قد من الله على شعب مصر الأبي بأن تحرر من ربقة الذل والطغيان في يوم هو من أجمل الأيام فقد استطاع أحرار هذا الشعب أن يسقطوا أشد الأنظمة الديكتاتورية غطرسةً وفساداً بعد أن خرجت الجموع الهادرة في كل بقاع المحروسة وربوعها كلها لا هم لها غير إزاحة هذا النظام الذي نخر فيه السوس وعاث في الأرض الطيبة فساداً ، وتحت وطأة هذه الجموع التي لم تبالي بمواجهة الموت بعد أن خلعت عباءة الخوف وأسقطت حواجز الرهبة من آلة النظام التي لا ترحم وبعد 18 يوماً أيقن النظام ورموزه أن لا مقام لهم وبات يتوجب عليهم الرحيل قبل أن تفتك بهم الجماهير الثائرة فسقط مبارك ورجالاته سقوطاً مدوياً وغير متوقعاً حتى من قبل أكثر الناس تفاؤلاً ووقفت جميع أجهزة العالم الاستخباراتية مشدوهةً غير مصدقة ما حدث وغير قادرة على استيعاب الحدث . وجاءت الثورة المباركة الميمونة بحكومة ارتضاها الشعب _ وإن كانت مؤقتة_ حكومة الدكتور عصام شرف ولأول مرة في التاريخ يختار الشعب رئيس حكومته ويستمد الأخير شرعيته من الثوار في الميدان في احتفالية رائعة وقف لها العالم أجمع احتراما وتقديرا وكان شرف عند حسن ظننا به فقد شكل حكومة من الوطنيين المخلصين الذين لهم عند الشعب المصري كل احترام وتقدير ، وكان من ضمن هؤلاء الدكتور نبيل العربي على رأس وزارة الخارجية المصرية تلك الوزارة التي كانت من نصيب ورزاء غير مرضيٍ عنهم وعن أدائهم من قبل جموع الشعب في الآونة الأخيرة وقد تسببوا في انحسار دور مصر عالمياً وتراجعه على أكثر من صعيد وفشلوا في مواجهة أشد المشكلات حساسية وأخطرها على أمن البلاد ومن أهم تلك المشكلات ملف المياه الذي عجزت إدارة النظام المخلوع عن معالجته حتى استفحل وتضخم إلى أن جاء دكتور نبيل العربي وبدأ يمسك بهذا الملف بحنكة واقتدار مستخدماً بعض أوراق الضغط التي تملكها مصر للحد من التدخل الإسرائيلي السافر في هذا الملف والتي ما تفتأ تدعم وتحرض إثيوبيا ودول المنبع في سعيٍ صهيوني محموم لخنق مصر مائياً . فقام بمد جسور التعاون مع إريتريا العدو الأول لإثيوبيا مادًَّا يده في ذات الوقت لإثيوبيا بالتعاون ،وفعل الأمر نفسه مع تلك الدول _ دول الخليج _ التي هددت بطرد العمالة المصرية من أراضيها إذا قامت مصر بمحاكمة مبارك فقد لوح لهم " بأن لا مشكلة بيننا وبين إيران البعبع المرعب لهم "محذراً في الوقت نفسه إيران من مغبة العبث بأمن الخليج موضحاً بأن أمن الخليج خطٌاً أحمر مما دفع تلك الدول إلى التعديل من خطابها مع مصر وعرفوا أن مصر الثورة تختلف كثيراً عن مصر مبارك . ولعل الإنجاز الأبرز والأهم هو الملف الفلسطيني الذي عجزت إدارة مبارك ووزير خارجيته أبو الغيط ورئيس مخابراته عمر سليمان عن إحراز أي تقدم فيه طيلة سنوات حتى بدأ يخالجنا شعور باستحالة تحقيق المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين استطاع نبيل العربي إنجاز المصالحة بين حركتي فتح وحماس وبقية الفصائل الفلسطينية في فترة وجيزة جداً وكان خبر المصالحة بمثابة بشارة كبيرة لنا على أن مصر قد عادت وبقوة لتتبوأ مكانتها وتمارس دورها الإقليمي ولتبقى دوماً في الصدارة كما كانت قبل أن تتراجع في عهد الرئيس المخلوع ، وهذا غن دل فإنما يدل أيضاً على فساد النظام السابق واتجاره بالقضية الفلسطينية وحرصه على إبقاء الوضع على ما هو عليه والمستفيد الكبر إسرائيل فقد كثرت رحلات عمر سليمان ما بين القاهرة وتل أبيب ورام الله والقطاع دون جدوى . وها هو الآن يوجه تعليماته للسفير المصري بالسعودية بضرورة الحفاظ على كرامة المصريين بالمملكة ومعاملتهم معاملة حسنة تليق بهم مما يجعلني كمصري أرفع الرأس عالياً وأفتخر بمصريتي وأفاخر بها الدنيا فقد حافظت الثورة على كرامتنا خارج مصر كما حفظتها داخل مصر بأن أتت بهذا السياسي المخضرم والفارس دكتور نبيل العربي أو العربي النبيل.