حالة من الفوضى والعشوائية يعيشها ركاب قطار القاهرةالسويس عبر 3 رحلات يوميا؛ إذ يعاني القطار من الإهمال وتجاهل التطوير والصيانة، ويتعامل ركابه باعتبارهم في رحلة على خط الموت. تنطلق الرحلة من السويس إلى عين شمس 3 مرات في اليوم، إلا أنها تتوقف مدة لا تقل عن 3 ساعات فى منطقة "الجفرة" الصحراوية، انتظارا لمرور القطار المقابل، بل إن المشكلة لا تتوقف عند ذلك الحد، إذ بعد مرور القطار ينتظر الركاب عامل التحويلة حتى يسمح بتحرك القطار. ليست المشكلة الوحيدة في الانتظار الطويل، فعربات القطار متهالكة ولا تحتوى على شبابيك أو أبواب، وطوال الرحلة يجاهد الركاب كي يتمالكوا أنفسهم ويتماسكوا خشية أن يسقطوا من الأبواب، كما أنهم لا يستطيعون الانتقال ما بين العربات بسهولة حتى لا يسقط أحد أثناء مروره، فضلا عن الأتربة والغبار والبرد الذي يتعرض له المسافرون طول الرحلة، إضافة إلى ظاهرة إلقاء الحجارة عليهم من قبل سكان المناطق التي يمر بها القطار، وهناك مناطق عدة بالقاهرة ينبطح فيها الركاب على الأرض خوفا من الحجارة الطائشة التى يقذفها سكان هذه المناطق على القطار دائما، حيث يقف الأطفال بالحجارة ينتظرون القطار وكأنها التسلية اليومية لهم، في حين لم يتحرك أي مسؤول رغم وفاة راكب شهريا تقريبا بسبب الحجارة الطائشة التى يقذفها السكان مع سرعتها فتأتي كالطلقة التي تبحث عن الضحية. إبراهيم سليمان، عامل بإحدى الشركات بالقاهرة، قال ل"البديل" إنه يركب قطار السويس منذ أكثر من 20 عاما بحكم عمله، ويبدأ رحلته اليومية منذ السادسة صباحا من السويس ثم العودة في السادسة مساء، مؤكدا أن الرحلة تستغرق ما بين 3 ساعات إلى 6 ساعات حسب الأحوال الجوية و"مزاج السائق وعامل التحويلة" حيث يتأخر القطار كثيرا في الطريق بسبب توقف السائق لشراء أكل أو شرب الشاي بمناطق مختلفة بالطريق أو شراء احتياجات أخرى، وكذلك بسبب انشغال عامل التحويلة وعدم سماحه للقطار بالتحرك من منطقة المقابل بالجفرة الصحراوية، بخلاف الأحوال الجوية التي يتوقف بسببها القطار حتى تهدأ ليعاود التحرك مرة أخرى. وأضاف سليمان، أن الركاب في بعض الأحيان ينتظرون عامل التحويلة حتى يفرغ من الأكل أو مشاهدة مباراة أو فيلم، مشيرا إلى أن القطار غير آدمي، فهو عبارة عن هيكل من الحديد بمقاعد بلاستيكية وخشبية متهالكة، وقد أصيب بالعديد من الأمراض الصدرية بسبب البرد والأتربة التي يتعرض لها يوميا رغم أنه يقوم بتغطية نصف جسدة العلوى بالكامل بجوال بلاستيك لحمايته، كما يرتدي بشكل دائم "خوذة" وهى قبعة الأمن الصناعي حتى تحميه من الحجارة التي يقذفها سكان بعض المناطق العشوائية بالقاهرة التي يمر عليها القطار، ورغم ذلك لم يخل من الإصابات جراء هذه الحجارة. وأكد أنه يسافر يوميا على القطار رغم أنها رحلة شاقة وتتطلب وقتا وجهدا كبيرا ولكنه مجبر على استخدامها لأن القطار هو الأقل ثمنا، رغم زيادة تعريفته للضعف خلال الأيام الماضية، دون أي تطوير أو إضافة أي خدمة مقابل هذه الزيادة. وقال محمد حمدان، كمسري بقطار القاهرةالسويس، إن مهمته شاقة جدا عن مثيلاتها في باقي قطارات الجمهورية، نظرا لتهالك العربات والقطار وتعرضهم للاعتداءات سواء بالحجارة أو من قبل البلطجية في بعض المناطق، مشيرا إلى أن العمل على قطار السويس هو بمثابة عقاب لأي عامل بالهيئة وتكدير للمغضوب عليهم، لعلم جميع العاملين بما يحويه هذا القطار من مشكلات خاصة وأنه بدون أبواب وشبابيك ويتطلب المرور بين العربات رشاقة للقفز بينها حتى لا يسقط أحد، مؤكدا أن العديد منهم تعرضوا لحوادث، سواء بسبب المرور بين العربات أو بسبب الحجارة التى يقذفها بعض الصبية في المناطق العشوائية. سليمان، أوضح أن المشكلات تزايدت بين الركاب وبين موظف التذاكر بالمحطة بعد رفع سعر تعريفة الركوب خاصة وأن الزيادة دائما ما تقترن بتطوير الخدمة وهو ما لم يحدث، وقال إن قطار السويس عبارة عن قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت وتؤدي إلى حدوث كارثة كبيرة وذلك بسبب عدم اهتمام المسؤولين بخطوط السكك الحديدية وعدم تطويرها وتسخير اهتماماتهم لمترو الأنفاق فقط. كارثة أخرى أشار إليها سليمان، وهي سرقة معظم فلنكات خط سكة حديد السويسالقاهرة، أو تآكلها وتهالكها، وقال إنهم يلجأون لتثبيت فلنكات جديدة بمسافات بعيدة لتوفير الفلنكات مما يؤدي إلى خروج القطار عن المسار، كما أن مواعيد القطارات غير منتظمة، وهو الأمر الذي أخطروا به المسؤولين مرارًا وتكرارًا لكن دون استجابة، على حد قوله. وقال كمال ربيع، سائق قطار القاهرةالسويس، إنهم أبلغو العديد من المسؤولين بخطورة نقص الفلنكات وتآكلها ولكن دون استجابة، مشيرا إلى أن الإهمال في الفلنكات يؤدي إلى تآكل وهبوط الأرض تحت القضبان، مما يؤدي إلى كارثة حقيقية تدفعهم كثيرا إلى تهدئة سرعة القطار في المنطقة الصحراوية والسير بسرعة 8 كم في الساعة، مما يجعل الرحلة تستغرق وقتا طويلا يصل إلى 3 ساعات، رغم أن المسافة قصيرة، وهو الأمر الذي يغضب الركاب ويجعلهم يعتقدون أن السائق يتعمد تأخيرهم والسير ببطء شديد. من جانبه، قال اللواء أحمد حامد، محافظ السويس، إنه سيخاطب وزير النقل بشأن تطوير خط القاهرةالسويس، خاصة بعد معرفته بقيمة القطار التاريخية، وأنه أقدم وأول خط سكة حديد في مصر والشرق الأوسط لنقل الركاب، وثاني خط سكة حديد في العالم بعد خط سكة حديد لندن، حيث شيد عام 1851. وأكد المحافظ أنه سيطلب التعاون مع محافظة القاهرة وقوات الشرطة ووزارة النقل لتأمين الركاب من قذف الحجارة من بعض الصبية في مناطق مرور القطار، خاصة بعد تزايد حالات الوفاة نتيجة الحجارة، ووفاة شاب منذ أيام متأثرا بإصابته جراء قذفه بحجر في الرأس أثناء سفره بالقطار. يذكر أن محافظة السويس شهدت عددا من الوقفات الاحتجاجية بمحطة قطار السويس احتجاجا على تهالك القطار وعدم صيانته، ومن أجل المطالبة بإنشاء خط سكة حديد جديد واستبدال عربات القطار تماما.