«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نصر مرعي» متحدثاً عن الرجل القوي «سيد مرعي» : «أبو السيد» ضحية اللحمة ودودة القطن أضر أمي بقانون الإصلاح الزراعي

الدكتور نصر سيد مرعى نجل المهندس سيد مرعى لفت إليه الأنظار مؤخرا بكتابه البارع المصور عن أصالة الخيل المصرى العربى الذى التقط معظم صوره من داخل مزرعته الخاصة التى يربى فيها أكثر من 70 خيلا. قمنا على صفحات هذه المجلة بعرض واف للكتاب لكن لم يكن ممكنا أن نضيع فرصة إجراء حوار مع نجل واحد من أبرز الشخصيات السياسية فى تاريخ مصر.. المهندس سيد مرعى الذى كان عضوا بمجلس الأمة فى العهد الملكى ثم وزيرا للإصلاح الزراعى ووزيراً للزراعة ونائبا لرئيس الوزراء فى عهد عبد الناصر ثم رئيسا لمجلس الشعب فى عصر السادات وأخيرا مساعدا للرئيس السادات.. كان من ملاك الأراضى لكنه كان مسئولا عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعى وكانت زوجته من أول الخاسرين بسبب النظام الجديد. كما كان المهندس سيد مرعى صهرا للرئيس السادات لزواج ابنه حسن من نهى ابنة الرئيس السادات .. عايش الدكتور (نصر مرعى) كل مجريات أهم الأحداث السياسية من داخل منزل والده بدءا من الثورة حتى حادث المنصة الذى أصيب فيه والده بطلقة فى جنبه. اصطحبنا الدكتور نصر مرعى إلى مزرعته بالبادية.. دخلنا إلى المزرعة وكأننا دخلنا إلى حقبة أخرى من التاريخ. الرجل مازال محافظا على أسلوب المعيشة الأرستقراطى.. مررنا بين المناطق المزروعة والخيول تحيط بنا.. هنا كان والده سيد مرعى يصطحبه فى ركوب ممتع للخيل الذى تشاركا فى عشقه.
* كيف استطاع والدك أن يحتفظ لنفسه بمكانة سياسية على مدار 3 عصور؟
- والدى لم يكن برجل السياسة بقدر ماكان رجل (فنى).. رجل زراعة.
* لكنه كان رجل سياسة أيضا فقد كان عضوا فى مجلس الأمة فى العهد الملكى ورئيس مجلس الشعب فى عهد السادات؟
- كان سياسياً بالطبع لكن سبب نجاحه عبر كل هذه الأزمنة أولا وأساساً بسبب علمه الذى يوظفه ويجيده جداً وبالتالى كان دائما عونا للرؤساء.
وعندما انتقل من الناحية الفنية إلى السياسية، كان ذلك لانتقاله للحزب الاشتراكى ومجلس الشعب فى عصر السادات.
* السؤال التقليدى جدا هنا الذى يجب أن نسأله هو ولماذا لم تشتغل أنت أو أخوك فى السياسة فمن المؤكد أن الفرص كانت أمامكما؟
- طالما أراد أبى أن ينتهج أحدنا السياسة مثله أنا أو أخى حسن. لكن الحياة السياسية تتطلب (تركيبة) معينة لم أجدها عندى، ولا أخى حسن أيضاً.. وبالمناسبة أخى «حسن» فكر فى ترشيح نفسه منذ بضع سنوات لكن الحزب الوطنى لم يرحب به.
* هل آثرت الابتعاد عن السياسة بسبب ما عايشته من صعوبات فى بيت المهندس «سيد مرعى»؟
- أنا رأيت لحظات مجد والدى كما عشت معه لحظات كبواته مثله مثل أى سياسى، له حروبه السياسية. وطالما تحدثنا أنا وهو فى هذا الشأن. كان يقول لى دائماً، إنه فى مجال السياسة لا يوجد قط إبحار هادئ من دون عواصف. فهناك الانتصارات والكبوات وعلى الواحد التعامل معها جميعاً.
* هل كنت تتبع الحياة السياسية فى مصر من داخل منزل سيد مرعى؟
- كنت ناضجا بما فيه الكفاية فى أيام والدى لأفهم مجريات الحياة السياسية فى مصر عن طريق أبى وأصدقائه، لأن العلاقة بينى وبين أبى كانت علاقة قوية جداً. كان يحرص على إشراكى فى جلساته مع السياسيين والصحفيين من أصدقائه، حيث كانت تناقش كل الأمور.
ولم أكن أدعوه ببابا كنت أناديه ب«أبو السيد» كما كانت تفعل أمى. كان صديقا، ومرشدا ومعلما محترما وإنسانا محبوبا جداً. كان مثلاً أعلى بالنسبة لى.
كنت فى الثامنة من عمرى عند قيام الثورة، بالطبع لم أكن أعى كل شىء لكنى أتذكره كان ينادينى لأحضر جلساته مع شخصيات مهمة.
* مثل من؟
- جمال سالم ود. عزيز صدقى ود. مصطفى خليل ود. عبدالمنعم القيسونى وإحسان عبد القدوس ومحمد هيكل ومصطفى فهمى. كانت الحياة الاجتماعية نشطة، فكانوا يزوروننا كثيراً، أيضا أنيس منصور وأحمد رجب ويوسف إدريس، وعبدالحليم وأم كلثوم كانا من أصدقاء العائلة. مخالطتى لهؤلاء فى طفولتى وسعت أفقى للغاية.
* ومحمد نجيب؟
- كان على علاقة بوالدى وأتذكر أنه زارنا مرة واحدة.
* وما هى أكبر الكبوات فى حياة سيد مرعى المهنية التى عايشتها معه عن قرب؟
- كوزير الزراعة، أزمة دودة القطن فى الستينيات.كان القطن فى هذا الوقت سلعة مهمة جداً. اضطر والدى للاستقالة إثر هذه الأزمة. وكان متأثراً جداً للأزمة التى حلت بمصر وليس لفقدان المنصب، وعاد بعد 3 سنوات لمنصبه. فقد كانت استقالة الوزراء أمراً مألوفاً حينها، وكان يستطيع الوزراء الذين قدموا استقالتهم العودة إلى المناصب ذاتها لاحقاً. ثم إنه خرج من الوزارة لرئاسة مجلس إدارة بنك مصر.
* ما هى علاقة سيد مرعى بالاقتصاد؟
- لم يكن دارساً للاقتصاد لكنه كان مديراً رائعاً. كان أسلوبه مع الناس بديعاً. وقد تأثرت بقرار استقالته جداً لكنه أعدنى لهذا القرار حينها.
* ماذا قال لك؟
- قال لى أنه يجب على أعلى منصب فى المنظومة تحمل المسئولية.وشرح لى أنه كوزير مسئول عن تعيين من هم تحت رئاسته ممن قد يكونون أخطأوا.
* فى ضوء ما عايشته من استقالة والدك كيف تنظر إلى رد فعل الوزراء اليوم إثر الأزمات التى تقع فى وزاراتهم؟
- مثلاً الوزير فاروق حسنى تساءل إثر الحادثة الأخيرة (سرقة زهرة الخشخاش) من أين سآتى بأناس كفء لإعطائهم مهام الوزارة وكيف آمن ألا يخطئوا؟ وبصراحة أرى أن لديه حقا فيما يقول، فهو لا يستطيع مراقبة كل كبيرة وصغيرة فى المكان، لكن لو كان يعيش فى زمن أبى بمعاييره وأسلوب تفكيره لوجبت عليه الاستقالة.
* لكن وزير النقل استقال بسبب حادث قطار؟
- وهل كانت هذه القطارات موجودة من أيام منصور؟ لا. لكن السكك الحديدية موجودة منذ زمن بعيد ومشاكلها تراكمت ومشكلتنا أننا نعالج الأعراض ولا نعالج الأمراض نفسها.
* عودة إلى كبوات سيد مرعى.. ماذا غير دودة القطن. هل حزن بيتكم عندما خسر الانتخابات؟
- والدى لم يخسر الانتخابات إلا مرة واحدة. وعامةً كانت أيام الانتخابات يغمرها التوتر والقلق. وأتذكر العزائم التى كانت تقيمها أمى مع والدى أيام الانتخابات.
* قرأت عنه أنه بكى عندما كان عضوا فى مجلس الأمة.. هل يسمح للسياسيين بالبكاء؟
- لا أتذكر هذه الواقعة تحديدا لكن والدى كان شخصاً عاطفياً. التعبير عن المشاعر ليس عيباً.
* حتى من سياسى يحتل منصبا رفيعا؟
- لا أعتقد أنه بكى علناً .. لكنه كان يبكى خاصة عند فقدان الأقرباء والأصدقاء.
* كيف رأيت مشهد الإصلاح الزراعى فى مصر من داخل منزل وزير الإصلاح الزراعى؟
- كنت أسمع أموراً لكننى كنت صغيرا أعتقد أن كل ما يقوله أبى أو الرئيس جمال عبد الناصر هو الصحيح.. وعندما كبرت رأيت أبى بعد سنوات من تطبيق القانون يقر أن تطبيقه كان معيباً.
* ما هى العيوب التى أقر بها سيد مرعى فى قانون الإصلاح الزراعى؟
- فتت الملكية بشكل شديد، وكان من المفترض أن تكون هناك جمعيات تعاونية لتخدم الأراضى الصغيرة وتوحدها. ولكن قانون التعاونيات لم ينفذ.
كان تطبيق القانون سيئا جدا. أضر بالناس وبكرامة الإنسان المصرى، وأضر بالاقتصاد جداً. ولجان تصفية الإقطاع والعنف.
* سيد مرعى نفسه كان من الإقطاعيين فهل طبق قانون تحديد الملكية على نفسه؟
- والدى لم يضر من القانون لأن الأرض التى كانت تمتلكها عائلته كانت مقسمة على عدد كبير من الأشخاص فلم تخضع لتطبيقات القانون لكن عائلة أمى وإخوتها هم الذين أضيروا وسحبت أراضيهم.
* وكيف كان رد فعل والدتك تجاه والدك.. المشرف الأول عن تطبيق القانون؟
- والدتى كانت متفهمة لكن والدها وهو من آل مرعى أيضاً لام والدى على عدم تنبيهه مسبقا.. والدتى نفسها لم تعرف بالقانون إلا وقت التطبيق.
* نستطيع أن نتفهم غضب جدك لكن كيف كان رد فعل العائلة الإقطاعية عندما طرح والدك فكرة تحديد الملكية فى مجلس الأمة؟
- عندما طرح والدى الفكرة فى مجلس الأمة طرحها على أسس مختلفة تماما وحتى القانون عندما طبق بشكل غير الذى كان يتصوره والدى. وفى مراحل متأخرة، راجع أبى نفسه. ولكن يجب الوضع فى الاعتبار أن القرار قرار سياسى، وأبى تقدم بهذا المشروع بناء على أوامر. وكانت هذه القرارات نابعة من مجلس الثورة.
* نستطيع أن نقول أن سيد مرعى ندم؟
- كما سبق أن شرحت والدى كان «تكنوقرات» أى بمثابة فنى، فقد كانت القيادة السياسية تقول له يا سيد مرعى اعمل قانونا، فكان يتبع الأوامر. وهو كان رئيس الهيئة العليا للإصلاح الزراعى، موظفا، أعطى النظرية والاستراتيجية، ولكنه لم يأخذ القرار. فكانت القرارات كلها وقتها نابعة من مجلس الثورة وعبد الناصر.
وأريد أن أقول أن والدى نفسه كان ضحية لجان تصفية الإقطاع، عشنا شهرين من العذاب، فقد بدأوا يتدخلون فى التفاصيل الداخلية لأراضى والده وعائلته، وهى كانت من العائلات المالكة للأراضى، وكان مهددا وهى من أسوأ الأوقات التى رأيت أبى فيها كان خائفاً لأنه رأى من ضحايا هذه اللجان الأبرياء كثيرين، تعرضوا لبهدلة كبيرة من سجن ومصادرة أموال، وإهانات شخصية ومصادرة البيوت. حتى انتهت إجراءات اللجنة ولم يجدوا لدينا أى مخالفات.
* وفى رأيك لماذا تعرض والدك لهذه الإجراءات المتعسفة بالرغم من براءته؟
- كان هناك صراع سياسى من النوع العنيف، دائما ما كان يوجد نوع من الغيرة والتحدى. وكان ذلك نابعا من بعض العناصر فى الدائرة الصغرى للرئيس عبد الناصر مع والدى، فقد كان رجلاً مدنياً، من خارج مجلس الثورة، كان له صلة مباشرة بعبد الناصر، وكان يطلب رأيه دائما بغض النظر عن الأخذ به، وكان ناجحاً كوزير للزراعة وله سمعة عالمية.
* هل انقلب سيد مرعى على أفكار عبد الناصر بعد رحيله؟
- كلنا رأينا أخطاء هذا العصر والعصر الذى يسبقه العصر الملكى، كما رأينا أخطاء أنور السادات. نكتشفها ولا نبدأ التحدث فيها إلا بعد انتهاء العصر. بعد ما حدث من لجان التصفية عام ,1961 والانفصال عن سوريا، حدثت نقلة عنيفة جداً، تم فيها تبديل المسئولين من «أهل العلم بأهل الثقة» ووضع الضباط فى كل المناصب الفعالة، وتم ذبح الكوادر العلمية المؤهلة جميعاً. وطبعاً هذا يستمر تأثيره علينا حتى اليوم.
* زواج حسن سيد مرعى من نهى السادات زواج عن حب أم عن سياسة؟
- عن حب، فى البداية الأسرتان هيئتا الظروف وبالفعل ولد الحب بينهما وقررا الزواج.
* ولماذا لم تتزوج أنت أيضا من أسرة السادات؟
- هم تركونا كلنا مع بعض.. أبناء السادات وأنا وحسن.. لكن قصة الحب ولدت بين حسن ونهى.
* كيف كان يتعامل الرئيس الراحل وزوجته جيهان السادات مع خلافات الزوجين؟
- لم يكن بينهما خلافات كبيرة. ونهى السادات امرأة رائعة كانت تقول لها أمى ''متدلعيش حسن زى ما أنا دلعت أبوه!'' وكانت دائماً تأخذ صف نهى.
* أنت شخصيا كيف كانت علاقتك بالسادات صهر والدك؟
- كان والدى مساعد الرئيس السادات، وكان يستشير أبى فى كل شىء إلا أنه لم يقل لأحد عن نيته لزيارة القدس. لكن زواج أخى من نهى خلق علاقة عائلية حميمة فكنا نجتمع معه فى المناسبات العائلية وأنا كنت أحبه وأحترمه احتراماً غير عادى. كانت له شخصية فذة وله حضور ولغة ويحب أن يعيش من حوله فى مستوى جيد، كما كان ممثلاً بديعاً وصوته منخفضا وحنونا ولطيفا، ويحب الناس.
* ماذا تعنى بكلمة ممثل؟
- أقصد أنه كانت لديه خفة ظل وكان له أداء حركى مميز جدا أثناء الحديث. والحقيقة كانت نيته أن يترك كرسيه عند الانتهاء من مهمته.
* ولكن إن كانت نيته أن يترك كرسيه بعد أن يتم رسالته فلماذا قام بتغيير الدستور الذى كان يحدد فترة رئاسة الجمهورية بمدتين إلى (مدد)؟
- صراحةً لا أعرف لما أقدم على ذلك لكننى لم أر شخصاً ظلم كما ظُلم السادات، فى حياته ومماته. أتألم عندما أرى الناس تهدر حقه فيما حقق. له بالطبع أخطاء، فلا يوجد قائد معصوم عن الخطأ. المتغيرات السياسية والاقتصادية وقتها كانت هائلة. ما فعله مع الصحفيين والمثقفين قبل 81 كان غلطة حينها ومازلت أراه غلطة الآن. ولكن يجب ألا ننسى أن هذا الرجل هو الذى حرر البلد، وفتح باب الاقتصاد...اليوم أتألم حين أسمع أناسا يتهمونه بأنه خائن وأسلم مصر لليهود والأمريكان.
* ما رأيك فى تصريح رئيس حزب الوفد الجديد السيد البدوى عندما قال «لو أصبحت رئيس جمهورية سألغى اتفاقية السلام»؟
- هل هذا كلام؟! أنا أستعجب جدا حينما أقرأ مثل هذه التصريحات وأستعجب أكثر حينما تخرج من رئيس حزب من المفترض أنه ليبرالى مثل حزب الوفد..فقد حاربنا 50 سنة وعملنا المستحيل وإلى الآن نعمل. فى محاولات لخلق حوار بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى. واستشهد منا الألوف، استنزفت موارد الدولة، أعطينا لفلسطين ما لم تعطه أى دولة أخرى، ومع هذا مش عاجب. يجب علينا أن ننظر إلى مصلحة مصر كمصريين، أدافع عن بلدى؟ نعم، للنهاية، لكن لن أفعل ذلك من أجل من يشتمنى! من لا أعجبه! وإلى الآن الرئيس يوماً مع نتنياهو وآخر مع أبو مازن لم يقصر ولم يقصر السادات أو عبد الناصر من قبله. أنا كمصرى أريد أن أنمى نفسى، من المستفيد إذا دخلت مصر فى حروب فى هذه الفترة؟
* كم كان عمرك أثناء عقد اتفاقية السلام؟
- دعينى أعود إلى الوراء أكثر.. فى حرب 56 كنت 11 سنة، والدى كان رئيساً لهيئة الإصلاح الزراعى أنذاك وكانت فترة حرب وخوف كنا نتعايش مع الغارات، ونسمع صوت الطائرات الإسرائيلية فوق القاهرة ونطفئ الأنوار ونختبئ فى البدروم. هذه كلها أجواء الحرب التى عشناها، وبالطبع تلت الحرب بروباجندا هائلة فكنا مشبعين بعداء غير عادى لإسرائيل وكان يجب أن نكون هكذا، وضد أمريكا، وإنجلترا هذا كان طبيعيا.
أثناء حرب 67 الوضع اختلف بالنسبة لى. كنت أدرس فى الولايات المتحدة، كنت أرى الوضع من الخارج وكان متاحا لى الإعلام الخارجى، سواء أمريكيا أو مصريا أو أوروبيا، ورأيت ما يحدث. وكانت هناك حالة استنفار فظيع من إسرائيل، أخذوا سيناء بأكملها فى ثلاثة أيام، خمس مساحة مصر! وبعد مرور هذه المرحلة بدأت أدرس الظروف المحيطة بالموضوع، بعيداً عن كل الزخم السياسى الذى يحيط بالحرب من داخل مصر، وبعقلية مفتوحة، وأنا أقرأ كثيراً، فبدأت أكون استنتاجا، حتى قبلما يقره الرئيس السادات، أن لا مفر من السلام مع إسرائيل.طالما أن أمريكا تساند إسرائيل. ولكن العقليات القبلية، البدوية المتخلفة لم تستطع فهم، أنه من المستحيل أن«نرمى إسرائيل فى البحر »كما يقولون.
* «سيد بيه سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه» كيف استقبل سيد مرعى هذه المظاهرة؟
- كانت فترة قلق وعدم استقرار على المجتمع بأسره ولم يكن النظام قد أوضح بعد ماذا سيفعل. ومع التحرير الاقتصادى، وأحد أركانه المهمة رفع الدعم. بالإضافة إلى التفتح الذى كان بدأ فى الجامعات والمعارضة التى كانت بدأت فى الظهور. ومن ثم أصبح هناك قنوات للتعبير عن الرأى وهو الأمر الذى كان مختفياً فى النظام السابق، لعصر السادات. فما حدث كان أمراً طبيعياً، ولم يكونوا «حرامية» كما أطلق عليهم. كان لابد من أن يلام أحد فكان والدى. ولم نتضايق منها على الإطلاق، فكنا متفهمين أن الأمر لم يكن شخصياً بالإضافة إلى أن اليوم كيلو اللحمة ب80 جنيها وأبويا مش موجود.
* والدك كان يجلس إلى جوار السادات فى حادث المنصة.. كيف تلقيت الخبر؟
- أصيب أبى فى جنبه برصاصة. كنا مفزوعين حين سمعنا بالموضوع، وكنا نحاول الاتصال بأى أحد، ثم اتصل بنا رئيس الحرس وقال لى أن والدى فى المستشفى وأنه أصيب. كان أبى شديد التأثر لبشاعة الحادث وليس ألما من الإصابة. وكلما أتى ذكر الحادث كان يتأثر جداً ويبكى.
* كيف قضى المهندس سيد مرعى حياته بعد خروجه من معترك الحياة السياسية برحيل السادات؟

- كان منصب والدى الأخير كمساعد للرئيس منصباً شرفياً، وبعد أن أغتيل السادات، تقدم باستقالته. وتولى أراضى العائلة، وكانت حياته الاجتماعية غنية لآخر أيامه.
* لم يكتئب وهو الذى ظل فى الحياة السياسية على مدار 3 عصور؟
- لم يحدث لأن حياته كانت غنية جداً ورأيت الكثيرين ممن تعرضوا لذلك لكن ليس هو.
* وهل اختلفت حياتكم كأسرة؟
- نحن كنا نعيش حياة طبيعية فى عهد والدى. لم نكن بالأبناء المدللين فقد كان مصروفى فى المدرسة مثلا فى الخمسينيات قرش صاغ ونصف أى 3 تعريفة وكان هذا أقل من زملائى ولم يكن ذلك بخلاً إنما كان من أجل أن نشعر بقيمة القرش. وفى السنة الأولى من دراستى بالجامعة كنت أركب الأوتوبيس العام.
* ابن وزير يركب الأوتوبيس العام؟
- نعم، لكن الأوتوبيسات كانت مختلفة تماماً عن اليوم. أما سيارة الوزارة فكانت مقدسة، لا يركبها إلا والدى.
وبالرغم من منصب والدى فإنى مثلاً لم أستطع دخول كلية الزراعة بجامعة القاهرة بفارق نصف درجة، فدخلت جامعة عين شمس،وكانت رغبة والدى الشديدة لالتحاقى بكلية الطب.
* أليس غريبا ألا يشجع وزير الزراعة ابنه على الالتحاق بكلية الزراعة؟
- كان يريد تخصصا مختلفا فى الأسرة ولم يشجعنى نهائيا على الزراعة.
* هل سبق أن تمردت على والدك بعد أن نضجت وكونت فكرك الخاص؟
- اختلفت معه فى الكثير من الأمور عندما كبرت، كما هى سنة الحياة. ولكن لم يكن قط قطيعة أو تمردا على أبى.
* لماذا تركت التدريس الجامعى؟
- تركت التدريس فى منتصف الثمانينيات، لأنى وجدت نفسى شريكاً فى جريمة تخريج طلبة حاصلين على البكالوريوس وهم أنصاف متعلمين. لا يفهم أحد فى مجال تخصصه حتى أصبت بالإحباط. الجو الأكاديمى أصبح ملوثا. أنا حاصل على جائزة الدولة التشجيعية عن طريقة عمل الهورمونات النباتية. توصلت إلى ذلك بالرغم من أنه لم يكن متوافرا فى الجامعة ما نحتاجه للقيام بأبحاث، فبعد أن كنت غزير الأبحاث فى سنوات دراستى فى الخارج، توقفت عن ذلك هنا فى مصر.
وشعرت أنى أفقد حياتى بدون إنجاز حقيقى.
حاولت أن أطبق ما تعلمته من نظام التعليم الأمريكى، الذى يحث الطالب على البحث بنفسه وتقصى الأمور التى يدرسها فيستوعبها بعمق شديد، ولكن الجميع أرادوا الطريق السهل. لم يرد الطلبة التعلم ولم يرد الأساتذة التدريس. حتى طلاب الدكتوراه،كانوا مطالبين بكتابة الرسالة باللغة الإنجليزية التى لا يعرفونها فكان المشرف على الرسالة مطالبا بكتابتها للطلبة.
* استقلت وتفرغت لتربية الخيل؟
- عملت فى مشروع استثمارى مع عائلتى ثم بعناه والآن أنا بشكل أساسى منشغل بالمسابقات والبطولات الدولية للخيل.
* عبد الناصر تعامل بقسوة مع كل مظاهر الغنى فماذا كان الوضع بالنسبة للخيل العربى الأصيل الذى كان سمة تميز الأثرياء؟
- هذا صحيح، فمن كان يمتلك الخيل كانوا دائما من كبار العائلات القادرين مادياً والمثقفين لدرجة كبيرة، فكانت تمتلك الخيل عائلات مثل الشريعى، عائلة فرغلى، وعبود بالإضافة إلى الأمراء والملوك. وفى 1961 مع تطبيق قوانين الاشتراكية، كل أملاك هؤلاء أممت من أراضٍ وبيوت وأموال، فالعائلات الكبيرة لم يكن لديها خيار إلا أن يبيعوا الخيل إن لم تكن أممت. أن تمتلك حصاناً أصبح مشكلة، لن تستطيع إطعامه...أخذوا بيتك وأرضك، ويعطونك 300 جنيه فى الشهر. ورأى بعض مستشارى عبدالناصر أن امتلاك الخيل أحد مظاهر الرجعية والملكية البغيضة ولحسن الحظ كان والدى وزيراً للزراعة آنذاك، فطلب مقابلة عبد الناصر وقال له أن الخيل العربى المصرى جزء من الحضارة العربية، وأنهم بمثابة الهرم الرابع، وإن أردت التخلص منهم فلتهدم الهرم الثالث أيضاً. استمع له عبد الناصر وانتقلت الخيل التى شردت من أصحابها إلى الهيئة المصرية الزراعية، ومن هناك غزا الخيل العربى المصرى العالم.
* لماذا لا يشارك مشاهير رجال الأعمال المصريين فى تربية الخيل ودخول المسابقات كما يفعل الأمراء العرب؟
- مسألة تربية الخيل هى مزاج وليست تجارة مربحة على الإطلاق ولا يوجد بالفعل رجال أعمال معروفون فى هذا المجال باستثناء زوجة المهندس محمد فريد خميس، مدام (ميلا خميس). لا يوجد فى مصر ثراء بحجم ثراء الأمراء العرب لكن أنا مثلاً بإمكانياتى استطعت أن أكسب بطولات عالم عن طريق خيل ربيتها أنا ولم أشترها.
* هل تجمعك وأمراء العرب المهتمين بالخيل صداقة؟
- أعرفهم كلهم، ولكن ربما من لا أعرفه شخصياً، الشيخ محمد راشد آل مكتوم،فقد قابلته مرة لكنى لا أعرفه شخصياً. الشيخ سلطان قاسمى حاكم الشارقة أعرفه شخصياً ونتبادل الزيارات والشيخ سلطان بن زايد، والشيخ حمدان بن زايد والشيخ عمار النعيمى والشيخ محمد القاسمى.
تجمعنا صداقة وليست معرفة سطحية.أنا حكم عالمى ومن أكثر 10 حكام مطلوبين فى العالم لذلك كثيرون يستشيروننى فى أمور خيلهم.
* ما هى أهم البطولات التى ربحتها؟
- ربحت بطولة العالم لسنة 2003 وبطولة أوروبا وبطولة الأمم، بنفس الفرس، «جلجلة». وفى ألمانيا ربحت بطولتين لأحسن حصان مصرى عربى، ب«هيثم البادية»، «إطلالة» و«إسعاد».
* هل بعت لأحد العرب خيلا عزيزا عليك؟
- بعت جلجلة.. لكن ليس لأحد الأمراء العرب إنما ل(تشارلى واتس) مغنى الروك الشهير فى أرولينج ستونزب العالمية.
* كيف تبيع فرسا تعلقت به وقد كتبت فى كتابك عن الخيل بشكل عاطفى ينم عن تعلق شديد؟
- يوم بعت «جلجلة»، كنت دخلت بها بطولة العالم، كان التعاقد أن أبيعها بعد البطولة، وكنت أعلم أنها بعد البطولة ستنتقل إلى بيتها الجديد، وأثناء تسلمى لجائزة بطولة العالم وأمام 8 آلاف متفرج بكيت بالدموع على جلجلة.
لكننى يجب أن أفعل ذلك لهدفين، أولاً أن هذا يروج لاسمى كمربٍ، كما أنه يغطى بعض التكاليف الطائلة التى نتكبدها فى تربية الخيل. لأن تكاليفى أكثر من إيراداتى. فمصاريفى الشهرية على الخيل تصل إلى 150 ألف جنيه شهرياً.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.