شباب فى مطلع العشرينيات يدرسون فى مختلف الكليات بجامعة الأزهر الشريف.. درسوا «القرآن، والعقيدة، والسنة والحديث، الفقه، والتفسير» منهم من كان إمام مسجد وخطيبًا لعدة سنوات بعد حفظه للقرآن واستخراج التصريح من وزارة الأوقاف، وطالبات كن يلتزمن بالحجاب ويسرن على التعاليم الإسلامية، انتهى بهم الحال الى الإلحاد بأنواعه فانقسموا إلى: -ملحد وهو الذى ينكر وجود الله، أو ربوبى يؤمن بوجود الله لكن لا يؤمن بأديان - لا أدرى- تتساوى عنده احتمالية الوجود أو العدم. ∎ الطلاب الملحدون يقول الطالب «ع.أ» بكلية طب الأزهر إنه تحول إلى «الربوبية» كما أطلق عليها وهى الإيمان بوجود الله وعدم اقتناع بالأديان جميعها كنوع من الإلحاد، بعد دراسة السنة وجد أن هذا الكلام وصل إلينا بعد مائتى عام ومن قام بنقله إلينا اعتمدوا على الثقة فى أجدادهم فوجدتها معيارًا غير كافٍ لبناء حياتى وعقيدتى عليها بدأ الشك يتسرب الى قلبى فاتجهت إلى دراسة العلوم الشرعية «العقيدة» بشكل خاص بعد نبذى لتراث السنة، وبحثت طويلاً فى كتب العقيدة فى مباحث النبوة ودرست فى كتب العقيدة للفرق الإسلامية المختلفة: الأشاعرة والمعتزلة وبعض الفلاسفة وغيرهم - ولم أجد إجابة منطقية لسؤال يلح على ذهنى: لماذا أنا مسلم؟ وما الدليل؟ وكنت وقتها أحاول أن أجد ما يثبتنى على الإسلام لأننى لم أكن أريد أن أظل مسلما فقط لأننى ولدت لأبوين مسلمين، وكنت مصرا على أننى يجب علىّ أن أقتنع بالإسلام عن طريق العقل. وكنت أكتفى بالقرآن فقط فكان هناك سؤال واحد يطاردنى دائما دون إجابة وهو: ما الدليل على نبوة محمد فوجدت بالعقيدة أن الأدلة هى المعجزات، وتلك المعجزات يمكن الكذب والترويج إليها من قبل أتباعه كما توجد معجزات فى كل الأديان واتباع كل دين يروجون له. الدليل الآخر هو القرآن الكريم وهو الإعجاز اللغوى، فاذا افترضت أننى غير عربى فكيف لى بمعرفة الإعجاز اللغوى وغير ذلك.. فالإعجاز اللغوى مسألة نسبية بين أهل اللغة فقط. وأضاف: انضممت فترة إلى جماعة الإخوان ولكنى سرعان ما تركتهم لاستخدامهم مبدأ السمع والطاعة العمياء، ثم انتقلت بعدها إلى دراسة الفكر السلفى على يد أحد المشايخ المعروفين فصدمت بتحريمهم كل الأشياء والنظر إلى المرأة على أنها كائن دنىء ليس له حق فى الحياة. نحن لا نستند إلى «مصطفى محمود» ولا نعتبره ملحدًا من الأساس ولكن أشهر من ألحد وتحدث عن الإلحاد «رتشارد دوكينز» عالم الأحياء والوراثة والسلوك الذى أقام «مؤسسة ريتشارد دوكينز لتحكيم العقل والعلوم» من أجل نشر الوعى اللادينى ومؤلف كتاب «وهم الإله». كما أننى دخلت فى مناقشات طويلة بينى وبين علماء الدين فى أفكار ووجهات نظر مختلفة، كما أنى اطلعت على كل أنواع العلوم الشرعية وأفكار أهل السنة ومخالفيهم من المعتزلة وابن سينا والفارابى وابن رشد ومعركته مع الغزالى. ورداً على زيادة أعداد المثليين بين الملحدين قال: ليس بالضرورة أن يتم ربط المثليين بالإلحاد،فأنا أصادق العشرات من الملحدين ولا يوجد بينهم مثلى واحد، فى حين أن صديقى الوحيد المثلى هو مسلم كما أننى عندما كنت شيخًا وأعمل بدار الإفتاء كان يتردد على شباب «مثليون» ويخافون من عذاب الله ويريدون نصيحتى فكنت أنصحهم بالصلاة والصوم حينها. أتمنى أن يستطيع الملحدون الإفصاح عن افكارهم كما يفصح الجميع، فكما أدافع عن حق الملحدين فى اعتناق افكارهم والجهر بها أدافع عن حق الشيعة فى ممارسة عقائدهم على الرغم من أن الشيعة إذا وجدوا ملحدًا فعليهم تطبيق حد الردة عليه، وظهور الملحدين فى الفترة الأخيرة فى البرامج التليفزيونية هو خطوة إيجابية لإعلانهم عن تواجدهم وإن كان يتم تقديم بلاغات عدة عليهم بعدها. الأزهر يمتلئ بشباب ملحدين ولا يعلم عنهم أحد نحن نعرف بعضنا،فأنا على سبيل المثال لا الحصر دفعتى 07 طالبًا من بينهم 8 طلاب ملحدين وهكذا الحال ويرجع ذلك لأسباب عدة أهمها أن الشخص العادى غير متعمق بالدين فيعتقد طول الوقت أن هناك أسئلة هو لا يعرف إجابتها لكن الأزهرى يعلم الإجابات ويراها ليست ذا حجة قوية فيصبح ملحدًا. ∎ بداية الظاهرة وأخذ أحد الطلاب يروى لنا بدايات تفشى الظاهرة بأنها انتشرت بين طلاب الأزهر وذلك يعود إلى فكرة «أن بعد الثورة كل المستخبى بان» وبدأ ظهور الأحاديث والفتاوى التى لم يتم الإعلان عنها من قبل مما دفعهم إلى البحث أكثر وراء صحة تلك الآيات والأحاديث وانتهى الطريق إلى عدم الوصول لشىء.. كما أن سنة حكم الإخوان دفعتهم أكثر إلى الإلحاد وأكثر الكليات التى ينتشر بها الطلاب الملحدون «طب، لغة عربية، تجارة، لغات وترجمة، دراسات إسلامية، شريعة، طب أسنان». قضية الانتحار بالنسبة لى لا أرى فيها ما يقلقنى أما عن سبب استمرارى فى الحياة ،فأنا مازلت سعيدًا لذلك أنا حى وعندما أشعر أنى أصبحت غير سعيد أو أصبت بمرض ما لن أتردد لحظة عن الانتحار كما أن بينى وبين أصدقائى اتفاقًا إذا أصبت بمرض ولم أستطع الانتحار عليهم مساعدتى فى ذلك فأنا حاسم موقفى من الآن. أسرتى لا علم لهم بما أنا عليه ولم يلاحظوا تغييراً فى نظام حياتى، فأنا أخاف عليهم من الصدمة ولكن أغلب أصدقائى على علم وصداقتنا مستمرة كما هى ومنهم بعض الإخوان والسلفيين ومنهم من غيروا آراءهم بعد جلسات نقاش مطولة ، لكنى فى الحقيقة لا أسعى لنشر الفكر الإلحادى أو الربوبى كل ما يهمنى تحقيق سعادتى بالكفر أو الربوبية أو الإيمان فهذا هو الأساس. الطالبة «علياء.م» إحدى طالبات كلية الشريعة جامعة الأزهر تقول كنت من حفظة القرآن الكريم منذ السادسة من عمرى وحضرت العديد من الندوات مع معلمات بمعهد الرحمة ومنذ التحاقى بجامعة الأزهر مع دراسة الحديث والسنة وكانت يومياتى مدعمة بالالتزام الدينى حتى دخل الشك إلى قلبى وتبدلت الأمور تماما فجميعها أساطير وروايات ليست لها مصدر ثقة من أحد وبحثت كثيرا حتى أصل للحقيقة لأننى حريصة على ألا أظهر كإنسانة غير سوية أو مختلة فى عقيدتى لكن لم أصل إلى شىء ولم أجد فى القرآن ما يطمئن قلبى وحتى هؤلاء الشيوخ الذين يخرجون على شاشات التليفزيون ويبدعون بعشرات الكلمات التى تنادى بالالتزام الإسلامى استمعت إليهم ولم أقتنع بل كان لهم دور واضح فى عزوفى أكثر، ومن يقول إن الكون على شكل مجرة فجميعنا يمكن أن نتخيل شكل الكون كما نريد.. فبدأت التطور بخلع الحجاب خارج المنزل ولم يعلم أحد فى منزلى اعتناقى فكر الإلحاد حتى لا يصدم بالواقع خاصة أن أسرتى متدينة وتحرص جميعها على الصلاة وكى أبعد الشك عنى كنت احتفظ بالمصحف فى شنطتى كديكور ظاهرى. وأضافت: أصادق العديد من الفتيات لا يؤمنن بأى من الأديان ولا يعترفن بوجود خالق.. لنا عالمنا الخاص نمارس فيه هواياتنا ولا نسعى لنشر الإلحاد لكن إذا دخلنا فى نقاشات مع أحد لا يستطيع التصدى لنا أو إقناعنا وكثيرا ما يقتنع الطرف الآخر، أتمنى أن تضاف خانة ملحد فى البطاقة ليعلم العالم كم عدد الملحدين الخائفين من إبراز هوياتهم ولنا أماكن خاصة نجتمع فيها بشكل يومى أو بشكل أسبوعى لنكون رابطة، ومن تلك الأماكن الشهيرة مقاهى وسط البلد. ومن جانبها أكدت الطالبة «ياسمين.ك» إحدى الطالبات بجامعة الأزهر أنها بعد تفكير وجدت أن المسلمين يأخذون بنظرية الاحتمالات فى وجود الله من عدم وجوده فيقولون لأنفسهم إذا كان موجودًا سندخل الجنة أما إذا لم يكن موجوداً فلن تخسرنا تلك العبادة شيئًا، وبالتالى فإذا فرضنا بعلم الغيب فأكيد الله يعلم أن إيمان هؤلاء على باطل، لذلك قررت بعد استخدام عقلى الإلحاد فإذا سألنى الله يوم القيامة عن إلحادى سأتحدث معه بأنى استخدمت عقلى الذى خلقه لى، أتعامل مع أهلى على أنى مسلمة أحيانا وأضطر إلى الصلاة أمام أبى لأنه شديد التدين ولا يعلم أحد أنى ملحدة سواء أصدقائى الذين ينتمون لى فقط ولم أجد فى أمرى أزمة فهى حرية سعيت لتطبيقها فى حياتى دون إزعاج أحد وللأسف فى حالة وجودى فى الأماكن الدينية لا أشعر بشىء تجاهها وصداقتى بعدد من الملحدين جعلتنى أبتعد عن البحث للعودة عن طريقى ولى من الأصدقاء خمس فتيات وهن الأقرب لى ومتشابهات معى فى الفكر والتعامل ولا نضر أحدًا فى شىء لكن نرفض التعامل بشكل ظاهرى أمام أحد لأن الظاهرة لم تأخذ وضعها فى المجتمع المصرى لكن نتواصل مع عدد كبير من الملحدين خارج مصر عن طريق الإنترنت والواتساب. فى حين وضحت الطالبة «عائشة» بكلية طب جامعة الأزهر: وجدت فى الإسلام النظر للمرأة على أنها ناقصة عقل ودين ويعطيها نصف حقها فى الحقوق وعليها كل الواجبات، وبعد دراسة الفقه والسنة والحديث والقرآن لم أجد فى الإسلام ما يجعلنى أفتخر بكونى أنتمى لدين بعينه لم أقتنع بوجود تلك الأديان من الأساس فقررت أن أكون «ربوبية» أؤمن بوجود الله وأدعو الله كثيرا فى أزماتى ولا ألجأ لغيره لكنى لا أومن بأديان قط، واستكملت: عن علاقتها بالبيت: بدأت أسرتى تلاحظ عليه عدم الصلاة وعدم الالتزام الشديد وعدم الصوم ودائما ما أتحجج بكونى متعبة ولا أقدر على الصوم ولكنهم فى ريب من أمرى.∎