( إذا حصلنا يوما على القدس وكنت لا أزال حيا ًوقادرا ًعلى القيام بأي شي فسوف أزيل كل شي ليس مقدسا لدى اليهود فيها، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون) مؤسس الحركة الصهيونية " تيودور هرتزل" لقد خص تعالى عز وجل المسجد الأقصى المبارك بمعجزة الإسراء والمعراج الباهرة، وجعله سبحانه قبلة الإسلام الأولى، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في قوله عز وجل «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير». ومنذ احتلال القدس عام 1967 والكيان الصهيوني الغاصب يقوم بتنفيذ أعمال وإجراءات تهويد متواصلة ليجعل من المدينة المقدسة عاصمة موحدة له في ظل حالة التشتت والضعف العربي والإسلامي، وفي حماية موقف دولي منحاز للدولة العبرية، رغم استهانتها بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الصادرة لصالح العرب في قضية القدس. إن مستقبل القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني مؤلم وخطير، وما تفعله إسرائيل حتى الآن، إنما هو إرهاصات لذلك المخطط التآمري، لتهويد المدينة المقدسة، والسيطرة عليها سيطرة كاملة بعد تهويدها، ولديها مخطط خبيث لاستقدام أكثر من مليون يهودي لتوطينهم فيها بحلول عام 2020. هذا معناه: أن المدينة المقدسة سيتم تفريغها من سكانها العرب الأصليين تماماً. وهناك مخطط إسرائيلي خبيث وخطير، يرتكز على حجج وأساطير واهية، لا تمت إلى الحق ولا إلى القانون الدولي بصلة، وقد شرع الصهاينة بهدم المباني العربية، بزعم أنها بنيت من دون تراخيص تارة، وتارة أخرى تهدم بحجة تنفيذ مشاريع جديدة، مثل بناء ما أطلقت عليه السلطات الإسرائيلية (مدينة الملك داود الأثرية)، وتحت ستار هذه الادعاءات قامت في الفترة ما بين عام 2000 و2007 بهدم 900 منزل، وتخطط لهدم وإخلاء أكثر من 1700 منزل خلال هذا العام، فإسرائيل تعمل ليل نهار؛ لتنفيذ مخططاتها واستراتيجياتها تجاه القدس وسكانها، لتضمن أغلبية يهودية مطلقة، وأقلية عربية، لا تتجاوز 12 في المائة من مجموع السكان عام 2020، وهي تخطط لنقل 30 ألف يهودي، من منطقة الساحل إلى القدس، لتصبح القدس للإسرائيليين، وليست للعرب والمسلمين. لقد شرعت إسرائيل بتنفيذ مخططها الإجرامي للتخلص من السكان الفلسطينيين الذين يدافعون عن مقدساتهم ومقدسات العرب والمسلمين والمسيحيين بدمائهم وبكل ما يملكون أمام صمت عربي وإسلامي مريب. وقد وجدت الساحة خالية أمامها في غياب إستراتيجية عربية وإسلامية واضحة ونتيجة لشعورها بضعف المسلمين والعرب، وتعمل على تفريغها من سكانها العرب. ومدينة القدس التي اعتبرتها إسرائيل عاصمة أبدية ودائمة لها وأيدتها في ذلك الولاياتالمتحدة بقرار الكونغرس الأميركي بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) 2002 تمر بأخطر مراحل قضيتها ولن يكون ما حدث مؤخرا من تطهير وتهجير للسكان وهدم المنازل، الأخير في سلسلة مخططات إسرائيل، ومن المتوقع المزيد من الهدم والتهجير وتوسيع المستوطنات القائمة وتشييد مستوطنات جديدة من أجل فرض واقع جديد تصعب إزالته. إن إسرائيل احتلت القدس مع الأراضي الفلسطينية، ومعنى هذا فلا سيادة لها على القدس في القانون الدولي، وإن كل ادعاءاتها بسيادتها عليها هي باطلة مطلقاً، والاحتلال بالقوة لا يترتب عليه نقل سيادة، ولا تزال السيادة على القدس حقاً خالصة للشعب الفلسطيني صاحب الحق في أرضه وتراب وطنه، وإذا لم ينهض العرب والمسلمون فإن القدس سوف تضيع، ولن يمر وقت طويل حتى تصبح مدينة يهودية، وسوف ينهار المسجد الأقصى الذي تجري الحفريات وتشق الأنفاق تحته ومن حوله، وحينئذ لن ينفع الندم ولن يفيدنا لطم الخدود وشق الجيوب، وسيكتب عنا التاريخ إننا الجيل الذي أضاع القدس. إن أولى الخطوات على طريق استرجاع الحقوق، هو اليقظة للمخاطر التي أشرنا الى بعضها، ومن ثم يتعين الشروع بجهد ممنهج لمقاومة ما يسمى بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب، كما يجب بذل الجهد لتوصيل الحقائق إلى المجتمع الدولي والهيئات العالمية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان، وإيضاح ما يحدث في الأراضي المحتلة من تمييز عنصري وطرد جماعي واعتداء على حقوق الإنسان، كما يتعين العمل بقوة على إنهاء الحصار الغاشم الى تفرضه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، لما لذلك من آثار إنسانية سلبية خطيرة على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وعلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن تقوم بمسؤولياتها، وبذل الجهود ومخاطبة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي لشرح الحق العربي - الإسلامي العادل، وقبل الشروع بذلك كله لا بد من الوقوف عند مؤامرة التشرذم والانقسام الداخلي التي تمر بها الفصائل الفلسطينية، فالخلافات الفلسطينية الفلسطينية أضعفت جبهة الحق كثيرا، وحققت للكيان الصهيوني الغاصب ما لم يكن يحلم به، ويتعين على العرب والمسلمين رأب الصدع الداخلي الفلسطيني، وتقديم الدعم النزيه للفصائل المقاومة. وفي هذا الصدد يجب التأكيد أن فلسطين الذي نتحدث عنها كل فلسطين من البحر الى النهر والتي يجب أن تعود كاملة إلى شعبها الحقيقي ولا يملك احد في العالم لا دولة ولا حكومة ولا شيخ ولا سيد ولا غني ولا فقير ولا رئيس ولا أمير أن يتنازل عن حبة رمل واحدة من تراب فلسطين أو قطرة من مائها ونفطها أو قطعة من أرضها ولا يملك أحد أي تفويض بذلك، إن إزالة هذه الغدة السرطانية ليس فقط مصلحة فلسطينية بل مصلحة العالم العربي والإسلامي كله ومصلحة وطنية لكل بلد من بلدان المنطقة كلها إسرائيل خطر على الأردن وزوالها مصلحة وطنية أردنية وخطر على مصر وزوالها مصلحة وطنية لمصر، وخطر على سوريا وزوالها مصلحة وطنية سوريا وخطر على لبنان وزوالها مصلحة وطنية لبنانية وخطر على ليبيا واليمن والخليج والعراق وجزر القمر والسودان. وبناء على ما تقدم إن كل من يقف بمواجهة المشروع الصهيوني ويقاومه بأي مكان وأي وسيلة فهو كما يدافع عن الشعب الفلسطيني فهو يدافع عن كرامته وشعبه وقضيته ومستقبل أولاده وأحفاده، ففلسطينوالقدس مسؤولية عامة وشاملة لكل فلسطيني ولكل عربي مسلماً كان أو مسيحياً ولكل مسلم وكل إنسان في العالم لأنها قضية حق ومأساة إنسانية، والتأكيد على أولوية القدس قضية أساسية ومبدئية لكافة شعوب وحكومات المنطقة ولو لم نتخل عنها لما وصلنا لما وصلنا إليه. وفي هذا السياق فيمتلك العرب والمسلمون خيارات كثيرة ومتنوعة لدعم قضيتهم، وأولها أنهم أصحاب حق قانوني وتاريخي، يدعمه القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها وما عليهم إلا نفض غبار الخوف والتردد والضعف، والانتفاض من أجل حماية قدسهم الشريف، فمستقبل القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني مؤلم وخطير، وما تفعله إسرائيل حتى الآن إنما هو إرهاصات لذلك المخطط التآمري لتهويد المدينة المقدسة، والسيطرة عليها سيطرة كاملة بعد تهويدها، ولديها مخطط خبيث لاستقدام أكثر من مليون يهودي لتوطينهم فيها بحلول عام 2020، وهذا معناه أن المدينة المقدسة سيتم تفريغها من سكانها العرب الأصليين تماماً. كلام قبل السلام في كثير من الأحيان خسارة معركة تعلمك كيف تربح الحرب. الإعلامي والباحث السياسي