الحسين عبدالرازق مقتل 208 من المواطنين الأتراك بينهم 60 شرطياً , وأكثر من 1500 جريح ... حصيلة ماقيل بأنه إنقلاباً فاشلاً في تركيا ... إقالة 2745قاضياً , وإعتقال 10من المحكمة الإدارية وعزل 5 من أعضاء المحكمة العليا التركية , بالإضافة إلي توقيف 900 من رجال الشرطة ... والبقية تأتي !! كانت تلك هي الإجراءات الأولية التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رداً علي ماأسماه بمحاولة الإنقلاب الفاشل عليه , من أجل الإطاحة به من فوق كرسي الحكم في تركيا , والتي لا يساورنا شك في أنها لم تكن سوي مسرحية هزلية من تأليفه , إستعان بمجموعة من الهواة لتنفيذها سواءاً بالأمر المباشر كون أنه هو القائد الأعلي للقوات المسلحة التركية والتي تم بفضله وضع نقاط ثلاث فوق حرف السين فأضحت قوات مشلحة بعد قيام أنصاره وبإيعاذ شخصي منه بتجريد عدد ليس بالقليل من أبناءها من ملابسهم , ليشاهدالملايين عبر العالم جيش لدولة كبيرة بمظهر مهين لعقيدة ذلك الجيش العظيم والذي لاشك لدينا بأنه سيرد حتماً تلك الإهانة إلي من تسبب له فيها وهو بالطبع السيد أردوغان , فالسهم السيئ إلي صدر صاحبه كما علمنا أجدادنا العرب العظماء . نعود إلي تلك المسرحية والتي جاءتنفيذها ضعيفاً من الناحية الإنتاجية , بل أنها أقرب إلي تلك المسرحيات التي لطالما شاهدتها كثيراً في مركز شباب قريتي ومراكز الشباب في القري المجاورة عبر ما كان يسمي بفرق الثقافة الجماهيرية !! بداية عزيزي القارئ , إذا لم تكن مقتنعاً بأن ماتم في تركيا مؤخراً لايعدو عن كونه مسرحية ملهاة , فإني أنصحك بعدم إكمال القراءة حفاظاً علي وقتك ولك مني كامل الإحترام والتقدير , فكما يقول أبي الطيب المتنبي , وليس يصح في الأفهام شيئ .. إذا احتاج النهار إلي دليل !! في البداية أقول أنني لم أدري عن إنقلاب قد تم في دولة ما , وإكتفي المنقلبون في تلك الدولة باحتلال محطة تليفزيونية واحدة عبرإستخدامهم لأربعة من المسلحين ... بل أنه عادة وحسب ماقرأت عن ثقافة الإنقلاب , فإن المنقلبون يقومون باحتلال مبني إذاعة وتليفزيون الدولة , كخطوة أولي لإثبات إحكام قبضهم علي مفاصلها وأنه قد دانت لهم السيطرة , ومن ثم يبثون بياناتهم إلي الأخوة المواطنون , ومن باب التأمين ولكي لا يستطيع أحد مهاجمتهم بالداخل , فإنهم ينشرون عدد من القوات في محيط المبني , وهو مالم يتم فعله في مسرحيتنا الرديئة تلك , بل إن الإنقلابيون لم يتخيروا من بين أعضائهم من له صوت رخيم يحدث من التأثير علي المواطنين ما يجعلهم يتأكدون من قوة وجدية أولئك الذين أتوا من أجل تخليصهم من الطاغية , حبذا لو كان صاحب ذلك الصوت من ذوي الرتب العسكرية الكبيرة , لكن وياللعجب .. فلم يجد الانقلابيون سوي الحسناء ذات الرداء الأزرق "تيجان كاراش" المذيعة في قناة TRT الحكومية وصاحبة الملامح الرقيقة لكي تكون هي مذيعة الإنقلاب وواجهته الأولي , وهي ذاتها التي ظهرت بعدها بقليل لتعلن عن فشل نفس الإنقلاب .. لاتخرج قبل أن تقول سبحان الله ! الحقيقة ياأعزائي أن ما جري في تركيا , ومن وجهة نظري الشخصية لم يكن إنقلاباً ولا من يحزنون , كل مافي الأمر أن السيد أردوغان كان قد أزعجه كثيراً ازدياد الأصوات المعارضة له في الحكم فأراد التخلص ليس فقط من بعضها ,لا بل أنه قد عقد العزم علي الإطاحة بكل معارضيه علي اختلاف أطيافهم , خاصة بعد أن تعالت تلك الأصوات منتقدة سياساته الخارجية , ناهيك عن حديثهم عن فساده هو ونجله داخلياً , و قصره المكون من 1200 غرفة , والذي أطلق عليه الأتراك إسم " البيت الأبيض التركي " وعلاقة أردوغان القوية باسرائيل , حيث بلغ حجم التبادل الإقتصادي بين تل أبيب وأنقرة 5'6 مليار دولار , ولاننسي أن ضرب المفاعل النووي السوري قد تم بتنسيق تركي إسرائيلي كامل وعبر الأراضي التركية إضافة إلي أنه يعامل الأكراد من أبناء شعبه معاملة المواطنون من الدرجة الثالثة , ولكنه نسي أو لعله تناسي أن عدد العلويين في تركيا يفوق عددهم في سوريا التي يناصب رئيسها العلوي العداء , بعد أن كان من أشد الداعمين له , ولكن دوام الحال من المحال وسبحان من له الدوام .. وليس لدينا شك في أن العلويين الأتراك ليسوا غير قنبلة موقوتة ستنفجر حتماً في وجهه . أما عن الجيش والذي أهين مؤخراً كما أسلفنا , فقد سعي أردوغان سعياً حثيثاً ومنذ اليوم الأول لوصوله للسلطة قبل 12 عاماً إلي أخونته , ولكن يبدو أنه لم ينجح في ذلك فاتجه إلي كسب ولاء المخابرات و الشرطة, والتي صارت هي اليوم عصاه الغليظة في قمع كل من تمرد عليه من المواطنين أو الجيش علي حد سواء !! كانت تلك بالمناسبة هي طريقة أردوغان دائماً في إدارة دفة الحكم ,, فهو باستمرار يقوم بالعمل في اتجاهين قد يبدوان متناقضين ومختلفين , ولكنه دائماً يخرج مستفيداً , وهذا دليل علي مايتمتع به الرجل من ذكاء وحنكة اكتسبها عبر سنوات صعوده من البلدية ابتداءاً ووصولاً إلي سدة الحكم مروراً بدخوله حزب أربكان ثم الانقلاب عليه فيما بعد , دائماً يجد الرجل ضالته في تناقض المواقف والأفعال , فحينما أغلقت ألمانيا وفرنسا في وجهه أبواب الإنضمام إلي الإتحاد الأوروبي حاول التقرب للعرب باصطناع خلاف وهمي مع تل أبيب , وبعد أن لحق الدمار بسوريا قايض الأوربيون علي إيقاف تدفق اللاجئين السوريون إلي أوروبا عبر تركيا فمنحوه 2مليار دولار !! هو من أرسل القوات التركية إلي العراق لقتال الأكراد , وهو نفسه الذي أعلن قبل أسابيع قليلة عن نيته في منح 300ألف لاجئ سوري للجنسية التركية !! ربما أراد بتلك الخطوة عمل شيئ من التوازن في المجتمع التركي . ولا ننسي أيضاً أن مصابي داعش يعالجون في تركيا , علي الرغم من وجود قاعدة انجرليك الجوية الضخمة والتابعة للناتو فوق أراضيها , وبالتحديد علي أرض محافظة أضنة والتي تنطلق منها الطائرات الأمريكية لضرب داعش !! هذا هو أردوغان , وهذا هو ديدنه , وتلك هي طريقته في التعامل . ولكن ربما قد خانه ذكاءه هذه المرة , وسنسلط الضوء علي عدد قليل من النقاط استرشاداً بها في التدليل علي صدق ظننا فيما شهدته تركيا مؤخراً والذي نحن علي يقين من أنه مسرحية إرتأينا تسميتها "برقصة أردوغان الأخيرة " وأن الرجل فد كتب بيده أول سطر في صفحة النهاية .. 1 ان السرعة التي تمت بها الإجراءات , من معرفة الإنقلابيين وإعداد كشوف بأسماءهم " والتي تضم آلاف الأسماء ومنع عدة آلاف آخرين من السفر , هو في حد ذاته دليلاً قوياً علي أن الأمر ليس وليد لحظته , بل أنه قد تم تحضيره مسبقاً . 2 لن ينسي الجيش التركي مافعله أردوغان ببعض رجاله , كونه من الجيوش الكبيرة والمتأصلة ولديه من العقيدة والرسوخ مالن يمكّنه أبداً من نسيان مشاهد الإهانة عبركل فضائيات الدنيا , بعد أن جردهم أنصاره من ملابسهم إلا ما يواري سوآتهم , نسي ذلك الذي يحلم بالخلافة أن العثمانيون لم يصلوا إلي ماوصلوا إليه من فتوحات في أوروبا إلا من خلال ذلك الجيش المهيب , والذي فقد الكثير من هيبته بين أبناء شعبه علي يد أردوغان وأنصاره . 3 إهانة أردوغان للقضاء لن تمر أيضاً مرور الكرام , وإن غداً لناظره قريب . 4 تلويح أردوغان بإلغاء قانون منع الإعدام في تركيا , وتوقع حدوث إعدامات كثيرة خلال الأيام المقبلة وهو الذي سبق وأن قبل كل شروط الإتحاد الأوروبي يقضي تماماً علي حلم تركيا بالإنضمام إليه . 5 سوف تعاني تركيا حتماً من أزمة إقتصادية بعد ماشهدته من أحداث , ستؤدي بدورها إلي ضرب السياحة وإنخفاض قيمة الليرة التركية . ملحوظة .. ( قامت حركة حماس وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتهنئة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والشعب التركي، بفشل محاولة الانقلاب العسكري على الخيار الديمقراطي ) ... لا تعليق !! خلاصة القول ... تركيا قبل 15 يوليو ليست هي تركيا بعد ذلك التاريخ , وأردوغان الذي لطالما حلم بأن يكون خليفة للمسلمين , بات اليوم رجلاً يسرع الخطي مهرولاً باتجاه نهايته . وأخيراً نقول ... أن ماتشهده تركيا اليوم من أحداث , هو ماكان مخططٌ لتنفيذه حرفياً في مصر , لولا أن حباها الله بجيش وطني يقوده زعيم حقيقي إسمه السيسي , فجلس المواطن المصري آمناً في بيته وبين أبنائه متابعين لما تنقله الشاشات من أحداث في تركيا , تهتف أفئدتهم قبل الأفواه والألسنة ... تسلم ياجيش بلادي .