وزير الزراعة: تشجيع صغار المزارعين على التوسع في زراعة القمح    رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التربية النوعية    محافظ المنوفية يتفقد المدارس الجديدة في شبين الكوم باستثمارات 130مليون جنيه    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    نائب وزير الزراعة يبحث مع نظيريه الهولندي والسعودي تعزيز التعاون    الأقصر تجهز أرض أملاك دولة مستردة كمشتل لصالح إدارة الحدائق.. صور    البنك الأهلي ينفذ أكثر من 9.4 مليون عملية سحب ب 26.5 مليار جنيه خلال 9 أيام    ميناء السخنة يستقبل أكبر سفينة صب جاف منذ إنشائه    تخلوا عن بعض أراضيكم.. سفير أمريكا لدى إسرائيل يخاطب العواصم الإسلامية لإنشاء دولة فلسطينية    بالفيديو.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى وسط حماية أمنية مشددة    ترامب: ثقتي تتراجع بشأن التوصل لاتفاق نووي مع إيران    وزير الخارجية والهجرة يلتقي بنظيره السعودي على هامش فعاليات منتدى أوسلو    أهلي طرابلس يطالب بتحقيق فوري في واقعة الاعتداء على حسام البدري    بعد التأهل للمونديال.. فيفا يشيد بمنتخب البرازيل    تقارير: الوداد يضم عمر السومة في مونديال الأندية    تقاير: ساني يرحل عن بايرن ميونخ هذا الصيف    «تحايل ولازم تحقيق».. خالد الغندور يُفجر مفاجأة بشأن عقد زيزو مع الأهلي    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 محافظة الغربية الترم الثاني (فور ظهورها)    قرارات النيابة في واقعة مقتل متهمين وضبط أسلحة ومخدرات في مداهمة أمنية بالمنيا    «بتوع مصلحتهم».. 3 أبراج يستغلون الغير لصالحهم بأساليب ملتوية    ماجد الكدواني: أنا وكريم عبد العزيز جبناء كوميديا وبنستخبى جوا الشخصية    إعلام إسرائيلى: حدث أمنى فى شمال قطاع غزة وإجلاء عدد من الجنود المصابين    تنسيق الجامعات| خدمة اجتماعية حلوان.. بوابتك للتميز في مجال الخدمة المجتمعية    انطلاق فعاليات بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقييم الدعم الفني في مصر    وزيرة البيئة: خطط طموحة لحماية البحر المتوسط    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    رئيس مياه القناة: تمكنا من إصلاح كسر القنطرة شرق بسبب انهيار جسر المصرف الزراعى    إعلام إسرائيلي: سيتم إصدار 54 ألف أمر تجنيد للحريديم الشهر المقبل    حملات مكثفة لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    ضبط 14 قضية تموينية خلال حملة على أسواق القاهرة    البعثة الطبية للحج: 39 ألف حاج ترددوا على عيادات البعثة منذ بداية موسم الحج    جهات التحقيق: انتداب الطب الشرعى لطفلة الإسماعيلية بعد سقوطها من لعبة ملاهى    وزارة الدفاع الروسية: قواتنا وصلت للجهة الغربية لمنطقة دونيتسك الأوكرانية    ملخص مباراة البرازيل وباراجواى فى تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    "المشروع X" يتجاوز 94 مليون جنيه بعد 3 أسابيع من عرضه    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    قبل موعد الافتتاح الرسمي.. أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير ومواعيد الزيارات    انطلاق فعاليات برنامج ثقافتنا فى اجازتنا بثقافة أسيوط    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    تعاون بين «الرعاية الصحية» و«كهرباء مصر» لتقديم خدمات طبية متميزة    اعتماد وحدة التدريب بكلية التمريض الإسكندرية من جمعية القلب الأمريكية    "ولاد العم وقعوا في بعض".. 3 مصابين في معركة بالأسلحة بسوهاج    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    زيزو يكشف سر تسديده ركلة الترجيح الأولى للأهلي أمام باتشوكا    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    متحدث الحكومة: معدلات الإصابة بالجذام في مصر الأدنى عالميًا    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد "الخصوصية" فى العلاقات الدولية
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 02 - 2023

ربما يبقى الطابع "البرجماتي" هو السمة الرئيسية للعلاقات الدولية، في ظل ارتكازها على الأبعاد "المصلحية"، وهو ما يفسر التغييرات الكبيرة التي قد تطرأ عليها بين الحين والأخر، والتي تصل إلى حد التحول من التحالف، إلى الخصومة في بعض الأحيان، أو العكس، وهو ما يبدو في العديد من المشاهد العالمية، على مر التاريخ، والتي شهدت تحولات جذرية في العلاقة بين دولتين أو مجموعة من الدول، إلا أن درجات التحول في العلاقة، تعتمد على مقدار ما تحظى به من "خصوصية"، قد تلعب دورا كبيرا في تفاقم الخلافات وربما تحولها إلى درجة "الصراع" طويل الأمد من جانب، أو التخفيف من حدة التوتر، وبالتالي تداعياته، وتقصيره مداه الزمني من جانب آخر.

ولعل الحديث عن "الخصوصية" في العلاقة بين الدول، ترتبط بالعديد من الأبعاد، منها ما هو تاريخي، أو ما يرتبط بالهوية الدينية أو الثقافية أو اللغوية، أو غير ذلك من العوامل، التي غالبا ما تخلق حالة من الترابط الشعبوي، والذي غالبا ما يتجاوز العلاقات في إطارها الرسمي، وبالتالي يساهم في تعزيزها إلى حد كبير، بل ويتجاوز ما يطرأ عليها من قضايا خلافية، وهو الأمر الذي يتجلى في العديد من النماذج الدولية، التي طغت فيها مسألة "الخصوصية"، على حساب عوامل أخرى تحمل أهمية "جيوسياسية"، رغم أهمية الأخيرة، وارتباطها بالعمق الجغرافي للدولة، وتأثيرها في عمقيها الإقليمي والدولي.

فلو نظرنا إلى بريطانيا، كنموذج دولي في هذا الإطار، نجد أن ثمة حالة من الخصوصية، تحظى بها علاقتها مع الولايات المتحدة، ربما طغت على العلاقة مع المحيط الأوروبي، بسبب تاريخ طويل مشترك، يرجع إلى القرن الثامن عشر، منذ الاستعمار البريطاني للأمريكتين، ناهيك عن الارتباط بين البلدين، فيما يتعلق باللغة والثقافة، إلى حد وجود مدن أمريكية وبريطانية تحمل نفس الاسم، على غرار كليفلاند وبوسطن وبرمنجهام وأكسفورد وغيرها، وهو ما انعكس على حالة الانسجام الكبيرة بين البلدين، في الإطار السياسي، حتى في حالة بزوغ بعض الخلافات، ربما تجسد بصورة كبيرة في حالة "العقوق" البريطاني ب"أوروبا الموحدة"، لينتهي الأمر بالانفصال التام عن حالة الاتحاد القارية، وهى الخطوة التي لاقت "مباركة" أمريكية، في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي كان داعما بصورة كبيرة للخطوة، رغم اعتبارها من قبل العديد من المتابعين للشأن الدولي بمثابة "تحديا" من قبل واشنطن للحلفاء الأوروبيين، ربما يسهم في انفراط "عقد" المعسكر الغربي".

تلك الحالة من الانسجام ربما لم تتوافر في نماذج أخرى، ربما نجحت في ترويج نموذج "الوحدة" الكاملة، على غرار "أوروبا الموحدة"، والتي يبدو أحد أكثر الأشكال "الوحدوية" التي حملت تأثيرا دوليا منذ معاهدة ماستريخت، في التسعينات من القرن الماضي، بفضل الدعم المقدم لها من القوى الأمريكية، التي هيمنت على النظام الدولي في العقود الماضية، إلا أن تواتر الأزمات الدولية، وظهور التهديدات الكبيرة، ناهيك عن تراجع الدعم من قبل واشنطن، ربما كانت كاشفة إلى حد كبير عن حالة من "العجز" الكبير على الصمود، وهو ما يبدو في صعود بعض النزعات الانفصالية، وبزوغ تيارات اليمين المتطرف، في العديد من دول القارة، والتي سعت إلى استلهام الانفصال البريطاني، عن الاتحاد الأوروبي، وترجمته في صورة مظاهرات حاشدة للمطالبة باتخاذ الخطوة نفسها، وهو ما يرجع في جزء منه إلى اختلاف الهوية، والتاريخ الصراعي بين الامبراطوريات الأوروبية، خلال حقبة الاستعمار.

وربما تعد الأهمية الكبيرة لتلك الحالة المنسجمة في العلاقات بين الدول، على خلفية ما تحظى به من "خصوصية" تاريخية أو ثقافية، دافعا نحو إحياء الإرث المندثر بين دولتين أو أكثر، وهو ما يرجع في جزء منه إلى الزخم الذي يضفيه هذا البعد على العلاقات على المستوى الرسمي، حتى وإن ثارت بعض الخلافات، والتي تتوقف عند إطار محدود لا يمكنها تجاوزه، وهو ما يتجلى بوضوح في نموذج العلاقات بين مصر واليونان وقبرص، والتي شهدت تقاربا كبيرا في السنوات الماضية، ارتبط، بمسارين متوازيين، أولهما "برجماتي" في إطار "مصلحي"، يقوم على استكشاف موارد الدول الثلاثة من الغاز الطبيعي، بينما يعتمد في مسار أخر، على أبعاد من الخصوصية التاريخية، التي ربما توارت خلف سنوات من التباعد، عبر مبادرة "إحياء الجذور"، من خلال تنظيم الزيارات لأبناء هذه الدول ممن عاشوا في مصر لسنوات طويلة، وأبنائهم، للأماكن التي كانوا يعيشون فيها قديما، مما يخلق قدرا من الحنين، والارتباط الشعبي بين الدول الثلاثة، يساهم في تعزيز العلاقات الرسمية.

بينما تبقى المنطقة العربية، هي الأكثر حظا فيما يتعلق ب"الخصوصية"، في توفر العديد من العوامل التي تعزز تلك الحالة، بدء من الدين مرورا باللغة والثقافة، وحتى التشابه الكبير في العادات والتقاليد، أضفت تقاربا على حالة "البرجماتية" السياسية، والتي تبدو جزءً لا يتجزأ من الإطار المصلحي للتقليدية السياسية، وهو ما يساهم في توارى الخلافات، إن وجدت، وراء تلك العوامل، مما يقدم مزيجا من "برجماتية" السياسة من جانب، خصوصية العلاقة، في ضوء عوامل التقارب المذكورة، من جانب آخر، ربما يبدو أكثر واقعية في قيام العلاقات على فكرة الشراكة في إطار توافقي من شأنه تعظيم المصالح المشتركة، فيما يتعلق بمختلف القضايا المطروحة على الساحة السياسية.

وهنا يمكننا القول بأن إلغاء البعد "البرجماتي"، في العلاقات الدولية، يمثل أحد ضروب "الرومانسية" السياسية، غير المقبولة على الإطلاق، بينما تحمل أبعاد "الخصوصية" تأثيرات عميقة، من شأنها خلق المرونة المطلوبة، في التعامل مع المستجدات الدولية، في ظل بروز الأوضاع الإنسانية، في الأزمات المستحدثة، جراء الأوبئة والكوارث التي باتت تحل بمناطق جغرافية واسعة في الآونة الأخيرة، ناهيك عن تداعيات كبيرة باتت ترتبط بقطاعات حيوية، تمس حياة الشعوب، كالغذاء والطاقة، وما نجم عنها من تضخم وغلاء، ربما يدفع العالم نحو البحث عن المشتركات في المرحلة المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.