«الدواعش» ليسوا إسلاميين فقط، فلكل دين متطرفوه من أصحاب الفكر الأصولى. فى اليهودية كان التطرف موجها بصفة عامة ضد الفلسطينيين وفى حالات كثيرة يشطح الحاخامات إلى فتاوى للمجتمع الإسرائيلى أقل ما يقال عنها أنها متطرفة. مؤخرا أخذ الأمر منحى مختلفا بعدما بدأ يهود متطرفون فى الهجوم على جيش الكيان الصهيونى، وأعلنوا رفضهم للتجنيد الإجبارى، وحرضوا على قتل كل من يحث أو يغرى على التجنيد الإجبارى. فتاوى قتل اليهودى لليهودى جديدة وربما لم تكن منتشرة من قبل، فالفتوى وصفت الجيش الإسرائيلى بجيش الدمار، وحرضت المجندين على الانتحار بدلا من التجنيد عنوة، ووصف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى حرق المتطرفين لتمثال جندى يهودى بالعمل الحقير. قريبا ربما تنطلق دعوات لتجديد الخطاب الدينى اليهودى لكبح جماح المتطرفين، خاصة أن صعود الدواعش يسير بوتيرة متسارعة، لم يكن الإسرائيليون من قبل يعترضون على فتاوى القتل خاصة أنها لم تكن موجهة لهم. «بعد عامين من الهدوء، شهدت فيها العلاقات بين اليهود المتشددين، والجيش الإسرائيلى، تميزا غير مسبوق، أصبح هناك من يسعى إلى تأجيج الوضع»، هكذا صرح قادة الجيش الإسرائيلى قبل أسبوعين، وبعد هجمات عديدة نفذتها بعض الجماعات اليهودية المتطرفة ضدهم، إثر فتوى جديدة بالانتقام منهم. فى الفترة الأخيرة انتشرت عمليات إرهابية يهودية متطرفة،ضد الجيش الإسرائيلى. هجمات اليهود المتطرفين انتشرت الأسابيع الأخيرة، ضد اليساريين، وقوات الأمن وأغلبها حدث فى مستوطنة «يتسهار» المتطرفة على وجه التحديد. تم تصوير بعض الهجمات بالفيديو، وتم تسجيل تسعة شرائط لتلك العمليات الانتقامية، ضد الجيش، والشرطة حسبما ذكرت جريدة «هاآرتس» إلا أنه لم يتخذ أى إجراءات حتى الآن. مستوطنة «يتسهار» تشتهر بالتطرف اليهودى وهى موطن جماعة «شباب التلال» اليهودية المتطرفة، وهم جماعة دينية تعارض الكيان الصهيونى وجيشه وتسعى إلى جعل الكيان الصهيونى، مجتمعا دينيا متشددا. وعلى مر السنين، دخل سكانها فى اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية. الإعلام الإسرائيلى قدم تلك الجماعة باسم (دواعش اليهود) أو (تكفيريو اليهود) نتيجة لتشابه أعمالهم الإجرامية، بتنظيم «داعش» الإرهابى، من عمليات تخريب، وحرق وقتل بتخطيط مسبق، وتنسيق سرى. يرفضون مفهوم الدول السياسية الحديثة، ومؤسساتها العلمانية، ويريدون العودة إلى عهد سابق، فى إطار النظام الدينى اليهودى، لكن الفرق أن هؤلاء اليهود عددهم محدود حتى الآن. آخر حادثة بين تلك الجماعة، وبين الجنود الإسرائيليين كانت عندما انتقلت الشرطة الإسرائيلية الثلاثاء الماضى، قاصدين يهوديين متطرفين، لرشقهما سيارة إسعاف إسرائيلية بالحجارة، بينما اعتقل قاصر ثالث، لإلقائه الحجارة على قوات الأمن، وهنا صرح الجيش الإسرائيلى فى بيان له: إن حادث سيارة الإسعاف خط أحمر. وأضاف البيان بنبرة قلق واضحة، بدت لتهدئة هؤلاء اليهود، بأنهم أكدوا أن أى ضرر أو أذى لقوات الأمن، يمنعهم من القيام بواجباتهم تجاه حماية سكان المنطقة. وكان الجيش الإسرائيلى قد اعتقل قبلها بيومين ثلاثة مستوطنين آخرين خلال اشتباكات عنيفة، وقعت أثناء هدم مبنى غير قانونى فى نفس المستوطنة. وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، قام اليهود المتطرفون برشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة، وقطعوا الطرق أمامهم من خلال إلقاء أشياء حادة على الطرق. كما وقع خلال الأسابيع القليلة الماضية 12 هجوما عنيفا، من قبل اليهود المتطرفين ضد الفلسطينيين، والإسرائيليين اليساريين، والجنود الإسرائيليين فى الضفة الغربية وحدها. وقد حث قادة جهاز الأمن العام الإسرائيلى ال«شاباك» حاخامات اليمين المتطرف، على كبح جماح الشباب المتطرف، فى اجتماع وصفه موقع القناة الثانية الإسرائيلية بالتاريخى، داخل مقر الجهاز. تصعيدات الجماعات اليهودية المتشددة، جاءت بعد أن شن الجيش الإسرائيلى حملة ضد «شباب التلال» على وجه التحديد فى الأشهر الأخيرة، بما فى ذلك منع بعضهم من دخول «الضفة الغربية» لعدة أشهر. هذا القرار اعتبرته صحف إسرائيلية نتيجة ل«فتوى يهودية» انتشرت فى أحياء المتطرفين فى مدينة «القدس» الشهر الماضى تبيح لسكانها قتل الجنود الإسرائيليين من خلال توزيع ولصق منشورات فى الأحياء والشوارع. ونشرت حينها جريدة «جيروزاليم بوست» المنشور الذى كان نصه إذا أجبرت وأخذوك بالقوة إلى جيش الدمار أى الجيش الإسرائيلى فإنه يسمح لك ويجب عليك القيام بالإجراءات التالية: خذ البندقية، التى تجدها، واقتل أى مجندة بجانبك. بينما أضاف موقع «تايمز أوف إسرائيل» أن المنشور أوضح وجهة نظر اليهود بأن هذا العالم ما هو إلا ممر للحياة الأبدية فى عوالم قادمة، إذا فقدت هذا العالم أى قتلت نفسك لتنفيذ الشريعة اليهودية . الشرطة الإسرائيلية حققت فى مصدر المنشور الذى يحرض على العنف والذى أثار حفيظة ضباط الجيش الإسرائيلى وتعهد قادة الجيش فى رد عنيف بأنهم سيواصلون تجنيد أى شخص يطلبه القانون الإسرائيلى. وكان قد عثر على ملصقات يهودية متطرفة من نوع آخر منتشرة فى منطقة «بنى براك» بالقرب من تل أبيب، تحرض الأطفال اليهود المتطرفين على اعتراض كبار الجنود لاعتقادهم أن زج الأطفال وسط الأحداث يكسبهم القضية تحت ستار الشريعة، فكانت تقدم تلك المنطقة جوائز للأطفال الصغار، إذا ما ألقى القبض عليهم أو تأذوا أثناء توبيخهم الجنود، ورجال الشرطة الإسرائيليين. اعتقلت الشرطة الإسرائيلية سبعة مشتبه فيهم، من بينهم قاصران للهجوم على ضباط شرطة سريين، تخفوا فى زى رجال الدين اليهودى. وشهدت القدس قبلها بأسبوع أحداثا عنيفة نتيجة خروج عشرات المظاهرات نفذها متطرفون «يهود حريديم» بعد تحريضهم ضد أفراد المجتمع اليهودى، الذين ينضمون إلى الجيش الإسرائيلى. وكان حشد من الرجال والنساء المتطرفين أحرقوا قبلها بأيام قليلة تمثالا لجندى إسرائيلى بأحد أحياء مدينة «القدس» فى حادث وصفه رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» بأنه «حقير» كما وصفه وزير الدفاع «أفيجدور ليبرمان» بأنه عمل مخجل وخطير. وكثيرا ما تعرض جنود الجيش اليهود المتدينين والضباط والمسئولين المشاركين فى تشجيع التجنيد الحربى للإساءة اللفظية والاعتداء الجسدى والمضايقات وحتى التهديدات بالقتل. يحاول الكيان الصهيونى بذل جهد كبير للتعتيم على الأمر خاصة أن أغلب الهجمات والاعتداءات لم يحرك فيها القضاة الإسرائيليون ساكنا. والدليل على ذلك أن القضاة أدانوا يوم الأحد الماضى ال«شاباك» إثر نشرهم صورة أحد المعتدين اليهود المتطرفين. جريدة «هاآرتس» قالت إن قاضى محكمة الاستئناف العسكرية «رونين أتزمون» اعترض على خطأ ال«شاباك» لانتهاكه أمر نشر صورة لمستوطن منع من دخول منطقة «الضفة الغربية» إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية. وزعم القاضى أن سر اعتراض المحكمة حسبما أشاع هو الإفراج عن أدلة فى قضية «إلكانا بيكار» من سكان مستوطنة «يتسهار». وضع المتطرفون اليهود الحكومة فى صراع مع اليسار العلمانى المتمثل فى يهود الغرب وبصفة خاصة يهود الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإن شئنا الدقة فإن أغلب المشاكل داخل المجتمع الإسرائيلى منبعها اليهود المتطرفون أو جماعة «الحريديم»، فهم يتبنون مواقف متشددة مما يجبر الحكومة على تبنى مواقفهم ما يتسبب لها فى أزمات سواء داخل المجتمع أو فى علاقتها مع الفلسطينيين. دفعت موجة من الانتقادات اليمينية حكومة «بنيامين نتنياهو» للتراجع عن قرار بإنشاء مساحة عند «حائط المبكى» وهو الاسم اليهودى، ل «حائط البراق»، بمدينة «القدس» يمكن فيه للرجال والنساء أن يصلوا معاً، ويمكنهم من ممارسة الشعائر الدينية غير المتزمتة، مما أغضب اليهود الأمريكيين الذين يعتبرون أكثر ليبرالية. وانصاع رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأمر بتوقف المشروع، خوفا من الجماعات اليهوديةالمتشددة التى لا تسمح أبدا باختلاط الرجال والنساء.