التقدم التكنولوجى قد يتسبب فى اختفاء المشهد السينمائى المعروف لسيارتين فى منطقة مظلمة يسلمون بعضهم حقائب مغلقة ثم تهجم الشرطة فجأة، بسبب ظهور نوع جديد من المخدرات يجلس فيه التاجر فى بيته أمام الكمبيوتر ويسلم بضاعته لمن يشتريها عن طريق (الداون لود)، ذلك فيما يعرف ب (المخدرات الرقمية)، إذ يقوم متعاطو هذه المخدرات بتحميل المخدرات فى شكل ملفات من الإنترنت، وتتكون تلك المخدرات الرقمية من ملفات صوتية صممت لمحاكاة الهلاوس والانتشاء المصاحب لتعاطى المخدرات عن طريق التأثير على العقل بشكل لا واعى، عن طريق موجات صوتية غير سمعية للأذن تسمى (الضوضاء البيضاء) مغطاة ببعض الإيقاعات البسيطة لتغطية إزعاج تلك الموجات، وتثير تلك الموجات اللاوعى، لتحاكى الإحساس المطلوب، حسب المخدر الذى تم تحميله فى الملف، تماماً مثل تأثير مقطوعة موسيقية على الحالة المزاجية للإنسان بالحزن أو بالفرح، وحسب وصف الموقع الذى حاز انتشارا عالميا وصل لأكثر من 600 موقع فى الولاياتالمتحدة، فإن التأثير يأتى من خلال سماع تلك الموجات من خلال سماعات أذن استريو لاحتواء الملف على موجتين مختلفتين لكل أذن، أحد أشهر هذه البرامج هو برنامج I-Doser، الذى يستخدم العلامة المسجلة لمنتجات شركة «أبل» للإلكترونيات مثل Iphone، Ipod. بمخاطبة شركة (أبل) صرح «ألان هيلى»، مدير عام (أبل أوروبا) ل «المصرى اليوم»، بأن شركة أبل ليس لها أى علاقة بهذا البرنامج وما يروج له ولا تتحمل أدنى مسؤولية عن أى ضرر ينتج عن استخدامه.الموقع لا يكتفى بخلق مخدرات رقمية بل يمتد إلى دعوتك لتكون (ديلر) وتحصل على نسبة من مبيعات الملفات عن طريقك، ويتراوح سعر الملف الواحد بين 3 و9 دولارات، بينما يكون الملف الأول للمستخدم مجانياً على طريقة «أول شمة ببلاش»، وتنقسم الملفات أو (الجرعات)، كما يسميها الموقع، إلى تصنيفات مثل هلوسة، مخدرات روحية، جنسية، سعادة، مضادات للقلق، مخدرات سريعة، مخدرات نقية. اختلف مجربو هذا النوع من المخدرات على تأثيره، إذ يجزم البعض بأن تأثيره كبير وقربه لتأثير المخدرات الكيميائية، وبينما ينشرموقع YouTube عددا من الفيديوهات لمجموعات من الشباب والمراهقين أثناء تجربة تلك المخدرات الإلكترونية وهم غارقون فى حالة من الهلوسة، بينما يؤكد البعض ممن جربوها أنها ليس لها تأثير على الإطلاق وأنها خدعة للربح، وبالطبع فإن أهم نقاط الجذب الإعلانى فى الترويج لهذا المنتج هى أنه قانونى، فيروج أصحاب الملفات الصوتية لعدم ملاحقة المخدرات الصوتية والإلكترونية قانونيا، فلا يوجد قانون يمنع تحميل الملفات الصوتية حتى وإن كان لها تأثير المخدر، واستخدام الموجات الصوتية فى عمليات المحاكاة العقلية للأحاسيس المختلفة، مستخدماً بالفعل فى مجالات أخرى كالعلاج النفسى وعلاج القلق والتوتر والأرق وعدم انتظام النوم من خلال بث موجات غير سمعية تؤثر فى اللاوعى للتحكم فى الحالة المزاجية. البرنامج أثار فضول العديد من الشباب فى الوطن العربى وإن لم يكن الأثر الأكبر بمصر، فقد أصبحت الجزائر ثالث أكبر دولة تتردد على الموقع بعد ليتوانيا والمجر، إلى جانب دعوة العديد من أبناء الخليج بعضهم البعض لتجريبه من خلال المنتديات العربية، البعض قام بتحميل البرنامج بل وتوفير الجرعات المجانية للتحميل من المنتديات العربية. ونقلا عن عدد من المنتديات العربية فقد أكد من قاموا بتجربتها أنهم وقعوا تحت تأثير الهلوسة بعد سماع بعض الملفات، فيعلق أحد الأعضاء بموقع الدكتورة مها هاشم: «أنا وقفت عن استخدام البرنامج بسبب ما أتعرض له من هلوسة كلما أجربه، أسمع أصوات حد بينادينى أو قطة، بحس إنى اتسطلت بس بتبسط فى نفس الوقت، وبقيت كل شوية أسمع البرنامج وأهلوس لحد ما قلت كفاية كده» ويعلق عضو آخر «بعد أن استمعت لإحدى الجرعات شعرت بصداع وغثيان!». حالة الشعبية التى يتمتع بها الجيل الجديد من المخدرات لا تقتصر على الوطن العربى بل تحقق انتشارا واسعا بين مراهقى أمريكا، خاصة مع زعم الشركة المصممة للبرنامج أنها آمنة تماماَ ولا تضر الجسم، وبرزت القضية فى الإعلام الأمريكى بعد تحويل ثلاثة طلاب بمدرسة (ماستانج) الثانوية بولاية أوكلاهوما للتحقيق إثر ضبطهم تحت تأثير المخدرات فى المدرسة، وعند التحقيق معهم أشاروا إلى أنهم كانوا يجربون برنامج للمخدرات الرقمية.