يبدو أن سد النهضة لن يساعد إثيوبيا على تحقيق النهضة الاقتصادية التى كانت ترجوها إذ ضربت موجة جفاف الهضبة الإثيوبية أثرت على تدفقات المياه فى النيل الأزرق ومن ثم انخفضت مناسيب المياه فى بحيرة ناصر، ووفقا لتقرير صادر عن وزارة الرى فإن هناك توقعات بحدوث اضطرابات فى منسوب المياه فى نهر النيل وهو ما سيؤثر سلبًا على محطات مياه الشرب وقنوات الرى وفى حالة تعويض هذا الانخفاض فى منسوب النيل من مياه بحيرة ناصر فإن ذلك سيؤثر على المخزون الاستراتيجى لمصر من المياه. وكانت مصر قد اعترفت بشرعية سد النهضة وأنه أصبح أمرًا واقعًا وذلك بناءً على ما قاله سامح شكرى وزير الخارجية الذى أكد أن مصر تسعى للحفاظ على حقوقها التاريخية فى مياه نهر النيل وأن بناء السد حق للشعب الإثيوبي، فى الوقت ذاته بدأ سيناريو «الشح المائي» الذى بات قريبًا من المصريين يظهر بقوة، وهذا الأمر ليس بسبب سد النهضة وإنما بسبب موجة الجفاف التى ضربت إثيوبيا مؤخرًا، مع نقص تدفقات المياه فى النيل الأزرق وروافده. فى الوقت ذاته تصر إثيوبيا على استكمال بناء السد وهو الأمر الذى سيخفض مناسيب المياه فى بحيرة ناصر، وسط توقعات بزيادة معدلات الانخفاض خلال الأشهر المقبلة. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الرى فإن هناك توقعات بحدوث اضطرابات فى مناسيب المياه فى نهر النيل ستؤثّر سلبًا على تشغيل محطات مياه الشرب والرى والكهرباء بسبب انخفاض مستوى المياه، وسيؤثر ذلك على المخزون الاستراتيجى لمصر فى بحيرة ناصر. الدكتور هانى رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكد أن مصر لن تدخل مفاوضات شرسة مع إثيوبيا التى مازالت مصرة على بناء السد - خاصة أننا دخلنا المفاوضات مع الجانب الإثيوبى على مراحل وعلى مستوى قيادات مختلفة ولم يحدث أى تقدم ملحوظ، فالموقف الإثيوبى ثابت ولم يتغير بشأن بناء السد بنفس الأبعاد المحددة من قبل وبنفس سعة التخزين وبدون أى ترتيبات مع مصر وهو ما أكدته تصريحات وزير الخارجية المصرى سامح شكرى بأن السد أصبح أمرًا واقعًا وعلينا كمصر تقليل الأضرار فقط ورغم ضآلة الهدف إلا أننا لم نحرز أى تقدم فى هذا الشأن أيضًا. وفيما يتعلق بإجراء الدراسات لتقييم الآثار المترتبة على بناء السد كان الاتفاق بأن تنتهى هذه الدراسات خلال 6 أشهر ومر على ذلك 30 شهرا ولم تبدأ هذه الدراسات من الأساس. وأوضح رسلان أن الجانب الإثيوبى يضع عراقيل على الدراسات تخرجها عن المسار المتفق عليه وبالتالى هى دراسات غير مجدية وحتى لو أُجريت فإنها لن تكون ملزمة للجانب الإثيوبي. أضاف رسلان أن الحديث عن مفاوضات شرسة بين الجانبين المصرى والإثيوبى أصبح ضربًا من الخيال لأن مسار المفاوضات عقيم ولن يكون فيه جديد. الدكتور نادر نور الدين خبير الموارد المائية قال إن تقارير الأممالمتحدة تتوقع أن يضرب الجفاف إثيوبيا خلال هذا العام نظرا لوصول النيل الأزرق لأدنى مستوياته بانخفاض تدفقاته المائية إلى النصف أى أنه سيصل إلي 20 أو 24 مليار متر مكعب بعدما كان50 مليار متر مكعب وهو ما يشير إلى أن إثيوبيا ودول القرن الأفريقى ستشهد خلال 2016 أسوأ سنوات الجفاف ولهذا رصدت الأممالمتحدة مليارًا و250 مليون دولار لمجابهة الشح المائى المتوقع ومن أجل توفير نفقات الإغاثة للمناطق المنكوبة فى إثيوبيا. وأوضح نور الدين أنه رغم أن مستوى المياه فى بحيرة ناصر وصل إلى أقل مستوياته 10 مليارات متر مكعب مع انخفاض تدفقات النيل الأزرق فإن إثيوبيا لا تزال مصرة على بدء تخزين المياه فى السد يوليو القادم لحجز أول 14.5 مليار متر مكعب لتشغيل أول توربينين كهرباء من أصل 16 توربينًا فى المنظومة بعد تخزين74.4 مليار متر خلال عامين. وأشار إلى أن بحيرة ناصر ظلت تمد مصر باحتياجاتها خلال 9 أعوام جفاف وأنه ليس مؤكدًا أن تمد بحيرة ناصر مصر بالمياه للعام العاشر وأن مصر ستخوض مفاوضات عنيفة مع الجانب الإثيوبى خلال الفترة القادمة. وأكد أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزارة الرى تكشف أن الحكومة بدأت بمصارحة الشعب بحقيقة الأمور، حيث طالب الوزير المصريين بترشيد الاستهلاك وأعلن عن فرض غرامات على غسيل السيارات فى الشوارع وغيرها من مظاهر تبديد المياه. واستبعد نور الدين استخدام الحل العسكرى كخيار مصرى مطروح فى مقابل إصرار الجانب الإثيوبى على استكمال بناء السد رغم سنوات الجفاف التى تشهدها أفريقيا وأن الأمر أصبح مستحيلاً خاصة بعد توقيع مصر على وثيقة إعلان المبادئ التى تم الاتفاق فيها على بناء السد مع مراعاة حقوق مصر المائية، لكن حتى الآن إثيوبيا ترفض الاعتراف بحصة مصر التاريخية من المياه ونأمل أن تنتهى المفاوضات إلى تحديد حصة مصر من المياه. الدكتور مغاورى شحاتة خبير المياه الدولى أكد أن التغيرات المناخية قد يكون لها تأثيرات على حصة مصر المائية وأن احتمالات الجفاف قائمة، خاصة أنه من السيناريوهات المتوقعة أن تنخفض مواردنا المائية بنسبة 70% ويزيد من هذه التوقعات اعتبار برنامج الأممالمتحدة إثيوبيا منطقة سوف يضربها الجفاف خلال هذا العام الأمر الذى يجعلنا ندرك أن هناك تأثيرًا مباشرًا على موارد نهر النيل. وأضاف أنه بعيدًا عن احتمالات تأثر حصة مصر من مياه نهر النيل مع امتداد الجفاف وانخفاض كمية الأمطار التى تسقط على المنابع الرئيسية وانخفاضها لأقل من معدلاتها السنوية فإنه من المتوقع أن تتأثر حصة مصر مع استكمال بناء سد النهضة الإثيوبى وبدء ملء خزان السد. وأوضح أن سد النهضة مشكلة أساسية تضاف إلى الأزمة القائمة حاليا والمتمثلة فى تعرض دول القرن الأفريقى للجفاف وأن نقص المياه على الهضبة الأثيوبية سيؤدى إلى انخفاض منسوب نهر النيل على المدى القريب، مشددًا على ضرورة ترشيد استهلاك المياه وأن أزمة نقص المياه ستتضح بشكل أكبر خلال فصل الصيف. ولفت إلى وجود موازنة من وزارة الرى لتنمية موارد مصر من المياه فى منطقة الوادى والدلتا واستبعد أن تتأثر النسبة المستخدمة فى مياه الشرب لأن محطات تنقية المياه حصتها ثابتة بما يقدر ب 11 مليار متر مكعب فى العام يضاف إليها احتياجات أخرى كالصناعة وغيرها، بينما تحظى الزراعة باستهلاك أكبر للمياه الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى شبكات الرى والتى تحتاج للصيانة ولديها الكثير من المشكلات. فى المقابل كشف رجب عبدالعظيم وكيل أول وزارة الرى عن توقف عدد من المشروعات مع دول أعالى النيل لزيادة إيرادات نهر النيل، لافتا إلى ضرورة الاستمرار فى التفاوض مع هذه الدول لاستئناف العمل بهذه المشروعات. وقال: المياه متاحة بوفرة ومع ذلك لا يصلنا من إيراد النهر إلا 5% من مجموع هذه المياه المتساقطة على دول أعالى النيل، ومصر تسير حاليا فى طريق زيادة التعاون مع دول الحوض. وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة أكد أن هذا الملف له أولوية كبري، مشيرا إلى انتهاج سياسة مائية لاستغلال حصتنا المائية أفضل استغلال، وتعظيم الاستفادة منها. وبخصوص تراجع إيراد نهر النيل هذا العام، أوضح أن هذه طبيعة دورة النهر فهناك سنوات يكون فيها وفرة وسنوات أخرى يكون فيها انخفاض فى منسوبه وأنهى كلامه أن إيراد النيل هذا العام ضعيف لأن الفيضان جاء شحيحا.