كتبت / جيهان السنباطى يقولون دائماً أن الشعب المصرى محباً للحياة, متمسكاً بعاداته وتقاليده,متديناً بطبعه, لكن تلك المقولة أمام ماشهدته مصر فى الآونة الأخيرة من تكراراً لحالات الإنتحار والتخلص من الحياة بطرق مختلفة, أصبحت بلا معنى , ,فقد أصبحنا نصطدم بشكل شبه يومى بأخبار الموت المفاجىء لأشخاص لايجدون طريقة أخرى للتعبير عن إعتراضهم وتمردهم على حياتهم وقسوة مشاكلها التى يتعرضون لها سوى بالإقدام على الإنتحار. والمُلفت للإنتباه أن حالات الإنتحار التى حدثت لم تكن حالات إنتحار عادية تحدث فى الخفاء ولكنها تحولت من السر الى العلن فى الشارع وأمام الناس وكأنها رساله موجهة الى المجتمع كله لايعلم فحواها إلا من كتبها بحروف من دخان وأصبح فى عالم الأموات عالم الاسرار, فهذا شاب فى مقتبل العمر يشنق نفسه داخل غرفته ,وأخر يتدلى من عامود للإنارة فى الطريق السريع ,وأخر يعلق نفسه خارج نافذة منزله , وأخر يطلق على نفسه الرصاص أمام الجميع ,وغيرها من الحالات التى تُرسل صرخة حقيقية للمجتمع تعبر عن اليأس من الحياة وفقدان الأمل فى غد أفضل. وبرغم ما أكدته منظمة الصحة العالمية فى تقريرها الصادر فى أغسطس 2014 على أن حالات الإنتحار فى مصر لم تتجاوز 1,2 حالة إنتحار من بين كل 100 ألف مواطن مصرى إلا أنه أصبح يتردد فى الأذهان تساؤلات عدة بعد تكرار حالات الإنتحار فى الفترة الأخيرة للوقوف أمام الاسباب الحقيقة لها فهل الظروف السياسية هى التى أدت لمثل تلك الحالات ؟؟ أم الظروف الإقتصادية وغلاء المعيشة والأسعار ؟؟ أم هناك أسباب أخرى ؟؟؟ وهل أصبح الإنتحار فى مصر ظاهرة أم أنها مجرد ذوبعة إعلامية أعطت لمثل تلك الحالات أهتماماً أكبر مما تستحق ؟ فى هذا الإطار يؤكد علماء النفس والإجتماع على أن الإكتئاب والإحباط والفشل فى تحقيق الأحلام وضعف الشخص فى تحمل الآلآم والمتاعب التى تواجهه والصدمات المجتمعية وحالة عدم الإستقرار التى مازال يعانى منها الشعب المصرى منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن تعتبر من أهم أسباب الإقدام على الإنتحار غير أنهم أكدوا على أن الأزمات السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية ماهى إلا أسباب ثانوية ومبررات يضعها الشخص لنفسه لكى يقوم بإنهاء حياته ولذلك رفضوا التعميم وأكدوا على أنها حالات فردية لايمكن أن نطلق عليها إسم ظاهرة . وأنما الإهتمام الزائد بها إعلامياً والتسارع فى نشر صور المنتحرين على صفحات الصحف وتسابق المواقع الألكترونية فى متابعة وحصر أعداد المنتحرين هو ما سلط عليها الضوء بشكل مبالغ فيه وجعلها تبدو فى حجماً أكبر من حجمها الحقيقى ولذلك لابد أن يكون هناك وعياً مجتمعياً عن الصحة النفسية خاصة للمراهقين والشباب وتناول تلك الحالات إعلامياً بحرص شديد حتى لا يتم تناولها بشكل خاطىء يشعر من خلالها ضعاف النفوس والمرضى بأنهم مواطنون مجبورون على تقبل الواقع فيزداد الإحساس بالإحباط لديهم ويزداد معها أعداد المنتحرين .