بدء تصويت المصريين فى الكويت بانتخابات الدوائر ال 30 الملغاة للنواب    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    سعر الدولار الأمريكي اليوم الثلاثاء فى البنوك    أسعار اللحوم في أسوان اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    نتنياهو: إسرائيل ستبقى في منطقة عازلة في جنوب سوريا    اليابان ترفع تحذيرات تسونامي بعد زلزال قوي شمال شرق البلاد    زيلينسكي: عقدت اجتماعا مثمرا مع قادة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في بروكسل    شباب بيراميدز يتحدون البنك الأهلى فى كأس عاصمة مصر    موعد مباراة الأهلي وإنبي في كأس عاصمة مصر    المتهم بقتل فتاة وتقطيع جثتها في عين شمس يمثل الجريمة    متحف اللوفر بين الإصلاحات والإضرابات... أزمة غير مسبوقة تهدد أشهر متاحف العالم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    الحكم على 10 متهمين بخلية هيكل الإخوان الإداري بالتجمع اليوم    غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على جنوبي وشرقي غزة    التعليم: عقد اختبار تجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي في مادة البرمجة عبر منصة كيريو    مواعيد القطارات المتّجهة من أسوان إلى الوجهين القبلي والبحري الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    هندوراس تطلب من الإنتربول توقيف رئيسها السابق    وزراء الصناعة والتموين والاستثمار يفتتحون الدورة العاشرة لمعرض "فوود أفريكا" اليوم الثلاثاء    لقاءات دينية تعزّز الإيمان وتدعم الدعوة للسلام في الأراضي الفلسطينية    للعلماء وحدهم    وزير المالية الأسبق: لا خلاص لهذا البلد إلا بالتصنيع.. ولا يُعقل أن نستورد 50 ل 70% من مكونات صادراتنا    العطس المتكرر قد يخفي مشاكل صحية.. متى يجب مراجعة الطبيب؟    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    برلمانيون ليبيون يستنكرون تصريحات مجلس النواب اليوناني    فلوريدا تصنف الإخوان وكير كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    عوض تاج الدين: المتحور البريطاني الأطول مدة والأكثر شدة.. ولم ترصد وفيات بسبب الإنفلونزا    الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    أحمديات: مصر جميلة    تعرف على عقوبة تزوير بطاقة ذوي الهمم وفقًا للقانون    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    إبراهيم صلاح: جيلي مختلف عن جيل الزمالك الحالي.. وكنا نمتلك أكثر من قائد    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الداخل تبدأ الخريطة.. أوروبا ونظرية الشراكة الإقليمية
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 07 - 2025

مما لا شك فيه أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة البريطانية لندن، تحظى بخصوصية كبيرة، ليس فقط في إطار كونها أول زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى بريطانيا منذ سنوات، أو حتى بالنظر إلى الإرث التنافسي الذي يهيمن على شكل العلاقة بين البلدين، منذ الحقبة الاستعمارية، وإنما في إطار توقيتها، حيث تتزامن مع محاولات القارة العجوز إلى تعزيز دورها في عالم يبدو في طور التشكيل، وهو ما يبدو في شكل الصراعات المهيمنة، والتي تتسم بطبيعتها الممتدة زمنيا والمتمددة جغرافيا، حتى طالت حدودها، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، وذلك بعد عقود طويلة من الاستقرار النسبي، ناهيك عن التغيير الملموس في العلاقة مع واشنطن جراء مواقفها، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، أو حتى فيما يتعلق بشكل العلاقة مع الحلفاء، والتي باتت تقوم في الأساس على التحول من حالة الشراكة، وإن كانت شكلية، إلى القيادة المطلقة.
زيارة ماكرون، والذي يعد أحد أكثر المؤمنين ب"أوروبا الموحدة، إلى بريطانيا، بعد سنوات من خروجها من الاتحاد الأوروبي، تمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز حالة الشراكة، في الداخل القاري، وهو ما يعكس إدراكا عميقا بأهمية الدور الذي تلعبه بريطانيا، كأحد القوى الأوروبية البارزة، لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ووأد أي تهديد من شأنه إثارة الفوضى في داخلها، وهو ما يمثل مصلحة مشتركة لكافة أطراف المعادلة الأوروبية، بينما في الوقت نفسه، يعزز قدرة الاتحاد على إدارة علاقاته بمحيطه الجغرافي، عبر تنحية الخلافات جانبا، من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب في مواجهة محاولات صريحة لاستهدافه من قبل أقرب الحلفاء، وهو ما بدا أولا في ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، عندما دعم فكرة انشقاق لندن عن الوحدة الأوروبية، بينما امتدت الأمور إلى تجريد الحلفاء من المزايا الاقتصادية، عبر سياسة التعريفات، وتجاوزت السياسة والاقتصاد، عبر أبعاد أمنية أخرى، تجلت في الموقف الأمريكي غير المسبوق تجاه روسيا، على حساب أوكرانيا.
ولعل الأزمة التي لاحقت "أوروبا الموحدة"، منذ ميلادها في التسعينات من القرن الماضي، وخلال عقود ثلاثة تلت الحرب الباردة، تجلت في كونها أذابت سيادة دولها، لصالح الاتحاد، والذي أصبح دولة عابرة للحدود، في إطار حرية التنقل والتجارة والعملة الموحدة بين دوله، وغير ذلك من إجراءات تم اتخاذها لتعزيز حالة الوحدة، بينما فقدت هي نفسها سيادتها، كجزء من كيان أكبر، وهو المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة، فصارت الوحدة الأوروبية أداة، تتوسع في أنحاء القارة (شرقا وغربا) للتضييق على روسيا.
تلك الحالة، ربما لم تكن مرضية بصورة كبيرة للندن، منذ اللحظة الأولى، وهو ما بدا، منذ عضويتها في الاتحاد، عبر رفضها أن تكون جزءً من منطقة "شنجن"، أو حتى في التخلي عن عملتها (الجنيه الإسترليني) لصالح اليورو، وهو الموقف الذي ربما ساهم بصورة أو بأخرى في تسهيل مهمة الرئيس ترامب "الأول"، للضغط على رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي لدفعها نحو "طلاق" خشن من "أوروبا الموحدة"، مقابل الحصول على مزايا، ربما أبرزها تعزيز النفوذ البريطاني في القارة، من خارج الاتحاد، وعبر دور قيادي أكبر في الناتو، وهو الأمر الذي لم يتحقق، حتى عندما حل بوريس جونسون، والذي رآه غالبية المحللين امتدادا للخطاب "الترامبي"، على مقعد رئاسة الوزراء.
إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد، لا يعني خروجا من أوروبا، وهو الأمر الذي يدركه ماكرون، ومن وراءه القادة في بروكسيل، وبالتالي يبقى السبيل هو إعادة صياغة العلاقة بين الاتحاد والجوار الإقليمي، انطلاقا من بريطانيا، خاصة وأن الأخيرة تحمل الكثير من المواقف التي تتوافق بصورة كبيرة مع الرؤى التي تتبناها "أوروبا الموحدة"، خاصة فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا أو شكل العلاقة مع روسيا، ناهيك عن تقاربات أخرى، باتت أكثر وضوحا تجاه العديد من القضايا الدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط، وهي كلها قضايا محورية، كانت المواقف القارية تصاغ فيها قبل سنوات داخل البيت الأبيض، إلا أن الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إلى لندن، تعكس تغييرا مهما في الصورة التي ينبغي أن يدار بها الاتحاد، أو بالأحرى القارة ككل، في المستقبل، إذا ما أرادت أن تساهم في رسم الخريطة الجديدة للنظام العالمي.
وفي الواقع، إذا نجحت "أوروبا الموحدة"، في تعزيز شراكة حقيقية مع بريطانيا، عبر تحييد فكرة التنافس الإقليمي التي هيمنت على العلاقة بين بروكسيل ولندن، منذ "بريكست"، فليس من المستبعد أن يتم تطبيق النهج نفسه مع أطراف أخرى، ليست جزء من الاتحاد، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر "أوروبيتها"، وعلى رأسها روسيا نفسها، فإذا استطاعت القارة تعزيز استقلالها، فإنها ستتمكن من إدارة علاقاتها مع الأطراف كافة، بعيدًا عن قيود "المعسكر الغربي"، وهو ما يعني خلق مشتركات، حتى مع الخصوم، يمكن من خلالها تحييد الخلافات، أو حتى مناقشتها على طاولة الحوار، بعيدا عن دبلوماسية العقوبات، التي طالما انتهجها الغرب، والتي لم تؤدي إلى حلول، بل على العكس فاقمت من طبيعة الأزمات في العلاقة بين أوروبا وخصوم واشنطن.
الخروج من عباءة "المعسكر الغربي"، وقيوده والتزاماته، خاصة بعد المستجدات في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، أصبح السبيل للاستقرار الإقليمي في الداخل القاري، ومفتاح لدور أكبر على المستوى الدولي، في ظل ما سوف تحظى به من حرية حركة، اقتصرت في العقود الماضية على البضائع والبشر بين الحدود، ولكنها كانت عاجزة تماما على النطاق السياسي، في ظل الالتزام بالتحالف مع أمريكا وضرورة أن تتماهى المواقف الأوروبية مع رؤى البيت الأبيض، وهو ما يعني أن القارة العجوز ستستعيد "شبابها" الدولي، في لحظة فارقة، يشهد فيه النظام العالمي مخاضا، سيؤدي لا محالة إلى تغيير جذري في مستقبله.
وهنا يمكننا القول بأن زيارة ماكرون لبريطانيا، إن تم استغلالها بالصورة الصحيحة، قد تكون طفرة مهمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي، في ظل ما قد تسفر عنه من نهج قاري جديد في إدارة الإقليم، للانطلاق منه إلى تعزيز العلاقة مع العالم الخارجي، لتتحول القارة إلى أحد الفاعلين الدوليين الرئيسيين، وبالتالي تعزيز دورها فيما يتعلق بكافة القضايا الدولية الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.