بديهي أننا لا نقصد مناسك الفريضة والتى لم ولن تتغير .. ولكن هل تخيلتم كيف كان مشهد الكعبة المشرفة وجبل عرفات ورمي الجمرات وطرق الحجيج قديماً ؟! بالتأكيد هناك عصور لن يكون أمام البشرية سوى تخيلها فقط من خلال كتابات المؤرخين .. لكن مع ظهور أختراع التصوير الفوتوغرافي بدأت عملية توثيق التاريخ زماناً ومكاناً .. وما يهمنا هنا هو فريضة الحج ، وأقدم الصور التي بقيت على مر الزمن تؤكد أن التسهيلات الكثيرة التى يلقاها ضيوف الرحمن حالياً لم تكن موجودة حتى 60 عاماً فقط ..
وقد نشرت ناشيونال جيوجرافي الامريكية تقريراً في شهر يوليو عام 1953 يتحدث عن الحج هذا العام والذى وافق سنة 1372 هجرياً ، والصور التقطت بعدسة طالب مسلم اسمه عبدالغفور شيخ من اصل باكستاني وكان يعمل مع والده بجنوب افريقيا وأرسله والده لدراسة ادارة الاعمال في جامعة هارفارد الامريكية ، وذهب عبدالغفور إلى مقر المجلة في العاصمه واشنطن واخبرهم بأنه ذاهب إلى مكةالمكرمة لاداء فريضة الحج وينوى تصوير كل ما سيراه في رحلته لتعريف العالم الغربي بشعائر الإسلام المقدسة ، ووافقت المجلة واعطته كاميرتين وعاد لهم بصور رائعة عرضت في ذلك العدد. أظهرت صورة الطائرة الشراعية البسيطة التي أقلت المصور من مدينة جدة وحتى مكة .. والبداية كانت مع اللافتة الموجودة فى مدخل المدينة المقدسة وهي : ممنوع دخول غير المسلمين ، ثم توالت الصور التى عكست كيف كان المسلمون يؤدون شعائرهم المقدسة حسب امكانات وظروف عصرهم ، وبالتأكيد المشهد يختلف عما نراه الآن خاصة مع التوسعات الكبيرة في باب الدخول إلى الحرم المكي .. والعدد الضخم من الأبراج المحيطة بالمسجد الحرام ، بالإضافة للتطور الكبير الذى طرأ علي الأسواق الشعبية في شوارع مكة وخاصة سوق الأضاحى ..إلي جانب صورة السقا التقليدية والذى كانت تتعاظم مهمته فى توفير المياه خلال موسم الحج . أيضاً أظهرت الصور الكعبة المشرفة وعليها كسوتها التى كانت تأتي هدية من مصر ، ولأن الزحام الشديد لم يكن زاد بالشكل الذى نراه اليوم في موسم الحج .. كان باب الكعبة مفتوحاً أمام زوار الحرم .. ومعظم الحجيج كانوا يستقبلون الحجر الأسود بسهولة .. والشيء نفسه عند رمي الجمرات والصعود إلي عرفات ومشوار الرحلة من مكة إلي المدينةالمنورة .. عموماً نترككم مع الصور .. لكن قبلها أدعوا معنا ان نقف جميعاً علي صعيد عرفات في العام القادم بإذن الله ، اللهم أنعم على المسلمين جميعاً بالسعي نحو بيتك الحرام لينالوا توبة ورحمة ومغفرة .. آمين .