أبدت القوى السياسية المدنية ترحيبا كبيرا بموافقة مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بوضع قانون يتضمن لأول مرة فى التاريخ المصرى لائحة عقابية توقع على من لا يحترم النشيد الوطنى والسلام الجمهورى، وتشمل العقوبة المنصوص عليها فى القانون الحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر وبغرامة لاتزيد على خمسة آلاف جنيه أو بهاتين العقوبتين لمن لايلتزم بتحية العلم المصرى او لا يقف فى أثناء عزف السلام الجمهورى فى أثناء المناسبات العامة او المحافل واللقاءات الرسمية كما فى البرلمان .. كان مشروع القانون قد طال انتظاره ولكنه صدر متأخرا إلى حد ما فقد كانت هناك فتاوى تحرم تحية العلم الوطنى فى ظل صعود تيار الإسلام السياسي، وأعلنت بعض التيارات السلفية أنها ستقاطع تحية العلم وأنها لن تقف للسلم الجمهورى ووصفته بأنه بدعة محرمة ولايجوز الوقوف والسلام إلا لتحية الإسلام فقط .. وهذه التيارات السلفية أيضا حرمت التحية العسكرية ونهوا عنها واعتبروها فعلا من أفعال الحرام . ومن ضمن الفتاوى التى نسوقها لكم أن التحية العسكرية التى تكون بين الجنود بعضهم البعض، وتكون بالإشارة باليد هى تحية منهى عنها شرعاً، وإنما تحية المسلمين تكون بقول: السلام عليكم. فقد روى الترمذى "عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفّ» وحسنه الألبانى فى صحيح الترمذى.وعن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة» رواه النسائى «فى عمل اليوم والليلة» «340» وأبويعلى والطبرانى فى «الأوسط»، وقال الحافظ فى «الفتح» «11/12»: إسناده جيد، وحسنه الألبانى فى «السلسلة الصحيحة» «1783». وأشارت هذه الفتاوى الشاذة أيضا إلى أن تحية العلم بدعة محدثة، لا يجوز المشاركة فيها، فى الجيش أو المدرسة أو غيرها كما بين أهل العلم. وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء وهى لجنة تتمسك بالفكر الوهابى وتتخذه منهجا وبناء على فتواها أعلنت التيارات السلفية موقفها من العلم وجاء فى فتوى هذه اللجنة أنه لا يجوز للمسلم القيام إعظاماً لأى علم وطنى أو سلام وطنى، بل هو من البدع المنكرة التى لم تكن فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فى عهد خلفائه الراشدين رضى الله عنهم، وهى منافية لكمال التوحيد الواجب وإخلاص التعظيم لله وحده، وذريعة إلى الشرك، وفيها مشابهة للكفار وتقليد لهم فى عاداتهم القبيحة ومجاراة لهم فى غلوهم فى رؤسائهم ومراسيمهم، وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن مشابهتهم أو التشبه بهم. وبالمثل أكد الدكتور عبدالآخر حماد، مفتى الجماعة الإسلامية أن الوقوف للسلام الوطنى وتحية العلم فيهما تعظيم لمن لا يرد الشرع بتعظيمها. ولكن بعد القانون الصادر بإلزامية احترام تحية العلم . وجاءت فتوى دار الإفتاء المصرية لتؤكد على أن تحية العلم والسلام الوطنى ليس بهما ما يشوبهما من شائبة بعيدا عن فتاوى التطرف وأن حب الوطن من اٌلإيمان وأن النبى صلى الله عليه وسلم اتخذ الألوية والأعلام والرايات وليس فى الوقوف للعلم أى تكبير أو تعظيم لغير الله كما ادعى المتطرفون.