اكتشف بلدك من جديد.. فكرة بدأناها أنا وزملائى بالمجلة.. ولتكن دعوة إلى كل محبى «أم الدنيا» فهى تستحق منا كل الحب لكى نحافظ على كل ما تركه لنا أجدادنا من أجل الأجيال القادمة. حرصت وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار على استكمال عمليات الترميم والتجديد لبعض مساجد القاهرة القديمة ومنها الذى افتتح قريبا مسجد ألماس الحاجب. ويقع هذا المسجد عند تقاطع شارع الحلمية امتداد شارع السيوفية وحارة ألماس الحاجب والمتفرعة من شارع محمد على من ناحية القلعة. - تاريخ المسجد شيد هذا المسجد كما تؤكد العديد من النصوص التأسيسية الموجودة به الأمير ألماس الحاجب، واسمه بالكامل هو سيف الدين ألماس بن عبد الله الناصرى، وقد كان من أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وكان تركى الأصل، وكلمة ألماس كلمة تركية تتكون من مقطعين هما (ال) ومعناه يموت، وكلمة (ماس) وتعنى لا يموت، أى أن اسمه معناه الخالد، وكان ألماس من أكابر أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ورقاه السلطان حتى وصل لمنصب الحاجب، وبلغ من منزلته لدى السلطان أنه لما خرج للحج جعله مع جملة من الأمراء مسئولين عن أمن البلاد وتسيير الأمور فيها، ولكن بعد عودة السلطان من الحجاز غضب على ألماس، لأنه كان يراسل الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك والذى تمرد على السلطان، فأمر السلطان بالقبض على ألماس الحاجب وألقى به فى السجن حيث تم خنقه بعد ثلاثة أيام وكان ذلك فى صفر عام 734ه/1334م، وحمل من القلعة فدفن فى مسجده هذا، وكان لألماس دار تقع بجوار المسجد، وقد أفاض المقريزى فى وصف ما كان له من أموال وكنوز استولى عليها السلطان ومنها 600 ألف درهم فضة، و100 ألف درهم نحاس، و4000 دينار ذهب والكثير من الجواهر والتحف، كما أمر السلطان بنزع الرخام من جدران وأرضيات داره مما يدل على فخامة هذا الرخام الذى أمر السلطان بنقله للقلعة. أما عن تاريخ إنشاء المسجد فتثبت النصوص التأسيسية العديدة بالمسجد ومنها النص بالواجهة الرئيسية أنه تم البدء فى بناء المسجد عام 729ه/ 1329م، وتم الانتهاء من تشييده عام 730ه/1330م. - جولة داخل المسجد للمسجد واجهتان إحداهما هى الواجهة الشمالية الغربية وهى الواجهة الرئيسية للمسجد وبها المدخل الرئيسى، ويعلوها المئذنة كما أنه يوجد بها واجهة القبة الضريحية الملحقة بالمسجد، أما الواجهة الثانية فهى الواجهة الشمالية الشرقية، وهى واجهة بسيطة بها مدخل ثانى يوصل لداخل المسجد، أما المسجد من الداخل فيتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به أربعة أروقة أعمقها وأكبرها رواق القبلة، وفيما يلى وصف لكل تلك الوحدات المعمارية. - الواجهة الرئيسية هى الواجهة الشمالية الغربية كما سبق، ويبلغ طول تلك الواجهة 40,24م ويتوسطها المدخل الرئيسى، ويزين تلك الواجهة على يمين ويسار مدخل حنيتان ذواتى صدر مقرنص بواقع حنية فى كل جانب، وبداخل كل حنية من أسفل نافذة مستطيلة مغشاة بمصبعات نحاسية يعلوها نافذة بشكل قندلية تتكون من نافذتين مستطيلتين متوجتين بعقد حدوة فرس، يعلوها قمرية مستديرة، ويغشى تلك القندليات أحجبة من الخشب المفرغ بهيئة زخارف نباتية غاية فى الدقة، ويعلو تلك القندليات كتابات من عبارات دعائية، نص أحدها: «اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيننا وبين الصدق والإخلاص والخشوع والهيبة والنور واليقين والمعرفة والحفظ والعصمة والنشاط والقوة والفهم والبيان فى القرآن وأدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق وأجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا» ويتوج كل حنية ثلاث حطات من المقرنصات. أما المدخل الرئيسى فعبارة عن حجر عميق يغطيه سقيفة من مقرنصات ذات دلايات، وفتحة الباب عبارة عن فتحة مستطيلة يعلوها عتب من صنجات مزررة، يعلوه عقد عاتق من صنجات مزررة كذلك، ويعلو العقد العاتق نافذة توأمية متوجة بعقدى حدوة فرس يغشيها أحجبة من الخشب المفرغ بهيئة زخارف نباتية غاية فى الدقة، ويعلو تلك النافذة كتابات تأسيسية، ويغلق على الباب مصراعى باب من الخشب المصفح بالنحاس وتزدان الصفائح النحاسية بشكل أطباق نجمية وأجزائها وبداخلها زخارف نباتية غاية فى الإتقان، ويزين المصراع من أعلى شريط كتابى، ويزينه من أسفل كتابات تظهر تاريخ السنة التى قامت فيها لجنة حفظ الآثار بترميم الباب ونص تلك الكتابات: «جدد هذا الباب فى عصر الخديو عباس حلمى الثانى سنة ثلاثين وثلثمائة وألف هجرية 1911م». - الواجهة الفرعية «الشمالية الشرقية» يبلغ طول تلك الواجهة 20,5م وهى واجهة غير مستقيمة لتساير خط تنظيم الطريق، وبهذه الواجهة باب ثانى عبارة عن فتحة مستطيلة يعلوها عتب مستقيم مزرر، فوقه عتب آخر بسيط، ثم عقد عاتق، ويعلو الباب شباك مستطيل مغشى بمصبعات نحاسية ويوجد لليسار منه شباك آخر بنفس الشكل. - المسجد من الداخل - الصحن: يتكون المسجد من الداخل من صحن أوسط مكشوف ذو مساحة مستطيلة إذ تبلغ أبعاده نحو 61,16*26,11م، ويحيط بالصحن أربعة أروقة تتكون من مجموعة من العقود المدببة المحمولة على أعمدة من الرخام عدا عقود الأركان الأربعة من الصحن إذ يحمل عقودها أعمدة من الجرانيت، ويذكر المقريزى أن الرخام المستخدم فى المسجد جلب من بلاد الشام وجزر البحر المتوسط وبلاد الروم. - رواق القبلة: ويعد الرواق الجنوبى الشرقى وهو رواق القبلة هو أكبر أروقة المسجد وأهمها ويتكون من بلاطتين تسير عقودهما بشكل مواز لجدار المحراب، ويشرف على الصحن ببائكة من خمسة عقود، ويحيط بعقود ذلك الرواق وكذا عقود بقية الأروقة إطار رفيع من زخارف نباتية دقيقة محفورة فى الحجر، وقد فتحت فى خواصر عقود المسجد جميعها كذلك نوافذ وضعت فى دخلات متوجة بعقود منكسرة، ويحيط بتلك الفتحات كذلك زخارف نباتية دقيقة محفورة فى الحجر. - الرواق الشمالى الشرقى: هذا الرواق غير منتظم الشكل حيث إن جزء منه بعمق بلاطة واحدة والباقى بعمق بلاطتين ولجأ المعمار لذلك حتى يساير خط تنظيم الطريق بحارة ألماس، ويشرف الرواق على الصحن ببائكة من ثلاثة عقود، ويقع فى بداية هذا الرواق إلى اليسار من الداخل مزملة يغشى واجهتها حجاب من خشب الخرط، وبهذا الحجاب باب خشبى من ضلفتين. - الرواق الجنوبى الغربى: يتكون من بلاطتين تسير عقودهما بشكل متعامد على جدار القبلة، ويشرف الرواق على الصحن ببائكة من ثلاثة عقود، وتختلف أعماق البلاطات بهذا الرواق كذلك لأن حائط المسجد الجنوبى الغربى غير مستقيم حتى يساير خط تنظيم الطريق. - الرواق الشمالى الغربى: يتكون من بلاطة واحدة تسير عقودها بشكل مواز لجدار القبلة، ويشرف الرواق على الصحن ببائكة من خمسة عقود، ويوجد بهذا الرواق ثلاثة أبواب منها بابان إلى يمين الداخل، الأول ويؤدى لسلم حلزونى يؤدى لقمة المئذنة، أما الباب الثانى فيؤدى لغرفة صغيرة، وعلى يسار الداخل باب يوصل لداخل القبة الضريحية الملحقة بالمسجد. - المئذنة: تقع على يمين المدخل الرئيسى وهى ليست المئذنة الأصلية للمسجد ولكنها ترجع للعصر العثمانى، وتبدأ بقاعدة مربعة بها باب معقود يؤدى لداخل المئذنة، أما الطابق الأول فهو مثمن الشكل فتح بكل ضلع من أضلاعه نوافذ يتقدم أربعة نوافذ منها مشترفات حجرية تقوم على مقرنصات، وينتهى هذا الطابق بحطات من المقرنصات تحمل شرفة خشبية ذات درابزين من قوائم بسيطة، يلى ذلك الطابق الثانى وهو اسطوانى الشكل يخلو من الفتحات والزخارف وينتهى هذا الطابق بحطات من المقرنصات اتسع بها بدن الطابق ليكون قاعدة لقمة المئذنة التى تأخذ شكل القلة، وهو نمط قمم المآذن الذى انتشر فى العصر المملوكى بشقيه البحرى والجركسى.