل الناس وأسترد عافيتى ولكن التفكير فى الخسارة دمر عقلى تماما وجعلنى لا أفكر فى شىء غير حالة الدمار التى أعيشها... اختل توازنى النفسى والعقلى ووصل الأمر إلى حد النسيان والإهمال وحالة كسل تنتابنى فى كل وقت وفشلت فى التعامل مع والدى والعمل لديه.
وأصبحت غير قادر على العمل نهائيا بسبب إصابتى بحساسية على الصدر والقولون العصبى وأفرطت فى شرب السجائر فقط وتدهورت صحتى وبعد عامين من خسارتى أنجبت «خلود» وحاولت بعدها أن أبدأ حياة جديدة وبدأت أتعامل فى السوق مرة أخرى ولكن ظروفى المادية جعلتنى أبيع المصوغات وأتصرف فى ثمنها وامتنعت عن إعادة المشغولات للتاجر الذى أتعامل معه إلى أن سدد والدى ما تبقى من مديونية وطلب منى أن أجلس فى البيت وألا أتعامل فى السوق خوفا على سمعته.
جلست فى البيت ودارت المشكلات بينى وبين زوجتى وكانت تنتهى غالبا بالاعتداء عليها إلى أن تركت لى الشقة لأكثر من ثلاثة شهور وبعدها طلبت منها العودة فعادت مرة أخرى رغم رفض أسرتها للعودة إلى مرة أخرى لاعتدائى عليها ولأنها بنت أصيلة عادت إلى الجحيم معى وهى تعلم أننى لا أملك أى نقود ولكنى عاهدتها بأننى سأعود إلى العمل وبعد يومين من الصفاء والعشرة الطيبة عادت المشكلات بيننا من جديد كان آخرها يوم الحادث حيث كنا نتحدث عن إنجاب الأطفال وعندما طلبت منها أن تنجب ولدا ثارت وتبادلنا الشتائم بالألفاظ النابية ووجدت نفسى مندفعا نحوها وحاولت أن أمسك ابنتى نوال منها وألقى بها من البلكونة ووقتها انتابنى شىء غريب أردت أن أتخلص من زوجتى وبناتى بأى طريقة ودفعت زوجتى إلى البلكونة وهى تحمل ابنتى نوال ولأنها نحيفة رفعتها بكل قوتى وهى تصرخ وألقيت بها من الطابق الرابع ودخلت الصالة وحملت خلود وألقيتها من البلكونة هى الأخرى حتى أرتاح منهما وكنت سأقفز من البلكونة حتى أنتحر وأتخلص من حياتى ولكنى فوجئت بالجيران يمسكوننى ويمنعوننى من الموت الذى كنت أريده.
فجأة تساءل خالد عن مصير زوجته وأطفاله وهل هن أموات أم على قيد الحياة؟ أخبره الضابط بأن زوجته وابنتيه أحياء.. تساءل مرة أخرى: ماذا أصابهن؟ وطلب من الضابط أن يطمئن عليهن ويسمع صوتهن وقال «والله أنا بحب مراتى وعيالى لكن البورصة يا ناس هيه اللى دمرتنى».
تمت إحالة المتهم خالد سعيد إلى محمود خيرى وكيل أول نيابة البدرشين وقرر شادى القاضى مدير نيابة البدرشين بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق وتجديد حبسه فى المواعيد المقررة.
انتقلت «الشروق» إلى موقع الحادث.. كان أهل القرية يعرفونه جيدا لأنه من عائلة محترمة وثرية، كان من السهل الوصول إلى منزله، فالكل يحكى عما حدث، ويتعجب من أن الزوجة والبنات لم يمتن.
ولا تزال أم محمد جارة نوره تتذكر صرخات وتأوهاتها، بعد السقوط الرهيب فخرجت تهرول إلى الخارج لتجد نوره ملقاة على الأرض هى وزوجها وقبل أن تذهب إلى إنقاذها سمعت صراخ الأهالى وهم يتابعون سقوط الطفلة الصغيرة لتتعلق بأحبال الغسيل.
وتقول أم محمد: إن جميع أصيبوا بالانهيار بسبب الموقف الجنونى الذى فعله الزوج، وقالت إنها لم تسمع عن مشكلاتهم نهائيا وأن زوجته كانت تعيش فى حالها وطيبة وتتعامل مع الجيران فى حدود الجيرة، وأنها لم تسمع صوت أى مشكلات أو مشاجرات بينهم نهائية لأنها سيدة لا تخرج صوتها للجيران وتغلق بابها على بناتها دائما.
وأضافت أم أحمد وهى تقطن فى المنزل المجاور للجريمة أنها سمعت صوت صراخ وشتائم بين الصائغ وزوجته فى البلكونة وسمعته وهو يقول إنه يريد التخلص من زوجته وبناته بأى طريقة وفى لحظات شاهدت الزوجة تحمل طفلتها فى يدها وتطير فى السماء وكأنها تشاهد فيلما أمريكيا وبعد لحظات شاهدته يلقى بطفلته الصغيرة من الطابق الرابع ويصرخ صرخات عالية وقام بعدها الجيران بالإمساك به وإبلاغ الشرطة.
أما محمد أحمد عبدالرازق أحد جيران الضحية فقال إن الصائغ خسر أمواله فى البورصة وبعد ذلك جلس فى البيت دون أن يخرج لأيام كثيرة وهو هادئ الطباع لا يتحدث كثيرا مع أحد ويتعامل مع الجيران بالحسنى وهو من عائلة كبيرة فى القرية وأن ما حدث له شىء رهيب لم نصدقه حتى الآن خاصة أنه رجل مسالم للغاية.
وفى مستشفى قصر العينى وبالتحديد فى قسم العظام عنبر رقم 20 ترقد الزوجة الضحية نوره سعيد المصابة بتهتك فى العمود الفقرى وكسر مضاعف فى قدميها ويدها اليسرى وإلى جوارها ابنتاها مصابتان بكسور مضاعفة وحالتهما مستقرة وقد يستغرق علاجهن وقتا طويلا.
يلتف حول الثلاثة أهل نوره وأقاربها وبدت هى بيضاء البشرة نحيفة الجسد ترتسم على وجهها الابتسامة رغم مأساتها مع زوجها، فهى لا تزال تتذكر ما فعله بها ولكنها تحبه جدا، وبدت تستجمع قواها قبل أن تقول سوف أتنازل عن حقى وبناتى لأننى فى النهاية لا أريد شيئا يؤثر على سمعة بناتى وأرفض أن يعايرهن أحد فى المستقبل بما فعله زوجى.
وبدت مدافعة عن زوجها رغم ما حدث فهى متأكدة من حبه الشديد لها ولبناتها، ولكنه يريد أن يعيش حياة مرتاحة، وبدأت تتذكر هى الأخرى كيف كانت أوضاعهم المادية، وكيف صارت بعد خسارته فى البورصة وكانت بين نارين، تتذكر الأيام الجميلة التى كان فيها الزوج طيب القلب وعطوفا ويحب الناس وهادئ الطباع، وكيف انقلب حاله بعد ما حدث له فى البورصة وجعله شخصا آخر يغضب من أقل الأشياء ودائما يبكى حاله الذى تحول من عيشة ثرية وأموال فى البنك إلى الاقتراض من أجل كيس لبن وبضعة أرغفة وقطعة جبن وهذا حالنا منذ عامين تقريبا وأغلقنا علينا الباب دون أن يسمع عنا أحد شيئا.
ولكننى اضطررت إلى العودة إلى أسرتى حتى أحافظ على بناتى من عدم التغذية وهن فى مقتبل العمر ووقفت أسرتى معى ولكننى فوجئت به يعيدنى إليه مرة أخرى لأنه لا يتصور أن يعيش بعيدا عنى وظل يبكى لى من همومه ومشكلاته مع الديون وعدم الحصول على الأموال فى الوقت الذى يعيش فيه والده وشقيقه عيشة طيبة وعدت إليه وعشت معه ولكن الزوج عندما يجلس فى البيت تدخل المشكلات من أوسع أبوابها، خاصة أن يجلس طوال الوقت وأصبحت حياتنا جحيما وتنتابه حالة هياج كثيرة وكنت وقتها أغلق الغرفة على وأتركه مع نفسه.
وفى يوم الحادث كنا نتحدث فى هدوء ولكنه ثار بشدة عندما رفضت أن ننجب مرة أخرى حتى تتحسن أحوالنا ولكنه أصر على كلامه وطلب منى أن ننجب ولدا وحذرنى من عدم الإنجاب، وقال لى لو أنجبت بنتا فسوف أتزوج مرة أخرى لكى أحصل على الولد، رفضت أسلوبه وحدثت بيننا مشادة كلامية حاول خلالها أن يمسك منى ابنتى نوره ليضربها.. هربت منه إلى البلكونة حتى يتركنى ولكننى فوجئت به يثور ويصرخ بطريقة لم أشاهدها من قبل، وأصر على دفعى نحو سور البلكونة اضطررت إلى سبه بألفاظ نابية حتى يبعد عنى ونجلتى وحملنى بين يديه وألقى بى من البلكونة وأنا أتوسل إليه، ووجدت نفسى على الأرض ونجلتى بين أحضانى لأننى كنت أخشى عليها من الموت وكانت نظراتى على البلكونة خوفا على نجلتى خلود، وحمدت الله على إنقاذها فى حبال الغسيل فى الطابق الثالث وإنى فى النهاية أتمنى من الله شفائى على خير حتى أقوم بتربية بناتى وأضمن لهن مستقبلا جيدا وسوف أعود إلى زوجى مرة أخرى رغم خوفى منه ولكن لا يصلح أن أربى بناتى دون أب فى هذا الزمن.
بعد حوادث مشابهة فى النزهة .. خسارة الأموال كلمة السر
لم تكن حادثة الجواهرجى هى الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقتها حوادث مماثلة وبالتحديد فى منطقة النزهة الراقية، وتتنافس الحادثتان الأخيرتان فى البشاعة، وإن كانت أسبابهما واحدة وهى خسارة الأموال فى البورصة.
وقبل أكثر من شهرين شهدت منطقة النزهة بالقاهرة جريمة قتل بشعة راح ضحيتها جميع أفراد الأسرة على يد والدهم رجل الأعمال الذى انتحر بعد ارتكاب الجريمة.
بدأت الجريمة البشعة بعد أن أطلق رجل الأعمال أسامة ألفريد أمين الرصاص على زوجته المدرسة وابنه الطالب بإحدى الجامعات الخاصة وابنته الطالبة بالثانوية العامة أثناء نومهم ثم انتحر بإطلاق رصاصة فى فمه.
وتبين من التحريات الأولية أن الأب يعانى من ظروف مالية سيئة فى الآونة الأخيرة، مما تسبب فى تفاقم الخلافات مع زوجته وأنه هجر منزل الزوجية منذ حوالى 20 يوما بسبب هذه الخلافات، ليعود الأب إلى المنزل ويستغل استغراق الأسرة فى النوم ويطلق عليها الرصاص ثم ينتحر، ولا تختلف تلك القصة عن أخرى سبقتها فى الحى الراقى عندما قتل شريف كمال الدين حافظ زوجته وأولاده، وقد توفى المتهم قبل تنفيذ حكم الإعدام وذلك إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية تعرض لها داخل سجنه.
وكان قد حكم على شريف بالإعدام فى القضية التى أثارت الرأى العام بعد قيامه بقتل أسرته المكونة من زوجته وابنيه وابنته عقب خسارة أمواله فى البورصة بسبب الأزمة المالية.
وتبدو تلك الحوادث ناقوس خطر يحذر المجتمع من حوادث الانتحار لخسارة الأموال التى لا يكتفى فيها الشخص بالانتحار بل يقضى على أسرته بدعوى الخوف على مستقبلهم من بعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.