ترامب يوقع قانونا يلزم إدارته بنشر ملفات جيفري إبستين تحت ضغط سياسي جمهوري    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أسامة العرابي: رواية شغف تبني ذاكرة نسائية وتستحضر إدراك الذات تاريخيًا    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    إصابة 3 أشخاص في تصادم موتوسيكل بآخر بطريق المنصورة طناح في الدقهلية    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    ليو تولستوي، الفيلسوف الذي شغل بالإنسان في رحلة "البحث عن الله" وهذا ما قاله عن سيدنا محمد    أول تعليق من الأمم المتحدة على زيارة نتنياهو للمنطقة العازلة في جنوب سوريا    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    الجبهة الوطنية: محمد سليم ليس مرشحًا للحزب في دائرة كوم أمبو ولا أمينًا لأسوان    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    بينهم 5 أطفال.. حبس 9 متهمين بالتبول أمام شقة طليقة أحدهم 3 أيام وغرامة 5 آلاف جنيه في الإسكندرية    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    معتذرًا عن خوض الانتخابات.. محمد سليم يلحق ب كمال الدالي ويستقيل من الجبهة الوطنية في أسوان    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نصر مرعي» متحدثاً عن الرجل القوي «سيد مرعي» : «أبو السيد» ضحية اللحمة ودودة القطن أضر أمي بقانون الإصلاح الزراعي

الدكتور نصر سيد مرعى نجل المهندس سيد مرعى لفت إليه الأنظار مؤخرا بكتابه البارع المصور عن أصالة الخيل المصرى العربى الذى التقط معظم صوره من داخل مزرعته الخاصة التى يربى فيها أكثر من 70 خيلا. قمنا على صفحات هذه المجلة بعرض واف للكتاب لكن لم يكن ممكنا أن نضيع فرصة إجراء حوار مع نجل واحد من أبرز الشخصيات السياسية فى تاريخ مصر.. المهندس سيد مرعى الذى كان عضوا بمجلس الأمة فى العهد الملكى ثم وزيرا للإصلاح الزراعى ووزيراً للزراعة ونائبا لرئيس الوزراء فى عهد عبد الناصر ثم رئيسا لمجلس الشعب فى عصر السادات وأخيرا مساعدا للرئيس السادات.. كان من ملاك الأراضى لكنه كان مسئولا عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعى وكانت زوجته من أول الخاسرين بسبب النظام الجديد. كما كان المهندس سيد مرعى صهرا للرئيس السادات لزواج ابنه حسن من نهى ابنة الرئيس السادات .. عايش الدكتور (نصر مرعى) كل مجريات أهم الأحداث السياسية من داخل منزل والده بدءا من الثورة حتى حادث المنصة الذى أصيب فيه والده بطلقة فى جنبه. اصطحبنا الدكتور نصر مرعى إلى مزرعته بالبادية.. دخلنا إلى المزرعة وكأننا دخلنا إلى حقبة أخرى من التاريخ. الرجل مازال محافظا على أسلوب المعيشة الأرستقراطى.. مررنا بين المناطق المزروعة والخيول تحيط بنا.. هنا كان والده سيد مرعى يصطحبه فى ركوب ممتع للخيل الذى تشاركا فى عشقه.
* كيف استطاع والدك أن يحتفظ لنفسه بمكانة سياسية على مدار 3 عصور؟
- والدى لم يكن برجل السياسة بقدر ماكان رجل (فنى).. رجل زراعة.
* لكنه كان رجل سياسة أيضا فقد كان عضوا فى مجلس الأمة فى العهد الملكى ورئيس مجلس الشعب فى عهد السادات؟
- كان سياسياً بالطبع لكن سبب نجاحه عبر كل هذه الأزمنة أولا وأساساً بسبب علمه الذى يوظفه ويجيده جداً وبالتالى كان دائما عونا للرؤساء.
وعندما انتقل من الناحية الفنية إلى السياسية، كان ذلك لانتقاله للحزب الاشتراكى ومجلس الشعب فى عصر السادات.
* السؤال التقليدى جدا هنا الذى يجب أن نسأله هو ولماذا لم تشتغل أنت أو أخوك فى السياسة فمن المؤكد أن الفرص كانت أمامكما؟
- طالما أراد أبى أن ينتهج أحدنا السياسة مثله أنا أو أخى حسن. لكن الحياة السياسية تتطلب (تركيبة) معينة لم أجدها عندى، ولا أخى حسن أيضاً.. وبالمناسبة أخى «حسن» فكر فى ترشيح نفسه منذ بضع سنوات لكن الحزب الوطنى لم يرحب به.
* هل آثرت الابتعاد عن السياسة بسبب ما عايشته من صعوبات فى بيت المهندس «سيد مرعى»؟
- أنا رأيت لحظات مجد والدى كما عشت معه لحظات كبواته مثله مثل أى سياسى، له حروبه السياسية. وطالما تحدثنا أنا وهو فى هذا الشأن. كان يقول لى دائماً، إنه فى مجال السياسة لا يوجد قط إبحار هادئ من دون عواصف. فهناك الانتصارات والكبوات وعلى الواحد التعامل معها جميعاً.
* هل كنت تتبع الحياة السياسية فى مصر من داخل منزل سيد مرعى؟
- كنت ناضجا بما فيه الكفاية فى أيام والدى لأفهم مجريات الحياة السياسية فى مصر عن طريق أبى وأصدقائه، لأن العلاقة بينى وبين أبى كانت علاقة قوية جداً. كان يحرص على إشراكى فى جلساته مع السياسيين والصحفيين من أصدقائه، حيث كانت تناقش كل الأمور.
ولم أكن أدعوه ببابا كنت أناديه ب«أبو السيد» كما كانت تفعل أمى. كان صديقا، ومرشدا ومعلما محترما وإنسانا محبوبا جداً. كان مثلاً أعلى بالنسبة لى.
كنت فى الثامنة من عمرى عند قيام الثورة، بالطبع لم أكن أعى كل شىء لكنى أتذكره كان ينادينى لأحضر جلساته مع شخصيات مهمة.
* مثل من؟
- جمال سالم ود. عزيز صدقى ود. مصطفى خليل ود. عبدالمنعم القيسونى وإحسان عبد القدوس ومحمد هيكل ومصطفى فهمى. كانت الحياة الاجتماعية نشطة، فكانوا يزوروننا كثيراً، أيضا أنيس منصور وأحمد رجب ويوسف إدريس، وعبدالحليم وأم كلثوم كانا من أصدقاء العائلة. مخالطتى لهؤلاء فى طفولتى وسعت أفقى للغاية.
* ومحمد نجيب؟
- كان على علاقة بوالدى وأتذكر أنه زارنا مرة واحدة.
* وما هى أكبر الكبوات فى حياة سيد مرعى المهنية التى عايشتها معه عن قرب؟
- كوزير الزراعة، أزمة دودة القطن فى الستينيات.كان القطن فى هذا الوقت سلعة مهمة جداً. اضطر والدى للاستقالة إثر هذه الأزمة. وكان متأثراً جداً للأزمة التى حلت بمصر وليس لفقدان المنصب، وعاد بعد 3 سنوات لمنصبه. فقد كانت استقالة الوزراء أمراً مألوفاً حينها، وكان يستطيع الوزراء الذين قدموا استقالتهم العودة إلى المناصب ذاتها لاحقاً. ثم إنه خرج من الوزارة لرئاسة مجلس إدارة بنك مصر.
* ما هى علاقة سيد مرعى بالاقتصاد؟
- لم يكن دارساً للاقتصاد لكنه كان مديراً رائعاً. كان أسلوبه مع الناس بديعاً. وقد تأثرت بقرار استقالته جداً لكنه أعدنى لهذا القرار حينها.
* ماذا قال لك؟
- قال لى أنه يجب على أعلى منصب فى المنظومة تحمل المسئولية.وشرح لى أنه كوزير مسئول عن تعيين من هم تحت رئاسته ممن قد يكونون أخطأوا.
* فى ضوء ما عايشته من استقالة والدك كيف تنظر إلى رد فعل الوزراء اليوم إثر الأزمات التى تقع فى وزاراتهم؟
- مثلاً الوزير فاروق حسنى تساءل إثر الحادثة الأخيرة (سرقة زهرة الخشخاش) من أين سآتى بأناس كفء لإعطائهم مهام الوزارة وكيف آمن ألا يخطئوا؟ وبصراحة أرى أن لديه حقا فيما يقول، فهو لا يستطيع مراقبة كل كبيرة وصغيرة فى المكان، لكن لو كان يعيش فى زمن أبى بمعاييره وأسلوب تفكيره لوجبت عليه الاستقالة.
* لكن وزير النقل استقال بسبب حادث قطار؟
- وهل كانت هذه القطارات موجودة من أيام منصور؟ لا. لكن السكك الحديدية موجودة منذ زمن بعيد ومشاكلها تراكمت ومشكلتنا أننا نعالج الأعراض ولا نعالج الأمراض نفسها.
* عودة إلى كبوات سيد مرعى.. ماذا غير دودة القطن. هل حزن بيتكم عندما خسر الانتخابات؟
- والدى لم يخسر الانتخابات إلا مرة واحدة. وعامةً كانت أيام الانتخابات يغمرها التوتر والقلق. وأتذكر العزائم التى كانت تقيمها أمى مع والدى أيام الانتخابات.
* قرأت عنه أنه بكى عندما كان عضوا فى مجلس الأمة.. هل يسمح للسياسيين بالبكاء؟
- لا أتذكر هذه الواقعة تحديدا لكن والدى كان شخصاً عاطفياً. التعبير عن المشاعر ليس عيباً.
* حتى من سياسى يحتل منصبا رفيعا؟
- لا أعتقد أنه بكى علناً .. لكنه كان يبكى خاصة عند فقدان الأقرباء والأصدقاء.
* كيف رأيت مشهد الإصلاح الزراعى فى مصر من داخل منزل وزير الإصلاح الزراعى؟
- كنت أسمع أموراً لكننى كنت صغيرا أعتقد أن كل ما يقوله أبى أو الرئيس جمال عبد الناصر هو الصحيح.. وعندما كبرت رأيت أبى بعد سنوات من تطبيق القانون يقر أن تطبيقه كان معيباً.
* ما هى العيوب التى أقر بها سيد مرعى فى قانون الإصلاح الزراعى؟
- فتت الملكية بشكل شديد، وكان من المفترض أن تكون هناك جمعيات تعاونية لتخدم الأراضى الصغيرة وتوحدها. ولكن قانون التعاونيات لم ينفذ.
كان تطبيق القانون سيئا جدا. أضر بالناس وبكرامة الإنسان المصرى، وأضر بالاقتصاد جداً. ولجان تصفية الإقطاع والعنف.
* سيد مرعى نفسه كان من الإقطاعيين فهل طبق قانون تحديد الملكية على نفسه؟
- والدى لم يضر من القانون لأن الأرض التى كانت تمتلكها عائلته كانت مقسمة على عدد كبير من الأشخاص فلم تخضع لتطبيقات القانون لكن عائلة أمى وإخوتها هم الذين أضيروا وسحبت أراضيهم.
* وكيف كان رد فعل والدتك تجاه والدك.. المشرف الأول عن تطبيق القانون؟
- والدتى كانت متفهمة لكن والدها وهو من آل مرعى أيضاً لام والدى على عدم تنبيهه مسبقا.. والدتى نفسها لم تعرف بالقانون إلا وقت التطبيق.
* نستطيع أن نتفهم غضب جدك لكن كيف كان رد فعل العائلة الإقطاعية عندما طرح والدك فكرة تحديد الملكية فى مجلس الأمة؟
- عندما طرح والدى الفكرة فى مجلس الأمة طرحها على أسس مختلفة تماما وحتى القانون عندما طبق بشكل غير الذى كان يتصوره والدى. وفى مراحل متأخرة، راجع أبى نفسه. ولكن يجب الوضع فى الاعتبار أن القرار قرار سياسى، وأبى تقدم بهذا المشروع بناء على أوامر. وكانت هذه القرارات نابعة من مجلس الثورة.
* نستطيع أن نقول أن سيد مرعى ندم؟
- كما سبق أن شرحت والدى كان «تكنوقرات» أى بمثابة فنى، فقد كانت القيادة السياسية تقول له يا سيد مرعى اعمل قانونا، فكان يتبع الأوامر. وهو كان رئيس الهيئة العليا للإصلاح الزراعى، موظفا، أعطى النظرية والاستراتيجية، ولكنه لم يأخذ القرار. فكانت القرارات كلها وقتها نابعة من مجلس الثورة وعبد الناصر.
وأريد أن أقول أن والدى نفسه كان ضحية لجان تصفية الإقطاع، عشنا شهرين من العذاب، فقد بدأوا يتدخلون فى التفاصيل الداخلية لأراضى والده وعائلته، وهى كانت من العائلات المالكة للأراضى، وكان مهددا وهى من أسوأ الأوقات التى رأيت أبى فيها كان خائفاً لأنه رأى من ضحايا هذه اللجان الأبرياء كثيرين، تعرضوا لبهدلة كبيرة من سجن ومصادرة أموال، وإهانات شخصية ومصادرة البيوت. حتى انتهت إجراءات اللجنة ولم يجدوا لدينا أى مخالفات.
* وفى رأيك لماذا تعرض والدك لهذه الإجراءات المتعسفة بالرغم من براءته؟
- كان هناك صراع سياسى من النوع العنيف، دائما ما كان يوجد نوع من الغيرة والتحدى. وكان ذلك نابعا من بعض العناصر فى الدائرة الصغرى للرئيس عبد الناصر مع والدى، فقد كان رجلاً مدنياً، من خارج مجلس الثورة، كان له صلة مباشرة بعبد الناصر، وكان يطلب رأيه دائما بغض النظر عن الأخذ به، وكان ناجحاً كوزير للزراعة وله سمعة عالمية.
* هل انقلب سيد مرعى على أفكار عبد الناصر بعد رحيله؟
- كلنا رأينا أخطاء هذا العصر والعصر الذى يسبقه العصر الملكى، كما رأينا أخطاء أنور السادات. نكتشفها ولا نبدأ التحدث فيها إلا بعد انتهاء العصر. بعد ما حدث من لجان التصفية عام ,1961 والانفصال عن سوريا، حدثت نقلة عنيفة جداً، تم فيها تبديل المسئولين من «أهل العلم بأهل الثقة» ووضع الضباط فى كل المناصب الفعالة، وتم ذبح الكوادر العلمية المؤهلة جميعاً. وطبعاً هذا يستمر تأثيره علينا حتى اليوم.
* زواج حسن سيد مرعى من نهى السادات زواج عن حب أم عن سياسة؟
- عن حب، فى البداية الأسرتان هيئتا الظروف وبالفعل ولد الحب بينهما وقررا الزواج.
* ولماذا لم تتزوج أنت أيضا من أسرة السادات؟
- هم تركونا كلنا مع بعض.. أبناء السادات وأنا وحسن.. لكن قصة الحب ولدت بين حسن ونهى.
* كيف كان يتعامل الرئيس الراحل وزوجته جيهان السادات مع خلافات الزوجين؟
- لم يكن بينهما خلافات كبيرة. ونهى السادات امرأة رائعة كانت تقول لها أمى ''متدلعيش حسن زى ما أنا دلعت أبوه!'' وكانت دائماً تأخذ صف نهى.
* أنت شخصيا كيف كانت علاقتك بالسادات صهر والدك؟
- كان والدى مساعد الرئيس السادات، وكان يستشير أبى فى كل شىء إلا أنه لم يقل لأحد عن نيته لزيارة القدس. لكن زواج أخى من نهى خلق علاقة عائلية حميمة فكنا نجتمع معه فى المناسبات العائلية وأنا كنت أحبه وأحترمه احتراماً غير عادى. كانت له شخصية فذة وله حضور ولغة ويحب أن يعيش من حوله فى مستوى جيد، كما كان ممثلاً بديعاً وصوته منخفضا وحنونا ولطيفا، ويحب الناس.
* ماذا تعنى بكلمة ممثل؟
- أقصد أنه كانت لديه خفة ظل وكان له أداء حركى مميز جدا أثناء الحديث. والحقيقة كانت نيته أن يترك كرسيه عند الانتهاء من مهمته.
* ولكن إن كانت نيته أن يترك كرسيه بعد أن يتم رسالته فلماذا قام بتغيير الدستور الذى كان يحدد فترة رئاسة الجمهورية بمدتين إلى (مدد)؟
- صراحةً لا أعرف لما أقدم على ذلك لكننى لم أر شخصاً ظلم كما ظُلم السادات، فى حياته ومماته. أتألم عندما أرى الناس تهدر حقه فيما حقق. له بالطبع أخطاء، فلا يوجد قائد معصوم عن الخطأ. المتغيرات السياسية والاقتصادية وقتها كانت هائلة. ما فعله مع الصحفيين والمثقفين قبل 81 كان غلطة حينها ومازلت أراه غلطة الآن. ولكن يجب ألا ننسى أن هذا الرجل هو الذى حرر البلد، وفتح باب الاقتصاد...اليوم أتألم حين أسمع أناسا يتهمونه بأنه خائن وأسلم مصر لليهود والأمريكان.
* ما رأيك فى تصريح رئيس حزب الوفد الجديد السيد البدوى عندما قال «لو أصبحت رئيس جمهورية سألغى اتفاقية السلام»؟
- هل هذا كلام؟! أنا أستعجب جدا حينما أقرأ مثل هذه التصريحات وأستعجب أكثر حينما تخرج من رئيس حزب من المفترض أنه ليبرالى مثل حزب الوفد..فقد حاربنا 50 سنة وعملنا المستحيل وإلى الآن نعمل. فى محاولات لخلق حوار بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى. واستشهد منا الألوف، استنزفت موارد الدولة، أعطينا لفلسطين ما لم تعطه أى دولة أخرى، ومع هذا مش عاجب. يجب علينا أن ننظر إلى مصلحة مصر كمصريين، أدافع عن بلدى؟ نعم، للنهاية، لكن لن أفعل ذلك من أجل من يشتمنى! من لا أعجبه! وإلى الآن الرئيس يوماً مع نتنياهو وآخر مع أبو مازن لم يقصر ولم يقصر السادات أو عبد الناصر من قبله. أنا كمصرى أريد أن أنمى نفسى، من المستفيد إذا دخلت مصر فى حروب فى هذه الفترة؟
* كم كان عمرك أثناء عقد اتفاقية السلام؟
- دعينى أعود إلى الوراء أكثر.. فى حرب 56 كنت 11 سنة، والدى كان رئيساً لهيئة الإصلاح الزراعى أنذاك وكانت فترة حرب وخوف كنا نتعايش مع الغارات، ونسمع صوت الطائرات الإسرائيلية فوق القاهرة ونطفئ الأنوار ونختبئ فى البدروم. هذه كلها أجواء الحرب التى عشناها، وبالطبع تلت الحرب بروباجندا هائلة فكنا مشبعين بعداء غير عادى لإسرائيل وكان يجب أن نكون هكذا، وضد أمريكا، وإنجلترا هذا كان طبيعيا.
أثناء حرب 67 الوضع اختلف بالنسبة لى. كنت أدرس فى الولايات المتحدة، كنت أرى الوضع من الخارج وكان متاحا لى الإعلام الخارجى، سواء أمريكيا أو مصريا أو أوروبيا، ورأيت ما يحدث. وكانت هناك حالة استنفار فظيع من إسرائيل، أخذوا سيناء بأكملها فى ثلاثة أيام، خمس مساحة مصر! وبعد مرور هذه المرحلة بدأت أدرس الظروف المحيطة بالموضوع، بعيداً عن كل الزخم السياسى الذى يحيط بالحرب من داخل مصر، وبعقلية مفتوحة، وأنا أقرأ كثيراً، فبدأت أكون استنتاجا، حتى قبلما يقره الرئيس السادات، أن لا مفر من السلام مع إسرائيل.طالما أن أمريكا تساند إسرائيل. ولكن العقليات القبلية، البدوية المتخلفة لم تستطع فهم، أنه من المستحيل أن«نرمى إسرائيل فى البحر »كما يقولون.
* «سيد بيه سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه» كيف استقبل سيد مرعى هذه المظاهرة؟
- كانت فترة قلق وعدم استقرار على المجتمع بأسره ولم يكن النظام قد أوضح بعد ماذا سيفعل. ومع التحرير الاقتصادى، وأحد أركانه المهمة رفع الدعم. بالإضافة إلى التفتح الذى كان بدأ فى الجامعات والمعارضة التى كانت بدأت فى الظهور. ومن ثم أصبح هناك قنوات للتعبير عن الرأى وهو الأمر الذى كان مختفياً فى النظام السابق، لعصر السادات. فما حدث كان أمراً طبيعياً، ولم يكونوا «حرامية» كما أطلق عليهم. كان لابد من أن يلام أحد فكان والدى. ولم نتضايق منها على الإطلاق، فكنا متفهمين أن الأمر لم يكن شخصياً بالإضافة إلى أن اليوم كيلو اللحمة ب80 جنيها وأبويا مش موجود.
* والدك كان يجلس إلى جوار السادات فى حادث المنصة.. كيف تلقيت الخبر؟
- أصيب أبى فى جنبه برصاصة. كنا مفزوعين حين سمعنا بالموضوع، وكنا نحاول الاتصال بأى أحد، ثم اتصل بنا رئيس الحرس وقال لى أن والدى فى المستشفى وأنه أصيب. كان أبى شديد التأثر لبشاعة الحادث وليس ألما من الإصابة. وكلما أتى ذكر الحادث كان يتأثر جداً ويبكى.
* كيف قضى المهندس سيد مرعى حياته بعد خروجه من معترك الحياة السياسية برحيل السادات؟

- كان منصب والدى الأخير كمساعد للرئيس منصباً شرفياً، وبعد أن أغتيل السادات، تقدم باستقالته. وتولى أراضى العائلة، وكانت حياته الاجتماعية غنية لآخر أيامه.
* لم يكتئب وهو الذى ظل فى الحياة السياسية على مدار 3 عصور؟
- لم يحدث لأن حياته كانت غنية جداً ورأيت الكثيرين ممن تعرضوا لذلك لكن ليس هو.
* وهل اختلفت حياتكم كأسرة؟
- نحن كنا نعيش حياة طبيعية فى عهد والدى. لم نكن بالأبناء المدللين فقد كان مصروفى فى المدرسة مثلا فى الخمسينيات قرش صاغ ونصف أى 3 تعريفة وكان هذا أقل من زملائى ولم يكن ذلك بخلاً إنما كان من أجل أن نشعر بقيمة القرش. وفى السنة الأولى من دراستى بالجامعة كنت أركب الأوتوبيس العام.
* ابن وزير يركب الأوتوبيس العام؟
- نعم، لكن الأوتوبيسات كانت مختلفة تماماً عن اليوم. أما سيارة الوزارة فكانت مقدسة، لا يركبها إلا والدى.
وبالرغم من منصب والدى فإنى مثلاً لم أستطع دخول كلية الزراعة بجامعة القاهرة بفارق نصف درجة، فدخلت جامعة عين شمس،وكانت رغبة والدى الشديدة لالتحاقى بكلية الطب.
* أليس غريبا ألا يشجع وزير الزراعة ابنه على الالتحاق بكلية الزراعة؟
- كان يريد تخصصا مختلفا فى الأسرة ولم يشجعنى نهائيا على الزراعة.
* هل سبق أن تمردت على والدك بعد أن نضجت وكونت فكرك الخاص؟
- اختلفت معه فى الكثير من الأمور عندما كبرت، كما هى سنة الحياة. ولكن لم يكن قط قطيعة أو تمردا على أبى.
* لماذا تركت التدريس الجامعى؟
- تركت التدريس فى منتصف الثمانينيات، لأنى وجدت نفسى شريكاً فى جريمة تخريج طلبة حاصلين على البكالوريوس وهم أنصاف متعلمين. لا يفهم أحد فى مجال تخصصه حتى أصبت بالإحباط. الجو الأكاديمى أصبح ملوثا. أنا حاصل على جائزة الدولة التشجيعية عن طريقة عمل الهورمونات النباتية. توصلت إلى ذلك بالرغم من أنه لم يكن متوافرا فى الجامعة ما نحتاجه للقيام بأبحاث، فبعد أن كنت غزير الأبحاث فى سنوات دراستى فى الخارج، توقفت عن ذلك هنا فى مصر.
وشعرت أنى أفقد حياتى بدون إنجاز حقيقى.
حاولت أن أطبق ما تعلمته من نظام التعليم الأمريكى، الذى يحث الطالب على البحث بنفسه وتقصى الأمور التى يدرسها فيستوعبها بعمق شديد، ولكن الجميع أرادوا الطريق السهل. لم يرد الطلبة التعلم ولم يرد الأساتذة التدريس. حتى طلاب الدكتوراه،كانوا مطالبين بكتابة الرسالة باللغة الإنجليزية التى لا يعرفونها فكان المشرف على الرسالة مطالبا بكتابتها للطلبة.
* استقلت وتفرغت لتربية الخيل؟
- عملت فى مشروع استثمارى مع عائلتى ثم بعناه والآن أنا بشكل أساسى منشغل بالمسابقات والبطولات الدولية للخيل.
* عبد الناصر تعامل بقسوة مع كل مظاهر الغنى فماذا كان الوضع بالنسبة للخيل العربى الأصيل الذى كان سمة تميز الأثرياء؟
- هذا صحيح، فمن كان يمتلك الخيل كانوا دائما من كبار العائلات القادرين مادياً والمثقفين لدرجة كبيرة، فكانت تمتلك الخيل عائلات مثل الشريعى، عائلة فرغلى، وعبود بالإضافة إلى الأمراء والملوك. وفى 1961 مع تطبيق قوانين الاشتراكية، كل أملاك هؤلاء أممت من أراضٍ وبيوت وأموال، فالعائلات الكبيرة لم يكن لديها خيار إلا أن يبيعوا الخيل إن لم تكن أممت. أن تمتلك حصاناً أصبح مشكلة، لن تستطيع إطعامه...أخذوا بيتك وأرضك، ويعطونك 300 جنيه فى الشهر. ورأى بعض مستشارى عبدالناصر أن امتلاك الخيل أحد مظاهر الرجعية والملكية البغيضة ولحسن الحظ كان والدى وزيراً للزراعة آنذاك، فطلب مقابلة عبد الناصر وقال له أن الخيل العربى المصرى جزء من الحضارة العربية، وأنهم بمثابة الهرم الرابع، وإن أردت التخلص منهم فلتهدم الهرم الثالث أيضاً. استمع له عبد الناصر وانتقلت الخيل التى شردت من أصحابها إلى الهيئة المصرية الزراعية، ومن هناك غزا الخيل العربى المصرى العالم.
* لماذا لا يشارك مشاهير رجال الأعمال المصريين فى تربية الخيل ودخول المسابقات كما يفعل الأمراء العرب؟
- مسألة تربية الخيل هى مزاج وليست تجارة مربحة على الإطلاق ولا يوجد بالفعل رجال أعمال معروفون فى هذا المجال باستثناء زوجة المهندس محمد فريد خميس، مدام (ميلا خميس). لا يوجد فى مصر ثراء بحجم ثراء الأمراء العرب لكن أنا مثلاً بإمكانياتى استطعت أن أكسب بطولات عالم عن طريق خيل ربيتها أنا ولم أشترها.
* هل تجمعك وأمراء العرب المهتمين بالخيل صداقة؟
- أعرفهم كلهم، ولكن ربما من لا أعرفه شخصياً، الشيخ محمد راشد آل مكتوم،فقد قابلته مرة لكنى لا أعرفه شخصياً. الشيخ سلطان قاسمى حاكم الشارقة أعرفه شخصياً ونتبادل الزيارات والشيخ سلطان بن زايد، والشيخ حمدان بن زايد والشيخ عمار النعيمى والشيخ محمد القاسمى.
تجمعنا صداقة وليست معرفة سطحية.أنا حكم عالمى ومن أكثر 10 حكام مطلوبين فى العالم لذلك كثيرون يستشيروننى فى أمور خيلهم.
* ما هى أهم البطولات التى ربحتها؟
- ربحت بطولة العالم لسنة 2003 وبطولة أوروبا وبطولة الأمم، بنفس الفرس، «جلجلة». وفى ألمانيا ربحت بطولتين لأحسن حصان مصرى عربى، ب«هيثم البادية»، «إطلالة» و«إسعاد».
* هل بعت لأحد العرب خيلا عزيزا عليك؟
- بعت جلجلة.. لكن ليس لأحد الأمراء العرب إنما ل(تشارلى واتس) مغنى الروك الشهير فى أرولينج ستونزب العالمية.
* كيف تبيع فرسا تعلقت به وقد كتبت فى كتابك عن الخيل بشكل عاطفى ينم عن تعلق شديد؟
- يوم بعت «جلجلة»، كنت دخلت بها بطولة العالم، كان التعاقد أن أبيعها بعد البطولة، وكنت أعلم أنها بعد البطولة ستنتقل إلى بيتها الجديد، وأثناء تسلمى لجائزة بطولة العالم وأمام 8 آلاف متفرج بكيت بالدموع على جلجلة.
لكننى يجب أن أفعل ذلك لهدفين، أولاً أن هذا يروج لاسمى كمربٍ، كما أنه يغطى بعض التكاليف الطائلة التى نتكبدها فى تربية الخيل. لأن تكاليفى أكثر من إيراداتى. فمصاريفى الشهرية على الخيل تصل إلى 150 ألف جنيه شهرياً.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.