الأسطى عصفور: المهنة «عجزت».. وعلى الدولة الاستفادة من الأسطاوات فى تدريب طلاب الصنايع الأسطى رمسيس: نطمح فى «هيئة قومية » للنهوض بالصناعات المحلية
رغم أياديهم الجافة التى خط عليها الدهر آثار الشقاء يستقبلون يومهم بوجه مبتسم، مقاومين غزو السلع المستوردة لسوق صناعة الأحذية المصرية بشكل يدوى محلى الصنع، لتصبح مهنتهم التى توارثوها عبر مئات السنين مهددة وتقاوم شبح الاندثار. فبمجرد أن تعبر حى باب الشعرية (قلعة صناعة الأحذية) مرورا بمنطقتى «العلوة» أو«درب المصطفى» تجد عيناك طريقها إلى إسكافى الأحذية اليدوية. معظم العاملين بتلك الحرفة الفرعونية المهددة بالاندثار أسطوات جاوزوا ال60 عاما وكأنهم يقاومون الزمن والمنافسة غير المحسوبة لصالحهم، متمسكون بدورهم الداعم للصناعة المحلية عبر ورش صغيرة لا تزال قادرة على الإنتاج رغم تحديات الآلة وغزو السلع المستوردة من جانب، وارتفاع أسعار الخامات من جانب آخر. لا يزال الحاج محمود عصفور، ذو ال65 عاما متمسكا بعمله ك«إسكافى» يدوى بورشة «سعيد جدعنة»، بمنطقة درب المصطفى بباب الشعرية، حيث يعمل منذ 50 عاما لم تفقد يديه خلالها شغفها أو رغبتها فى الإنتاج، بل ينتج خلال 12 ساعة يعملها يوميا نحو 20 زوجا من الأحذية بتصميمات وخامات متنوعة، وتختلف أسعارها لتتناسب مع كل الطبقات الاجتماعية. يفخر الرجل بمهنته واصفا الصنايعى المصرى بأنه «مفيش زيه.. ولكن المهنة عجزت ومحتاجة دعم» لكنه يخشى عليها من الاندثار جراء عزوف الأجيال الشابة عن العمل بها ولجوئهم للحلول الأسهل كالعمل على «توك توك» لمواجهة الغلاء. الحاج عصفور لديه حلول لإنقاذ الحرفة التى ورثها عن جده، كدباغة الجلود وتصنيعها بالداخل بدلا من تصديرها نيئة، ويأمل أن تستغل الدولة كبار الحرفيين والأسطوات فى تدريب جيل جديد من طلاب المدارس الصناعية، ومدهم بالخبرات العملية لمواكبة التصميمات العالمية. على بعد خطوات من الحاج عصفور يجلس الأسطى محمد زعزوع، ذو ال 64 عاما، منكفئا على أورمة خشبية، تعينه على تصنيع الحذاء كليا من الجلد الطبيعى ابتداء من تصميم وجه الحذاء فنعله مرورا بشده على القالب، ثم حياكته بغرز يدوية شديدة الدقة، لا تكاد تميزها عن الآلة. يعى زعزوع قيمة ما يقدمه فيقول: «زباينى أطباء ولواءات، بيجيبولى التصميم وبنفذهولهم بربع تكلفة المحال التجارية»، لكنه ممتعضا لما آلت إليه الحرف اليدوية؛ فعدد زبائنه أصبح محدودا. ويطمح الأسطى زعزوع أن تقوم الدولة بتوعية المستهلكين بأهمية إعطاء الأولوية للمنتج المحلى وأن تقدم دعما ماليا وإعلاميا لأصحاب الورش الصغيرة. وعلى الجانب الآخر تجد ورشة الأسطى «رمسيس نخيلة»، كأنما عبرت بآلة الزمن إلى خمسينيات أو ستينيات القرن الماضى، حيث يعلق صورة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على جدران ورشة صاحبها الذى فضل التحدث عن تلك الحقبة وكيف كانت مصر تصدر الأحذية لبلدان الاتحاد السوفيتى. يبلغ الأسطى رمسيس من العمر 66 عاما، وينتج 100 حذاء يدوى أسبوعيا، لكنه يضطر لاستخدام الخامات المستوردة، رغم أنها أقل جودة من الجلود الطبيعية، مشيرا إلى أنه يلجأ إلى ذلك لمواجهة ارتفاع الأسعار؛ لذا يطمح أن تحيى الدولة أنشطة الاتحاد التعاونى الإنتاجى لرعاية وتوجيه صغار الحرفيين لإفادتهم والاستفادة بهم، مطالبا بأن يكون هناك هيئة حكومية قومية معنية بكل حرفة ومسئولة عن النهوض بها، خلال برنامج قومى يرعاها عبر إقامة معارض راعية لآلية تصديرها.