فى ساعة متأخرة من مساء الأربعاء 17 يونيو الماضى وافقت الإدارة الأمريكية على قرار يلزم واشنطن باستخدام حقها القانونى «قوة النقض Veto Power» «فيتو» فى مجلس الأمن الدولى - أول اجتماع بتاريخ 17 يناير عام 1946 - ضد أى مشروع من شأنه المطالبة الدولية للاعتراف بحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية فى منطقة الشرق الأوسط. المثير أن قرار الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» الذى سيحول دون إقامة أى دولة فلسطينية مستقلة ولو على أراضى ما بعد عام 1967 استند على اتفاقية سياسية - سيادية صُنفت تحت بند «منتهى السرية» وقعتها واشنطن مع تل أبيب مساء 25 مارس عام .1979 الولاياتالمتحدةالأمريكية جددت بالتالى التزامها أمام تل أبيب وبصيغة المستقبل بتفعيل بنود قديمة لاستخدام حق النقض الدولى الفيتو ضد كل مشروع يقدم إلى مجلس الأمن يكون من شأنه إدانة الدولة العبرية وتهديد أمنها القومى وخوض الحرب بجانب إسرائيل علانية مستقبلاً ضد أى دولة عربية. مصدر أمريكى مهيمن داخل الحزب الجمهورى - تأسس فى 20 مارس عام 1854 - كشف أن قيادات حزبية تتقلد مناصب مفصلية فى مجلس الشيوخ اجتمعت فى مقر الحزب 310 First Street SE لأهمية القرار ولدراسة تداعياته مساء الأربعاء 17 يونيو 2015 قبل أن يفاجأ به العالم فى مجلس الأمن بالفترة القادمة مع 31 مليون ناخب يشكلون قاعدة الحزب الجمهورى الانتخابية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. فى السياق نفسه اتخذ البيت الأبيض قرار معارضة أى مشروع لقيام الدولة الفلسطينية فى إطار حل الدولتين تحت بند «منتهى السرية» المعروف أنه الأكثر حساسية فوق التصنيف «سرى للغاية» ضمن مفردات ومصطلحات تعريفات الأمن القومى الأمريكى. وأشار مسئول الحزب الجمهورى أن السيدة Samantha Powerالسفيرة الدائمة الثامنة والعشرين على قائمة سفراء أمريكا لدى منظمة الأممالمتحدة الثابت شغلها المنصب بداية من 2 أغسطس عام 2013 قد ألمحت لدوائر سياسية هامة داخل المنظمة الدولية أن القرار الأمريكى لا رجعة فيه. وكشف ضمن معلوماته الحصرية أن السيدة Samantha Power قدمتمنذ أيام بشكل رسمى خلال جلسة خاصة أحيطت بالسرية أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ التى يترأسها الجمهورى Edward Randall Royce عضو المجلس عن ولاية كاليفورنيا الثابت توليه منصبه بداية من 3 يناير عام ,2013 بعض البيانات الاستراتيجية الضرورية التى احتاجها مجلس الشيوخ بشأن القرار الأمريكى لاستخدام حق النقض «الفيتو» أمام مجلس الأمن ضد كل مشروع يهدد أمن إسرائيل ويقرر لإعلان قيام الدولة الفلسطينية على أراضيها من قبل المجتمع الدولى. يذكر أن السفيرة Power التى تقود بالوقت الراهن فريق تطبيق سياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية أمام منظمة الأممالمتحدة أمريكية - أيرلندية الأصل من مواليد 21 سبتمبر عام 1970 وتحمل شهادات القانون من جامعة Yaleوجامعة Harvard Law School. على جانب آخر موازٍ شهدت الأيام القليلة الماضية اختلافًا حادًا فى وجهات النظر بين واشنطن وتل أبيب من جهة مع باريس التى زارها «تامير باردو» وسط إجراءات سرية خاصة وتعتيم إعلامى كامل الثابت توليه منصبه كمدير لمؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة - جهاز الموساد الإسرائيلى- بتاريخ 6 يناير عام .2011 وكانت معلومات جهاز الموساد قد أكدت أن فرنسا انتهت تقريباً من دراسة ومناقشة مشروع ستتقدم به بشكل علنى رسمى خلال الأسابيع القليلة القادمة إلى مجلس الأمن للمطالبة بإعلان قيام الدولة الفلسطينية فى إطار تفعيل حل قيام الدولتين، إلا أن الرئيس الفرنسى Francois Georges Nicolas Hollande الثابت توليه منصبه بتاريخ 15 مايو عام 2012 رفض الضغوط الإسرائيلية وأصر على أن القرار الفرنسى لا علاقة لأى دولة ثالثة به. الأمر الذى استدعى تدخل الولاياتالمتحدة على الخط حيث أبلغت باريس أنها بالفعل يمكنها التقدم إلى مجلس الأمن بالمشروعات التى تقررها لكن واشنطن ستستخدم عند التقرير حق النقض الفيتو مما وضع السياسة الفرنسية الخارجية فى مأزق خشية الرد الأمريكى. الغريب أن معلومات الحزب الجمهورى أكدت دقة علم السلطة الفلسطينية المسبق والكامل بالقرار الأمريكى المتوقع ضد قيام الدولة الفلسطينية، وأن السلطة ممثلة فى رئيسها الحالى «محمود رضا عباس» الشهير باسم «أبو مازن» الثابت توليه منصبه بتاريخ 8 مايو عام 2005 فضلت انتظار تفعيل القرار عند استخدامه علانية فى مجلس الأمن ضد المشروع الفرنسى. وفى مفاجأة من العيار الثقيل أكد المصدر الجمهورى أن قرار الرئيس باراك أوباما يعتبر مجرد تفعيل سيادى من قبل واشنطن لاتفاقية أمريكية - إسرائيلية سابقة طالبت تل أبيب بضرورة الالتزام ببنودها الموقعة فى واشنطن بتاريخ 25 مارس عام .1979 وكان الغريب أن الرئيس المصرى الراحل «محمد أنور السادات» قد علم بتفاصيلها بعدما وقعت فى الخفاء دون استشارته وعلم الوفد المصرى داخل الكواليس السياسية الأمريكية التى سبقت التوقيع النهائى على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية بتاريخ 26 مارس عام .1979 يذكر أن الدكتور «مصطفى خليل» الذى شغل يومها منصب رئيس الوزراء المصرى بداية من 2 أكتوبر 1978 وحتى 15 مايو ,1980 بالإضافة إلى تعيينه وزيراً للخارجية فى 17 فبراير 1979 قد ترأس الوفد المصرى فى مفاوضات السلام. والثابت بين وثائق أسرار معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية أن الدكتور مصطفى خليل تقدم فى الساعات الأولى من فجر 26 مارس 1979 يوم مراسم التوقيع على اتفاقية السلام وأرسل خطابين شديدى اللهجة تضمنا رفض مصر للاتفاقية السرية الأمريكية - الإسرائيلية وذلك إلى وزير الخارجية الأمريكى السابع والخمسين «سيروس روبرت فانس» الذى تولى منصبه فى الفترة من 20 يناير عام 1977 حتى تقدمه باستقالته الرسمية بتاريخ 28 إبريل عام .1980 الخطابان رفض فيهما الدكتور مصطفى خليل التوقيع الأمريكى - الإسرائيلى السرى فى يوم 25 مارس 1979 - طبقا لما جاء فى خطابى خليل - على الاتفاقية الثنائية بين واشنطن وتل أبيب دون علم مصر وبدون التشاور السياسى وإشراك الرئيس السادات وأخذ موافقته ورأيه. وكان الخطاب الأول قد أرسله خليل إلى فانس فى ساعة مبكرة من فجر يوم 26 مارس 1979 أما الخطاب الثانى فقد فصلته ساعة واحدة عن موعد توقيع الرئيس السادات أمام العالم مع رئيس الوزراء الإسرائيلى «مناحم بيجن» والرئيس الأمريكى «جيمى كارتر» على معاهدة السلام النهائية بالبيت الأبيض فى العاصمة الأمريكيةواشنطن ظهر يوم 26 مارس ,1979 حيث تضمنت الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية السرية بنودا استراتيجية وسيادية منعت قيام الدولة الفلسطينية خارج إطار شروط محددة تقرها واشنطن وتل أبيب دون غيرهما والتزام الولاياتالمتحدة بالدفاع العسكرى عن إسرائيل فى حالة نشوب حروب فى المستقبل ضد العرب وفى مقدمتهم مصر. وكانت «روز اليوسف» قد حصلت حصريًا على نص الخطابين المصريين اللذين أرسل بهما فى حينه الدكتور مصطفى خليل وتضمنا اعتراض مصر والرئيس السادات الكامل على الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية التى طالبت تل أبيب بتفعيل كامل بنودها. حيث ورد نص الرسالتين فى الصفحة رقم 455 من كتيب بروتوكول الكواليس السرية المودع حالياً فى أرشيف البيت الأبيض قسم الوثائق المصنفة تحت بند «منتهى السرية». وسأكشف الرسالة الأولى التى أرسلها الدكتور مصطفى خليل إلى الإدارة الأمريكية فجر يوم 26 مارس 1979 قبل ساعات قليلة من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل: الخطاب الأول 26 مارس 1979 مكتب وزير الخارجية المصرى عزيزى السيد فانس وزير الخارجية الأمريكية لقد فوجئنا بشدة عندما نمى إلى علمنا اليوم موضوع الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية والتى تمت فى كواليس معاهدة السلام المفروض أنها بين مصر وإسرائيل. وحيث لم يتم إطلاعنا نهائيا عليها ولم يعلمنا أحد بها وبوجودها أو حتى بمحتواها مع أن ما جاء بها يؤثر بشكل أو بآخر على مسار العلاقات المستقبلية بين بلدينا كما يؤثر أصلا على تحقيق السلام. إن مضمون مسودة الاتفاقية التى تمت بينكم وبين إسرائيل ووصلت إلينا تعد مصدر قلق بالغ وخطير للحكومة المصرية بينما نقف على أعتاب مفترق طرق تاريخية من أجل صناعة السلام الذى اختارته مصر بوضوح وبإصرار لا يتزعزع. إننا نخشى أن بنود نص الاتفاقية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ستؤدى إلى عدم التزام مصر مستقبلا بشروط معاهدة السلام التى نوشك على توقيعها وكذلك عدم التزام مصر بما عليها تجاه تحقيق السلام وهذه الفرضية تقوض أى أساس بنيت عليه فكرة السلام. بل الأكثر من هذا أن تلك الاتفاقية بينكما تتناقض مع ما جاء واتفق عليه فى البند رقم 6 فقرة 2 من معاهدة السلام التى وافقنا على توقيعها اليوم فى واشنطن وهو البند الذى يحدد أن الطرفين يتحملان مسئولية التزاماتهما تجاه معاهدة السلام. «يتعهد الطرفان بأن ينفذا بحسن نية التزاماتهما الناشئة عن هذه المعاهدة بصرف النظر عن أى فعل أو امتناع عن فعل من جانب طرف آخر وبشكل مستقل عن أية وثيقة خارج هذه المعاهدة». على أمل أن توافق معى أن الدور المستجد الذى انتهجته الولاياتالمتحدةالأمريكية فى توقيع تلك الاتفاقية يمثل خروجا عن التفاهم الذى على أساسه وافقنا أن تلعب الولاياتالمتحدة دور الحكم والشريك المحايد. هذا الدور الجديد الذى تلعبه الآن الولاياتالمتحدةالأمريكية يشوه صورة واشنطن فى عيون الآخرين. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تأخذ على عاتقها اليوم مهمة الحكم المخول بإعطاء الرأى المحايد فى تنفيذ وضبط معاهدة السلام وتحديد المخاطر التى يمكن أن تحدث مستقبلا من أى طرف يقوم بخرق التزاماته تجاه المعاهدة. ولذلك أطلب أن تحدد الولاياتالمتحدةالأمريكية التزامها بالبند السابع من المعاهدة التى تلزم الطرفين بتسوية النزاعات على أن يكون كل بند مبنيًا فى الأساس على العدالة الواضحة فى التعامل من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية للحفاظ على ميزان التعهدات النابعة والمبنية على المعاهدة. «تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق التفاوض». ولذلك تعتبر الاتفاقية بينكما وكأنها حكم مسبق صدر للتعامل المستقبلى مع أى نزاع محتمل، حيث وقعت الولاياتالمتحدة لإسرائيل على التزامات وتعهدات تقوم فيها واشنطن باتخاذ وسائل وخطوات لتعديل أى موقف محتمل يتعارض مع ما يمكن أن يطلب من الولاياتالمتحدة تأديته بشكل لائق ومناسب وحيادى عندما تقوم إسرائيل بخرق بنود معاهدة السلام مع مصر أو حتى عندما تقوم مصر بالرد على أى خرق للاتفاقية من الطرف الآخر. نحن نتوقع أن تعهدكم هذا خطير للغاية يلزم الولاياتالمتحدةالأمريكية الموافقة والصمت المسبق والمضمون على كل استخدام للقوة من قبل إسرائيل أيا كانت تلك القوة تجاه أى خرق يمكن أن يحدث دون وجود قصد أو نية سيئة من الطرف الآخر. نحن نعارض كل محاولة من أجل تغيير أو تعديل مواقف الطرفين من المعاهدة عن طريق دعاوى الحفاظ على أمن إسرائيل فى الوقت الذى تتغاضى فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية عن الكثير من العناصر المحيطة والمرتبطة بمعاهدة السلام. كما نعارض بنفس الطريقة أى محاولة لمنح أى طرف حقوقًا خاصة ومعينة بشأن حرية الإبحار والطيران فى الوقت الذى يمنع فيه هذا الحق- السيادى - الأصيل للطرف الآخر. إن نص الاتفاقية الجانبية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل قد تناول طريقة التعامل الأمريكية مستقبلا تجاه أى هجوم محتمل على إسرائيل، ونحن نعتقد أن هذا المعنى يتعارض ولا يناسب ولا يأتى فى التوقيت السليم خاصة عندما يظهر فى اللحظات الأخيرة قبل التوقيع على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بعد ساعات معدودة من الآن. الأكثر من هذا أن مصر قد علمت أن الخطاب الأمريكى الذى أرسل إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى اليوم 26 مارس 1979 من قبل الرئيس الأمريكى يحدد الآتى: - فى حالة خرق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أو فى حالة وجود خطر يهدد معاهدة السلام تتشاور الولاياتالمتحدةالأمريكية بناء على طلب أى من الجانبين أو بناء على طلبهما معا حول الطرق المفروض اتخاذها وأن تقوم الولاياتالمتحدة باتخاذ كل ما ترى اتخاذه مناسبا وضروريا من جانبها دون الرجوع إلى الأطراف من أجل الدفاع عن احترام معاهدة السلام. وعلى هذا تشدد الحكومة المصرية وتحدد أن تلك المعانى الفضفاضة التى ذكرت وتضمنتها الاتفاقية الموقعة سرا بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل تضر بمسيرة السلام فى المستقبل. ولذلك مسموح أن نقول: «إن مصر لا ترى نفسها ملتزمة طبقا لما جاء فى تلك الاتفاقية بأية تعهدات أو التزامات أيا كانت إذا لم يتم التشاور معها حول تلك النقاط التى شملتها الاتفاقية بينكما من البداية». التوقيع: مصطفى خليل رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصرية انتهى الخطاب الأول للدكتور مصطفى خليل كما هو مسجل ومحفوظ فى سجلات أرشيف البيت الأبيض وهيئة الأمن القومى الأمريكية الأكثر سرية على الإطلاق ثم بعدها مباشرة بسبب حالة الغضب التى انتابت الرئيس السادات عقب علمه بالخيانة الأمريكية اضطر خليل لإرسال خطابه الثانى إلى الإدارة الأمريكية شدد فيه على رفض مصر لما حدث: نص الخطاب الثانى لرفض الوفد المصرى 26 مارس 1979 مكتب وزير الخارجية المصرى عزيزى السيد فانس وزير الخارجية الأمريكية استكمالا لخطابى إليك بشأن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية السرية أريد أن أخبرك بالآتى: إن مصر لا تعارض حق الولاياتالمتحدةالأمريكية وفى الحقيقة حق أى حكومة أخرى بالعالم ترى اتخاذ ما يلزم لها من إجراءات لتنفيذ سياستها الخارجية. لكن تحتفظ الحكومة المصرية لنفسها بحق عدم اتخاذ ما تجده مناسبا وعمليا من موافقات تجدها الحكومة المصرية ضد المصالح المصرية. ولذلك أريد أن أعلن لك أن مضمون الاتفاقية بين أمريكا وإسرائيل سيكون له تأثير مباشر على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ومن المؤكد أنك تعلم مدى تطلع مصر لتقوية علاقاتها الودية بين القاهرةوواشنطن وأن تستخدم تلك العلاقات لإقرار السلام والاستقرار فى كل منطقة الشرق الأوسط. هذه التطلعات تقدمها مصر على معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل كخطوة هامة فى اتجاه تسوية شاملة لمشكلة الشرق الأوسط وطبقا لهذا الكلام أحيطك علما أن مصر قد شعرت بالحزن الشديد عندما اكتشفت أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كان لديها استعداد لتوقيع اتفاقية هى فى الأصل موجهة ضد مصر. إن الاتفاقية بينكم وبين إسرائيل لا تخدم وغير مفيدة نهائيا للسلام بل على العكس فإن مضمونها ومحتواها يؤثر سلبا على تحقيق مسيرة السلام ويشكل خطرا على التوازن والاستقرار فى المنطقة، لذلك فأن مصر تعلن لكم معارضتها ورفضها التام لتلك الاتفاقية للأسباب التالية: - أن الاتفاقية تتعارض مع روح الصداقة القائمة بين بلدينا مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية ولا تساهم فى تقوية العلاقات بيننا ولهذا أخبرك كتابة أنكم لم تتشاورا أبدا مع مصر بشأن محتوى تلك الاتفاقية. - إن مضمون تلك الاتفاقية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل مؤسس على اتهامات مسبقة ضد مصر والتوقع بأن أية خروق ستكون من جانب مصر وحدها حتى لو كانت تلك الخروق ستحدث من قبل إسرائيل فإن التصرف والحكم سيكون فى أيدى إسرائيل فى النهاية. - منذ شهر كامل ونحن نعمل على تحقيق اتفاق نهائى لمعاهدة سلام نهائية وبالرغم من كل هذا لم يتم إحاطة مصر علما بنية الولاياتالمتحدةالأمريكية التوقيع على تلك الاتفاقية التى علمنا بها بطرقنا الخاصة وليس بالطرق السياسية والدبلوماسية المتعارف عليها فى إطار التشاور والتفاوض الرسمى. - لقد توصلت مصر لمسودة الاتفاقية بينكما فقط فى الساعة الثانية بعد ظهر يوم 25 مارس 1979 أى قبل أقل من يوم واحد من مراسم التوقيع النهائى والرسمى على نص معاهدة السلام الشاملة بين مصر وإسرائيل اليوم فى واشنطن 26 مارس 1979. - لقد كانت رغبتنا أن تكون الولاياتالمتحدةالأمريكية شريكا فى الجهود للتوصل إلى السلام ثم المحافظة عليه وليس أن تقوم الولاياتالمتحدة بتبنى مزاعم أحد الأطراف على حساب الطرف الآخر. - إن الاتفاقية الموقعة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل تفرض بسوء نية أن مصر هى الطرف المحتمل أن يقوم بخرق تعهداته تجاه معاهدة السلام. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية من شأنها أن تفهمها مصر كحلف جانبى نشأ ووقع عليه بين إسرائيل وأمريكا يمكن أن يكون قد دخل حيز التنفيذ ضد مصر من اليوم 26 مارس .1979 - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تمنح الولاياتالمتحدة حقوقًا خاصة لم يعلن عنها فى أى وقت من التفاوض علنا أمام مصر حتى توافق أو ترفض لأنه حق أصيل من حقوقها ولم يقم أحد من قبل بالتفاوض أو حتى التشاور مع مصر على ما وقعت واشنطن لتل أبيب عليه. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تعطى الولاياتالمتحدة الحق فى فرض أساليب وتدابير وبتعبير آخر مبسط أن تقوم الولاياتالمتحدة باتخاذ إجراءات عقابية ضد مصر فى أى وقت تراه وهذه الخطوة وهذا الفهم يجعلنا نتشكك فيما يمكن أن يحدث مستقبلا بما يؤثر على الوضع فى كل منطقة الشرق الأوسط. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تضمنت ألفاظا وعبارات ومصطلحات سياسية واستراتيجية غامضة بل ترقى لدرجة الخطورة القصوى مثل جملة ''خطر الخروقات'' التى تتطلب تدابير خاصة من قبلكم ونحن نرى فى ذلك أمراً يؤدى إلى نتائج خطيرة. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تحدد أن الالتزام بمساعدة مصر بما يلزم اقتصاديا وعسكريا لتأدية دورها فى السلام متعلق بشكل كامل بما تراه الولاياتالمتحدةالأمريكية وهى أشياء ومعان موجهة كلها ضد طرف واحد فقط هو مصر. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تضع العلاقات المصرية - الأمريكية محل الفحص كما تظل تلك العلاقات مقيدة برؤية الطرف الثالث إسرائيل مما يقيد من التزامات الولاياتالمتحدة النهائية تجاه مصر. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية حددت أن تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية مستقبلا بتحمل جميع نفقات أى عملية تقوم بها إسرائيل ضد مصر بما يعنى ذلك بوضوح أن الخروقات والخطر متوقع حدوثه من جانب مصر وأن الخطر الوحيد على معاهدة السلام سيأتى من مصر؟ - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تعطى وتمنح الولاياتالمتحدةالأمريكية حق فرض تواجد أمريكى عسكرى فى المنطقة بناء على الاتفاقية السرية بينكم وبين إسرائيل وهذا لا تقبله مصر جملة وتفصيلا وبشكل نهائى كامل. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية تلقى بظلال الشكوك الكبيرة حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدةالأمريكية فيما يخص مسيرة السلام مما يمكن معه اتهام أمريكا بالاتفاق مع إسرائيل حول تواجد أمريكى دائم بالمنطقة وهو الأمر الذى ستكون له تداعيات عسكرية واستراتيجية خطيرة على الاستقرار فى المنطقة. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية ستؤثر سلبا على العلاقات المصرية- الأمريكية وبالتأكيد ستلزم دولا عربية أخرى لاتخاذ مواقف أكثر تشددا ضد مسيرة السلام وستمنح الاتفاقية السرية أسبابا إضافية لرفض تلك الدول المشاركة فى مسيرة السلام. - إن الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية ستمهد الطريق والأرض لاتفاقيات أخرى ستنشأ فى المنطقة ضد ما جاء فى الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية. ومن كل ما سبق أحيطك علما بأن الحكومة المصرية لن تعترف أبدا بكل ما جاء فى الاتفاقية الأمريكية - الإسرائيلية السرية وأن الحكومة المصرية تعتبرها كأن لم تكن وغير قائمة ومنتهية وهى بمثابة مستند ليس له أى تأثير بكل ما يخص الشأن المصرى. التوقيع: مصطفى خليل رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصرية∎