الإدارية العليا تبدأ نظر 251 طعنًا على نتائج انتخابات النواب    إدراج 36 جامعة مصرية جديدة.. تصنيف التايمز للتخصصات البينية يعلن نتائجه لعام 2026    الكنيسة القبطية تستعيد رفات القديس أثناسيوس الرسولي بعد قرون من الانتقال    «الخطيب»: زيادة في الصادرات غير البترولية بنسبة 19% لتصل إلى 40.6 مليار دولار    رانيا المشاط تدعو القطاع الخاص الياباني للاستثمار في النموذج الجديد للاقتصاد المصري    يحقق طفرة في إنتاج اللحوم والألبان.. ماذا تعرف عن مشروع إحياء البتلو؟    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    أسعار الفراخ اليوم "متتفوتش".. اشتري وخزّن    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 75 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    علي شريعتي، المفكر الذي أعاد تشكيل علاقة إيران بالدين والسياسة    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا على هامش قمة مجموعة العشرين بجوهانسبرج    رسالة أمريكية تؤكد دعم لبنان... واليونيفيل تشدد على بسط سلطة الدولة في الجنوب وتصاعد التوتر الحدودي    أشرف صبحي: نتابع مع مجلس إدارة الزمالك شكوى أرض أكتوبر.. وحلول قريبة    شوبير: مواجهة شبيبة القبائل بها مكاسب عديدة للأهلي.. وأتمنى سرعة عودة الشناوي    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    تقييم صلاح أمام نوتنجهام من الصحف الإنجليزية    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    جامعة بنها تحصد 18 ميدالية في بطولة الجامعات لذوي الإعاقة بالإسكندرية    الزمالك وديربي لندن وقمة إيطالية.. تعرف على أهم مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    حريق هائل بمصنع للغزل والنسيج بمدينه العاشر من رمضان    ضبط أكثر من 5 أطنان دقيق مدعم في حملات لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز    ضبط عاطل أطلق النار على جارِه بسلاح خرطوش في عزبة عثمان وقتله بعد مشاجرة بشبرا الخيمة    الداخلية تنظم زيارة لعدد من الأطفال لمقر إدارة النجدة النهرية    الداخلية تحذر: صورة إيصال سداد تكاليف حج القرعة شرط أساسي لاستكمال إجراءات الحج لموسم 2026    اليوم بدء امتحانات شهر نوفمبر لسنوات النقل.. وتأجيلها في محافظات انتخابات المرحلة الثانية لمجلس النواب    تعرف علي التهم الموجهة لقاتل زميله وتقطيع جثته بصاروخ كهربائى فى الإسماعيلية    ردا على الشائعات| شيرين عبد الوهاب: «هفضل أغني لحد ما أموت»    وزيرة التضامن: آية عبد الرحمن ليست مجرد صوت    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    انطلاق احتفالية دار الإفتاء بمناسبة مرور 130 عاما على تأسيسها    وزارة الصحة: إصابات الأنفلونزا تمثل النسبة الأعلى من الإصابات هذا الموسم بواقع 66%    في اليوم العالمي للسكري.. جامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية    "الداخلية المصرية" فى المركز الثانى عالميا على فيس بوك.. فيديو    قوى عاملة الشيوخ تناقش اليوم تعديل قانون التأمينات والمعاشات    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    إسرائيل تجند الذكاء الاصطناعى لمحو جرائمها فى غزة!    الوجه الخفى للملكية    المخرجة المغربية مريم توزانى: «زنقة مالقا» تجربة شخصية بطلتها جدتى    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    كامل كامل: المصريون بالخارج حولوا انتخابات النواب ل"يوم مصري" بامتياز    "عيد الميلاد النووي".. حين قدّم الرئيس هديته إلى الوطن    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    استطلاع: تراجع رضا الألمان عن أداء حكومتهم إلى أدنى مستوى    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بايدن والسعودية ومصالح واشنطن
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 06 - 2022

خلال العقدين الماضيين، وبسبب هجمات 11 سبتمبر التى نفذها 19 إرهابيا منهم 15 سعوديا، خلصت النخبة الأمريكية السياسية إلى الاستياء من العلاقة الوثيقة تاريخيا بين واشنطن والرياض. ولا يعرف هذا الاستياء انتماء حزبيا، إذ يقتنع به أغلب من ينتمون للحزبين الجمهورى والديمقراطى كذلك. وقبل ثلاث سنوات جددت حادثة مقتل الكاتب والمعارض السعودى جمال خاشقجى بطريقة وحشية قناعات النخبة الأمريكية التى تفاءلت نسبة كبيرة منها بأجندة ولى العهد محمد بن سلمان السعودية الانفتاحية.
وجددت أنباء قيام الرئيس جو بايدن بزيارة المملكة الشهر القادم الجدل داخل العاصمة الأمريكية حول علاقاتها شديدة التعقيد بالمملكة الغنية بالنفط والحاضنة لأقدس مقدسات 1.8 مليار مسلم ومسلمة حول العالم.
• • •
بدأت مشاكل الرئيس بايدن مع المملكة السعودية مبكرا وقبل أن يصل للبيت الأبيض، فخلال حملته الرئاسية تعهد بايدن نفسه، بجعل المملكة العربية السعودية «دولة منبوذة»، وقال بايدن «أود أن أوضح تماما أننا لن نبيع لهم المزيد من الأسلحة، سنجعلهم فى الواقع يدفعون الثمن ونجعلهم فى الواقع منبوذين كما هم. وهناك القليل جدا من القيمة الجيدة فى الحكومة الحالية فى المملكة العربية السعودية».
من هنا بدأت معضلة بايدن تطارده مع الإعلان عن زيارته للمملكة. فقد أغضب قراره السفر للسعودية، ومقابلة ولى عهدها محمد بن سلمان، بشكل غير مفاجئ العديد ممن يؤيدونه والكثير ممن ينتقدونه. داخل الحزب الديمقراطى، كان التيار التقدمى يأمل أن ينفذ بايدن تعهده بالتركيز على حقوق الإنسان كجزء من السياسة الخارجية الأمريكية بعد تجاهلها أثناء سنوات حكم الرئيس دونالد ترامب. ويرى هذا التيار فى الجلوس مع محمد بن سلمان خيانة لتلك الآمال.
وتدعى إدارة بايدن أن دعم الديمقراطيات حول العالم يمثل أحد المبادئ الرئيسية لسياسة بايدن الخارجية، فيما يعتبرون أنهم يخوضون معركة مع الأنظمة الاستبدادية. ويرجع بايدن لهذا المنطق فى تبريره لحشد الغرب لدعم أوكرانيا بعد غزو روسيا، إضافة لعدم دعوة حكام كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا للمشاركة فى قمة الدول الأمريكية فى لوس أنجلوس الأسبوع الماضى. إلا أن داخل أروقة إدارة بايدن تتغلب البرجماتية على المبادئ والقيم.
يقود السيد بريت ماكجورك واقعية إدارة بايدن وسياساتها تجاه ملفات الشرق الأوسط من منصبه كمدير للشرق الأوسط داخل مجلس الأمن القومى المعاون للرئيس بايدن. ويتمتع ماكجورك بنهج عملى براجماتى لا يكترث بالحريات والديمقراطية والحقوق إلا عند الحديث عن أعداء واشنطن مثل إيران أو حماس، وأحيانا السلطة الفلسطينية وتركيا. وامتدت واقعية بايدن لملف العلاقات مع مصر والتى اختلفت سياساته معها عن طبيعة حديثة عنها قبل وصوله للبيت الأبيض.
• • •
منذ أن أصبح التضخم أولوية سياسية قصوى لبايدن والحزب الديمقراطى، حيث بلغ متوسط أسعار البنزين أكثر من 5 دولارات للجالون الواحد، وهو رقم قياسى لم يدفعه الشعب الأمريكى من قبل، دفع ذلك لمزيد من الضغوط على بايدن لإظهار أنه يبذل كل ما فى وسعه لمحاولة خفض الأسعار، خاصة أن هناك شبح انتخابات الكونجرس فى نوفمبر القادم والتى يتوقع أن ينال فيها حزب الرئيس هزيمة ثقيلة.
ولا تزال المملكة العربية السعودية ثانى أكبر دولة منتجة للنفط على كوكب الأرض ولاعبا رئيسيا فى الاقتصاد العالمى، وزاد من أهميتها الكبيرة اندلاع الحرب فى أوكرانيا وتأثير ذلك على ارتفاع أسعار الطاقة.
ترددت إدارة بايدن فى ربط الزيارة بالرغبة الملحة فى خفض أسعار النفط، وقال بايدن «إن الزيارة ستكون أكثر من مجرد حديث عن إمدادات نفطية». وتضغط إدارة بايدن على السعودية بعدما وقعت دولتا الإمارات العربية المتحدة والبحرين على اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل. وتؤمن إدارة بايدن أن العلاقات المتنامية بين إسرائيل ودول الخليج تمثل ثقلا موازنا قويا لمواجهة النفوذ الإيرانى فى المنطقة، وتؤمن كذلك أن عملية التطبيع، الجارية على قدم وساق، لن تذهب إلى أبعد من ذلك دون انضمام المملكة العربية السعودية إليها.
وتحصل الولايات المتحدة على الكثير من الفوائد من شراكاتها مع دول الخليج، وخاصة السعودية، ولدى البنتاجون العديد من القواعد العسكرية الرئيسية فى المنطقة. وستعمل واشنطن مع السعودية لضمان تدفق موارد الطاقة إلى الأسواق العالمية، وربما خفض أسعارها.
وتشير خبرة العقود الثمانية السابقة، أن الهزات العنيفة والأزمات الخطيرة التى واجهتها علاقات واشنطن بالرياض لم ينتج عنها توتر مادى ملوس فى العلاقات بينهما من ناحية. ومن ناحية أخرى، لم ترتبط الأزمات أو إدارتها بشخصية ملك سعودى أو تفضيلات رئيس أمريكى. ولم يؤثر موت ملك فى الرياض أو انتخاب رئيس جديد فى واشنطن فى استقرار هذه العلاقات.
• • •
ستضع زيارة بايدن للسعودية قواعد التأسيس الثالث لعلاقات الدولتين القائمة على معادلة المصالح المشتركة والمتبادلة للدولتين؛ الولايات المتحدة كونها القوة العظمى فى عالم اليوم، والمملكة السعودية باعتبارها قوة إقليمية لها ثقل كبير روحيا وماديا.
جاء التأسيس الأول للعلاقات مع بداية اهتمام واشنطن بالمملكة السعودية بسبب النفط، خاصة بعدما تسببت الحرب العالمية الثانية فى استهلاك كميات كبيرة من مخزونها النفطى. ومن ثم احتضنت قناة السويس اجتماعا تاريخيا فى شهر فبراير 1945 بين مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت على ظهر المدمرة الأمريكية كوينسى. وخلال اللقاء الذى امتد لخمس ساعات وضع الطرفان أُسس التحالف الاستراتيجى بين الدولتين أساسه نفط مقابل الحماية.
وظل التأسيس الأول حاكما لعلاقات الدولتين حتى وصول ترامب للحكم وتزامن ذلك بعد بداية رحلة صعود محمد بن سلمان.
وبدأت ملامح تأسيس ثانٍ للعلاقات من خلال انتقالها من علاقات استراتيجية خاصة إلى علاقات شبه شخصية تعتمد على الكيمياء الشخصية بين الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر مع ولى العهد السعودى محمد بن سلمان. البداية كانت مع تلقى الرياض خبر فوز دونالد ترامب الرئاسة بسعادة وترحيب كبيرين، إذ رأت فى فوز ترامب، وانتقال موازين القوى داخل البيت الأبيض ومجلسى الكونجرس إلى الحزب الجمهورى فرصة لإعادة تقديم السعودية نفسها كحليف وضامن للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط. وبعد رحيل ترامب، لم تعد علاقات الدولتين خاضعة لأى من مبادئ التأسيس الأول ولا التأسيس الثانى.
من هنا ستمثل زيارة بايدن التأسيس الثالث لعلاقات الرياض وواشنطن، وستكون هذه العلاقات أبعد ما تكون عن أشكال الشراكات الاستراتيجية أو التحالفات المتينة، وستعتمد بصورة كاملة على المصالح المتبادلة بين الطرفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.