الفلاحون أكثر الفئات التى تعرضت للظلم، البعض استغل أنهم لم يثوروا حتى الآن وظنوا أنهم فئة خاملة، ولكن سكونهم لا يعنى إلا أنهم واعون لواقع مصر. فإذا كانت مصر عبدالناصر.. رفعت شأن الفلاح وعرفت قدره كما ينبغى فنصرته على الإقطاع واستطاعت ثورة يوليو أن تنتزع الأراضى من الإقطاعيين لصالح الفلاح الذى عانى فى كل العصور، وبلغ تقدير الزعيم جمال عبدالناصر للفلاح المصرى أنه وزع عليه عقود تمليكه للأرض بنفسه لذلك عرف دائما بنصير الغلابة وعمود الخيمة. يعرف الفلاحون من هو ناصر لأنه أول من حماهم من بطش الإقطاعيين وملكهم الأراضى والآن فلاحو الألفية الثالثة يصرخون من وحش الإقطاع الذى ينازعهم فى ملكية أراضيهم ويبطش بهم، ويستغثون بالرئيس عبد الفتاح السيسى ليكون ناصر هذا الزمان. القانون الذى أصدره الرئيس الأسبق أنور السادات، الخاص بشأن رفع الحراسات عن أراضى الإقطاعيين لتعود إليهم، كان طعنة فى ظهر الفلاح. الإقطاعيون عادوا الآن بالكرابيج لجلد الفلاحين ولا يتدخل أحد، مشكلة الفلاحين أنهم يجهلون نوعية أراضى الإصلاح التى كانت فى حيازتهم. الفلاحون لا يميزون بين نوعين من الأراضى التى انتقلت ملكيتها من الإقطاعيين إلى هيئة الإصلاح الزراعى. النوع الأول، هو الذى تمت مصادرته بقوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة، ويطلق عليها أرض «الاستيلاء»، وتؤول ملكيتها للدولة ممثلة فى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، التى كانت توزعها على الفلاحين حينها بنظام «التمليك المُقسط»، أى أن ثمنها يدفعه الفلاحون على أقساط سنوية لمدة 40 عاما. أما النوع الثانى هو الذى فُرِضت عليه الحراسة، أى تحفّظت عليه الدولة لكنه ظل ملكا للأسر الإقطاعية من الناحية القانونية، وهذا النوع قامت الهيئة بإدارته عن طريق تأجيره للفلاحين، وتحصيل إيجاره منهم، وتسليمه للإقطاعيين، مقابل خصم جزء محدود نظير الإدارة والتحصيل، ولذلك كان عقد الإيجار محررًا بين الفلاح «المستأجر»، وبين مدير جمعية الإصلاح الزراعى. وأصدر الرئيس السادات القانون رقم 69 لعام 1974 وهو القانون الذى رفع الحراسة عن الأراضى ومن ثم رفع يد الدولة عنها. «روزاليوسف» التقت ببعض الفلاحين المتضررين لاستطلاع آرائهم، فقال عبدالعاطى عبدالهادى أحد الفلاحين الذين يعانون من هذه الأزمة بزمام منطقة البرنوجى بمركز دمنهورالبحيرة: ما عرفناه أن القانون لم ينزع «أرض الحراسة» من الفلاحين، ولكن كان الأمر تعويضا نقديا على أن تظل الأرض فى حيازة الفلاحين، مع إلزام الفلاحين بتحرير عقود إيجار مع أصحاب الأرض الفعليين، بدلا من العقود المحررة مع الجمعية الزراعية. وعائلات نوار هم أبرز الإقطاعيين الذين عادوا يطالبون بالأراضى فى البحيرة. وأضاف: أصبح الأمر مباحًا فاختلطت الأراضى ما بين أراضى الاستيلاء وأراضى الحراسة وكانت معظمها أراضى متجاورة فتم الاستيلاء على جميعها دون التفريق بينها. وأوضح أن جميع قرارات الإفراج عن أراضى «الحراسة» كانت تختم بخاتم مدون به عبارة «لا يعتد به كسند للملكية»، أى أن قرار الإفراج عن الأرض لا يثبت ملكيتها. محافظة الدقهلية من أكثر المحافظات التى عاد فيها الإقطاع بوجهه القبيح، يلتهم الفلاحين دون رحمة أو هوادة وبالتحديد فى قرية بهوت وكفر الخوازم، عاد الإقطاع متمثلا فى ورثة فريد حامد المصرى وبالتحديد ابنه عبدالعزيز المصرى الذى استعان بمعارفه فى الإصلاح الزراعى والشرطة للاستيلاء على الأراضى - على حد قول الفلاحين - رغم أن الفلاحين حصلوا على أحكام قضائية تفيد حيازتهم وملكيتهم للأرض، الحكم الأول الذى حصل عليه الفلاحون يعود إلى عام 1986 «حصلت روزاليوسف على نسخة منه» وأكد أن هناك تزويراً حدث فى توقيعات الشهود على العقود التى قدمها ورثة فريد حامد المصرى ومن ثم رفضت ما قدمه الورثة وكان الحكم بأحقية الفلاحين فى الأرض. الحكم الآخر الذى حصل عليه الفلاحون فى عام 2014 للمحكمة الإدارية العليا برفض الطعن رقم 2489 لسنة 54ق. عليا الذى أقامه ورثة فريد حامد المصرى وجاء فى بيان سبب حكم المحكمة بعد إلغاء قرار التمكين الصادر لصالح عبدالعزيز حامد المصرى أحد الورثة، فقد ألغت المحكمة قرار التمكين وقالت إنه صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون وينطوى على تواطؤ مع مقدمى طلب التصالح مما يتعين معه الحكم بإلغائه. الآن عاد عبدالعزيز حامد المصرى ليجلد الفلاحين مرة أخرى تارة بيد الفساد فى هيئة الإصلاح الزراعى وتارة أخرى بمعارفه فى جهاز الشرطة من ضعاف النفوس وذلك على حد قول الفلاحين. بلال عبدالحى من كفر «الخوازم» مركز طلخا قال: مشكلتى هى مشكلة كل الفلاحين، النزاع على الأرض التى حصل عليها أهلنا ومن ثم آلت إلينا وذلك بعد عودة أهلنا من حرب اليمن وعبدالعزيز المصرى الذى طغى علينا ونهب أرضنا ليس معه عقد رسمى بالأرض وكل مساحة الأرض 360 فدانا وأخذ هذه الأرض بعقد تبادل وهمى. وأضاف: معنا قرارات قضائية تفيد أحقيتنا فى الأرض إلا أن الخصم يستغل نفوذه وطردنا من الأرض والقرار الذى يدعى أنه حصل عليه فى 2011 بينما نحن لدينا حكم نهائى بالأرض فى 2014 ولكن تم تمكينه هو وكأن الحكم فى صالحه وليس نحن، وأشار إلى أن المصرى ليس معه ما يثبت ملكية الأرض التى أقام عليها مصنعه. حمزة التهامى أحد الفلاحين قال: لكل رب أسرة آنذاك 100 فدان والآن هذا الرجل يأخذ الأرض منا عنوة، نناشد الرئيس التدخل لأننا لن نجد ما نأكله إذا استمر الظلم الواقع علينا بهذه الصورة. عيد أحمد المغازى من قرية بهوت مركز طلخابالدقهلية يقول: سنة 1960 تم توزيع الأرض على 28 أسرة وكان إجمالى الأراضى 56 فدانا وكان قرار الرئيس جمال عبدالناصر من ورثة وفاء عبدالمجيد محمد بدراوى، وكان هناك وكيل اسمه سليم البيلى وكيلا عنهم، وفى عام 2004 تقدم ضدنا ببلاغ إخفاء حيازة فى عام 2004 والمحامى العام لنيابة جنوبالمنصورة منحه قرار تمكين بصفته وكيلا عن ورثة وفاء بدراوى، وتظلمنا أمام قاض جزئى وجاءت القوة الجبرية يوم 1ديسمبر 2008 حرثت القمح والبرسيم وتركوا الأرض فأصلحنا الأرض وتظلمنا أمام القاضى فى محكمة طلخا الجزئية وقضت المحكمة بإرجاء قرار المحامى العام وتمكيننا من الأرض، وتقدم الخصم باستئناف وذلك بعد أن قدموا ضدنا قضايا حريق عمد ومقاومة سلطات وسرقة محاصيل زراعية وسجنونا 45 يوما فى السجن العمومى ،ولأنها كانت دعاوى ملفقة أخذنا فيها كلها براءة، وفى وقت من الأوقات كان علينا 11 قضية ثم أقاموا دعوى أمام القضاء المستعجل وأعلنونا على عناوين لا تخصنا، أعلنونا فى قرية أخرى تبعد عن بهوت 5 كيلو وأعلنوا شخصًا اسمه محمد محمود عبدالرحمن وهو اسم وهمى لا وجود له ليس له صفة أو رقم قومى، وبناء على أنه لم يعلمنا أحد أو يخبرنا بوجود دعوى حصل على حكم الاستئناف وتظلمنا أمام المحامى العام لنيابة جنوبالمنصورة وقدمنا له شهادة رسمية من قلم المحضرين تفيد أن المحضر انتقل إلى مكان خطأ ولم يخطرنا من الأساس وأثبتنا للمحامى العام أن محمد محمود اسم وهمى. وقال إن البيلى هو الوكيل عن ورثة وفاء بدراوى وهو الآن ينازعنا فى ملكية الأرض وحكم الاستئناف جعل حيازة الأرض باسم أولاده وهو سليم محمد على البيلى، والآن أقاموا ضدنا دعوى «ريع» نتمنى من الرئيس السيسى أن ينظر لفلاحى مصر ويرحمنا من الإقطاع ونتمنى من الرئيس السيسى - ناصر هذا العصر - أن يعيد إلينا ما منحه عبدالناصر. وأكد أن الإقطاعيين منهم من حصل على تعويض من الدولة بقيمة 14 مليون جنيه بناء على دعاوى أقاموها ضد الدولة باسم وفاء عبدالمجيد محمد بدراوى وأحمد فتحى محمد بدراوى والآن يطالبون بالأرض مرة أخرى. رضا هلال السيد، أحد الفلاحين يقول وهو يحكى معاناته: فدان ونصف فى مجمل مساحة الأرض أبى أخذها بدل وظيفة بعد حرب اليمن من عام 1966 لدينا حكم يرجع إلى عام 1966 وهو حكم استيلاء نهائى، أى أن الأرض ملكنا ورفعوا دعاوى كثيرة ضدنا إلى أن انتهى الأمر فى 2007 بدعوى منا وكسبنا القضية أيضاً وقدموا طعناً لكنه رفض، وأخذنا الأرض فى 2011 والإقطاعى عمل منازعة على الحيازة والمحامى العام أصدر له قرار تمكين بناء على ادعائه أنه اشترى من الإصلاح الزراعى وقرار التمكين صدر ل6 أفدنة فقط، بينما استولى على مساحة 42 فداناً وأقام حولها أسلاكاً شائكة وكأنها معسكر، ونحن الآن نريد أن نعرف من الذى يدعمه وإذا كانت الأرض ملكه فلماذا يحتاج إلى إرغامنا على تنازلات عن الأرض. ولو كانت أرضه بالفعل فهو لا يحتاج إلى تنازلات منه وتم حبس أبى فى مركز الشرطة 47 يوماً وهو يبلغ من العمر 75 عاما. وأشار إلى أن معظم الإقطاعيين أراضيهم غير مسجلة بأسمائهم فى الشهر العقارى، وكان الكثير منها مغتصبا، لذا لم يتمكنوا من رفع قضايا «طرد ضد المستأجرين» الذين رفضوا الخروج منها، وذلك لأن المحكمة كانت ستطالبهم بسند الملكية، وكان السبيل الوحيد لهم لاسترداد الأرض فى معظم الحالات هو «البلطجة». نعيمة عبدالجواد قالت: أخذونى غصب عنى وألقونى فى مياه الترعة وأجبرونى على التوقيع على التنازل، وتضيف: أنا استلمت هذه الأرض بعد عودة زوجى مصابا من حرب اليمن وتوفى هو فى عام 1970 والآن هذه الأرض هى التى تعولنى بعد أن تقدم بى العمر إلى من أذهب؟ امرأة أخرى رفضت ذكر اسمها قالت: أخذوا أولادى الأربعة وقلت للضابط: «يا خويا أنت هتاخدهم ليه، قالى أنتى متوصى عليكى وعلى أولادك الأربعة، وقبضوا على أولادى الأربعة بدون تهمة وضابط مباحث طلخا سب زوجة ابنى. وتضيف: فى الآخر جابولنا قوة مدججة بالأسلحة أحاطت بالأرض ومعها لواء من مديرية الأمن كان يضربنا وقد أصيبت سيدة الهلالى بجرح فى رأسها نتيجة ضربها بالطبنجة وهى محجوزة الآن فى مستشفى طلخا. ماجدة فاخر رشوان محامية الضحايا قالت: الأمن متواطئ مع عبدالعزيز المصرى الإقطاعى الجديد حفيد فريد حامد المصرى الإقطاعى الكبير، وأوضحت أن الإصلاح الزراعى أخذ أحكاما نهائية رغم اعتراض ورثة فريد حامد المصرى وآلت الأرض للإصلاح الزراعى، وبالتالى فهى آلت للفلاحين الذين كانوا حصلوا عليها من الرئيس عبدالناصر وتواطأ الإصلاح الزراعى مع محمد المصرى، وأخذ الأرض بتأشيرة من المحامى العام لتمكينهم من الأرض رغم أن هؤلاء الفلاحين كانوا يسددون أقساطا على مدار 30 عاما بإيصالات رسمية ومعهم أحكام قضائية من المحكمة الإدارية العليا بأحقية الإصلاح الزراعى فى الأرض وذلك رغم الاعتراضات التى قدمها ورثة فريد حامد المصرى وأدانت الشرطة لمساندتها عبدالعزيز المصرى وإهانة الأهالى لصالحه.∎