أسعار الفراخ اليوم الإثنين 18-8-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    مطاردة الواحات المميتة.. الداخلية والإعلام يضعان الجناة في قبضة العدالة    وصول القطار الخامس للأشقاء السودانيين إلى محطة السد العالى بأسوان..صور وفيديو    ليلة فى حب ياسين التهامى.. الجمهور يتفاعل مع الشعر الصوفى وقصائد المديح النبوى والابتهالات في الدورة 33 لمهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. والموسيقار عمرو سليم يعزف أجمل موسيقى أغنيات نجوم الزمن الجميل.. صور    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم: "مجرد أساطير بلا أساس علمي"    الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    ستارمر يخطط للتشاور مع حلفاء أوكرانيا بعد تقارير عن سعي ترامب لاتفاق حول الأراضي    أمير هشام: غضب في الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    بين السَّماء والأرض.. زائر ليلي يُروّع أهل تبسة الجزائرية على التوالي بين 2024 و2025    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    الأونروا: ما يحدث في قطاع غزة أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    أمير هشام: الأهلي سيقوم بتحويل قيمة جلب حكام اجانب إلى الجبلاية    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أتلتيكو مدريد يسقط أمام إسبانيول بثنائية في الدوري الإسباني    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    مصرع سيدة في حادث سير على الطريق الدولي بالشيخ زويد    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    "بفستان جريء".. نادين الراسي تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير    السكك الحديدية تعلن تشغيل 49 رحلة يوميا على هذا الخط    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    انطلاق المؤتمر الدولي السادس ل«تكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها» بالغردقة    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    طارق مجدي حكما للإسماعيلي والاتحاد وبسيوني للمصري وبيراميدز    الخارجية الأمريكية: لن نتعاون مع أى جماعات لها صلات أو تعاطف مع حماس    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية
نشر في شباب مصر يوم 01 - 04 - 2018


د.عبدالحكيم الفيتوري
هنالك قدر كبير من الاندماج في عالم الفكر والتجارب السياسية بين الأجيال السابقة واللاحقة حسب ما يقتضيه ظرف الزمان والمكان ومقتضيات المصالح المرسلة،والصالح العام لذلك الجيل أو المجتمع، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن ظاهرة الاندماج العضوي في الفكر السياسي للوظائف الأساسية للدولة، أو عدم الاندماج بين تلك الوظائف ما هو إلا انعكاس للتفاعل الفكري السياسي مع البيئة ومستجدات عصره.
لذلك نجد أن قضية السلطة وتنظيم السلطات وتوزيعها في تجربة النبي السياسية من خلال قراءة تأويلية لمواد وبنود وثيقة المدينة السياسية، كانت تميل إلى مبدأ الفصل بين السلطات فصلا مرنا يتح الفرصة للتعاون والتداخل والمراقبة فيما بينهما، دون الميل إلى مبدأ الفصل الجامد والمطلق الذي يقود إلى مخاطر جمع السلطة في جهاز أو عند عضو واحد. ويبدو أن الوثيقة قامت على فكرة الاندماج الكامل بين البعد الأخلاقي والبعد القانوني من خلال سلطة الأمة والسلطة التنفيذية، في إطار قصدية قيم الاجتماع السياسي جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد.
فقد جاء في المادة (12) من الوثيقة (وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل)
وجاء في المادة(16)(وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم).
وجاء في المادة(25) (وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته).
وجاء في المادة(37) تقرير حقيقة الأبعاد الأخلاقية والحقوقية
( وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم امرء بحليفه، وأن النصر للمظلوم).
ويبدو أن وثيقة المدينة قد جمعت للنبي صلى الله عليه وسلم السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.نظرا لاجتماع خصلتين لا تجتمع لأحد من بعده وهما خصوصية الرسالة والقيادة(= البعد الرسالي – والبعد السياسي) وهذا ما لم ولن يجتمع لغيره لأن الله سبحانه قد خصه واصطفاه برسالته، وتبليغ دعوته.
ولكن لما بدأت تتسع فكرة دولة المدينة الاتحادية(= اتحاد قبائل) كما وكيفا؛ وأصبح لها حضور في أصقاع عدة من الأرض، رأى النبي بجانبه القيادي السياسي أن يختار من رجاله الأقوياء الأمناء الاكفاء للتغطية هذا الانتشار والحضور الديني والسياسي في المنطقة، وقد كان اختياره لهؤلاء الأكفاء في إطار شعار الإنسان المناسب في المكان المناسب، حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام يدرك مزايا وقدرات ومؤهلات أصحابه كل الإدراك، بل أحيانا يصرح بتلك المميزات، وتلك المؤهلات على مسمع ومرأى من الناس. حيث كان يختار من يمثله في بعض السلطات السيادية، وكان يمنع من يرى فيه خصلة قد تكون سببا في إعاقة تنفيذ عمله السيادي كما ينبغي، وكان يعين الوالي على الولاية، ويجمع له بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وربما أرسل إلى الأطراف واليا وقاضيا؛ وأليا يرعى الشؤون السياسية للأمة، وقاضيا يقيم السلطة التنفيذية والتشريعية، كما صنع مع أبي موسى الأشعري ومعاذ عندما أرسلهما إلى اليمن.
وهنا مسألة لابد من التنبيه إليها، وهي مسألة مكونات السلطة في تجربة النبي السياسية والتي تعد حجر الزاوية في فكرة الدولة أصلا، قد قامت على فكرة اقتناع الأفراد ورضا الأمة بشقيها الديني والسياسي(الإجماع السياسي).ولهذا السبب يعتبر فقهاء القانون الدولي أن إرادة الأمة هي السلطة، أما ما يطلق عليه تجاوزا مصطلح(سلطات الدولة) فهو في الحقيقة أجهزة السلطة، وليست السلطة ذاتها.وهذه السلطة الأصلية والأصيلة Originaire هي سلطة واحدة لا تتجزأ ومن ثم فإذا مارست الهيئات الحاكمة اختصاصات مستقلة، فهي لا تتقاسم فيما بينها السلطة العامة، وإنما تتقاسم فقط الاختصاصات.
بيد أن تأسيس السلطة، وقيامها على إرادة الأفراد لا يعني أن الدولة لا تمتلك القوة المادية، إذ لا قيام للدولة دون القهر المادي، أي ألا تجد أمامها في الداخل قوة مادية أقوى منها أو منافسة لها، وأن تخلف هذه القوة المادية يعني تفكك الدولة وفناؤها.ولكن إذا كانت السلطة السياسية تقوم على رضا الأفراد، فمن هم هؤلاء الأفراد الذين تستمد السلطة من رضائهم ؟ يميز رجال القانون والسياسة بين الشعب كحقيقة اجتماعية realite sociologique أي بصفته يشكل كامل الأفراد الذين تتكون منهم الدولة، وبين الشعب السياسي، أي الشعب صاحب السلطة السياسية الذي تستمد منه النظم السياسية وجودها، وترتكز عليه كأساس فعلي لسلطتها، وهذا التطابق وعدمه، يختلف من نظام سياسي لآخر، تبعا لدرجة نضوج الشعب، وتقدمه الحضاري.(انظر:النظم السياسية لثروت بدوي)
وأحسب أن تجربة النبي السياسية كانت مرنة في فكرة تنظم السلطة أكثر من التجارب اللاحقة لها، حيث أعطت وثيقة المدينة السياسية لغير النبي حق التشريع الإبتنائي وتنظيم السلطتين القضائية والتنفيذية، وتوضيح ذلك أن الصحيفة في حد ذاتها عمل تشريعي نشأ تعبيرا عن إرادة الأمة، منضما إليها إرادة النبي(القيادي).على اعتبار أن هذا التشريع الابتنائي يصدر وفق معيارية الخطاب القرآني وسهمية القراءة باعتبار السياق والمساق.
ولعل النهج الذي سلكه النبي في تجربته السياسية في تقعيد قواعد وثيقته السياسية، كان منطلقا من قصدية الوحي، ومراعيا لعناصر البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية(=السياق والمساق)،آخذا في الاعتبار نقطة التقاء المصالح جلبها وتكميلها، ودرء للمفاسد العامة وتقليلها لكل مكونات المجتمع الجديد، الجماعة الدينية (=المهاجرين والانصارى ومن تابعهم)،والجماعة السياسية (=اليهود ومن تابعهم)، حيث جاء في الوثيقة (أن المؤمنين أمة من دون الناس)،( وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم، أو أثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ). وبالرغم من هذا الفكر السياسي المتقدم في تجربة النبي السياسية باعتبار السبق الزماني، إلا أنها ليست المثال الذي يخترق التاريخ والجغرافية بدون تعديل وإضافة وإلغاء كما يزعم أصحاب نظرية التماثل التاريخي (=النموذج التاريخي )، أو أصحاب نظرية التقديس التاريخي(=تقديس تجربة النبي،أو الخلفاء الراشدين).ولعل هذه التصورات والمفاهيم هي السائدة والمتمكنة من العقل التقديسي القياسي الإحالي الذي لا يعتبر (السياق والمساق) بمعنى أن هذا العقل يطمس التعاقب التاريخي، والتمايز الثقافي والاجتماعي، ومن ثم فهو لا يمايز بين منطق السياسة والأعمال السياسية، ولا ريب أن ذلك يعد نوع من محاكمة الماضي للحاضر والمستقبل، واستمرارية للتاريخ دون انقطاع، وللأسف الشديد أن هذا هو ما يصنعه من ينادي بإعادة الخلافة أو يرفع شعار الإسلام هو الحل دون تمييز بين الإسلام المنزل وقصديته، والإسلام المؤول وإكراهاته.
------------
بقلم الدكتور/ عبد الحكيم الفيتوري
كاتب وباحث ومفكر إسلامي ليبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.