لا أعرف إذا كان كل من يتحدث عن مسلسل الجماعة فى حلقاته الأولى يدرك ان ما يرونه فى المقام الأول ينتمى الى فصيل الدراما والأعمال الإبداعية الفنية وليس كتابا أو مقالا خطه مؤلف المسلسل وحيد حامد بيديه فأغلب الظن أن الجماعة ومن يحركها لا يبحثون إلا فى أفكار وحيد حامد وما يرون من أنه عداء مباشر لهم وقسوة متناهية عليهم وهذا حقهم فهم لا يعون دور المخرج ومدير التصوير والممثلين وصناع العمل الآخرين.. والحقيقة أن الصراع الذى وضع فيه مسلسل الجماعة مهد لما يحدث الآن فقد تبارت الأقلام والمنتديات التى تؤكد أن الإخوان كتائب منظمة كما أكد وحيد حامد فى المسلسل فهم يعملون وفقا لاستراتيجية هجوم مدبر ومخطط على الرجل منذ اللحظات الأولى لعرض الجماعة، صحيح أن بعض أفكار وحيد حامد يمكن مراجعتها والتناقش فيها لكن لا يمكن أن تقابل بهذا الهجوم الضارى والاتهامات التى تهدف لإرهابه وإرهاب من يرون أن المسلسل جاء فى توقيت مناسب جدا لكشف خبايا التنظيم المحظور. وكنت أتمنى أولا أن يبدأ النقاش الهادئ لما جاء فى المسلسل وإذا كان هناك تجنٍ على سمعتهم وصورتهم كما تراه الجماعة فاعتقد أن أساطينها يدركون أن هناك قضاء يمكن اللجوء له لإثبات حقهم وتغيير صورتهم، والحقيقة أيضا إننى لا أنكر حق الإخوان فى الرد لكن كنت أتمنى أن يكون الرد فى إطار مناظرة بين وحيد حامد وبين الإخوان بدلا من شن هجوم على الإنترنت داخل كتائب الردع الاخوانية التى تشن حربا فكرية وتدعى أنها كتائب لمكافحة الإرهاب الفكرى. وبعيدا عن هذه الحرب التى سوف تستمر ولن تنقطع حتى بعد انتهاء عرض المسلسل وربما لسنوات قادمة فقد خلفت المعارك الأولى بين كتائب الإخوان ووحيد حامد ضحايا منذ انطلاقتها أبرزهم الرجل الذى تحمل عبء إخراج هذا العمل الضخم المخرج محمد ياسين الذى استطاع تقديم رؤية فنية مميزة ومشاهد معبرة بإيقاع متوازن وسريع وقدم لنا أبطاله بأداء مختلف ومبهر فأنت لم تر عبد العزيز مخيون وسامى مغاورى وحسن الرداد وصلاح عبدالله بكل هذه الثقة فى الأداء مثلما رأيتهم فى الحلقات الأولى للمسلسل ولم تر حركة للمجاميع منظمة ومختلفة وكادرات ثرية وصورة أبدعها مدير التصوير وائل درويش الذى أجاد فى كثير من مشاهد التعبير بالصورة وإضفاء روح إبداعية على الكادرات الثابتة والمتحركة معا ومعهم موسيقى غير مفتعلة قدمها عمر خيرت وديكورات مرعبة لفنان الديكور أنسى أبوسيف ومونتاج ناعم ومتناسق لدينا فاروق. ومن المؤكد أن كل هؤلاء كان من قبلهم سيناريو متقن وحوار راق كتبه وحيد حامد ربما تجد فى بعض أفكاره ما يزعجك لكن فى النهاية لا يمكن أن تنكر براعته فى رسم شخوصه وملامحهم ولا تنكر البناء الدرامى المحكم الذى قدمه فى المسلسل الذى تحاول الجماعة ان تأكل الدراما فيه بحروب فكرية وليست فنية بالطبع. فى النهاية لابد أن نعترف بأن مسلسل الجماعة من الأعمال الفنية التى تستحق المتابعة كما يستحق صناعه الذين سقطوا كضحايا فى معركة الأفكار المتبادلة بين الإخوان ووحيد حامد الشكر والثناء.