هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. رغم أن ثورة يناير، وما جرى فيها أو بعدها من أحداث وجرائم وخطايا للأمن وكل قادته السابقين ومن بقي منهم أو مثلهم، حسمت أي جدل أو حوار بشأن إلغاء أي فرق تلعب الكرة باسم الشرطة أو وزارة الداخلية، إلا أنه يمكن أيضا الاستناد إلى أربع حوادث شهدتها مصر في أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة فقط.. اللواء مجدي أبوقمر، مدير أمن البحيرة، يسب الناس ويهينهم ليضطر وزير الداخلية إلى عزله تجنبا لمزيد من الصدام بين الشرطة والناس.. ويموت سيد صديق، عضو مجلس إدارة النادي الإسماعيلي، في مكتبه في غياب أمني سمح بالجريمة ولا يبدو أنه سيعثر على الجاني.. وفي شبرا يصاب عصام عبد العاطي، لاعب اتحاد الشرطة، بطلق ناري في عينه اليسرى خلال مشاجرة تشهد شوارعنا الآن كثيرا مثلها.. وفي المعادي نشبت مشاجرة بين ضابط شرطة وسائق ميكروباص كانت تجسيداً واختصاراً للعلاقة الحالية بين الشرطة والناس.. الشرطة التي تتعالى ولا تتحاور إلا بالقوة والرصاص والناس الذين بميراث طويل من القهر والخوف باتوا يرمون بالقانون والعدل والمنطق جانباً عند تعاملهم مع كل من يمثل الشرطة أو ينتمي إليها.. وأظن أنه في مثل هذا المناخ الساخن والمتوتر الحافل بالظنون والشكوك والمخاوف والكراهية يصعب جداً أن يقنعني أي أحد الآن بأن الشرطة يجب أن تبقى في ملاعب الكرة بأي شكل، غير المحافظة على الأمن دون إهانة جماهير الكرة والانتقاص من أقدار الناس على البوابات وخلف الأسوار.. أظن أيضا أنني لم أعد وحدي الذي لم يعد يتصور مطلقاً أن يجد للشرطة فريقا في الدوري ينافس أندية الناس في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية والسويس.. وإذا كانوا يقولون لنا الآن إنهم بصدد بناء جهاز الأمن في مصر من جديد ووفقاً لقواعد عادلة وواضحة ودائمة فيها احترام للإنسان حتى لو كان بسيطاً أو فقيراً.. معارضاً أو ثائراً.. فالأولى بهم أن يقرروا أمامنا أنهم أيضا يلغون كل فرقهم الرياضية المحترفة في الكرة وبقية اللعبات.. فليس ذلك من مهام الشرطة وواجباتها.. وليس من حق الشرطة اللعب ضد أندية في مباريات يتولى رجال الشرطة تنظيم أمنها وحماية جماهيرها.. فهو نوع من العبث رفضته في الماضى مثل كثيرين غيري دون استجابة من الداخلية التي لم تكن تستجيب لأي أحد، ولكنها الآن لم تعد مجرد وجهات نظر متعارضة.. وإنما باتت قنبلة شديدة الانفجار أيضا.. تخيلوا الشرطة تأخذ لاعباً من الأهلي أو الزمالك أو تنتصر على ناد منهما وتخسر أمام الآخر وقد يحدد ذلك بطولة ما لأحدهما.. تخيلوا الشرطة في المناخ الحالي تحاول التصدي لجمهور غاضب وثائر لهزيمة فريقه أمام نادي الشرطة.. وقتها لن يكون مجرد صدام بين ضابط شرطة وبين سائق ميكروباص.. تخيلوا فريق الشرطة يفوز ونعود نقرأ ذلك الكلام الرديء عن اهتمام ورعاية السيد الوزير للفريق بينما الناس لايزالون يفتشون عن الأمن في الشوارع والبيوت.. وإذا كان وزير الداخلية قد قرر عودة شعار "الشرطة في خدمة الشعب" فلابد الآن من التخلي عن شعار الشرطة تلعب مع الشعب.. فنحن لا نحتاج لشرطة تلعب.. شرطة منا وليست علينا.. شرطة تدرك أن احترامها لنا لن ينتقص أبداً من هيبتها ووقارها، بل العكس هو الصحيح، والدليل هو كل ما جرى في بلادنا منذ انفجار ثورة الحرية والتغيير.. وإلى أن يحدث ذلك.. أتمنى أن يهدأوا ويراجعوا أنفسهم كل الذين يطالبون بعودة الدوري في مثل هذه الظروف، فمن الجنون والعبث خلق مساحة كروية هائلة للاحتكاك بين الناس الغاضبة وبين جهاز الأمن الذي لم يسترد عافيته ولم تتغير عقليته أيضاً.. ودوري هذا العام انتهت صلاحيته لأنني مع اختفاء نادي الشرطة أتمنى أيضاً اختفاء كل أندية الجيش والبترول والشركات والهيئات الحكومية.