لليوم ال218..تواصل العدوان على غزة ورفح والمقاومة تستهدف تجمعات الجنود    اعرف سعره في السوق السوداء والبنوك الرسمية.. بكم الدولار اليوم؟    أرخص السيارات العائلية في مصر 2024    ثبات سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 12 مايو 2024    تعرف على مواصفات التاكسي الطائر في موسم الحج 2024    وزير الخارجية التونسي يُشيد بتوفر فرص حقيقية لإرساء شراكات جديدة مع العراق    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات مايو 2024 بالزيادة المقررة لجميع الدرجات الوظيفية    جهاز مدينة 6 أكتوبر ينفذ حملة إشغالات مكبرة بالحي السادس    مستقبل وطن المنوفية يعقد اجتماعًا تنظيميًا لأمناء المراكز وأمناء التنظيم    جيش الاحتلال الإسرائيلي يفصل رفح شرقا وغربا ويأمر السكان بالإخلاء    عاجل.. الرئيس الأمريكي: إطلاق سراح الأسرى مقابل وقف النار في غزة    رئيس الوزراء الروسي المعين يقدم قائمة بأسماء وزراء حكومته لمجلس "الدوما"    نفاد تذاكر مباراة الزمالك ونهضة بركان بعد طرحها بساعتين    4 مصريات يتأهلن للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    مصطفى الشامي: «بلدية المحلة» كان أفضل من الأهلي في معظم فترات المباراة    وزير الشباب والرياضة يفتتح البيت الريفي وحمام سباحة بالمدينة الشبابية في الأقصر    خبير تحكيمي يحسم صحة هدف موديست أمام بلدية المحلة    أحمد عبد المنعم شعبان صاحب اللقطة الذهبية في مباراة الأهلي وبلدية المحلة    اهتمام ثلاثي بضم «محمد صبري» لاعب بروكسي    أطول عطلة رسمية.. عدد أيام إجازة عيد الاضحى 2024 ووقفة عرفات للموظفين في مصر    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    "أشرب سوائل بكثرة" هيئة الأرصاد الجوية تحذر بشأن حالة الطقس غدا الأحد 12 مايو 2024    محمد منير وحميد الشاعري ودياب يشاركون في حفل زفاف ابنة مصطفى كامل    إسلام بحيري يرد على محمد حسان ويوجه رسالة لعلاء مبارك بسبب زجاجة البيرة    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    على الدين هلال: مصر تحملت الكثير فى القضية الفلسطينية ولم تنسق مع الاحتلال    فستان جرئ.. بطلة إعلان "دقوا الشماسي" تحتفل بزواجها    أحمد أيوب: هناك تأييد سياسي وشعبي لموقف الرئيس السيسي تجاه قضية فلسطين    خطأ هالة وهند.. إسلام بحيري: تصيد لا يؤثر فينا.. هل الحل نمشي وراء الغوغاء!    عاجل من "الصحة" بعد سحب استرازينيكا لقاحاتها من الأسواق (فيديو)    تخلص منها فوراً.. علامة إذا وجدتها في البطيخ فلا تأكله    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    "رؤوسهم معلقة ومعصوبي الأعين".. تحقيق يكشف انتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين بمركز احتجاز    «التعليم» تعلن حاجتها لتعيين أكثر من 18 ألف معلم بجميع المحافظات (الشروط والمستندات المطلوبة)    أول تعليق من مصطفى شوبير على فوز الأهلي أمام بلدية المحلة بالدوري    «القابضة للكهرباء»: الاستمرار فى تحسين كفاءة الطاقة للمحطات الشمسية التابعة لشركات التوزيع    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    بايدن: سيكون هناك وقف لإطلاق النار غدًا إذا أطلقت حماس سراح الأسرى    وفاة نائب المستشار السويسري أندريه زيموناتزى أثناء رحلة تزلج    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    4 قضايا تلاحق "مجدي شطة".. ومحاميه: جاري التصالح (فيديو)    اليوم.. طلاب ثانية ثانوي بالقاهرة يؤدون امتحاني تطبيقات الرياضيات وجغرافيا    انهيار عقار مكون من ثلاثة طوابق دون خسائر بشرية بالمنيا    تصادم 17 سيارة وهروب السائق.. ماذا حدث على الطريق الدائري؟    خلال تدشين كنيسة الرحاب.. البابا تواضروس يكرم هشام طلعت مصطفى    رئيس جامعة طنطا يهنىء عميد كلية الطب لاختياره طبيبا مثاليا من نقابة الأطباء    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    "صحة أسوان" تنظم قافلة طبية مجانية بقريتى العتمور ودابود    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع المفاهيم.. الأبعاد "القومية" والانطلاق من الدولة "الوطنية"
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 02 - 2023

العلاقة بين مفهومي الوطنية والقومية، ربما اتخذت العديد من الاشكال، سواء في المنطقة العربية أو في مناطق أخرى من العالم، وإن اتخذت أبعادًا مختلفة، ففي المنطقة العربية كانت الهوية الثقافية القائمة على اللغة والدين، هي الأركان التي قام عليها مفهوم "القومية"، بينما كانت الجغرافيا القارية أساسا في إطار أوروبا الموحدة، والتي اعتمدت نهجا يعتمد على تحقيق الوحدة، على أساس جغرافي، ذابت خلالها الحدود الوطنية، في صورة أشبه بالنظم الفيدرالية، والتي تحظى فيها الولايات بسلطات كبيرة، ولكن تبقى السلطة المركزية في قبضة الاتحاد، وهو النموذج الذي ربما حقق قدرا من النجاح يتجلى في صموده لثلاثة عقود كاملة، مع العديد من الانجازات، على غرار توحيد العملة، وصياغة دستور موحد، وانسيابية الحركة بين دول الاتحاد وغيرها.
إلا أن الأزمات الأخيرة التي ضربت العالم، بدءً من الوباء مرورًا بالأزمة الأوكرانية، وصولاً إلى الانقسام الحاد في المواقف، حول العديد من القضايا الدولية الراهنة، ساهم في خلق حالة من التضارب بين المفهوم "الجمعي" ذو الأبعاد القومية، من جانب، والدولة الوطنية وخصوصيتها من جانب آخر، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار اختلاف الظروف التي نشأت خلالها أوروبا الموحدة، والتي جاءت لسد الفراغ الناجم عن انهيار الاتحاد السوفيتي، ناهيك عن رغبة واشنطن استنساخ تجربة "الولايات" في الجزء الاخر من معسكرها، في إطار مساعيها لتهدئة جموح الإمبراطوريات القديمة في القارة العجوز، الطامحة لاستعادة نفوذها، ومزاحمة الهيمنة المطلقة لأمريكا، والتي تحققت في أعقاب الحرب الباردة، في التسعينات من القرن الماضي.
ولعل تواتر الازمات أعاد إلى الواجهة، ما يمكننا تسميته ب"صراع المفاهيم"، بين البعد "القومي" الجماعي، والجانب "الوطني"، وما يحظى به من خصوصية، وهو ما تجلى، في النموذج الأوروبي، خلال حقبة الوباء، والتي أجبرت قطاعا كبيرا من دول الاتحاد على غلق حدودها، بينما ساهمت، إلى جانب أسباب أخرى، أهمها تراجع الدعم الأمريكي، في صعود تيارات سياسية ترفع شعار الوطنية على حساب الوحدة القارية، بينما تصاعدت تلك النزعة تدريجيا مع خروج بريطانيا، لتضع "لبنة" مهمة في انهيار حالة "القومية" القارية في أوروبا الغربية، تمهيدا لانقسام أكبر بزغ مجددا مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، اتسم بأبعاده المتعددة، منها الموقف من روسيا، والتهديدات التي تواجه قطاعات حساسة على غرار الطاقة والغذاء، ناهيك عن رؤية كل دولة حول جدوى الدوران في فلك واشنطن، بعدما تخلت عن حلفائها في عدة مواقف في السنوات الأخيرة.
ربما لم تحظى حالات أخرى، على غرار القومية العربية، بنفس الزخم الذي حظت به الحالة الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بالصمود طويل الأمد، وهو ما يجد أسبابه في العديد من العوامل، أبرزها على الاطلاق هو وقوع المنطقة العربية في قلب الأزمات الدولية، ليصبح بزوغ النزعة القومية مرتبطا بالمستجدات على صعيد تلك الأزمات، فبلغت الحالة القومية ذروتها إبان حقبة الاستعمار، في ظل توحد الدول حول هدف التحرير واستعادة السيادة والاستقلال على أراضيها، بينما خفتت مع حالة الاستقطاب التي شهدتها المنطقة طيلة السنوات الماضية، خاصة مع التهديدات التي نجمت عن حقبة "الربيع العربي"، والتي دفعت كل دولة نحو الانكفاء على الذات لحماية أمنها، وحدودها في مواجهة موجات الارهاب والفوضى العاتية التي ضربت الاستقرار الجمعي لكل الدول العربية.
وهنا يبدو بزوغ مفهوم "القومية" مرتبطا بالأساس في حالة الاستقرار الجمعي، حيث يبقى نطاقها قصير في ظل الأزمات، لارتباطه بمستجداتها التي غالبا ما تتغير بوتيرة أسرع، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لتحويل حالة "التضارب" بين المفاهيم إلى التكامل، فيتحول البعد القومي نحو خدمة الأبعاد الوطنية، بينما يصبح الجانب الوطني تعزيزا للناحية القومية الجماعية، في إطار من الشراكة، وليس الوحدة التامة، والتي تبدو صعبة التحقيق، جراء اختلاف الظروف الدولية والاقليمية، والتي ربما لم تتوفر إلا في الحالة الأوروبية، ولفترة، وإن طالت نسبيا، تبقى محدودة زمنيا.
وبالتالي تبقى الدعوات لاستنساخ نموذج بعينه، وتعميمه في كل مناطق العالم، مجافية للواقع الدولي، في ظل اختلاف الظروف، وهو ما يمثل فرصة لمناطق أخرى في العالم، وعلى رأسها المنطقة العربية، تقديم نموذجها الخاص بها، وهو ما يعتمد في الأساس على تعزيز الحالة "القومية" انطلاقا من دعم الدولة "الوطنية"، وهو الأمر الذى من شأنه إنهاء أي حالة من التعارض، بين البعدين القومي والوطني، لتصبح حالة تكاملية، وهو ما يمثل امتدادا لحالة أعم، يبدو العالم محتاجا إليها، من التكامل في العديد من المجالات، سواء سياسيا أو اقتصادية أو مجتماعيا، في ظل الأزمات ذات الطبيعة الممتدة والمتمددة التي نشهدها في المرحلة الراهنة.
الانطلاق من الدولة "الوطنية" نحو تعزيز الحالة القومية، تبدو واضحة في السياسات التي انتهجتها الدولة المصرية، وغيرها من القوى الإقليمية الأخرى، عبر اعتماد سياسات داخلية، تحمل أهدافا موحدة، على غرار التنمية المستدامة، والانطلاق نحو مستقبل أفضل، بينما تبقى الأدوات مختلفة بما يناسب الظروف المحيطة داخل كل دولة، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز التعاون، في إطار تكاملي لمواجهة الأزمات المشتركة، بينما في الوقت نفسه، تمثل فرصة استثنائية لتجاوز أية خلافات أخرى، فيما يتعلق بالرؤى السياسية، مع تخفيف حدة المنافسة، عبر التشاور، واستغلال كافة الإمكانات المتاحة، التي من شأنها تعزيز الحالة الإقليمية بصورتها الجمعية، في ضوء حالة من التعددية تبدو متواكبة إلى حد كبير مع الحالة الدولية العامة.
وهنا يمكننا القول بأن القدرة على تحقيق "الوحدة" الكاملة، في إطار قومي، ربما ليس المعيار الوحيد على النجاح، وإنما في قدرته على الصمود، ليس بالطبع في حالات الاستقرار، وإنما في زمن الأزمات، بينما تبقى القدرة على تحقيق التكامل بين حالتي "القومية" و"الوطنية" هو الرهان، الذي يمكنه تحقيق أكبر قدر من المكاسب، على المستويين الفردي بالنسبة للدول، أو الجمعي، حيث تصب مكاسب الدول في "بوتقة" الحالة الجمعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.