«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهات عنيفة بين الشرطة والسينما
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2009

وضع خبراء أمنيون السينما فى قفص الاتهام بعد مقتل مدير مباحث السويس على يد تاجر مخدرات، فقد أكدوا أن السينما وبصفة خاصة الأفلام الجديدة هى التى روجت للصورة السلبية لرجال الشرطة.. وأن نجومها كانوا سببا فى تراجع هيبة الشرطى.. وأن كتابها كانوا المحرض الأول لقتل أبناء الداخلية، فى المقابل، نفى نجوم وكتاب وصناع السينما كل هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، مؤكدين أن كل أفلام السينما لا تستطيع أن تصنع مجرما واحدا.
وفى سطور هذا التحقيق، نطرح وجهتى نظر الطرفين، بكل صراحة ووضوح..
اللواء حمدى عبدالكريم مساعد وزير الداخلية للإعلام يوضح أركان الاتهام الموجه إلى السينمائيين قائلا إنه عندما راجع أفلام السينما فى السبعينيات والتى كانت تدعى أنها تكافح تجارة المخدرات، فوجئ بأنها كانت أكثر وسيلة ساعدت على ترويج المخدرات بتوضيح أساليب المنحرفين فى إخفاء المخدرات، وساعدت تلك الأفلام على تفشى الإدمان بين الشباب بتصويرها جلسات الكيف على أنها جلسات متعة ومزاج، وزادت من عنف الشارع بشكل خاطئ ضد رجال الشرطة أثناء قيامهم بعملهم من خلال تقديم المجرمين باعتبارهم نماذج تحتذى وأبطالا مبهرين يقتدى بهم الشباب فى حين يظهر رجل الشرطة فى مساحات لا توضح مدى الجهد الذى يبذله والمخاطرة التى يتعرض لها فى عمله، وبعض هذه الأفلام كان يشير إلى أن المجرم أذكى من الضابط فينجرف شعور المشاهد للتمثل بالمجرم وليس بالضابط ولا بالمثل أو الأخلاق.
وأضاف: للأسف لم يتغير الوضع السينمائى الحالى عن أيام السبعينيات فالآن نجد الأفلام تبين أن السلاح الأبيض هو سيد الأسلحة ومن يتعلم استخدام السلاح هو القدوة وهو البطل وهذا يسىء للمجتمع بشكل عام وليس لضباط الشرطة فقط، فليس مطلوبا من السينما أن تخدم الشرطة، ولكن من المفترض أن تخدم المجتمع ولكنها بهذا الشكل تدمره وتحارب القيم وتخرب عقول النشء الصغير، وبالتالى فهى من أهم العوامل التى تساعد فى ارتكاب الجرائم ضد رجال الشرطة.
وأوضح اللواء عبدالكريم أن الداخلية لا تتدخل لحذف أى مشهد لأن هذا ليس دورها وهناك جهات رقابية هى المسئولة عن ذلك وطالما أن تلك الجهات سمحت بعرض هذه المشاهد فلا أحد يستطيع منعها وعلى رجال الشرطة أن يتحملوا كل العواقب.
وقال أحد الضباط الكبار حاليا بوزارة الداخلية لم يذكر اسمه: إنه عانى الأمرين فى عمله بسبب ما تصوره أفلام السينما عن رجال الشرطة» وأكد أنه وهو ضابط صغير تعرض مرات عديدة لحوادث اعتداء عليه من قبل بعض الشباب أو الأشقياء الذين يتشبهون بالمجرمين الذين يظهرون فى الأفلام، وكانوا يقلدون فى البداية محمود المليجى وفريد شوقى وكلما كنت أشتبه فى شخص سواء كان مسجلا أو حتى شخصا عاديا كان يردد ما يسمعه فى الأفلام.. «معاك إذن تفتيش... ورينى بطاقتك...» وأحيانا يهرب وحينما أحاول الإمساك به كان يتعدى على بالضرب، ونحن نقع فى مشكلة أنه ليس مصرح لنا بإطلاق الرصاص إلا فى حالة مهاجمتنا بسلاح نارى من قبل الأشقياء ويمكن أن يقتلنا المجرم بسلاح أبيض ولولا أن الضابط يكون مدربا جيدا على الحركات القتالية لكنت فى خبر كان حاليا والسبب أفلام السينما».
وأوضح ضابط آخر أن الأشقياء حاليا يقلدون أحمد السقا واللمبى، وأصبحت عبارات «من النهارده مفيش حكومة ومعييش بطاقة لأنى معييش جيب ورا» من أكثر العبارات التى أكره سماعها لكثرة ترديدها فى مناسبة أو غير مناسبة من قبل المشتبه بهم والأشقياء وحتى الشباب الذين يسخرون من رجال الشرطة فى الشارع.. ويقول أحد الضباط بمديرية أمن القاهرة إنه كان فى غاية الحرج أمام زوجته وأبنائه وهم يشاهدون أفلاما مثل الجزيرة وحين ميسرة وهى فوضى، خاصة حينما سمع أحمد السقا يردد فى فيلم الجزيرة مهددا أحد الضباط «إحنا حدانا فى البلد يا بيه العيال الصغيرين لما يلعبوا عسكر وحرامية.. العسكر هما اللى بيستخبوا»، ورأى أن فى ذلك إهانة كبيرة له ولزملائه من ضباط الشرطة.
وأشار أحد ضباط المباحث إلى أن أفلام السينما إن لم تتسبب فى اعتداءات على رجال الشرطة فهى تسبب لهم مشكلات مع رؤسائهم وقد تعرضهم لجزاءات، وضرب مثلا بفيلمى «اللمبى» و«اللى بالى بالك» لمحمد سعد، حيث جاء فى الفيلم الأول أن أحد بلطجية شوارع منطقة المنيل منع الضباط والمواطنين من المرور منه دون أى سبب، وفى الفيلم الثانى تم تصوير كوبرى الملك الصالح وكأنه أصبح معقلا للمسجلين خطر وأطفال الشوارع والمدمنين، وتسبب ذلك فى مجازاة رئيس مباحث قسم شرطة مصر القديمة ومأمور القسم لتصوير أن ذلك حقيقة ومن يومها تقف سيارتا شرطة تحت كوبرى الملك الصالح..
وقال مصدر أمنى إن الداخلية حتى فترة قريبة كانت تمارس رقابة قاسية على الأفلام وكان هذا يحفظ لضباط الشرطة هيبتهم ولكن مؤخرا أرادت الداخلية أن تعطى نفسها وجها ديمقراطيا وسمحت لبعض المؤلفين والمخرجين ممن يدعون أن لديهم فكرا مختلفا ومن لهم وساطات أمنية بتصوير ما يريدون فى أفلامهم وما يحدث حاليا يبين أن ما فعلته الداخلية أصبح ينقلب على رجالها..!
على الجانب الآخر يقف صناع السينما رافضين اتهامات ضباط الداخلية وخبرائها فيقول الكاتب والسيناريست بلال فضل: من أحلامى أن أكتب عملا عن بطولات رجال الشرطة كاللواء إبراهيم عبدالمعبود لأن هذا دور وطنى حقيقى بعيدا عن الصياح والطنطنة، لكن فكرة أن السينما تؤثر على الناس وتجعلهم يحتقرون الشرطة هذا كلام قديم جدا بدليل أن السينما الأمريكية تظهر مساؤهم وتنتقدهم بشراسة ومع ذلك فهم يسجلون أعلى نسبة مكافحة للجريمة، ولا نريد أن نتبادل الاتهامات لأن هذا لا يليق لا بالضباط ولا بالفنانين..
وأكد بلال أن الواقع يقول إن الفاسد أو الشرير فى الأفلام دائما يقع فى يد الشرطة وضرب مثلا بجميع صور الضباط فى أفلامه وقال: فمثلا فى فيلم «عودة الندلة» قدمت شخصية ضابط قام بها فتحى عبدالوهاب فى صورة إيجابية ينصف المتهمة وكذلك فى فيلم «أبوعلى» الذى قبض على الضابط الفاسد خالد الصاوى ضابط آخر مستقيم هو أحمد فؤاد سليم، وحتى فى فيلم «خارج على القانون» أظهرناه ذكيا يوقع تجار المخدرات بحيله، ولكننا فى النهاية نحن لا نعمل فى وزارة الداخلية ولا نكتب بإيعاز من أحد..
واعترف فضل أيضا أن الصحافة والسينما لا يقومان بدورهما فى إبراز بطولات رجال الشرطة على قدر ما ينبغى، ولكن على الداخلية أن تسأل نفسها لماذا؟.. وأجاب قائلا:
لأن هناك تراكمات لدى الناس مما يحدث فى أقسام البوليس، ولو كانوا يعلمون أن الضابط كالمواطن وأن القسم مكان حضارى لتغير الوضع كثيرا
وفى النهاية أكد بلال أن ما قاله الضباط حول السينما رد فعل انفعالى نتيجة لموت أحد أبطال الشرطة ورجالها غدرا وخيانة، وقال: إذا كان الحل هو تكميم الأفواه وزيادة الرقابة علينا فليتم أولا منع الأفلام الأمريكية من العرض فى مصر..
واتفق السيناريست مصطفى محرم مع بلال فضل حيث أكد أن الأفلام الأمريكية تقدم صورة أشد عنفا وتقتل الضباط بقلب بارد فى الشوارع ومع ذلك لم يتغير شىء فى الجمهور، وقال إن تجارة المخدرات والمواجهات بين الشرطة والمهربين موجودة قبل السينما نفسها.. ومنذ أن ظهرت السينما، وتاجر المخدرات يموت فى النهاية أو يقبض عليه وهو ما قد لا يحدث فى الحقيقة فكم من تجار ومهربى مخدرات خرجوا من قضايا «كالشعرة من العجين».. وأضاف: من قتل الضابط هو تاجر مخدرات بدوى أتحدى إن كان شاهد السينما فى حياته من الأصل وتعليقا على ما إذا كان الناس تتقمص دور اللمبى مثلا فى كلامهم كجملة «معنديش جيب ورا» الذى شكا منها أحد الضباط قال فلتؤدى الداخلية معهم إذن دورها وتحرر لهم محاضر على ذلك، ولكن لماذا أيضا لا يذكرون ما يحدث فى أقسام الشرطة من مخالفات وضرب وتعذيب أحيانا ولا تسمح الرقابة حتى بظهوره فى الأفلام رغم أنى أعرف ناسا ماتوا فى الأقسام من شدة التعذيب.
وأكد محرم أنه طوال حياته لم يجد يوما شخص يخرج من السينما ليقوم بثورة ضد الداخية أو يهاجم رجال الشرطة لأن الفن يطهر قلوب الناس.
ويقول الفنان عمرو سعد الذى شارك فى فيلم «حين ميسرة»: السينما بوجه عام لها علاقة بالواقع «تأخذ منه وتعطيه»، لأن السينما تعكس صورة حقيقية للحياة وتتناولها، بل ومن الممكن أن تتخطاها ليتعاطف المشاهد مع البطل.. ويضيف:
أتصور أن الإجرام والعنف لا يمكن أن يكون له أى علاقة بأى نوع من الفنون بأى حال من الأحوال، فيجب ألا نتصور أن العنف الذى يقدم على الشاشة، هو سبب جرائم القتل فى المجتمع، خاصة إذا كانت صناعة الفيلم جيدة، ففى فيلم «حين ميسرة» لم نكن متعاطفين مع البطل وقدمناه كشخصية خارجة عن القانون..
ويضيف سعد: أما حادثة قتل المرشدى لضابط الشرطة تحديدا، فأتصور أنها ليست لها أى علاقة بالسينما، فليس معقولا أن يكون هناك مجرم قلبه ميت ولا يفكر فى مستقبله كل هذا وينتظر مشاهدة فيلم سينما ليحركه ويذهب ليقتل ضابط شرطة.. فهذا غير معقول بالمرة، والسينما بريئة من هذا الحادث.. وحتى سينما المقاولات نفسها دائما نراها تقدم الخير ينتصر على الشر، فالسينما لا تروج لقيم خاطئة تضر المجتمع، ولا تتجنى على وظيفة معينة، فالسينما مجرد رصد لكبت الشارع، وللمسافة التى زادت بين المواطن ورجل الشرطة، خاصة خلال الفترات الأخيرة، فالناس أصبحت تعتبر الشرطة والسلطة معا يعملان ضد مصالح الشعب.
أما السيناريست محمد سليمان مؤلف فيلم «عزبة آدم» فأكد أنه يرفض ما جاء على لسان خبراء الأمن جملة وتفصيلا، وأضاف أن السينما والفنون بوجه عام ليس دورها أن تثير المواجهات بين جهة وأخرى، أو أن تستفز طرفا ضد الآخر وقال:
السينما ترصد الوقائع والحقائق التى تحدث فى المجتمع وليس العكس، ولا أعتقد أن أحمد المرشدى قتل ضابط الشرطة اللواء عبدالمعبود لأنه شاهد فيلم سينما، لأن الحقيقة هى العكس فنحن نبنى أفكار الأفلام على ما يرتكبه المجرمون من جرائم، وأدعى أن الأزمة فى أن أمثال المرشدى بعيدين عن الفن ولا يشاهدون الأفلام التى تصور نهاية المجرم.
وأقول لخبراء الأمن إننى معكم إذا قلتم إن تكرار مشاهد العنف كثيرا أمام الأطفال تؤثر عليهم سلبا، وتجعلهم أكثر عنفا، لكن أن تتهم السينما بأنها السبب فى زيادة جرأة المجرمين وتعديهم على رجال الشرطة فهذا اتهام مبالغ فيه وعار من الصحة..
السيناريست عباس أبوالحسن الذى قدم شخصية ضابط أمن الدولة الذى يصادر ويقمع حريات الآخرين ويستخدم كل الأساليب غير الآدمية ليستخلص من المتهم كل المعلومات التى يريد الحصول عليه، يقول عن شخصيته التى قدمها فى «يعقوبيان»:
الكاتب علاء الأسوانى استعار هذه الشخصية من واقعة حقيقية 100%، حدثت بالفعل وتعرض لها عميد أمن دولة وتوفى مقتولا وأطلق عليه وقتها «شهيد البطش»، لأنه كان معروف عنه إنه يستخرج المعلومات من المتهمين بإرهابهم وتعذيبهم، وأعتقد أنك عندما تزيد فى تعذيب إنسان بعد حد معين مؤكدا أنه لن يتحمل، وسيقرر أن يحصل على حقه بأى طريقة حتى إذا كانت حياته ستكون ثمن ثأره لنفسه ولكرامته، وهذا يجعلنا نؤمن بأن العنف يولد العنف، وعلى سبيل المثال إذا حبست قطة فى غرفة وضربتها كثيرا مؤكدا أنها بعد أن يفيض بها الكيل ستهاجمك، فهذا شأن الحيوان فما بالك بالإنسان..
وأضاف عباس أن الكثير من معلومات وحقائق قضية المرشدى ما زالت ناقصة، وأعتقد أن الشىء الذى لا يعرفه أحد سيكون له علاقة باستخدام الشرطة للمرشدين بشكل عام، وعندما خرج الموضوع من أيديهم قرروا أن يقتلوه بدليل أن تقرير الطب الشرعى أثبت أن هذا الرجل أطلق عليه 22 رصاصة ولم يخرج من مسدسه ولا طلقة واحدة، وأعتقد أنه كان من الطبيعى أن تقبض الشرطة على المرشدى ويستجوبوه ليعرفوا شركاءه، والضباط الفاسدين الذين كان يتعامل معهم، فإذا نظرنا إلى السينما فسنجدها تعبيرا مخففا عن واقع مرعب، فالسينما تنتقى فقط ما يمكن أن يصدقه عقل الإنسان لأن هناك قصصا حقيقية إذا تناولتها السينما لن يصدقها المشاهدون.
واختتم عباس كلامه مؤكدا أن أزمة السينما تكمن فى كونها أصبحت مدانة طوال الوقت من جهات كثيرة هى الداخلية، والرقابة، والنقاد، والجمهور، حتى من الفنانين أنفسهم.. وكل هؤلاء نصبوا أنفسهم أوصياء على السينما، ويقدمون تحليلات غير منطقية..
أما سيد خطاب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية والذى تولى المنصب منذ أيام فقط وطلب منا أن نتعامل مع رأيه كناقد وليس كرئيس للرقابة.
فقال: من الصعب أن تكون السينما سواء العالمية أو المحلية هى التى تعطى مشروعية للمجرم ليتعدى على ضباط الشرطة، وقبل أن نخوض فى هذه القضية يجب أن نقتنع بأن ما يحدث مجرد حالات فردية وليست ظاهرة، لأنها إذا أصبحت ظاهرة ستكون كارثة بكل المقاييس.. وأضاف:
أعتقد أن قيام تاجر المخدرات بقتل ضابط الشرطة يعبر عن خلل وصراعات طاحنة فى المجتمع، وهذا لا يحدث فى مصر فقط وإنما يحدث فى كل المجتمعات، وهى حوادث ليس لها أى علاقة بالسينما.
وأرى أن تعدى المجرم على الضابط هو جزء من القيم السلبية المنتشرة فى المجتمع الآن مثل حالات تعدى التلاميذ على الأساتذة، فهذا ليس له أى علاقة بالإبداع والفن وإنما نتيجة خلل فى الأخلاق.
وعما إذا كانت هذه الحوادث ستؤثر على عمله بالرقابة، قال: العمل الفنى إذا لم يكن قادرا على أن يحدث تغييرا إيجابيا فلا يعد إبداعا، فالفن مثل الدين، الهدف منهما أن يصبح الإنسان فاعلا وأفضل.. وحرية الإبداع مصونة للفنانين، ولكن هذه الحرية لابد أن تكون ملتزمة وتقوم من السلوكيات، والمؤكد أن المبدع الحقيقى سيلتزم بالرقابة لأنها تحميه من عديمى الموهبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.