يسافر من عين شمس إلى السويس فى 3 ساعات ويتعرض سائقوه للسرقة والضرب
إذا لم تكن هناك ضرورة حقيقية، ننصحك ألا تجرب هذه الرحلة التى قمنا بها لنتعرف على حكاية "ركوبة جار عليها الزمن"،إنه قطار القاهرة -السويس الذى يسير فوق ثانى سكك حديد أنشئت فى العالم بعد خط لندن- بين مدينة مانشستر وليفربول بانجلترا- وأول خط أنشئ فى مصر عام 1851 . هذا التاريخ لم يشفع لقطار القاهرة -السويس ليمنحه قدرا يستحقه من اهتمام الدولة، فعرباته متهالكة، وقضبانه تختفى تحت أكوام القمامة، وأسواره تأوى عددا لا بأس به من المجرمين واللصوص وقطاع الطرق .. قطار كان يستحق أن يكون واحدا من قطارات الدرجة الأولى، وأن يصبح ركوبة متعة،لكنه تحول إلى "سبنسة"،أى مجرد هيكل من الحديد بمقاعد بلاستيكية متهالكة، تعالوا نجرب. صافرة قدوم القطارة هي الفيصل في تغيير خريطة المكان فجأة الجميع يجري في كل اتجاه والباعة الجائلون يسارعون بحمل بضائعهم ليتركوا مكانا لمرور القطار والكل يحاول المرور سريعا قبل قدوم القطار بثوان .. كل هذا يمر أمام عينيك في لحظات معدودة وأنت تقف فى محطة عين شمس التى ينطلق منها القطار رصدنا المشهد المعتاد لقدوم القطار والباعة الجائلين يهرولون ولم يقتصر الأمر عند احتلال الباعة للقضبان فعندما ينتهي اليوم يتركون خلفهم مخلفاتهم وقمامتهم فإذا سلمت أرواح الباعة أن يصدمهم القطار فلن تسلم أرواح راكبي القطار من المخلفات والقمامة التي تغطي قضبان القطار. وطوال هذه الرحلة يتجمع جامعو القمامة و"الروبابيكا" حول قضبان السكة الحديدية فى مساكنهم "الخشب" و"الخوص" و"الطين" . والقطار بحالته الحالية -كما يقول وجيه حسن محاسب وأحد سكان المنطقة بعين شمس- عديم الفائدة حيث يتسبب في تلوث البيئة كما انه يسبب الإزعاج لأهالي المنطقة من خلال صوته المرتفع جدا حتي في أوقات الليل المتأخرة والتي يضطر سائق القطار لإحداثها لافتقار المزلقانات للإشارات الصوتية والضوئية كما يتسبب في الزحام الشديد في عين شمس حيث يعبر في3 مزلقانات وجسر السويس عند قباء. وأشار إلى أن الحل هو نقل المحطة الرئيسية للقطار من عين شمس إلي الهايكستب أو العبور للحد من الزحام والتلوث وحماية حياة المواطنين من المخاطر التي يسببها القطار في المناطق السكنية وهدم سور القطار أو أن يحل مترو الأنفاق محل هذا القطار داخل عين شمس إلي العبور أو الهايكستب لخدمة سكان المدن الجديدة وتوفير نفقات حفر ومد خط المترو من العباسية إلي مصر الجديدة أو المطار ..إلي جانب ضرورة إغلاق المزلقانات الموجودة بعين شمس واستبدالها بكباري أو أنفاق. وعندما سألنا المهندس حسام محمد عاشور أستاذ الطرق والكبارى عن خطورة مرور قطار السويس علي المساكن الموجودة حوله في المنطقة من محطة عين شمس حتي مدينة قباء أكد عاشور انه بالفعل توجد خطورة كبيرة علي المساكن من مرور القطار لأنه يحدث اهتزازات لهذه المباني خاصة أن معظم هذه المباني غير مطابقة للمواصفات الإنشائية. ومع انطلاق القطار ظهرت أكوام من القمامة علي جانبي الطريق وظهر اختفاء قضبان السكة الحديد تحت أكوام القمامة بالإضافة إلى قدم وتهالك هذه القضبان وانتشار مياه الصرف الصحى وغيرها من المشاكل التى كان سببها الإهمال. ويقول المسؤل عن سائقى القطار عزيز السيد إن الرحلة بقطار القاهرة -السويس تستغرق 3 ساعات، لكنه عبارة عن قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى وقت وتؤدى إلى حدوث كارثة كبيرة، وذلك بسبب عدم اهتمام المسئولين بخطوط السكة الحديد وعدم تطويرها، بل وضع كل اهتمامه بمشروع مترو الأنفاق مشيرا لغرق بعض محطات السكة الحديد بمياه الصرف الصحى التى أصبح لها تأثير واضح ومباشر على "فلنكات السكة الحديد" حيث إنها تؤدى إلى تآكلها وهذا يؤدى إلى هبوط الأرض تحت القضبان، مما يؤدى إلى وقوع كارثة حقيقية مما يدفعنا إلى تهدئة سرعة القطار فى هذه المنطقة و السير بسرعة 8 كم فى الساعة، على الرغم من أن المسافة قصيرة لكننا نستغرق وقتاً طويلاً يصل إلى ثلاث ساعات، مما يؤدى إلى إثارة الركاب، وفى الغالب تنتهى بالتعدى على سائقى القطار وملاحظى البلوكات بالسب والشتم وتحميلهم مسئولية تأخر القطار. مشيراً إلى عدم وجود فلنكات جديدة لتثبيت قضبان القطار فيما يؤدى إلى خروج القطار عن المسار. وأشار إلى أن هناك مشكلة تتمثل فى عدم انتظام مواعيد القطارات وقال :"قمنا بإخطار المسئولين لتنظيم هذه المواعيد ولكن لم تتم الاستجابة". وأشار سمير عبد المسيح -سائق قطار- إلى خطورة مزلقان النزهة الجديدة 2 لعدم وجود حارس للمزلقان لإغلاق المزلقان عند مرور القطار.. ويقول: من المسئول عن وجود الباعة الجائلين في المحطة الرئيسية بعين شمس وتحويلها إلي سويقة ؟.. والباعة يقفون بعرباتهم علي القضبان مما يعيق حركة سير القطار وتأخره لساعة كاملة.. لقد أصابنا الإحباط والملل من كثرة الشكوي ولا أحد يسمع استغاثاتنا فالاهتمام ينصب فقط علي الخطوط الرئيسية بينما لا أحد يهتم مطلقا بالخطوط الفرعية وقد تقدمت بالعديد من الشكاوي للمسئولين بخصوص سوء حالة السكة المتردية. في حين يكشف مجدي سعيد -سائق قطار- عن أن القطار والقضبان يفتقران للأمن والأمان وهو ما يتسبب في سرقة محتويات القطار من نوافذ وخلافه وكذلك تعرض الفلنكات التي تمسك القضبان بالأرض إلي السرقة مما يؤدي إلي تعويم القضبان وكذلك اعتراض البلطجية للسائقين والركاب مشيرا إلي أنه تعرض للضرب أثناء احدي رحلاته بالقطار مما تسبب في فقد أسنانه الأمامية وقام بتحرير محضر بالواقعة ولم يتحرك أحد! ويقول عم سيد -كمسرى القطار-: بالرغم من أن سعر التذكرة يتراوح بين جنيه وربع للمتجه للشروق و3 جنيهات وربع إذا كنت ستركب حتي مدينة السويس إلا ان إقبال الموطنين علي ركوب القطار ضعيف للغاية.. وأقصي ما يصل إليه القطار من إشغال في أوقات الإجازات والأعياد من50 إلي60 راكبا فقط للقطار الواحد ونحو200 راكب علي مدي اليوم الكامل وهناك أيام لا يوجد ركاب علي الإطلاق. احمد السيد طلبة" واعظ " وأحد الركاب يقول: السبب فى تدهور القطار هو غياب رجال الداخلية وتهاونهم فى التعامل مع هذه الظاهرة فزاد عدد الباعة الجائلين غير مهتمين برجال الشرطة وكذلك عدم تفعيل القانون بتغليظ العقوبة على الباعة الجائلين ويري أن الحكومة لم تقم بالحد من انتشار الباعة الجائلين، على قضبان السكك الحديدية ولم تأخذ العظة من حوادث القطارات السابقة، مشيرا إلى أن الحكومة لن تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة التي دائما يدفع أبناء هذا الشعب حسابها.. ومن المعروف أن خط سكة الحديد القاهرة- السويس هو ثانى سكك حديد العالم وأول خط انشأ فى مصر عام 1851 ويعد الخط الأول فى العالم بعد خط لندن بين مدينة مانشستر وليفربول وكان يستخدم فى نقل البضائع الواردة من وإلى أوروبا من مرسى رملة بولاق حتى السويس ومنها البحر الأحمر بعد ان تكون المراكب قد عبرت من البحر المتوسط الى نهر النيل فى فرع رشيد وكذلك قبل افتتاح قناة السويس.