هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. نجحت ثورة يناير.. ومصر تغيرت وستبقى تتغير وصارت المارد الذى خرج من القمقم وإليه أبداً لن يعود.. لكن الثورات كما الحروب فى حياة الشعوب.. ليست حالات ممتدة ودائمة ومزمنة.. وإنما لحظات فارقة واستثناءات حادة وصارخة تتغير بعدها الحياة تماما بشرط أن تكون هناك حياة.. ولعل كثيرين لم ينتبهوا إلى أن ما جرى فى يناير كان المرة الأولى فى تاريخ المصريين التى يثور فيها الناس أنفسهم دون أى معاونة أو تحريض أو مساندة من أحد.. فالمصريون أبدا لم يثوروا بأنفسهم من قبل ولكنهم فقط أيدوا ثورات أو تضامنوا معها أو اكتفوا بمشاهدتها.. لأول مرة أيضا نشهد ثورة بلا قائد أو فريق قيادة.. ثورة لا أحد يستطيع أن يدعى ملكيتها أو ينسب لنفسه وحده الفضل فى قيامها.. لكنها كانت ثورة الجميع.. الكل لابد أن يتقاسم فواتيرها والكل أيضاً لابد أن يستجيب لها.. ومن أجل ذلك أتمنى أن تدار الكرة المصرية من اليوم بروح تلك الثورة.. وإذا كان الصحفيون فى أوروبا والولايات المتحدة باتوا يضربون لقرائهم المثل بشباب مصر.. ويكتبون أن العالم كله مطالب بأن يتعلم قهر المستحيل من شباب مصر وثورتهم.. فإن الكرة المصرية هى الآن الأولى والأحق باتباع هؤلاء الشباب الذين ثاروا وغيروا كل شىء بعد ثورة ظن الكثيرون جدا أنها مستحيلة.. ولهذا أسمح لنفسى بأن أحلم بواقع مختلف ومستقبل أفضل للكرة المصرية بعد الثورة حتى دونما انتظار لقانون جديد أو لجان تجتمع وتنفض دون أن تضيف أى شىء.. فالناس فى بورسعيد لم تنتظر قانوناً أو إذناً لتعيد الاستاد إلى النادى المصرى الأحق به من المحافظة وأى محافظ لها.. ولست هنا أشجع على تغييب القانون أو عدم احترام النظام.. ولكننى فقط لم أعد أقبل كل المبررات التى تقال طول الوقت لتبرير وتفسير الجمود والموات والخراب الذى كان يهدد الكرة المصرية طول الوقت.. فكل الأندية الآن تستحق أن تمتلك أراضيها وليس ذلك هبة من أحد.. الإسماعيلى من حقه استاد الإسماعيلية والاتحاد يستحق أجمل أرض فى الإسكندرية بدلا من تجار الأرض الذين اغتصبوا مصر وثرواتها.. والأهلى من حقه أرض الجزيرة وأى ناد آخر فى أى مدينة مصرية.. وأغلقوا للأبد هذا الملف الساذج الذى كانوا يفتحه من يتظاهرون بالغيرة على أرض مصر وحمايتها فكانوا يحمونها من الأهلى والزمالك والإسماعيلى والاتحاد والمصرى وكل أندية الدلتا والصعيد وتبين فيما بعد أن هؤلاء الأسود على أندية الناس كانوا طول الوقت ثعالب وأرانب أمام رجال الأعمال وكبار اللصوص والفاسدين.. أتمنى أيضا أن أرى الشباب هم الذين يحكمون الأندية.. فالشباب الذين قاموا بالثورة لن يعجزوا عن إدارة الكرة والرياضة كلها.. هم الأحق الآن بمجالس إدارات أى ناد.. تخيلوا لو أن شبابا رائعين وحالمين يملكون النقاء والعناد والحب هم الذين باتوا يديرون الأهلى والزمالك وكل أندية مصر.. فهؤلاء وحدهم هم القادرون على البدء من الصفر لإعادة البناء من جديد دون تراخ أو إهمال أو مجاملة أو خوف من التقليب فى دفاترهم القديمة.. وحدهم سيقدرون على قرارات ثورية تحتاجها الكرة.. إنهاء التعاقد مع كل الأجانب سواء لاعبين أو مدربين لوقف نزيف المال بلا أى مبرر ولو لفترة مؤقتة مع الحرص على أن تصبح الكرة ووجوهها إحدى الصناعات المصرية القابلة للتصدير لا لإهدار المال العام.. القيام بثورة كروية داخلية لإنهاء وجود أندية الوزارات والحكومة وشركاتها.. وتأسيس رابطة أندية الدورى الممتاز بحقوق ولائحة واضحة ودائمة وعادلة وفرض الرابطة على الجميع وحسم حقوق وتفاصيل بيع الدورى ومبارياته بدلا من جدل دام سنوات كأننا نخترع القنبلة الذرية من جديد.. والأهم من ذلك كله أن يلتفت كل ناد إلى الإقليم التابع له ويفتح هذا النادى أبوابه لكل المواهب الصغيرة والحقيقية فى ذلك الإقليم.. فالكرة صناعة رابحة لو أدارها هؤلاء الشباب وليس عواجيز الفكر والمصلحة والخوف والمجاملة. *