على الفضائيات. رأيت سيدة مصر الأولى سابقا جيهان السادات تتحدث. رحت أفرك عينى وأسلك أذنى لأستوعب ما تقوله هذه السيدة فى منتهى الفخر. وكأننا ننسى تاريخنا المؤلم مع مثل هؤلاء ممن ظهروا علينا ورسخوا عادات وتقاليد شربنا مرارتها أربعة عقود من الزمن. ما هذا الذى تقوله هذه السيدة الطاعنة فى السن. ألم يقل لها أحد أن تصمت وتنتحى جانبا فى مثل هذه الأيام الغابرة. لن نخوض فى سير ما فات على الإطلاق منا من يعرف الحقائق وصامت ومنا من لم يعرف، لكن ليس هذا ما نريد الخوض فيه الآن. لكن لابد ألا تنسى السيدة الأولى السابقة أنها هى التى ابتدعت هذا الذى عانينا منه خلال ثلاثين عاما كاملة وكانت لعنة سوزان مبارك ما هى إلا امتداد قبيح للسيدة جيهان. فهى التى ابتدعت ظهور زوجة الرئيس على الساحة السياسية، بل هى التى ابتدعت الدائرة المغلقة حول الرئيس من تنعم عليه يكون من المقربين ومن تغضب عليه فأبواب جهنم تنفتح فى وجهه، فالسيدة جيهان كانت تتدخل هى الأخرى فى اختيار الوزراء، بل وفى اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية وارجعوا لكتاب الأستاذ أحمد بهاء الدين «حواراتى مع السادات» وكيف إنها كانت خائفة من اختيار السادات لأنيس منصور رئيسا لتحرير الأهرام وكيف إنها تدخلت ورشحت زوج صديقتها إبراهيم نافع لتولى الرئاسة فى الأهرام. كما أن السيدة الفاضلة كانت صاحبة اختراع الوفاء والأمل المشروع الذى خضعت كل أجهزة الدولة فى إنتاجه. بل ولعل السيدة نسيت موقفها فى القضاء على أسطورة الغناء العربى أم كلثوم وحاولت مرارا وتكرارا أن تقضى عليها واستخدمت نفوذها لتقديم بديل لها وهى المطربة المعتزلة الآن ياسمين الخيام وهى الفترة التى كانت ياسمين ملء السمع والبصر فى الغناء المصرى. ولابد أن أذكر حديثا دار بينى وبين المصور المبدع الراحل فاروق إبراهيم وكان الحديث عن السادات الذى قال عنه الرجل إنه كان أسطورة يفهم جيدا سر الميديا فى إظهاره للعالم وكان يعرف جيدا أن الكاميرا تحبه ويأخذ وضع التصوير دون إرشاد منه وتطرق الحديث عن السيدة جيهان فعبس وجهه وقال كان الرئيس الراحل يضيق جدا من تدخلها الكثير فى شئون الحكم، وفى إحدى المرات ترك البيت إثر خناقة معها وركب السيارة بالروب وذهب إلى استراحة القناطر فى منتصف الليل من كثرة زهقه وليت عم فاروق يعيش بيننا الآن ليدلى بشهادته تلك ولا أعرف هل السيدة الأولى السابقة نسيت أنها كانت تتدخل فى أدق أمور الدولة المصرية وتفرض رأيها، وعندما كان السادات يضيق بها يقول اعملوا اللى هى عايزاه بلاش وجع دماغ، كل من عاشروا السادات وكثير منهم مازال على قيد الحياة يعرفون الكثير والكثير عن تدخل السيدة فى شئون البلاد وفى إصدار القرارات لكن لقصر مدة السادات فى الحكم لم تستطع السيدة أن تخرج كل ما فى جعبتها من إدارة شئون البلاد ومن يدرى هل لو كان امتد العمر بالرئيس السادات هل كان من الممكن أن تفكر جيهان السادات فى توريث الحكم لابنها أم لا يمكن أن نحكم كل شىء وارد صحيح جمال غير جمال أقصد جمال مبارك ليس كما جمال السادات فى التربية أو حتى السادات غير مبارك لكن سوزان تشبه كثيرا جيهان فى المنشأ الإنجليزى وفى طريقة التدخل فى الحكم والفارق فقط كان فى طول المدة التى قضاها الزوجان فى الحكم واحد عشر سنوات وأما الآخر فعمر ثلاثين عاما كاملة كانت كفيلة لسيدته أن تفعل بنا ما فعلته من جرائم وتدخل فى شئون البلاد وصل الحد فيه لرغبتها بتوريث المحروس آخر العنقود حكم الأمة المصرية. أريد عاقلا قريبا من السيدة الأولى سابقا التى ابتدعت هذا الهراء السياسى أن ينصحها بالصمت والتنحى جانبا لأنها ليست أقل أو أفضل من وريثتها، بل هى التى علمتها السحر ومشت على خطاها ولن نتحدث أكثر من ذلك ولن نذكر عن علاقتها مع الإسرائيليين ففى الفم ماء ويا ست جيهان كلهم ديكتاتوريون وأنت نتاج حكم ديكتاتورى أضاع من عمرنا الكثير. فالصمت أفضل.