قالت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي إن مراهقاً أدمن سماع ملفات الهلوسة الصوتية التي تسمى علمياً بالمخدرات الرقمية فأصيب بنوبات صرع وجنون حادة قادته إلى الانتحار مما دفع بعض منظمات الصحة النفسية للإعلان عن تنظيم مؤتمر دولي للتحذير من مخدرات الإنترنت.. وعلى ما يبدو أن هذا النوع من المخدرات في طريقه للانتشار في مصر بعد أن شاع في دول الخليج. ففي أحدث صيحات الإجرام أصبحت المخدرات "أون لاين" حيث يتم تداولها في ملفات موسيقية تسبب الهلوسة والنشوة لمن يسمعها وهو جالس في وكر مخدرات خاص يصنعه بنفسه داخل غرفته المغلقة، فقد كشفت دراسة حديثة أعدها المقدم الدكتور أبو سريع أحمد عبد الرحمن بقطاع الشئون الفنية بالإدارة العامة للتوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية عن خطورة هذا النوع من المخدرات وكيفية ترويجه. الخبراء والمتخصصين يؤكدون أن هذه المخدرات حقيقة وليست وهماً ولذلك سعينا لنعرف مدى انتشارها في مصر خاصة بعدما انتشرت في دول الخليج. أوكار مخدرات الإنترنت تدور في عالم افتراضي منعزل ومغلق حتى يتحقق المفعول حيث يجلس الشاب في غرفة صامتة بها ضوء خافت، ثم يدخل على موقع الوكر على الإنترنت ليسجل نفسه ويشترى الجرعة من التاجر، على أن يتم الدفع بكروت ائتمانية، ثم يستلم الشاب المدمن الملف الصوتي ليبدأ الاستماع إليه عن طريق سماعة، هذه الملفات تعتمد على ذبذبات معينة تؤثر على كهرباء المخ فتسبب حالة من عدم الاتزان، وهنا تحدث هلوسة، وعدم تركيز، وهذه المخدرات آخذة في الانتشار، خاصة في دول الخليج، وبعض الدول العربية الأخرى عبر المنتديات والمواقع. حيث تقول الدراسة التي ذكرناها أن شبكة الإنترنت أفرزت وكراً جديداً لتعاطي المواد المخدرة، فلم يعد استخدام المخدرات يتم بالحقن في الوريد أو بالمضغ أو بالشم أو بالتدخين و إنما تطور الفكر الإنساني ليحول نظم التعاطي إلى تعاطي إلكتروني أو تعاطي رقمي ليحدث نفس التأثير الذي تُحدثه المخدرات التقليدية وذلك باستخدام حاسة السمع. وتشرح الدراسة كيف يحدث تأثير المخدرات الرقمية عن طريق هذه الملفات الصوتية التي تحتوي على نغمات أحادية أو ثنائية يستمع إليها المستخدم فتجعل الدماغ يصل إلى حالة من التخدر تشبه تأثير المخدرات الحقيقية أو على الأقل هذا ما يدعيه البعض، وقد تم تصميم هذه الملفات الصوتية لمحاكاة الهلاوس وحالات النشوة المصاحبة لتعاطي المواد المخدرة عن طريق التأثير على العقل، وهذا التأثير يحدث عن طريق موجات صوتية غير سمعية للأذن تسمى (الضوضاء البيضاء) مغطاة ببعض الإيقاعات البسيطة لتغطية إزعاج تلك الموجات، ويقوم المستخدم الراغب في شراء المادة المخدرة باختيار الجرعة التي تحقق له التأثير المطلوب، ويتراوح وقت الجرعة المستخدمة ما بين 45 دقيقة و150 دقيقة مع الاستلقاء أو الاسترخاء في غرفة بها ضوء خافت وتغطية العينين والتركيز في سماع المقطوعة الموسيقية المخدرة فقط. وتعرض الدراسة لأحد المواقع المتخصصة في ترويج هذه المخدرات حيث تكشف عن تصنيفها إلى عدة أنواع حسب التأثير فهناك مضادات للقلق ومضادات للاكتئاب، وهناك ما يؤدى للهلوسة كما توجد منشطات أيضا، ويذكر هذا الموقع أن الموسيقى يمكن أن تغير المزاج والعواطف والمواقف، كما يمكن أن تجعلك تشعر بالإثارة والانفعال والحيوية والمرح، ويؤكد الموقع أيضاً أن هذه الملفات ليست غير قانونية وأنه على المستهلك التسجيل أولا حتى يتمكن من الاختيار والشراء. وتحذر الدراسة من خطورة انتشار هذه المخدرات حيث تؤكد أن هناك بعض المنتديات والمواقع العربية التي بدأت تقوم بتوفير هذه المخدرات وتقديمها بالمجان للمستخدمين لتجريبها، أما في الولاياتالمتحدةالأمريكية فهناك خوف من ارتفاع معدلات مدمني المخدرات الرقمية لدرجة أن المدارس منعت دخول أجهزة الآى باد خوفاً من تحول المخدرات لوباء يصعب السيطرة عليه. سألنا المتخصصين من الأطباء النفسيين حول حقيقة هذه المخدرات حيث يقول الدكتور أحمد عبد الله الطبيب النفسي المعروف: حتى الآن لم أتعامل مع أى شخص ممن يقومون بتناول هذا النوع من المخدرات وهو للأسف أصبح حقيقة فعلاً حيث تعتمد هذه المخدرات في الأساس على ذبذبات الصوت التي تتم بنغمة معينة فكل ذبذبة لها تأثير نفسي، مثل بعض الأغاني أو الترانيم الكنسية التي عندما نستمع إليها تعمل لدينا حالة من حالات الانتعاش، وهناك أبحاث ودراسات أجريت بالفعل على هذا النوع من التأثير على ما يسمى بالطاقة الحيوية للإنسان فتحدث الاستجابة للصوت، وفى مصر نحنا لازلنا فقط نتكلم عن تأثير الموسيقى في حين يشهد العالم تطورات وتحديات كثيرة في استخدام التكنولوجيا وتأثيرها وهنا يجب الحذر.