إجراءات صارمة بعد فيديو السخرية من مدرسة الإسكندرية    اليوم، ضعف المياه عن 10 قرى بالأقصر بسبب انقطاع الكهرباء عن محطات العديسات    أوتاوا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    بث مباشر.. ليفربول يواجه ليدز يونايتد في معركة مصيرية للبريميرليج الليلة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    كشفتها الأجهزة الأمنيةl أساليب جديدة لغسيل الأموال عبر المنصات الرقمية    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    ملامح خريطة دراما رمضان 2026    في ذكرى رحيله.. «واحد من الناس» يحتفي بعمار الشريعي ويكشف أسرارًا لأول مرة    منتخب مصر في كأس العالم 2026: مواعيد وأماكن المباريات    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    آمال ماهر تتألق بأغانى من السنة للسنة ولو كان بخاطرى فى مهرجان الفسطاط.. صور    الداخلية تكشف حقيقة تغيب فتاة الشرقية وتحدد مكانها خلال ساعات    إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    عاجل.. صدام قوي بين الجزائر والبحرين اليوم في كأس العرب 2025 وتفاصيل الموعد والقنوات الناقلة    بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول واحترام سيادتها    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    شاهد لحظة نقل الطفل المتوفى بمرسى المعديات فى بورسعيد.. فيديو    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقول عن هذا الجدل بين الرئيس السيسى وشيخ الأزهر حول أهل القرآن
نشر في شباب مصر يوم 21 - 11 - 2018


د. أحمد صبحي منصور
أولا : عن شيخ الأزهر
1 شيخ الأزهر هاجم تيار القرآنيين من ورقة كتبوها له ، لم يأت فيها جديد :
2 شيخ الأزهر ينسب التيار القرآنى الى علماء من الهند متناسيا أن الأزهر فى مصر بدأ الريادة فى الاصلاح الدينى الحقيقى بجهود الامام محمد عبده ، وقد تراجع تلامذته عن مستواه من طه حسين وعلى عبد الرازق ومصطفى عبد الرازق وحتى الشيخ المراغى . ومذ كنت مدرسا مساعدا بجامعة الأزهر بدأت بالبناء على أرساه الامام محمد عبده ، متحملا الإضطهاد بكل أنواعه ، وسار معى كثيرون ، ولا زلنا فى الطريق نجاهد بسواعد عارية وتحت سيف الإضطهاد ، مع هذا فلا نفرض أنفسنا على أحد ولا نفرض رأينا على أحد ولا نطلب أجرا من أحد ، ونعفو ونصفح ما إستطعنا .
3 شيخ الأزهر إستشهد بحديث ( يوشك رجل .. ) ، هذا الحديث صنعه السنيون فى مواجهة القرآنيين فى العصر العباسى ، وهو يعبر عن جدل فكرى فى العصر العباسى بين السنيين والقرآنيين ، وقبل هذا صناعة هذا الحديث كان جدال الشافعى مع القرآنيين من تلامذة أبى حنيفة . أى إن التيار القرآنى فى تاريخ الفكر للمسلمين بدأ بالإمام أبى حنيفة ، وظل هناك من سار على الطريق يجادل السنيين .
4 الأهم من هذا كله أن خاتم النبيين عليه وعليهم السلام هو أول القرآنيين ، فقد أمره الله جل وعلا أن يستمسك بالقرآن وحده . قال له جل وعلا : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿43﴾ الزخرف ) وأن يتبع القرآن وحده : ( قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ) ﴿50﴾ الانعام ) ( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿203﴾ الاعراف ) (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿9﴾ الاحقاف )
5 شيخ الأزهر بإستشهاده بهذا الحديث المصنوع يؤكد إيمانه بأن النبى محمدا عليه السلام كان يعلم الغيب ، وهو بهذا يكفر بالقرآن الكريم الذى يؤكد أن النبى محمدا عليه السلام لم يكن يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فيه ، ولا يعرف ماذا سيحدث له أو لغيره فى المستقبل ( الأحقاف 9 ، الآنعام 50 ، والأعراف 188 ) .
6 شيخ الأزهر يؤمن بحديث آخر غير حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم .
6 / 1 : يتمسك بهذا وهو يقترب من الموت ، لا يتعظ بقوله جل وعلا : (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ۖفَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) ﴿185﴾الاعراف ). أى لا حديث يؤمن به المؤمن المسلم الحقيقى سوى حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم
6 / 2 : من يؤمن بحديث آخر يكون مكذبا لحديث رب العزة فى القرآن الكريم ، يقول جل وعلا : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿49﴾ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴿50﴾ المرسلات ) .
6 / 3 : إن الايمان لا يكون إلا بإله واحد هو رب العزة جل وعلا ، وبحديث واحد هو حديثه جل وعلا فى القرآن الكريم ، قال جل وعلا : (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴿6﴾ الجاثية ) . بعدها يتوعد رب العزة الأفّاكين الآئمين الذين يؤمنون بالأحاديث الشيطانية ومن أجلها يكفرون بالقرآن الكريم ، يقول جل وعلا : ( وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿7﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿8﴾ الجاثية ).
7 شيخ الأزهر من الذين يؤمنون ب ( لهو الحديث ) .
7 / 1 : هناك حديث القرآن الصادق : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴿87﴾ النساء ) ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴿122﴾ النساء ) وهو أحسن الحديث : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) ﴿23﴾ الزمر ).
7 / 2 : وهناك ( لهو الحديث ) الذى بتمسك به شيخ الأزهر ليضل الناس . قال جل وعلا عن شيخ الأزهر وأمثاله : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴿6﴾ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿7﴾ لقمان ) . حين يقول رب العزة ( ومن الناس ) أى حيث يوجد ناس فمنهم من يقول كذا أو يفعل كذا. وشيخ الأزهر بما يقول وبما يفعل وبما لايفعل يتحقق فيه إعجاز القرآن فى كل ماذكره رب العزة عمّن يكفر بالقرآن الكريم .
8 شيخ الأزهر فى الكلمة التى كتبوها له يكرر نفس الدعوى السقيمة التى تتهم كتاب الله بأنه ليس تاما وليس كاملا ومحتاجا للبشر فى إستكماله وتفصيله ، فيتكلم عن أن القرآن الكريم لم ترد فيه تفصيلات الصلاة. وقد رددنا على هذا كثيرا بأن الصلاة والصيام والحج تواترت من ملة ابراهيم ، وحدث فيها تحريف ونزل القرآن الكريم يأمر بإتباع ملة ابراهيم حنيفا، ومنهج القرآن فى إصلاح ملة ابراهيم : أنه ما كان بلا تغيير لم يتعرض اليه مثل عدد الركعات ومواقيتها ، وما حدث فيه تحريف أو خلل نزل القرآن يصححه
( الجمعة 9 : ) والتشريع الجديد نزل القرآن بالتفصيل فيه مثل صلاة الخوف . كان هذا فى الجزء الأول من كتاب الصلاة ، من عشرين عاما ، ونكتب الآن الجزء الثانى عن الصلاة فى تاريخ المسلمين وتواترها .
9 شيخ الأزهر بسعيه فى إثبات أن القرآن ناقص وغير تام يجعل نفسه من الذين يسعون فى آيات الله معاجزين ، قال جل وعلا عنهم : ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿51﴾ الحج ) ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ﴿5﴾ سبأ ) (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴿38﴾ سبأ ) .
10 شيخ الأزهر يفرض على مصر أحاديث متناقضة أثبتنا تناقضها وتخلفها ، ومنها أحاديث تستحل الدماء . شيخ الأزهر بهذا يصد عن الاسلام الذى نزل قرآنا ورحمة للعالمين ( الأنبياء 107 ) . شيخ الأزهر يستخدم سلطته فى الصّدّ عن سبيل الله ليجعل الدين عوجا . توعّد الله جل وعلا هذا الصنف بالنار: (الأعراف 44 : 45 ، هود 19 ، ابراهيم 2 : 3 ).
11 الذى يتصدى لإضلال الناس لا يمكن ان يهتدى حتى لو كان النبى محمد عليه السلام هو الذى يدعوه ، قال جل وعلا : (إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ) ﴿37﴾النحل) . تخيل شيخا ظل معظم حياته يدعو الى الضلال وبهذا الضلال صارت له مكانة ، هل يمكن أن يتوب ويعلن توبته على الملأ ؟ كتبنا فى هذا مقالا بعنوان ( هل يمكن أن يتوب علنا شيخ الأزهر ).
12 ما قاله شيخ الأزهر عن الاسناد فى الحديث مستشهدا بأقوال المستشرقين يدل على جهل رائع . أثبتنا تناقض الاسناد مع القرآن ومع المنهج العلمى والقضائى فى بحث نشرناه عام 1998 .
ثانيا : تعليقا عما قاله الرئيس السيسى
1 يمتاز الرئيس السيسى عن سلفه بأنه مثقف وقارىء . وقد فطن الى أهمية الاصلاح الدينى ، ووضعه بذكاء سياسى تحت عنوان ( إصلاح الخطاب الدينى ) ، ودعا شيخ الأزهر وبطانته الى تفعيل الاصلاح فى الخطاب الدينى. أى يطلب من سبب المشكلة أن يقوم بإصلاح المشكلة ، بينما لا يمكن الاصلاح إلا بإزالة السبب. أفشل شيخ الأزهر مشروع الرئيس السيسى فى إصلاح الخطاب الدينى ، وقد إستقوى شيخ الأزهربالنفوذ السعودى . ثم جاء ولى العهد السعودى بإجراءات مفهوم منها عدم الاعتداد بالوهابية التى يتمسك بها شيخ الأزهر ، فلزم شيخ الأزهر الصمت . ثم جاءت مناسبة الاحتفال بالمولد النبوى أمس فظهر الخلاف بين الرئيس والشيخ . هذا مع أنه بمقدور الرئيس السيسى عزل شيخ الأزهر وبطانته ، وهذا الشيخ وبطانته لا ثقل لهم سياسيا ولا شعبيا. !
2 فى عام 1998 واثناء عملى فى مركز ابن خلدون شاركت فى مشروع لاصلاح التعليم المصرى ليكون أكثر تسامحا مع الأقباط ، وتوليت إصلاح مادة التربية الدينية ، وكتبت ( دليل المعلم ) ومقترحات بديلة لمادة التربية الدينية ، وقمت بتأليف فيلم تسجيلى عن التسامع فى الشعب المصرى ، وسيناريو عن قصة تسامح لمصرى قبطى عاش فى العصر العباسى ، وتم إنتاجهما ضمن المشروع. أعلن الأزهر الحرب علينا وآزرته أجهزة الدولة وكانت النتيجة غلق مركز ابن خلدون وسجن سعد الدين ابراهيم وسجن بعض أهل القرآن ، وهروبى الى امريكا. الآن يأتى فى الأخبار إعلان وزير التعليم المصري عن كتاب واحد لمادة الدين للمسلمين والمسيحيين يركز على الأخلاق ، وهو محتوى مشروع إصلاح التعليم الذى واجهنا به دولة مبارك من حوالى عشرين عاما. كم فقدت مصر من الآثار المدمرة للوهابية وتطرفها وجمود الأزهر خلال هذه المدة ؟ وكم ينتظر مصر إذا ظلت تتردد فى فرض الاصلاح الدينى ؟
3 يرتكز الاصلاح الدينى إسلاميا على المبادىء الآتية :
3 / 1 :الاسلام فى معناه السلوكى هو السلام، وكل إنسان مسالم فهو مسلم بغض النظر عن ملته وإعتقاده ودينه المُعلن . وعلى أساس المسالمة تكون المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع سكان مصر، فكل مواطن مسالم فهو مسلم . على النقيض من ذلك فإن الذى يرفع السلاح يقتل الناس ويقوم بالإكراه فى الدين فهو بسلوكه كافر محارب لله جل وعلا ورسوله مستحقا أقصى العقوبة إن لم يتب ، ( المائدة 33 : 34 )
3 / 2 : الاسلام بمعناه القلبى هو التسليم بأنه لا إله إلا الله جل وعلا دون تقديس لبشر حتى الأنبياء . الله جل وعلا هو الذى سيحكم على الناس يوم القيامة فيما يخص الاسلام القلبى ، وبالتالى فليست وظيفة الدولة هداية الناس وإدخالهم الجنة لأن الهداية مسئولية شخصية ومن إهتدى فالنفسه ومن اساء فعليها ، قال جل وعلا :(مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) ﴿15﴾ الاسراء ) (فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿92﴾ النمل )
3 / 3 : يترتب على هذا :
3/ 3 / 1 : أن تقتصر وظيفة الدولة على ضمان العدل والأمن والحرية الدينية والسياسية والاقتصادية للمواطنين وكفالة الفقراء والمحتاجين.
3 / 3 / 2 : ألا تكون فى مصر مؤسسة رسمية تتحكم فى الدين على انهم وكلاء الله جل وعلا لهداية الناس . وبعض الأيات التى تؤكد المسئولية الشخصية فى الهداية أو الضلال تؤكد أن النبى محمدا عليه السلام ليس وكيلا مفوضا من رب العزة جل وعلا ، قال جل وعلا: (فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) 108﴾ يونس ) ( فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖوَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) 41﴾ الزمر). (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ﴿104﴾ الانعام ) . إذا كان هذا هو حال النبى نفسه فكيف بغيره ؟
3 / 3 / 3 : إرجاع الأزهر ما كان عليه من تأسيسه عام 972 وحتى 1920 تقريبا ،مجرد مسجد للعبادة تقوم عليه جمعية أهلية تتعيش من التبرعات وخاضعة للإشراف الحكومى ، وإلحاق التعليم الأزهرى قبل الجامعى بوزارة التعليم وتحويل جامعات الأزهر الى جامعة مدنية كباقى الجامعات ، وإلغاء كليات اصول الدين والشريعة والدراسات الاسلامية وإلغاء كل المؤسسات الدينية التابعة للأزهر من الفتاوى ومجمع البحوث ، وإشراف الدولة على المساجد لتتحول الخطبة فيها الى تعليم للأخلاق الحميدة ، وليس للإنشغال بالسياسة والحكم. هذا يوفر البلايين من ميزانية الدولة ويريحها من عبء حماية فكر دينى ظهر للعالم خطورته ودمويته ويهدد بإحراق مصر.
3 / 3 / 4 أن تكون الحرية الدينية مطلقة للجميع ، تشمل حرية الاعتقاد وحرية العبادات وإقامة الشعائر وبناء دور العبادة ، بل وحرية الدعوة لأى دين أو ملة طالما لا إكراه فى الدين ولا دعوة لاستعمال العنف مثل أكذوبة حد الردة وتغيير المنكر .
4 الاصلاح الدينى هو الأصل لكنه مرتبط بحزمة إصلاح تبدأ بإصلاح تشريعى يؤهل مصر لتحول ديمقراطى سيستغرق أجيالا . هذا الاصلاح التشريعى يلغى كل القيود على الحرية الفكرية والأبداعية والدينية ويلغى الكثير من قانون العقوبات التى تطارد الأبرياء ، واهمها الحبس الاحتياطى . الاصلاح الدينى مرتبط أيضا بمحاربة الفساد والنظام القضائى والاقتصادى وتغول الجيش والشرطة إقتصاديا وإجتماعيا .
5 هذا الاصلاح يستلزم البدء به فورا فى ظل المتغيرات المتسارعة الآن فى المنطقة. يمكن للرئيس السيسى أن يحتل صفحة محترمة فى التاريخ المصرى إذا تولى هذه المهمة وبدأ بها. التحول الديمقراطى إستهلك قرونا فى الغرب حتى تعلم الغرب ثقافة الديمقراطية . وفى مصر الآن قد يستغرق عقودا من الزمان . وبه سيكتسب الرئيس السيسى قلوب المصريين الذين حملوه من قبل الى الرئاسة بُغضا فى الاخوان المسلمين . عليه أن يرد الجميل للمصريين بالافراج عن كل المعتقلين وتعويضهم والبدء فى الاصلاح التشريعى والدينى ليعيش مع المصريين فى أمن وأمان . أتمنى أن يعيش في مصر رئيس سابق يسير فى الشارع آمنا ، يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق بلا خوف ولا وجل. الارهاب الحكومى يجعل القائمين به يعيشون فى رعب لايأمن أحدهم على نفسه ولا يثق فى الآخرين.آن الأوان لأن يستريح الجميع بالاصلاح السلمى .
أخيرا :
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿44﴾ سورة غافر
-----
بقلم الدكتور/ أحمد صبحي منصور
من علماء الازهر سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.