قناة السويس تنجح في عبور الحوض العائم "GREEN DOCK 3" وتؤكد جاهزيتها لاستقبال الوحدات البحرية النوعية    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل انطلاقة قوية للقطاع الخاص    الجامعة العربية تدين الجرائم البشعة في حق المدنيين في كلوقي بولاية جنوب كردفان    صلاح يغادر مقر تدريبات ليفربول بعد أزمته مع سلوت    تفاصيل صادمة عن وفاة الفنان سعيد مختار.. تعرف عليها    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الآثار بجامعة عين شمس    ميدفيديف: التوترات القائمة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي في صالح روسيا    الشرع: إسرائيل شنت أكثر من 1000 غارة و400 توغل في سوريا منذ سقوط نظام الأسد    انطلاق فعاليات الأسبوع الدعوي حول مقاصد الشريعة في بناء شخصية الشاب المسلم بعين شمس    حسام عبدالمجيد: «سيبقي الزمالك دائمًا محارب قوي»    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    الداخلية تكشف عن ملابسات فيديو يظهر خلاله شخص وهو يستعرض ب«مطواة»    تأجيل محاكمة رئيس حي شرق الإسكندرية بتهمة الرشوة لجلسة 11 ديسمبر للنطق بالحكم    مصر تواصل دعم غزة.. دخول 9250 طنًا من المساعدات الإنسانية    آية الجنايني تتألق بإطلالة لافتة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي (صور)    خالد الجندي: أعظم هدية قُدِّمت للمجتمع المصري برنامج دولة التلاوة    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    تعليق صادم من الفنانة مي عمر عن آراء النقاد بها    وكيل صحة شمال سيناء يفاجئ وحدات نخل ويحيل مسؤولين للتحقيق    بالأرقام .. وزير الصحة يكشف أنواع الفيروسات التنفسية الأكثر انتشارا    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    وزير التعليم العالي ومحافظ القاهرة يشهدان بدء تنفيذ مشروع مستشفى جامعة حلوان    كمال درويش: أرض أكتوبر المتنفس الحقيقي للزمالك.. والأمور أصبحت مستحيلة على مجلس الإدارة    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    منافس بيراميدز المحتمل - وصول بعثة فلامنجو إلى قطر لمواجهة كروز أزول    مدبولي: مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان يقترب من الافتتاح بعد تقدم كبير في أعمال التطوير    وزير الصحة: H1N1 السلالة الأكثر انتشارا في مصر.. والموقف الوبائي مطمئن    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    المستشار الألماني: إمكانية زيارة نتنياهو إلى بلادنا غير مطروحة حاليا    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    تقرير أردني: الخطيب يكلف عبد الحفيظ لبدء التفاوض مع يزن النعيمات    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    وزير الاتصالات: إطلاق خدمة التحقق الإلكترونى من الهوية يناير المقبل    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وأوروبا.. نموذج الشراكة في حقبة ما بعد الهيمنة
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 10 - 2025

في الوقت الذي تبقى فيه غزة شاهدا على تحول ملموس في الدور الذي تلعبه أوروبا في المحيط العالمي، في إطار حالة من استقلالية القرار الأوروبي عن القيادة الأمريكية، ربما للمرة الأولى، منذ عقود طويلة من الزمن، إلا أن هذا التغير حمل إرهاصات، كبيرة، تجلت في عوامل عدة، منها التغيير الكبير في إدارة علاقاتها الدولية، خلال السنوات الماضية، وهو ما يبدو واضحا في الانفتاح الجزئي على القوى المؤثرة في الأقاليم الأخرى، دون التقيد بالتوجهات التي تتبناها واشنطن، منها على سبيل المثال تجاوز الصراع التجاري بين أمريكا، خاصة تحت إدارة الرئيس ترامب، سواء في ولايته الأولى أو الثانية، عبر التعاون وتعزيز وتيرة التجارة معها، أو حتى في إطار العلاقة مع إيران، فالقارة العجوز لم تكن راضية عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي معها، في 2018، بل وفتحت قنوات اتصال مع طهران، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن استقلالية أوروبا لم تبدأ في نقطة غزة، وإنما انطلقت عبر نجاحها في إدارة علاقاتها الخارجية بعيدا عن الهيمنة الأمريكية.
ولكن بعيدا عن مناطق الصراع الأمريكي، نجد أن إدارة العلاقات الأوروبية مع العالم الخارجي اتسمت بقدر من المرونة، فالقارة اتجهت نحو بناء شراكات منفصلة عن الولايات المتحدة، على عكس العقود الماضية، والتي ارتبطت في بناء تحالفاتها برؤى واشنطن، وهو ما يرجع في جزء منه إلى سببين رئيسيين، أولهما الانقلاب الأمريكي على الحلفاء، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا، وهو ما يبدو في التغيير الكبير لدى البيت الأبيض، فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية مرورا بمسألة التعريفات الجمركية، أو حتى التلويح بالانسحاب من حلف الناتو، وانتهاء بمقترح الاستحواذ على أراض خاضعة لسيادة دول القارة، على غرار جزيرة جرينلاند بالدنمارك، بينما يرتبط السبب الآخر، في التغيير الكبير الذي طرأ على الأقاليم الجغرافية والقوى المؤثرة بها، ليس فقط من حيث التأثير، وإنما أيضا ما يرتبط بأسلوب إدارة العلاقة وطبيعتها.
ولعل السبب الثاني يدفعنا نحو تسليط الضوء على التطور، أو بالأحرى التحول الكبير في العلاقة بين الدولة المصرية من جانب، أوروبا، سواء في إطار العلاقة الفردية مع دول القارة أو الجمعية في صورة الاتحاد، من جانب آخر، خاصة وأن هذا التحول جاء بعد سنوات عجاف إثر ما يسمى ب"الربيع العربي"، ناهيك عن ارتباك مرحلي في العلاقة بين القاهرة وواشنطن، خاصة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من حقبة أوباما، وما ترتب عليه، بحسب القاعدة التقليدية، من توتر مع أوروبا، باعتبارها الجناح الآخر لما يسمى ب"المعسكر الغربي".
ورغم سرعة التحول في العلاقة من التوتر إلى الشراكة الاستراتيجية التي دشنتها القاهرة مع الاتحاد الأوروبي، نجد أن ثمة العديد من المراحل التي مرت بها خلال سنوات معدودة، أولها التجربة المصرية في الحرب على الإرهاب، ونجاحها منقطع النظير في القضاء على التهديد الحيوي الذي أعقب سنوات فوضى، إلى حد استلهامها وانتهاجها من قبل قوى فاعلة داخل القارة العجوز، عبر الاعتماد على الذراع الأمني، جنبا إلى جنب مع تطبيق نهج فكري من شأنه إصلاح الخطاب، ودحض الأفكار التي تبثها جماعات التطرف، والتي طالت الأراضي الأوروبية في عقر دارها، خلال النصف الثاني من العقد الماضي.
المرحلة الأخرى التي خاضتها القاهرة في إطار معركتها لنيل ثقة الأطراف الدولية المؤثرة، تجلت في التحول من صيغة التحالف المطلق، والقائم على تطابق المواقف، إلى صيغة الشراكة، التي تقبل الخلاف، عبر تعظيم المصالح المشتركة، وهو ما انطلق عبر الشراكة الثلاثية مع اليونان وقبرص، في ظل اتفاق ترسيم الحدود، والذي ولد من رحمها منتدى غاز شرق المتوسط، بالإضافة إلى الدور المصري في مجابهة الهجرة غير الشرعية، ناهيك عن قدرتها على إدارة العلاقة داخل أقاليمها الجغرافية، بعيدا عن مفهوم الدولة القائد، عبر خلق الشراكات مع القوى الأخرى، لتحقيق الأهداف المشتركة، وهو الأمر الذي تتحرك فيه القارة العجوز نحو استنساخه، سواء جمعيا عبر الشراكات التي يطلقها الاتحاد مع أطراف دولية أخرى، أو فرديا، داخل أوروبا نفسها، عبر التقارب مع بريطانيا، بعد سنوات من الارتباك، على خلفية انسحاب الأخيرة من أوروبا الموحدة في أواخر العقد الماضي، وهو ما بدا في زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لندن قبل عدة أسابيع.
المراحل سالفة الذكر تحمل في طياتها مسارات متوازية، تمثل في جوهرا مشتركات مهمة بين الجانبين تزامنت فأثمرت عن تحول غير مسبوق في طبيعة العلاقة بين الجانبين، أولهما التحرر من التبعية المطلقة للقوى الكبرى المهيمنة على الكوكب، وهو الموقف الثابت الذي تبنته القاهرة منذ ثورة 30 يونيو، عندما اعتمدت موقعها الجغرافي كمرجع لإدارة علاقاتها الدولية القائمة على التعدد، في إطار مستجدات باتت تطغى على المشهد الدولي برمته، جراء صعود قوى لديها القدرة على مزاحمة واشنطن، يمكنها المشاركة بفاعلية في صناعة القرار الدولي.
بينما يقوم المسار الآخر على انتهاج الشراكة كبديل للتحالفات التقليدية، في ضوء إدراك الجانبان للواقع الدولي الجديد، فالبعد المصلحي الحاكم للعلاقات بين الدول، دفع واشنطن إلى انتهاج سياسات أثرت سلبا على أوروبا، رغم كونها الحليف الأكبر للولايات المتحدة، وبالتالي فنظرية التطابق في الرؤى لم تعد أمرا مستساغا عالميا.
وأما المسار الثالث فيعتمد على إنهاء مفهوم الدولة القائد، نحو إدارة العلاقة بين أطراف المعادلة الدولية على أساس "الند بالند"، فلم تعد المساعدات معيارا لتعزيز العلاقة، وإنما العمل على تحقيق المصالح المشتركة، عبر الاستثمار، والقضاء على التهديدات، وتحقيق الاستقرار والسلم الدوليين، وهو ما يصب في صالح أهداف الاستدامة، والتي تمثل أساسا يتطلع إليه الجانبان، وهو ما حققته القاهرة في إقليمها الجغرافي، بينما تتحرك نحوه أوروبا في إطار علاقتها مع واشنطن، خاصة بعد المستجدات الأخيرة التي طرأت على العلاقة بين الجانبين.
وهنا يمكننا القول بأن التجربتان المصرية والأوروبية تتلاقيان عند نقطة تحول جوهرية في النظام الدولي، وهي استعادة الإرادة، فبينما تبحث أوروبا عن استقلال القرار، رسخت مصر نموذج الشراكة المستقلة عن الهيمنة، ومعًا، يشكل الطرفان نموذجًا مغايرًا للعلاقات الدولية، يقوم على المصلحة المتبادلة لا التبعية، وعلى احترام الإرادة لا استلابها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.