قال وزير المالية الدكتور محمد معيط إن توقيت اختيار الدول الإفريقية لمصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي عام 2019 يؤسس لمرحلة مفصلية امتزجت فيها آمال وتطلعات القارة لتحقيق الاستقرار والبناء والتنمية مع تطورات سياسية واقتصادية فريدة في تاريخ القارة، إلى جانب ما تواجهه من تحديات وتهديدات خطيرة فرضتها ضعف الأوضاع السائدة في مناطق مفصلية بالقارة. وأضاف الوزير - خلال الكلمة الافتتاحية لمؤتمر مصر الاقتصادي في دورته الحادية عشرة - أن استعادة عضوية مصر للاتحاد الأفريقي ومشاركتها في الاجتماعات الوزارية والقمم الرئاسية انعكس إيجابيا على صورة مصر بالقارة، حيث أدرك الأشقاء الأفارقة أن مصر جادة في مساعيها للتعاون وإعطاء الأولوية لعلاقاتها الأفريقية، وهو ما أدى إلى انتخاب مصر لعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي والعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن خلال عامي 2016 و 2017 للدفاع عن مصالح القارة ومن بعدها اختيار مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي لعام 2019 بكل ما تحمله تلك الرئاسة من مسئوليات ومهام لن تتوانى مصر في القيام بها. وأشار إلى أن أولويات مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي تتصدرها تنفيذ أجندة التنمية في أفريقيا 2063 بما يخدم مصالح دول أفريقيا ويلبي تطلعات شعوبها ويعزز من دور الاتحاد على الساحة الدولية من خلال تسخير مصر امكاناتها وخبراتها لدفع العمل الأفريقي المشترك وتلبية الاحتياجات الملحة للشعوب والدول والأفريقية. وقال إن اختيار مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي يعد أحد الملامح المهمة لاستعادة مصر لدورها الريادي بأفريقيا، حيث كانت مصر على مدار التاريخ إحدى الدول الرائدة والداعمة للتكامل والتعاون بين الأشقاء الأفارقة، فمصر إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية والتي مثلت الدعامة الأولى للعمل الأفريقي المشترك. وأكد الوزير تأييد مصر للتكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وسرعة دخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز النفاذ وتعزيز البنية التحتية العابرة للحدود في القارة الأفريقية والعمل على خلق تحالفات رائدة للاستثمار في البنية التحتية في أفريقيا، منوها بأن مصر مستمرة في مواصلة جهود الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي وستعمل على إتاحة الوقت الكافي للدراسة المتأنية والدقيقة لبناء توافق صلب مبني على دراسة عملية الإصلاح الإداري ومنظمة التوظيف لمفوضية الاتحاد الأفريقي وتقييم الأداء والمحاسبة وتعزيز الشفافية. وأضاف معيط أن مصر تسعى لمد جسور التواصل الثقافي والحضاري مع أفريقيا وتعميق الحوار الاستراتيجي بين الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ووضع خطة عمل أفريقية للفترة من 2019 إلى 2021 لإيجاد مشروعات مشتركة عابرة للحدود تسهم في توفير فرص عمل حقيقية للشباب الأفريقي. ونوه بأنه على الرغم من الإمكانات والثروات الهائلة التي تمتلكها القارة الأفريقية فإنها لا تزال تعاني من عدة تحديات أبرزها أن السلع الأساسية الأولية والمواد الخام ما تزال تحتل نصيب الأسد من الصادرات السلعية لأفريقيا وهذا يشير إلى ضعف القدرات التصنيعية للقارة، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية وشبكات النقل والمواصلات سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي. وأوضح أنه لمواجهة تلك التحديات يجب إحداث تطور مالي وإداري للاتحاد الأفريقي بجميع مؤسساته مع تطوير الهيكل الإداري والالتزام بقواعد الإجراءات الخاصة بآليات صنع السياسات بالاتحاد، بالإضافة إلى مبادرات دعم القدرات الأمنية ومكافحة الإرهاب من خلال مواجهة الهجرة غير الشرعية والفساد والتدفقات المالية غير المشروعة وتفعيل دور صندوق السلام في تحقيق مبدأ الحلول للمشكلات الأفريقية. وأكد وزير المالية ضرورة دعم مبادرات التنمية الاقتصادية لتعزيز التكامل الاقتصادي والحد من انتشار الفقر بشكل عام مع استكمال الجهود الخاصة بإقامة منطقة التجارة الحرة الأفريقية وتبني رؤية للتفاعل والتعاون مع كل من الدول الصناعية السبع الكبرى ومجموعة العشرين إلى جانب الدول العربية من أجل العمل على دفع الجهود نحو تطبيق أهداف أجندة 2063 ومتابعة تطبيق الخطة العشرية الأولى بالأجندة، بالإضافة إلى دعم إقامة مؤسسات تمويلية ومالية أفريقية من خلال تفعيل دور بنك الاستثمار الأفريقي وإنشاء سوق للأسهم الأفريقية. ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد استكمال البنية الأساسية وخطوط النقل والمواصلات بين دول القارة لتسهيل التكامل الاقتصادي والتجاري والحفاظ على دور لجنة التوجيه الرئاسية والإشراف المستمر على تنفيذ المشروعات التنموية في القارة بما يسهم في تحقيق التكامل الإقليمي، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد أيضا مزيدا من التعاون الاقتصادي بين أفريقيا وأهم الشركاء الدوليين خاصة الصين والدول العربية. وأكد أهمية دعم المبادرات المصرية التي أعلن عنها مؤخرا خاصة بقطاعات الإعلام والصحة والتعليم نظرا لما تعانيه القارة الأفريقية من تدني في مستويات الخدمات الطبية، بالإضافة إلى احتياج العديد من الدول الأفريقية إلى تطوير في أجهزة ووسائل الإعلام المختلفة، مشيرا إلى أن تلك القطاعات سواء كانت صحية أو تعليمية أو إعلامية من عناصر القوة الناعمة لمصر. وحول أهمية دور القطاع الخاص قال الوزير إن دور القطاع الخاص مهم لدعم رؤية مصر للتعاون مع أفريقيا حيث تعد استثمارات القطاع الخاص إحدى الركائز المهمة للتحول الاقتصادي في أفريقيا نحو الإنتاجية الأمر الذي سيعود بمردود إيجابي على الدول الأفريقية المتلقية لتلك الاستثمارات وفي ذات الوقت تحقيق عائد مناسب المستثمرين. واختتم معيط بأن الفرص الاستثمارية في الدول الأفريقية تتمثل في مشروعات البنية التحتية في مجال شق الطرق وبناء الجسور، فضلا عن بناء محطات توليد الكهرباء وشبكات الصرف الصحي وكذلك التنقيب عن الثروات الطبيعية ومعالجتها وتقديم خدمات النقل والمواصلات والمشروعات الزراعية والاستثمار في تنمية الثروة الحيوانية والصناعات الهندسية والكيماوية والدوائية والخدمات الصحية والسياحة والفنادق والخدمات المهنية مثل الاستشارات القانونية والمالية والمحاسبة وخدمات التعليم.