انتظر الملايين بفارغ الصبر وأنا معهم لقاء فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع مع الإعلامية المتميزة منى الشاذلى فهذا يعتبر أول ظهور إعلامى له بعد نحو أربعة أشهر من توليه مسئولية قيادة الجماعة. بكل موضوعية وأمانة كان اللقاء فى مجمله لقاء متوازنا أثرت فيه يد المونتاج كثيرا، لكنه خرج بصورة جيدة لم تستطع الإعلامية المحترفة أن تورط المرشد فى إجابات بعينها خصوصا فى اسم المرشح القادم للرئاسة،أو موقف الإخوان من الدكتور محمد البرادعى، وأعتقد أن ابتعاد الدكتور بديع عن إعطاء رد نهائى كان موفقا لعدم حرق ورقة قد تستخدمها جماعة الإخوان فى وقتها وحين تتضح الأمور أكثر وأكثر. أعطى المرشد إجابات عديدة كان بعضها دعاية جيدة لطرح جماعة الإخوان المسلمين أمام الرأى العام وكانت خلفية مكان التصوير رائعة للغاية وعليها عبارة «نحمل الخير لأمتنا وللعالم». قد يعتبر البعض اللقاء تقليديا وأنا معهم لكنى أرجع ذلك إلى أن المناخ الحالى السائد فى مصر مناخ جامد محتقن لا يحتمل أسئلة جديدة وإجابات مختلفة. عموما لن أكتفى بترديد عبارات مثل أن الحوار كان رائعا أو مثاليا فنحن أمرنا أن نهدى العيوب ولا نهدى المزايا والمحاسن. ولأن الحق قديم فلن يمنعنى حبى لفضيلة المرشد ولجماعة الإخوان المسلمين التى أتشرف بالانتساب إليها أن أقول لفضيلة المرشد: إن هناك عبارة سقطت منكم أثناء الحوار ما كان يجب أن تقولها بأى حال من الأحوال وهى وصفكم الرئيس مبارك بأنه أب لكل المصريين..! لن ألتمس لفضيلتكم عذرا أو أختلق تبريرا كما يردد البعض بأنك كنت تقصد أنه أب لأنه كبير فى السن، لأن كلمة أب تعنى الكثير يا فضيلة المرشد. واسمح لى أن أقول لفضيلتكم إن صغائر الكبار أمثالك كبائر.. لا يا فضيلة المرشد الرئيس مبارك ليس أبا لكل المصريين: ليس أبا ل4 ملايين مصرى عاطل يعانون من بطالة مؤلمة. ليس أبا ل5 ملايين فتاة تحترق من نار العنوسة. ليس أبا للمصريين القاطنين فى مقابر البساتين والتونسى والإمام الشافعى وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثى وجبانات عين شمس ومدينة نصر وأسفل الكبارى وفى المناطق العشوائية وبجوار المساجد وفى القرى والنجوع وفى الأكشاك الصفيح على أشرطة السكك الحديدية. ليس أبا لمن تذهب من المصريات إلى سوق الخضار وتشترى الخضار التالف العاطب لرخص ثمنه، وتأخذه وتحاول معالجته بغليه على النار وتقوم بعمل خلطة خضار تأكل منها هى وأولادها فى الثلاث وجبات..! ليس أبا لمن أحلت لهم الميتة من سنين يشترون الطيور النافقة أو يبحثون عنها وسط الزبالة...! ليس أبا لآلاف المعتقلين من عشرات السنين رغم صدور عشرات الأحكام بالإفراج النهائى عنهم. ليس أبا لمن يحاكمون محاكمات عسكرية ظالمة. ليس أبا لضحايا الظلم والفساد والقهر فى بلادنا. ليس أبا لشباب وبنات الإخوان الذين سحلوا وانتهكوا فى جامعة المنوفية. ليس أبا لشباب 6 أبريل وللمدونين والناشطين الذين تم ضربهم وإذلالهم واعتقالهم جهارا نهارا فى وسط البلد. ليس أبا لمن يتم تعذيبهم فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة. ليس أبا للطالبة بسمة محمود بعجر التى ضربت ونزع حجابها فى معهد الخدمة الاجتماعية بدمنهور. ليس أبا لحمادة عبداللطيف الذى يعانى من الشلل الرباعى والمقدم محمد السيد الذى كسر عنقه لم يحاكم بل لم يتلق كلمة تعنيف واحدة عما فعل!! لا.... يا فضيلة المرشد أكررها مئات المرات، كيف تقول فضيلتك عبارة مثل تلك...؟ قل ما تشاء... قل رئيسا لكثير من المصريين، قل أى شىء لكن أبا وتعمم فهذا غير مقبول من قامة مثلك، فإذا كان مرشد الإخوان المسلمين يقول عن مبارك إنه أب لكل المصريين فماذا يقول أحمد عز وصفوت الشريف عن الرئيس مبارك..؟ قد أتفهم القدر الكبير من التسامح الذى تبديه الجماعة فى عهدك وبدا واضحا فى زيارات تاريخية لأحزاب التجمع والناصرى والدستورى لكن الموقف الآن ليس موقف تسامح ولكنه رأى وموقف ينتظره الجميع، فطالما الرئيس أبا لكل المصريين فبذالك وجبت طاعته فى كل ما يقول...! ووجب عدم التنازل عنه مدى الحياة فهل يتخلى أحد عن أبيه..؟؟ تبقى كلمة أخيرة أعبر فيها عن سعادتى بهذا الحراك الذى تشهده الجماعة مع الأطياف الأخرى فى المجتمع المصرى وأتمنى حراكا داخليا يدفع الجماعة للأمام ويطور أقسامها وآلياتها ويظهر لنا لائحة معتبرة انتظرناها كثيرا تليق بجماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين. وأرجو أن يتسع صدر فضيلة المرشد ومكتب الإرشاد لآراء بعض الإخوان المخالفة فاختلاف الآراء وتعددها إثراء ومكسب للجماعة، ولتسع الجماعة جميع الإخوان مثلما سعت تيارات على أقصى اليمين واليسار داخل المجتمع. فأولى أن نستقبل بعض معارضينا ونفتح لهم عقولنا وقلوبنا بدلا من تذنيبهم..!