د. فتحي خضير أثار مشروع اللائحة التنفيذية لقانون المستشفيات الجامعية والذي تنفرد » الأخبار» بنشره حالة من الغضب بين أساتذة الطب، ووصف البعض بأنه بداية لانهيار التعليم الطبي في مصر.. »الأخبار» حاورت. فتحي خضير عميد كلية طب قصر العيني السابق وعضو لجنة إعداد قانون المستشفيات الجامعية باعتباره من أبرز المنتقدين لمسودة اللائحة التي كان يفترض أنه عضو في إعدادها، للتعرف علي أسباب رفضه، وكيف تشكل المسودة خطراً علي منظومة التعليم الطبي، ثم جمعنا الاتهامات الموجهة للمسودة وذهبنا بها إلي د. خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء وعضو لجنة إعداد اللائحة مسار الجدل، حيث قدم سمير تفنيدا كاملا، ووصف الاصرار علي بقاء الوضع الحالي بأنه محاولة لتكريس الفوضي!. د. فتحي خضير عضو لجنة إعداد القانون :مخالف للقانون.. ويجبر الأساتذة علي الرحيل أعلنتم أن مسودة اللائحة مخالفة للقانون وتهدد التعليم الطبي.. ما الأسباب؟ بالفعل مسودة اللائحة التنفيذية التي تم عرضها علي مجلس الأقسام بكليات الطب مخالفة للقانون الصادر منذ 7 شهور، وبها عيوب قد تؤدي إلي عواقب غير مدروسه وخطيرة ولم يؤخذ رأي قصر العيني أو إدارته في مسودة هذه اللائحة ولم يتم دعوتنا في أي لقاء للجنة وضع اللائحة التي خالفت روح القانون، والذي نصت بنوده علي منع الفصل بين المستشفيات والكليه وتمنع التفرقه بين أعضاء هيئة التدريس. فلقد كنت عضوا في لجنة إعداد القانون التي كانت تضم د.أحمد عماد الدين وزير الصحة السابق ود.عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس ود.علاء عبدالحليم نائب ريس جامعة بني سويف السابق ود.حسين خالد رئيس لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلي للجامعات ود.نادية بداروي عضو اللجنة القومية لتطوير التعليم الطبي. وسعينا من خلال القانون للحفاظ علي نقاط القوة التي تمتلكها المستشفيات الجامعية. وكنت عضوا في لجنة إعداد اللائحة ولم تتم دعوتي لأي اجتماع. وما أهم نقاط القوة؟ من المميزات الموجودة في مصر أن المستشفيات الجامعية تتبع كليات الطب وهو ما يطبق في أمريكا وبعض ولايات ألمانيا، وعندما ذهبت إلي إنجلترا التي يوجد فيها فصل بين الكلية والمستشفي، حيث تدير مستشفياتها الجامعية هيئة مستقلة، وأكد الخبراء هناك أنهم يعانون من مشاكل كثيرة نتيجة ذلك، وأن النظام المصري في إدارة المستشفيات الجامعية يمتلك نقاط قوة، أهمها ربط طالب الطب بالمستشفي وصقله بالخبرة من خلال الاحتكاك بالمرضي وملازمته للأساتذة. وكنا في غاية الوضوح عندما بدأنا كتابة قانون تنظيم المستشفيات الجامعية فنصوص القانون صريحة، فلا يوجد فصل بين المستشفي وبين كلية الطب. كيف يمثل فصل المستشفيات عن كليات الطب خطرا علي المنظومة؟ مسمي »المستشفيات الجامعية» يطلق مجازا علي الأقسام الإكلينيكية لكليات الطب وكليات الطب كليات عملية وليست كليات نظرية، فهناك العديد من الأقسام الإكلينيكية مثل النساء والتوليد والحالات الحرجة والجراحة هي في الأصل كيان داخل المستشفيات فكيف يتم الفصل، فمكاتب الأساتذة داخل المستشفي، عمليات التعليم والتدريب وتقديم الخدمة بداخلها أيضًا. وإذا مشينا خطوة خطوة سنجد أن المستشفيات الجامعية تمتك ثروة قومية من الأساتذة، وإعداد أستاذ الطب ليس عملية هينة، فعضو هيئة التدريس يصل إلي درجة الأستاذية في سن 42 أو 43 سنة، والدولة تنفق الملايين لإعداد أستاذ واحد، فتكلفة الأستاذ في أقسام المخ والأعصاب والصدر والقلب والرعاية المركزة تصل إلي 3.5 مليون جنيه، تمثل حجم استثمارات منذ تخرجه في كلية الطب حت بلوغه هذه الدرجة، وهو ما نتج عن تواجده داخل المستشفي الجامعي وبدونها ما كان ليصل إلي هذه الدرجة من الكفاءة والاحترافية. وفي أقسام الباطنة والعامة والأطفال تصل تكلفة الأستاذ إلي 1.5 مليون جنيه. لماذا يغضب الأساتذة من فكرة التعاقد؟ السؤال الذي يحتاج إجابة كيف يتم التعاقد مع طبيب في مكان عمله الأصلي؟، فوفقًا للقانون عضو هيئة التدريس ملزم بالعمل داخل المستشفي الجامعي مقابل أجر عادل وتأتي مسودة اللائحة لتقول إنه سيتم التعاقد معه، فكيف يستقيم الأمر؟، فعمل الطبيب داخل المستشفي، ولم يكن الجوهر من عمل القانون علي الإطلاق كتابة عقود للأستاذة، فهم ليسو موظفين. والطبيب مهتمه التعليم، وتقديم الخدمة العلاجية، والبحث العلمي. والمعطيات تقول إن الدولة أنفقت 3.5 مليون جنيه علي الأستاذ ثم تقرر الاستنغناء عنه، ففي قصر العيني علي سبيل المثال لدينا 36 قسمًا، وكل قسم يضم وحدتين بإجمالي 72 وحدة، ورئيس الوحدة هو المسئول عن كل تفصيلة بداخلها، وهو من يحاسب، وتأتي اللائحة لتحطم كل ذلك!، وبالحديث عن قصر العيني فهو يضم 6 آلاف و200 سرير ويضم طاقة بشرية هائلة قوامها أكثر من 3 آلاف طبيب، وعدد المسجلين في الدراسات العليا 18 ألفا في الوقت الذي تبلغ فيه طاقة أكبر مستشفي خاص 400 سرير. الشائع أن تأدية الطبيب واجبه في المستشفي الجامعي يعود للمبرر الأخلاقي.. ما رأيكم؟ غير صحيح علي الإطلاق، وهذا ما يسعي البعض إلي تصديره للرأي العام، فالجراح علي سبيل المثال عمله الأساسي إجراء العمليات، فهل هناك أحد يقوم بالعمل بدل منه، والا من يقوم باجراء كل هذه الجراحات، فقصر العيني وحده يستقبل أكثر من 2 مليون مريض سنويا ويجري 260 ألف عملية سنويا، الأمر مضحك، أليس كذلك. هل سمعتم عن يوم لم يفتح به قصر العيني أبوابه للشعب هل سمعتم عن يوم لم يستقبل فيه قصر العيني مرضاه هل سمعتم عن يوم توقف به العمل في أحلك الأيام أيام الحروب والثورات والأزمات الاقتصادية استمر بميزانية كبيرة كانت في أيام العز وصغيرة لا تكفي 3 شهور من العام في أيام الضيق استمر قصر العيني علي مدار 195 عاما يخدم بسبب مجهود أبنائه. ما الحل من وجهة نظركم؟ »بدل ما كل مصر بتروح للأستاذ في المستشفي الجامعي، يروح هو لكل مصر»، ووفقا لقانون التأمين الصحي المستشفيات الحكومية لها هيئة مستقلة فيتم تشكيل مجالس طبية فنية تضم في عضويتها أساتذة الجامعات من كليات الطب في التخصصات المختلفة مثل أي مستشفي متميز يتم تشكيل، وكما نعلم فقد طالب الرئيس السيسي منظمات المجتمع المدني بإدارة مستشفيات وزارة الصحة. وإذا كان القانون يشترط لإنشاء كلية للطب أن ينشأ مستشفي وهذا تكلفته باهظة تصل إلي مليار ونصف المليار جنيه، فيمكن أن يتم إسناد إدارة المستشفيات لكليات الطب، ولهذا فإن إعطاء الجامعات حق الإدارة الفنيه للمستشفيات الحكومية التي تري الجهات الرقابية أن أداءها غير مرضٍ ويتم التمويل من إرادات التأمين الصحي الشامل والقطاع الأهلي وبذلك يتم إعادة التوزيع الطاقة البشرية العظيمة للجامعات في كليات الطب بدون الاستغناء عنهم وسد العجز في التخصصات الطبية غير المتواجدة بوزارة الصحة، ويتم الاستفادة من كل أصول مصر االبشرية والمنشآت، ويتم حل مشكلة تدريب وتواجد الأطباء، وإنهاء مشكلة احتياجنا لكليات طب. د. خالد سمير عضو لجنة إعداد اللائحة :نهاية للفوضي.. و»مفيش حد هيمشي» تواجه مسودة اللائحة رفض عدد غير قليل من الأساتذة.. ووصفوها بالمقدمة لانهيار منظومة التعليم الطبي.. كيف ترون ذلك؟ حتي نضع الأمور في حجمها كليات الطب في مصر 23 كلية، كل كلية بها العشرات من الأقسام، ويمثل القسم مجلس القسم، وحتي نستطيع القول أن هناك اجماعا علي رفض مسودة اللائحة المعروضة فهذا أمر صعب، هناك آراء فردية وهم نفس الأشخاص الذين يعترضون دائما علي أية محاولات للتطوير، وعلي سبيل المثال كلية الطب جامعة القاهرة بها اكثر من 4 آلاف عضو هيئة تدريس، وحتي نقول إن هناك اعتراضا فيكون علي الأقل 10% أي 400 عضو تدريس. المعارضون لمسودة اللائحة يرون أنها خالفت المباديء التي قام عليها القانون.. هل حدث ذلك بالفعل؟ لم يحدث، ولابد أن نوضح أنه لا يوجد ما يسمي بتبعية المستشفي الجامعي لكلية الطب، فلقد مارست العمل 15 عاما في 5 جامعات عالمية من المائة الأوائل علي العالم، والمستشفيات الجامعية التي عملت بها في فرنسا وانجلترا والنرويج وكندا تابعة للهيئة العامة للمستشفيات، فمن الناحية الإدارية المستشفي هو مستشفي وليس فصلا لأن المرضي بشر وليسوا أداة تجارب، فمهمة المستشفي في الأساس تقديم العلاج وأثناء ذلك ينقل الأطباء خبراتهم ومهاراتهم إلي أطباء متدربين وهذا هو المنطق، وما حدث في مصر أن المستشفيات وبطريقة خاطئة تم إنشاؤها داخل الجامعات وفقا لقرار 3300 الصادر سنة 1965، ولم تحدد العلاقة بين أعضاء هيئة التدريس وبين هذه المستشفيات، وقانون تنظيم الجامعات الصادر 1972 هو الذي ينظم عمل كل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، فالمرتب واحد ولهم توصيف وظيفي واضح في القانون وواجباتهم واضحة. وماذا عن الرفض المعلن لمبدأ التعاقد؟ فكرة التعاقد هي محاولة إعادة هيكلة ما حدث لكن لن يكون بين ليلة وضحاها فأعضاء هيئة التدريس لهم حقوق قانونية لا نستطيع تغييرها بين يوم وليلة، والهدف مساعدة النظام علي أن تعود الأمور لمسارها الطبيعي. فالأستاذ هو المرجعية العلمية، نلجأ إليه اذا حدث خلاف علمي، وليس دور كل الأساتذة تقديم الخدمة العلاجية، وما حدث في مصر عام 1972 وهو أكثر ما أضر بجميع الكليات بصفة عامة وبكليات الطب هو إلغاء كراسي الأستاذية، فعندنا أقسام بكليات الطب بها ألف عضو هيئة التدريس لماذا؟، وأصبحت الكليات تحمل وزر العمل في المستشفيات بدون أجر ووقت غير كامل. هل كان يستلزم ذلك اللجوء إلي التعاقد الذي أكد الرافضون مخالفته للقانون؟ كلنا شاركنا في كتابة القانون، وتحديدا المادة 13 الخاصة بأعضاء هيئة التدريس أدعي أنني من قام بصياغتها، وكنت وقتها في البرلمان بدعوة من د. جمال شيحة رئيس لجنة التعليم وطلبوا رأيي، فقلت أن المستشفيات الجامعية تنهار لأن أعضاء هيئة التدريس يعملون بلا أجر. واكدت أن وضع أي قانون دون وضع أجر عادل لعمل عضو هيئة التدريس أولا يعطيه حقه، وثانيا : يمكن محاسبته عن طريق هذا الأجر، وهذا لن يتم إلا بالتعاقد. وشرفت بأن أكون عضوا في لجنة كتابة المسودة المعروضة حاليا، وكانت اللجنة تضم د. فتحي خضير عميد طب القاهرة السابق لكنه لم يشارك في اجتماعات اللجنة نتيجة بلوغه سن المعاش. الرأي الآخر يري أن أسلوب التعاقد معناه إجبار عضو هيئة التدريس علي العمل داخل المستشفيات بشروط اللائحة أو ترك وظيفته تماما. هل سيحدث ذلك؟ لن يحدث، فهناك نوعان من التعاقد في مسودة اللائحة، الأول: التعاقد لوقت كامل وهو المطلوب ولو الأمر بين أيدينا يكون هناك نظام واحد للكل وهو التفرغ الكامل، ولا يعمل في جهة أخري وفي المقابل يحصل علي أجر جيد يضمن له عيشة كريمة وهو ما يطبق في كل دول العالم. لكننا لا نستطيع في مصر أن نفعل ذلك فلدينا عشرة أضعاف ما نحتاجه للعمل في المستشفيات. والتعاقد الكامل سيكون مع المسئولين الذين سيتواجدون بصفة دائمة، وهذا الهيكل سسيتولي المناصب الادارية وسيحصل علي بدل 100% من راتبه. وماذا عن التعاقد الجزئي؟ الجزء الثاني من الوظائف يتم تقسيمها إلي تعاقد جزئي يوم يومين إلي آخره، وتناسب حقوق المتعاقد مع مدة التعاقد العمل. فالعقد سينظم العمل ويضمن الحقوق والواجبات. وهناك أطباء سيرفضون التعاقد نظرا لعملهم في جهات خاصة. وأؤكد أن هذا النظام سيبدأ في المستشفيات الجامعية وسينتقل لكل مصر، وسينظم الطب في مصر. فالتفرغ سيمنح عضو التدريس قدرة أكبر علي العمل، وسيكون هناك خدمة وجودة أفضل للمريض،والدخل سيزيد. والفوضي الموجودة حاليا سينظمها التفرغ للمستشفيات. يؤكد الرافضون أن هذا النظام غير مناسب، ويتوقعونه بداية لانهيار كليات الطب؟ »مفيش حد هيمشي» حقوق الكل محفوظة، وعضو هيئة تدريس وفقا لقانون تنظيم الجامعات ليس دوره تقديم الخدمة العلاجية ولكن التعليم والتدريب والبحث، وبصراحة هل كل أعضاء هيئة التدريس يقدمون خدمة علاجية وسيقوم النظام الجديد بحرمانهم منها، الكل يعرف الواقع. من الملاحظات الأخري التي يفندها المعارضون أن فكرة الفصل مستحيلة.. ما رأيكم؟ نحن لانخترع مستشفيات، وهيكل المستشفي في الأساس يحسب علي أساس القدرة الاستيعابية للمرضي، تستقبل كم مريض لديك كم غرفة عمليات، لديك 4 غرف عمليات فما تحتاجه 5 جراحين، وليس 150 طبيبا و200 أحيانا، وما يقوله المعترضون علي المسودة معناه تفصيل لائحة لتكريس الوضع الحالي ليبقي كل شيء علي ما هو عليه، وهذا مستحيل. كيف تستفيد مستشفيات وزارة الصحة من طاقة كليات الطب؟ الاقبال علي مستشفيات وزارة الصحة ضعيف مقارنة بالجامعية لسببين، فمن الناحية المادية وزارة الصحة لا تدفع أجورا عاجلة،و الأمر الآخر أن مستششفيات الصحة توفر فرصا تعليمية جيدة ولا تمنح شهادات. لهذا تم الاتفاق علي أن يكون هناك شهادة واحدة في كل تخصص وهي البورد المصري، وبدأ بالفعل تطبيقه في الزمالة، وتدريجيا مستشفيات وزارة الصحة ستصبح جاذبة إذا أعطت أجورا عادلة. مع تطبيق فكرة التفرغ الكامل ستسقيم الأمور.