ختام فعاليات التدريب البحري المشترك المصري الفرنسي «كليوباترا 2025»    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 21 ديسمبر 2025    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات تطوير الغزل والنسيج    مربوط بسلاسل حديدية وأطلق عليه 6 رصاصات، واقعة تدنيس جديدة للمصحف الشريف فى السويد    هايدينهايم ضد البايرن.. البافارى بالقوة الضاربة فى الدورى الألمانى    شاهد| أمطار غزيرة في المغرب قبل ساعات على افتتاح كأس الأمم الأفريقية    التشكيل الرسمي لمباراة مانشستر يونايتد وأستون فيلا في الدوري الإنجليزي    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    31 ديسمبر.. الحكم على المتهمين بسرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري    فيلم "القصص" يفوز ب التانيت الذهبي لأفضل فيلم بمهرجان قرطاج    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات قدم تمويلات بأكثر من 750 مليون جنيه    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    التشكيل – واتكينز يقود هجوم أستون فيلا.. وتبديلات في مانشستر يونايتد بسبب غيابات إفريقيا    حصاد 2025.. تنفيذ أكبر خطة حضارية لتطوير شوارع مدينة كفرالشيخ| صور    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لتهيئته لاستقبال الجمهور    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    «النجمة التي سقطت من السماء» يفتتح عروض نوادي مسرح الطفل في الغربية    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    بحث الاستعدادات النهائية لاحتفالية اليوبيل الذهبي لجامعة حلوان    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    سين كاسيت | أول حفل ل تامر حسني بعد تعافيه وكواليس أغنية محمد رمضان ل«الكان»    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    تاكر كارلسون.. إعلامى يشعل معركة داخل حركة اليمين فى أمريكا    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اشتعال جبهة الضفة الغربية
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 11 - 2023

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الخامسة على قطاع غزة، لا تألو واشنطن جهدا للحيلولة دون توسعها أفقيا، عبر فتح جبهات أخرى فى جنوب لبنان أو الضفة الغربية. فبينما تتصاعد حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، مهددة باشتعال الأولى، تنذر الإجراءات الاستفزازية والعدوانية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى ضد فلسطينيى الضفة و48، بتفجير الثانية.
متوهما أنه بذلك سيمنع تأجيج جبهة جديدة ضده، حسم جيش الاحتلال خياراته لجهة التعامل مع الضفة الغربية، باللجوء إلى سياسة القبضة الحديدية. فبمجرد الإعلان عن عملية «طوفان الأقصى»، هرع إلى إغلاق الضفة الغربية، بشكل تام. وبموازاة عدوانها الغاشم على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضى، تشن سلطات الاحتلال حربا متزامنة فى الضفة الغربية. فاقتصاديا، أغلقت جميع المعابر معها، ومنعت نحو 200 ألف عامل فلسطينى من العمل فى أراضى 48؛ ما يعنى الزج بالضفة الغربية إلى أتون أزمة اقتصادية خانقة. فى الأثناء، تتعرض الضفة لأعنف إجراءات التهجير القسرى للفلسطينيين، وأقسى عمليات الاستيلاء على أراضيهم منذ العام 1967. عسكريا، عمد الاحتلال إلى عسكرة الضفة الغربية، عبر تقطيع أوصالها بحواجز عسكرية وبوابات عند مداخل المدن. فيما لم يتورع وزير الأمن القومى، اليمينى المتطرف، بن جفير، عن تسليح قطعان وميليشيات المستوطنين، مع منحهم تصريحا مفتوحا بقتل الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، تضاعفت، بمعدل سبعة أمثال، هجمات المستوطنين على فلسطينيى الضفة الغربية، لإثارة الرعب فى مناطق التماس. وقد رصد مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية، مرافقة القوات الإسرائيلية جل هذه الهجمات، ودعمها فعليا. ولا يتوانى جيش الاحتلال عن استغلال الغطاء الدولى فى حربه على غزة، لتنفيذ عمليات اقتحام أكثر عنفا وتركيزا بالضفة، مثلما حدث فى مخيمى جنين وطولكرم، وأسفر عن استشهاد العشرات وتدمير البنى التحتية؛ حتى قدمت الضفة الغربية ما يناهز 250 شهيدا، علاوة على آلاف الجرحى.
وأمنيا، شنت سلطات الاحتلال حملة اعتقالات طالت قرابة ثلاثة آلاف فلسطينى بالضفة. كما هاجمت قواته بؤر المقاومة فى ربوعها، وأغلقت الشوارع، ودفعت بميليشيات المستوطنين المسلحين لإرهاب فلسطينيى الضفة، وحاصرتهم بقانون الطوارئ، الذى يحظر عليهم إظهار أى تضامن مع مأساة غزة، أو التعبير عن رفضهم للعدوان الإسرائيلى عليها. وبذريعة حالة الحرب، تعددت التدابير العقابية الإسرائيلية ضد فلسطينيى 48، الذين يناهز عددهم مليونى نسمة، ويشكلون قرابة 20% من إجمالى سكان دولة الاحتلال. تتنوع بواعث هلع الاحتلال من اشتعال الضفة الغربية، بالتزامن مع عدوانه الخامس على غزة. فحالة انتفاضتها، ستكون الجبهة الأكثر إيلاما للإسرائيليين، جراء التداخل الشديد بين البلدات الفلسطينية والمستوطنات، التى تشكل 1% من مساحة الضفة الغربية. حيث يقطن الضفة 719 ألف مستوطن، موزعين على 483 موقعا استيطانيا وعسكريا. ويسيطر مجالهم الاستيطانى المدعوم من جيش الاحتلال، على حيز جغرافى يتجاوز ثلثى المساحة، التى يطلق عليها، حسب اتفاق أوسلو، مناطق (ج). ومن شأن ذلك التماس الجغرافى، والتشابك الديمجرافى، أن يتيحا ولوجا فلسطينيا سلسا إلى الأراضى المحتلة عام 1948.
طيلة العام، الذى سبق عملية «طوفان الأقصى»، شهدت الضفة عمليات نوعية، تضمنت كمائن دقيقة على مداخل المستوطنات والطرق الالتفافية، وخلفت خسائر مادية وبشرية هائلة فى صفوف المستوطنين. ومنذ السابع من أكتوبر الماضى، تتصاعد حالة الغليان يوما بعد آخر، وفق تطور الأحداث. حيث تتوالى عمليات إطلاق النار تجاه المستوطنات والحواجز العسكرية الإسرائيلية. وتواكبها مواجهات عارمة فى القدس ومناطق التماس، كما ترافقها احتجاجات هادرة فى مراكز المدن. وقبل أيام، انطلق من الضفة الغربية ستة أفراد، ونفذوا هجوما على حاجز عسكرى إسرائيلى يفصل القدس عن جنوب الضفة. برغم تباين الظروف بين الجبهتين، تعول المقاومة بغزة، كثيرا، على الضفة، التى تعتبر أصل الصراع على الأرض والمقدسات مع الاحتلال؛ كونها تحتضن الحرم الإبراهيمى، المسجد الأقصى ومدينة القدس. وإبان انتفاضة الأقصى، شكلت الضفة مركز ثقل للمقاومة، إذ كانت قاعدة للهجمات الدامية ضد الاحتلال، عبر العمليات الاستشهادية، التى أوقعت مئات القتلى الإسرائيليين خلال الفترة ما بين عامى 2001، إلى 2003. واليوم، لا يفتأ المزاج العام فى الضفة الغربية داعما للمقاومة، فى ظل حالة الغليان المتنامية، وتزايد البؤر الملتهبة فى جنين، نابلس، طولكرم وأريحا. ولعل هذا ما يفسر تموضع الضفة فى صلب الجهود الإقليمية والدولية لمنع تمدد الصراع إقليميا. فمثلما تتبارى المساعى لتجنب اندلاع مواجهة شاملة على الجبهة اللبنانية، تتزاحم الجهود لمنع انخراط الضفة الغربية فى المقاومة، مستغلة مزاياها الاستراتيجية النسبية، المتمثلة فى تنفيذ العمليات الاستشهادية الموجعة، ونشر الكمائن المرعبة.
ببالغ قلق، تراقب واشنطن تفاقم الأوضاع فى الضفة الغربية، التى يعكف مسئولون أمريكيون على المطالبة بإبقائها هادئة، لجم اعتداءات مستوطنيها على الفلسطينيين، وتقوية السلطة الفلسطينية. فمن جانبه، حث الرئيس، بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلى، نتنياهو، على ضرورة كبح جماح عنف المستوطنين. ولقد تصدر هذا الملف مباحثات وزير الخارجية الأمريكى، بلينكن، مع «الكابينت» والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أثناء زيارته الثالثة للقدس؛ والتى حض خلالها، نتنياهو، على تجنب تسخين جبهة الضفة، معربا عن مخاوف بلاده من التداعيات الخطيرة لتعاظم عنف المتطرفين هناك. بدوره، طالب الناطق باسم الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، بتعهدات إسرائيلية لضمان وصول الأسلحة الأمريكية الموجهة إليها، لاسيما بنادق «أم 16»، إلى الأجهزة الحكومية فحسب، وليس فرق التدخل السريع المدنية أو ميليشيات المستوطنين بالضفة.
فى السياق ذاته، حذرت إدارة، بايدن، سلطات الاحتلال، من أن إقدامها، منذ السابع من أكتوبر الماضى، على منع الأمريكيين الفلسطينيين، المقيمين بالضفة وغزة، من دخول إسرائيل؛ يعد انتهاكا للاتفاقية الموقعة مع واشنطن نهاية سبتمبر الماضى، بشأن السماح لإسرائيل بالانضمام إلى برنامج الإعفاء من تأشيرة دخول الولايات المتحدة، بحلول نهاية الشهر الحالى. الأمر الذى قد يستوجب تفعيل آلية العودة المفاجئة للاتفاقية؛ ومن ثم، تعليق الامتيازات التى سيحصل عليها المواطنون الإسرائيليون، بخصوص دخول الولايات المتحدة، دونما تأشيرة.
عبر رسالة إلى وزير الخارجية البريطانى السابق، جيمس كليفرلى، أعرب وزير الخارجية عن حزب العمال بحكومة الظل البريطانية، ديفيد لامى، عن قلقه جراء تصاعد معدلات العنف، وتهجير الفلسطينيين قسريا فى الضفة الغربية؛ منذ السابع من أكتوبر الفائت. مؤكدا أن كون إسرائيل قوة احتلال، يفرض عليها التزامات حيال الفلسطينيين، يتعين عليها احترامها، بموجب القانون الدولى. بدورها، حذرت الأمم المتحدة من أن يفضى استمرار الحرب المستعرة فى غزة، إلى فتح جبهة جديدة فى الضفة الغربية، الملتهبة أصلا.
لم تقتصر المخاوف والتحذيرات من اشتعال جبهة الضفة الغربية على المجتمع الدولى فقط، وإنما انتابت أيضا دوائر إسرائيلية. فمن جهته، دعا زعيم المعارضة، يائير لبيد، حكومة، نتنياهو، إلى ضبط النفس داخل الضفة، محذرا من اضطرار تل أبيب إلى خوض حرب متزامنة على جبهات ثلاث. فى إشارة إلى الحرب المستعرة فى غزة، والمواجهات المتصاعدة على الحدود اللبنانية. كذلك، توالت تحذيرات قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لحكومة، نتنياهو، من مغبة الارتدادات الخطيرة المحتملة، التى قد يخلفها تجاهله المطلب الأمريكى بضرورة التماس السبل الكفيلة بتحييد الضفة الغربية.
حتى تتفادى انفجار جبهة الضفة، يتعين على حكومة، نتنياهو، وقف مخططها التصعيدى هناك، على الفور. مع الانخراط فى حزمة إجراءات عملية لبناء الثقة، على شاكلة: وقف التوسع الاستيطانى، زيادة عدد التصاريح الممنوحة لفلسطينيى الضفة الغربية، بغية العمل داخل إسرائيل، الإفراج عن العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية، فضلا عن تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، الذين يشكل معتقلو الضفة، غالبيتهم العظمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.