من المبهج أن تجلس أمام التلفاز وأنت لم تتجاوز ال 10 أعوام، لتشاهد نفسك فى أحد الإعلانات أو المسلسلات، ثم تتلقى اتصالات عديدة من الأهل والأقارب، وإذا بهم يشيدون بأدائك وظهورك المميز، وتتذوق طعم النجاح للمرة الأولى وأنت طفل صغير، هذه الأجواء كفيلة بأن تجعلك تعانق الحياة مرارًا وتكرارًا وتفتش عن المزيد من المواهب والهوايات لتتحقق ذاتك. هذا ما فعله أطفال الإعلانات الشهيرة، لم يكتفوا بالتمثيل فقط وإنما انخرط بعضهم فى مجال الغناء وآخرون فى كرة القدم والسباحة وغيرها. «روز اليوسف» التقت بمجموعة منهم لمعرفة كيف جاءت لهم فرصة المشاركة؟ وما الأشياء التى تعلموها من هذه التجربة؟ وكيف يقضون أوقاتهم ما بين الدراسة والعمل فى سن مبكرة؟ «ياسين» حارس مرمى «الزمالك»: مبسوط من إعلانى مع تامر حسنى تتجه والدته صباحًا إلى غرفته لتوقظه، لكنه لا يستجيب، تظنه فقده وعيه أو أصيب بمكروه، تستدعى والده سريعًا وهى تبكى وإذا به يستيقظ فى اللحظات الأخيرة ويخبرهما أنه كان يستعرض موهبته فى التمثيل، كانت بداية مشوار «ياسين سعيد» طريفة مع والديه، فكثيرًا ما تقمص أدوارًا مختلفة أمامهما وظناها حقيقية، تعمل والدته «فاطمة الصوفى» فى أحد مكاتب «الكاستينج» ما أتاح له بسهولة الظهور فى إعلانات عديدة. إعلان مستشفى 57357 الذى قدمه المطرب «تامر حسنى» رمضان الماضى، أبرز الإعلانات التى شارك فيها «ياسين» صاحب ال 8 أعوام، تقول والدته: «تم تصوير الإعلان فى يومين اليوم الأول فى المستشفى والثانى فى استديو بمنطقة المنصورية الذى ظهر فيه الأطفال داخل الملاهى والبنات التى ترقص باليه». يلتقط منها «ياسين» أطراف الحديث، يتذكر كواليس الإعلان وتصويره الذى بدأ فى الرابعة فجرًا: «تامر حسنى شخصية جميلة وأتمنى أكون مثله، كان يمزح معنا قبل التصوير وبعد وقت الاستراحة وكان يلعب ويجرى معنا، هذا أفضل إعلان شاركت فيه». عاشت «فاطمة» كواليس تصوير الإعلان بكافة تفاصيلها مع طفلها، كانا يجلسان وقت الاستراحة وشاهدا أحد أطفال المستشفى وهو يأخذ جرعة الكيماوى، حيث تركت الممرضة الباب مفتوحًا: « كنا نتناول الطعام والعصير، كان الطفل يبكى وبكى معه ياسين، عانقته بشدة فلم أتوقع منه كل هذه الحنية وأخذ يسألنى: هل سيظل الطفل يتألم هكذا طوال حياته، كلما تذكرت هذا الموقف أشعر بحزن شديد، مشيرة إلى أنها كانت مريضة ذات يوم واستيقظت ووجدته يقوم بتنظيف المنزل وغسل الصحون. ملامح «ياسين» أتاحت له فرصًا عديدة للمشاركة فى إعلانات سعودية، فهو يشبه السعوديين كثيرًا، كما شارك فى إعلان توعية للزواج المبكر للإناث فى انتظار عرضه على التليفزيون، ويستعد للمشاركة فى مسلسل جديد الفترة المقبلة، تقول والدته: «طالما أن الطفل يحب ما يفعله يتحمل مشقته مهما كانت، ياسين كان يذهب وقت التصوير دون أن ينام وكان يُشارك وهو مبسوط رغم تعبه، كما أن وقت التصوير طويل ويستمر حتى الليل، يتمنى أن يصبح ممثلًا مشهورًا لأنه محترف فيه، كما يجيد الرسم والتلوين». يلعب «ياسين» فى حراسة مرمى نادى الزمالك رغم جسمه الضئيل: «منذ التحاقه بالنادى قرر أن يكون حارس مرمى والكابتن حينما دربه أكد أن أداءه جيد، فهو يجيد التركيز ومستمع جيد. مؤكدة أنه يميل إلى مشاهدة الأفلام الأجنبية الأكشن والخيال العلمى والتى تتحدث عن مغامرة، ويضيف ياسين: «بابا يشجع نادى الزمالك لذا التحقت به، وماما ترافقنى دائمًا فى وقت التمثيل وبابا يذهب معى وقت تصوير الإعلانات والتمارين». «إسماعيل» و«برطمان السعادة»: الإعلان علمنى أكون شاطر بدأ مشواره فى مجال الإعلانات من خلال موقع التواصل الاجتماعى، حيث شارك فى إعلان خاص بأحد المصانع تم إطلاقه على الإنترنت، تدور فكرة الإعلان حول «برطمان السعادة»، لتحفيز الأطفال على الصلاة وعمل أشياء إيجابية، كان «إسماعيل إسلام» بطل الإعلان، الذى أدى فيه دور طفل يسحب ورقة من البرطمان ثم أعطاها لشخص آخر ليقرأها وكانت بها رسالة تحفزه على الصلاة وعبادة الله. لدى «إسماعيل» 9 أعوام يدرس فى الصف الثانى الابتدائى لغات، ويقطن فى الإسكندرية، تقول والدته: «صاحبة فكرة الإعلان بنت خالتى وهذا أتاح له سهولة التمثيل فى الإعلان»، تؤكد والدته أنه تخرج فى دار اقرأ لتحفيظ القرآن وختم جزء «عم»، كما أنه من المتفوقين فى مدرسته، لديه برطمان السعادة فى المنزل كما يسجل كل عمل جيد يقوم به، ولديه حصالة ومصلية، انعكست فكرة البرطمان على شخصيته رغم أنه مشاكس ومتكلم، لكنه سريع التوجيه ويحب أن يكون متميزًا فى كل شيء». تفوق «إسماعيل» فى كرة القدم، حيث التحق بأكاديمية «باريس سان جيرمان» بصفته مهاجمًا وسط الملعب، كما يلعب سباحة، ويضيف: «أتمنى الظهور فى إعلانات أخرى وأتفوق فى الرياضة والسباحة، وأكون مثل محمد صلاح، وبابا يحفزنى دائمًا وماما تتمنى أن أصبح مهندس ديكور لأننى أحب الرسم». «كارما» و«زياد»..رفيقا الأوبرا والتمثيل: ماما بتشجعنا دايمًا بينهما 3 أعوام لكنهما تقاسما نفس المواهب، لذا اختارت والدتهما «مى نبيل» ترك عملها بصفتها محامية كى تتفرغ لهما، لدى «زياد» 10 أعوام وشقيقته «كارما» 7 سنوات، تجلت موهبة «زياد» فى مرحلة ال «كى جى»، كان يحفظ أغنية «لولا الملامة» ويُشارك فى الإذاعة المدرسية بصوته العذب، فاتجهت به والدته إلى دار الأوبرا بمركز تنمية المواهب وتم قبوله، كانت «كارما» تحفظ معه الأغانى وظهرت موهبتها أيضًا وعمرها 6 أعوام ثم لحقت بأخيها فى كورال تنمية المواهب بدار الأوبرا. يعمل والد «زياد» و«كارما» مهندسًا، لكنه شارك فى إعلانات عديدة مما أتاح لهما فرصة دخول المجال من خلاله، تقول مى: «ظهر فى إعلان مورو وفودافون وشارك فى أدوار صغيرة بمسلسل طايع وكلبش الجزء الأول، ويكتفى بالأدوار الصغيرة لالتزامه بعمل كمهندس»، مشيرة إلى أنها ظهرت فى اللقطة الأولى من إعلان «أحمد ذكى» فى رمضان الماضى: «كنت الأم التى تحمل الطفل وتعبر به الطريق». تؤكد الأم أن طفليها اشتركا فى الظهور ببعض الإعلانات وهناك إعلانات أخرى كانت تأتى لكل منهما منفردًا: «شاركا سويًا فى إعلان مستشفى الدمرداش وكنت فخورة بذلك لأن المستشفى لم يعمل إعلانات من قبل وكانت مشاركتهما مميزة، وشاركا سويًا فى إعلانين لمستشفى 57، وإعلان مستشفى بهية شارك فيه زياد وحده». شارك الطفلان فى برنامج «ورطة إنسانية» المُذاع فى رمضان: «ظهر زياد فى حلقة قوم يا صلاح، وظهرت كارما فى حلقة مختلفة تقمصت شخصية فتاة والدتها متوفية وترفض قبول لبس العيد من والدها»، سافرا الطفلان إلى دولة المغرب لمدة 15 يومًا بعدما اختارتهما دار الأوبرا للمشاركة فى المهرجان الدولى لأطفال السلام: «سافرا برفقة دكتور عبدالوهاب رئيس مركز تنمية المواهب والأستاذ حازم طايل، كانوا يرسلون لنا الفيديوهات الخاصة بهما وكنت أتواصل معهما 5 دقائق فى اليوم وحينما عادا استقبلناهما استقبالًا حافلًا فى المطار بالورد والزغارى لأنهما مثلا مصر هناك». ينتمى زياد لفرقة «أبيض وأسود»، مسرح حر، شارك فى مسرحية «ولا كان على بالى» و«وإيه يعنى» بالجامعة الأمريكية، مؤكدة أنهما من أوائل المدرسة كل عام ويدرسان فى لغات، لم يتقاسم «زياد» و«كارما» المواهب فقط فقد جمعتهما ذات الهوايات: «اهتماماتهما واحدة يلعبان سباحة مع بعض، وكارما تلعب باليه فى الأوبرا». وتضيف: «مواهبهما وأنشطتهما متعددة لكن زياد يميل أكثر إلى التمثيل وكارما تحب الغناء»، اللحظات المميزة فى حياة «مى» مع طفليها تكمن وقت ظهور النتيجة: «أبكى حينما أعلم أنهما من أوائل المدرسة لأن دراستهما ثقيلة وأشعر أن هذه ثمرة تعبى معهما، والفترة التى عملت بها قل مستواهما الدراسى لذلك تركت كل شىء لأجلهما رغم حصولى على ماجستير فى القانون»، أما اللحظات المفضلة لدى الطفلين فهى حينما يشاهدان نفسيهما على شاشة التلفاز: «يستقبلان اتصالات من أقاربهما وأصدقائهما، ويشيدان بهما ويكونان فخورين بنفسيهما فى هذه اللحظة».