هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. كل من تتاح له فرصة أن يقرأ ويتابع ويتأمل ما يقوله ويكتبه الصحفيون الرياضيون في أوربا والولايات المتحدة عن المصريين وثورتهم.. سيتأكد بشكل قاطع أن الظلم والفساد وقتل وتعذيب الناس والاعتداء على المال العام لم تكن أهم وأخطر وأقسى الجرائم التي ارتكبها نظام مبارك في حق مصر والمصريين.. إذ إنه من أجل أن يبقى الرئيس رئيسا وأن يرث الولد عن أبيه المنصب والمقعد والبلد كان الترحيب الدائم بتهميش دور مصر ومكانتها وإلغاء دورها وتكريس هوان المصريين وتقديمهم هدية مجانية لكفيل عربي أو سمسار غربي وأي سارق لمصري أو كرامة.. حتى اقتنعنا يوما بعد يوم بأننا بلد لا حول له أو قوة أو كرامة وفيه شعب مهان لا حياة له أو مستقبل.. ولكن فجأة تأتي الثورة.. فندرك أولاً حجم بلادنا ومكانتها وقيمتها الحقيقية من فرط اهتمام العالم وقلقه وخوفه عليها وانشغاله بها.. ثم نجد الكثيرين جدا لا يبدون فقط إعجابهم بالمصريين.. وإنما يريدون أن يتعلموا منهم الحياة والحب والقدرة على الحلم والتغيير.. وإذا كان من الطبيعي أن يهتم السياسيون وأن تتوالى الكتابات السياسية عن مصر وأهلها، فقد كان الذي استوقفني أنه حتى الفنانين والرياضيين في العالم كله لايزالون على نفس انبهارهم بمصر وبما يقدر عليه المصريون.. لاعبو نادي برشلونة الأعظم والأشهر في العالم يصرون على الوقوف دقيقة حداداً في مبارياتهم الرسمية تكريما لشهداء الثورة المصرية، ومدربهم جوارديولا تدمع عيناه اعتزازا بمصر.. وفي سابقة أولى من نوعها يصر جمهور الميلان على أن يرفع أعلام مصر في مباريات الدورى الإيطالي.. ولكنني أود التوقف الآن أمام الصحافة الإنجليزية التي لم تجد ما تقوله للاعبي الأرسنال قبل مباراته الحاسمة في دوري أبطال أوربا إلا ضرورة أن يتعلموا من المصريين وأن يخوضوا المباراة بنفس الروح التي قام بها المصريون بثورتهم.. الصحفيون الإنجليز قالوا للاعبي وجمهور الأرسنال إنه بعد ثورة مصر لم يعد هناك شيء صعب لا يمكن تحقيقه طالما هناك حب واقتناع وإصرار.. أما الصحفي الأمريكي.. جرانت وال.. فقد قال أيضا إن ثورة المصريين ألغت المستحيل.. وإنه إذا كان الرئيس أوباما قد تمنى أن يكون أبناء أمريكا كشباب مصر، فإنه تعلم من ثورة مصر أنه لا شيء مستحيل.. ولهذا قرر جرانت منذ ثلاثة أيام فقط ترشيح نفسه لرئاسة الفيفا في الانتخابات التي ستبدأ في أبريل المقبل.. قال جرانت إنه في السابعة والثلاثين من العمر ولا يعرفه أحد ولا يضمن صوت أي من بلدان العالم ولا يملك المال الكافي ليسافر لكل البلدان يطلب أصواتها مثلما يفعل بلاتر الرئيس الحالي أو محمد بن همام الحالم بالرئاسة.. ولكنه تعلم الدرس من المصريين مثلما تعلمه العالم كله.. تعلم أن كل الأحلام يجب أن تبقى ممكنة.. وعلى شاشة ال«سي. إن. إن» قال جرانت إنه لابد من ثورة أخرى للقضاء على فساد الفيفا.. ولا يعنيني الآن التوقف أمام برنامج جرانت وال الذي أعلنه ويخوض به سباق رئاسة الفيفا.. لكن يعنيني كثيرا وجدا أن نهدأ كلنا في مصر ونوقن أننا بتلك الثورة لم نسقط فقط نظاما سابقا وفاسدا.. ولكن نجحنا في أن نسترد مصر الحقيقية التي كانت مسروقة منا بالعمد.. واستعادة ثقتنا في أنفسنا.. وإذا كان العالم من حولنا قد بدأ يتعلم الكثير من ثورتنا.. فنحن أولى من العالم بثورتنا.. وبدلا من أن ننشغل كلنا وطول الوقت بالماضي وما جرى فيه، علينا أن نتعلم مما تعلمه جرانت وال من ثورتنا نحن.. ونقتنع بأن أي شاب يستطيع أن يرأس مصر أو الفيفا أو حكومة ووزارة ومحافظة ومؤسسة وشركة وصحيفة واتحاداً للكرة.. ليس من الضرورى أن يكونوا كلهم من العواجيز.. ولا أن يأتي رئيس نعرفه من قبل.. فالشعوب حولنا لا تختار رؤساءها بأي ضمانات مسبقة.