حين يحاول البعض خلع خريطة مصر من موقعها على الكرة الأرضية ليلقيها تحت حذاء التخلف، وحين يقوم هذا البعض بمحاولة التعامل مع مصر كبلد قاصر يحتاج لمن يعلمه كيف يدير واقعه ومستقبله، عند تلك اللحظة يخرج من قلب المصريين من يحمل همومهم ويعلم قيمة ما يملكون، ويقول لمن يريد العبث بالخريطة وسكانها «عفوا .. أخطأتم وعليكم إعادة النظر فى غباء سلوككم، لأن مصر لاتقبل الانكسار». والمثال السابق ينطبق تماما على ما فعلته السيدة فايزة أبوالنجا بعد أن رصدت النيابة محاولات التدخل غير الحميد فى إدارة أمور واقعنا ومستقبلنا، هذا التدخل الذى يتخذ شكل مساعدة العمل الأهلى فى بر مصر المحروسة، ومن خلال أموال تدفقت بجنون كى تؤثر فى القرار السياسى الشعبى. وفايزة أبوالنجا بحكم رحلة حياتها، عاشت فى الولاياتالمتحدة خمس سنوات وأطلت من نافذة عملها على مشكلات الدول ذات المكانة، والدول التى يتعثر نموها نتيجة تدخل الغير فى مساراتها السياسية، عاشت فايزة أبوالنجا كل ذلك عبر إدارتها لمكتب بطرس بطرس غالى أثناء عمله كسكرتير عام الأممالمتحدة. ولم تكن تلك هى خبرتها الأولى، بل سبقتها خبرة المشاركة فى وفد تحرير طابا من أنياب الاحتلال الإسرائيلى، وهى من عملت سفيرة فى جنيف وتعلم تماما أن لكل دولة قدرات يحتاجها العالم، وعلى من يديرون تلك الدولة أن يجيدوا التصرف بما يحقق لبلدهم أهدافه. فما بالنا إن كان البلد هو مصر، ذات الموقع الفريد الذى يتوسط الكون؟! وعندما اقترحت تحويل مسمى المعونة التى تقدمها بعض من الدول الكبرى للدول التى تدفع ثمن موقعها من متاعب، لذلك قررت أن تسمى تلك المعونة «مشاركة»، فهى من تعلم أن الدولار الأمريكى الذى يأتى إلى مصر - على سبيل المثال - إنما يعود إلى الولاياتالمتحدة بفوائد تصل إلى خمسة دولارات حسب تصريح قاطع واضح وصريح من كريستوفر وزير خارجية الولاياتالمتحدة الأسبق فى محاضرة له بإحدى الجامعات الأمريكية. وإذا ما كانت الولاياتالمتحدة تستفيد من كل دولار تقدمه كدعم لمصر ما يزيد على خمسة أضعاف قيمته، فذلك يعنى ضرورة أن تتفهم الولاياتالمتحدة حقيقة تاريخية، وهى أن مصر بلد يحب التعامل فى الضوء، ويرفض عمليات التدخل غير الحميد فى أموره الداخلية. وإذا كانت بعض الدول قد حاولت أن تدس أنفها فى شئون مصر الداخلية إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير من أجل حياة أكثر تقديرا لكرامة كل المصريين، فهذه الأنوف المصنوعة من الدولارات والدراهم والدنانير والريالات يمكن أن تسدها الإدارة المصرية، فإدارة هذا الوطن تملك من القوانين ما تحمى به شئونها الداخلية من التدخل الخارجى أيا كان. وقد وقفت فايزة أبوالنجا ضد هذا النوع من التدخل ومعها مجلس وزراء مصر وقيادتها، وكان الفيصل هو القضاء. إن فايزة أبو النجا تعلم - كما يعلم عموم المصريين - أن الكون يعيش حاليا عصر الاستقلال النسبى، فلا يوجد بلد باستطاعته الحياة بعيدا عن التعاون مع بقية دول العالم. ولكن هذا التعاون عليه أن يتم عبر البوابات الشرعية التى تدير شئون هذا الوطن، ولذلك لم تغرق فايزة أبوالنجا فى دوامة المهاترات اللغوية، ولكنها دقت الجرس بجانب آذان من حاولوا التدخل باسم مساعدة المجتمع المدنى، ثم راحت أموالهم تعبث فى محاولة إحداث الفوضى فى الشارع المصرى. شكرا أيتها الراقية التى تملك ضميرا حادا، ولا تندفع وراء شعارات براقة، فأنت واحدة من عموم المصريين الذين يرفضون خلع خريطة بلادهم من موقعها وكرمشتها وإعادة تشكيلها على هوى أصحاب الدولارات والدنانير والريالات والدراهم.∎