وزير الإسكان: تنفيذ مشروعات لإعادة إحياء القاهرة الخديوية.. فيديو    هل تكدست سفن الغاز المسال في الموانيء المصرية ؟ خبير يوضح    مظاهرة بدمشق انتقدت تخاذل السيسى فى غزة ..ما ذنب السوريين بالقاهرة ..ومن وراء المطالبة بطردهم ؟    أبرز لقطات القمة.. ما بين الدموع وعودة الروح ونبذ التعصب ديربي القاهرة يوفي بالوعود (صور)    عاجل.. أول تصريح من عماد النحاس بعد الفوز على الزمالك في القمة 131    حاله الطقس المتوقعه غدا الثلاثاء 30سبتمبر فى المنيا    عاجل.. متحدث النيابة الادارية يكشف تفاصيل جديدة في واقعة السوار الاثري    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    مبادرة رئاسية للكشف وعلاج سوء التغذية بين طلاب الابتدائي: الدولة تضع صحة الطفل في مقدمة أولوياتها    الحكومة تعلن الخميس 9 أكتوبر إجازة رسمية بمناسبة عيد القوات المسلحة    مودريتش يكشف سر التألق في سن الأربعين: «حب اللعبة هو المحرك الأساسي»    بعد دعوة رئيس الجمهورية لمجلس الشيوخ ..الخميس دور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الأول    سمير عمر: الصهاينة نجحوا في تسويق روايتهم كضحايا عبر التاريخ    محافظ الأقصر يفتتح منفذ بيع الكتب بمكتبة مصر العامة    نيرمين الفقي تحسم الجدل حول إمكانية زواجها الفترة القادمة    سمير عمر: نتنياهو يسعى لحشر حماس في زاوية رفض خطة ترامب لتبرير استمرار الحرب    وفاء حامد تكشف توقعات فلكية وتحذّر من اضطرابات عالمية قادمة    قصة صور بالAI تتصدر التريند للزعيم عادل إمام آخرها بملابس الإحرام    السفارة الصينية بالقاهرة تحتفل بالذكرى ال76 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    «تحت السيطرة».. عودة الكهرباء لمستشفى قفط بقنا    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة وست هام ضد إيفرتون مباشر دون تقطيع | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-2026    خطة زمنية للمقررات الدراسية وتحقيق الانضباط داخل مدرجات ومعامل جامعة المنوفية    ضبط 3 متهمين في واقعة العثور على رضيع ملقى ب المنوفية    مساعد وزير البيئة: الدولة نجحت في تطوير البنية التحتية لإدارة المخلفات    أحمد الفيشاوى وسينتيا خليفة فى أول صور من مشاهدهما بفيلم "سفاح التجمع"    مصرع طفلين غرقا في حادثين منفصلين بدار السلام وجرجا في سوهاج    الثقافة تفتح باب حجز دور النشر للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    هل تصح صلاة الفرض أثناء التنقل في السيارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل مجالس الذكر حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    هل تتأثر مصر بفيضانات السودان بعد إطلاق الإنذار الأحمر؟.. عباس شراقي يوضح    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    استشاري قلب: الجلوس الطويل أمام الشاشات يضاعف مخاطر أمراض القلب والوقاية تبدأ بالرياضة    يحميك من أمراض مزمنة.. 4 فوائد تجعلك تواظب على شرب الشاي يوميا    الليلة.. أون سبورت تقدم سهرة كروية استثنائية في القمة 131 بين الأهلي والزمالك    تأهيل الأطباء وحقوق المرضى (4)    الاحتلال الإسرائيلي يحتجز أكثر من 20 شابا ويعتقل آخر شمال رام الله    درءا للإشاعات.. محافظ شمال سيناء يؤكد اهتمام الدولة بالمواطنين وصرف تعويضات حي الميناء بالعريش    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    ربيع ياسين: الزمالك يُعاني دفاعيا قبل مواجهة الأهلي.. وكوكا ليس الأنسب للظهير الأيسر    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    شاهد غرفة ملابس الأهلي في استاد القاهرة قبل القمة    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    سؤال برلماني حول أسباب استمرار أزمة نقص الأسمدة    خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط فى أسيوط ب160 ألف متر إنترلوك    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يخرج الإخوان المسلمون من جلدهم؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 09 - 2009

منذ أن عقد الإخوان المسلمون مؤتمرهم الخامس عام 1938 الذى ألقى فيه مؤسسهم ومرشدهم الأول حسن البنا رسالته الأشهر والأهم من بين كل رسائله والتى حدد فيها بوضوح طبيعة جماعته والمقومات المنهجية والحركية لها، لم تعرف الجماعة خلافات كبيرة خلال العقود السبعة التالية حول ما حدده لها «الإمام الشهيد» الذى لقى مصرعه مغتالا بعد ذلك المؤتمر بنحو عشر سنوات.
فقد كان الرجل محددا للغاية حين قال فى رسالته «إن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنظم شئون الناس فى الدنيا والآخرة، وإن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحى مخطئون فى هذا الظن، فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف».
ومن هنا فقد أطلق البنا تعريفه الشهير للإخوان المسلمين باعتبارهم «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية».
وقد استند البنا فى تعريفه الواسع المتعدد الأبعاد للجماعة إلى ما رأى أنه «شمول معنى الإسلام» الذى أكسب فكرتها «شمولا لكل مناحى الإصلاح، ووجه نشاط الإخوان إلى كل هذه النواحى، وهم فى الوقت الذى يتجه فيه غيرهم إلى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعا ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعا».
على هذه الأرضية النظرية العملية التى وضعها مؤسس الجماعة فى أهم رسائله، ظلت صفوفها طوال العقود السبعة السابقة ملتحمة حول هذا التعريف المتعدد لطبيعتها وأنشطتها التى توزعت بالفعل وبدقة كما حددها المرشد المؤسس بين الدعوة والسياسة والتربية والثقافة والعمل الاجتماعى والرياضة والاقتصاد، لتصل فى النهاية إلى الجماعة بصورتها الحالية التى نعرفها اليوم فى مصر. فقد ظلت الجماعة مشروعة أو محظورة طوال تلك السنوات هى مركز حركة الإخوان المسلمين وهى الإطار التنظيمى الوحيد الذى يجمعهم ثم يوزع بعد ذلك حركتهم وأنشطتهم بين تلك المجالات التى حددها الإمام المؤسس لهم، دون أن يستقل مجال منها بصورة تنظيمية أو حركية عن المركز الجماعة، بل ظلت جميعها خاضعة لها بصورة مطلقة. ولا شك أن الإخوان نجحوا خلال هذه العقود الطويلة خاصة فى الثلاثة الأخيرة منها فى أن يشكلوا هيئات وكيانات جديدة فى المجالات المختلفة التى نشطوا فيها أو أن يسيطروا على أخرى كانت قائمة فيها، إلا أنها جميعا ظلت متداخلة ومتقاطعة ضمن المفهوم المتعدد الشامل للجماعة الذى وضعه البنا لها والذى يجعلها مركزا حيويا لها جميعا، باعتبارها مجرد أنشطة وليست هيئات مستقلة عنها.
إلا أن الوضع لم يكن نفسه فى عدد كبير من فروع الجماعة المنتشرة فى نحو خمسين دولة بالعالم، حيث راحت مجالات عمل الجماعة تنفصل عن بعضها البعض ليس بصورة وظيفية كما هو الحال بالجماعة المصرية بل بصورة تنظيمية أعطت لكل منها استقلاله شبه التام عن المجالات الأخرى، خاصة فى المجالين السياسى الذى عرف أحزابا سياسية عديدة عبرت عن فكرة الإخوان السياسية، والاجتماعى الدعوى الذى امتلأ بجمعيات وكيانات أهلية تعبر عن بقية أنشطة الإخوان غير السياسية.
من هنا فإن ما أثير مؤخرا عن رغبة عدد من قيادات وأعضاء الجماعة فى مصر فى تأسيس جمعية أهلية للإخوان فى مصر تقوم بالوظائف والأنشطة غير السياسية التى حددها لهم مؤسسهم الراحل مع الدعوة فى نفس الوقت لتقليص الأنشطة السياسية، إنما يعد فى أحد جوانبه تطورا طبيعيا مماثلا لما عرفته أغلب فروعها خارج مصر خلال السنوات الأخيرة وإن اتخذ فى النهاية شكله المصرى المتميز عنها. فهذه الدعوة المزدوجة تعبر فى الحقيقة عن تمايزات أعمق بداخل صفوف الإخوان المسلمين حول طبيعة الجماعة وأنشطتها بعد سبعين عاما من التعريف الذى وضعه لها مؤسسها وفى ظل التغييرات التى طرأت عليه بفروعها خارج مصر.
فهناك اتجاه موجود بداخلها يرى فيما عرفته الفروع من تمايز شبه تام بين الأنشطة وأوعيتها التنظيمية خاصة السياسى منها وغير السياسى مثالا نظريا وعمليا لما يجب أن تحتذيه الجماعة فى مصر بغض النظر عن أى ظروف ضاغطة عليها، فتفصل بين كيان اجتماعى دعوى يتخذ شكل الجمعية الأهلية وآخر سياسى يتخذ شكل الحزب السياسى. أما الاتجاه الثانى فهو يرفض رفضا تاما الخروج ولو الطفيف عما حدده الإمام المؤسس لطبيعة الجماعة المتعددة الأنشطة والمجالات ويرى فى غير ذلك إنهاء عمليا لها ولرسالتها الشاملة. ويأتى الاتجاه الثالث لكى يتخذ مكانا متوسطا بين الاتجاهين السابقين، حيث يوافق على فكرة تأسيس جمعية أهلية وحزب سياسى إلا أنه يجعل منهما مجرد جناحين تابعين لمركز واحد يهيمن عليهما ويحدد حركتهما وهو الجماعة التى لا مجال عملى أو نظرى بحسب رؤيته لحلها والتخلى عن وجودها.
ومع كل ذلك تبقى حقيقة أن هذه الاتجاهات الثلاثة على اختلافها قد استندت إلى نفس الحقائق والمعطيات الواقعية التى عرفتها علاقة الجماعة بالدولة منذ عام 1995 وحتى اليوم. فقد قرأت جميعها فى تصاعد الضغوط السياسية والأمنية الكثيفة التى تمارسها الدولة على الجماعة منذ عام 1995 خلال العامين الأخيرين بعد نجاحها المفاجئ فى الانتخابات البرلمانية عام 2005 تهديدا حقيقيا لها ولوجودها نفسه.
وتزايد الشعور بهذا الخطر خلال الشهور الأخيرة توقعا لما ينتظر مصر من تغييرات حاسمة فى نظامها السياسى خلال العامين القادمين وخصوصا فيما يتعلق بتشكيل البرلمان القادم وشغل منصب رئاسة الجمهورية، وما يمكن أن يصعده هذا من ضغوط على الجماعة. وربما يفسر هذا الشعور بزوغ الدعوة الأخيرة إلى تشكيل جمعية أهلية للإخوان وتقليص العمل السياسى، ولكن تظل الحقيقة الأبرز التى ستحدد مسار الجماعة الفعلى هى توازنات القوى بين الاتجاهات الثلاثة السابقة بداخلها.
والأكثر رجحانا هو أن أقواها حتى اليوم هو الاتجاه الثانى الذى يمثله شيوخ الجماعة وقادة هيئاتها التنظيمية والتى غالبا ستتحطم على أبوابها كل أفكار واقتراحات الاتجاهين الأول والثالث بالفصل بين أنشطتها ومجالاتها، على الأقل حتى تمر المرحلة الانتقالية التى تنتظر مصر خلال العامين القادمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.