«تمخض الجبل.. فولد فأرا» صدمة كبيرة أصابت الجميع عقب الإعلان عن التغييرات في القطاع المصرفي، بعد انتظار طويل لإحداث تغييرات جذرية وفرصة لخروج بقايا النظام السابق من البنوك لنجد أن هناك بنكين فقط هما اللذان حصلا علي نصيب من التغيير علي الرغم من أن التغيير تم ببقايا النظام السابق لنجد أن رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة الجديد والذي كان عضواً فعالاً لأمانة السياسات سابقا نجده مازال موجوداً في القطاع الصرفي الذي يسخر لخدمة رموز التوريث الذين مازالوا يحتكرون كل شيء ويستحوذون علي تمويل البنوك لتطوير مشاريعهم وتعظيم أرباحهم الفلكية علي حساب المجتمع واستقراره، فيما يبدو أن الأوضاع سوف تكون كما هي، حيث اكتفت القيادات المصرفية طوال السنوات السابقة بإقراض الحكومة والعناصر المقربة من النظام، وحرمان القطاع الخاص من التمويل مما أعاق إنشاء مشروعات جديدة، أو تطوير المشروعات القائمة حيث إن الأسهل والأضمن لرجال البنوك إقراض الحكومات، وهذه القيادات طوال السنوات السابقة تختار الأضمن والأسهل فوجهت أغلب ودائعها لإقراض الحكومة بدون تعب وبذل مجهود ، فهل ستستمر هذه السياسات التي أضعفت الاقتصاد المصري، وساهمت في صعود عدد محدود من رجال الأعمال الذين احتكروا كل شيء في الوطن؟! - خدعة!! أكد الخبير المصرفي أحمد آدم أن قرار تغيير رؤساء البنوك جاء في نفس دائرة بقايا النظام السابق فهذا التغيير ما هو إلا أكذوبة وخدعة للاقتصاد المصري حتي يقتنع العاملون بالقطاع المصرفي والعملاء أنه حقاً هناك تغيير حقيقي في أداء القطاع المصرفي. وأضاف آدم أن تغيير قيادات البنوك كانت أولي المطالب بعد يوم تنحي الرئيس السابق أملاً في فتح ملف القطاع المصرفي محاولة لإنقاذ أكبر الكيانات والمؤسسات الاقتصادية في ظل أن هناك اتهامات ضد البنوك وراء خروج الفساد منذ تغيير القيادات عام 2004 حتي الآن. ويقول آدم إن القطاع المصرفي متهم بعدة قضايا فساد والدليل علي ذلك عجز ميزان المدفوعات والاحتياطيات وعجز الموازنة وعجز الميزان التجاري وكل هذا دليل علي أن هناك أموالا خرجت من البنوك منذ يناير حتي وقتنا هذا بالإضافة إلي أن المركز المالي يؤكد أن هناك قروضا تم إعدامها فضلاً عن انخفاض العملة الأجنبية فلابد بدلاً من صدور قرار بتغيير رؤساء البنوك بهذا الشكل السلبي الملحوظ لابد أولاً فتح هذه الملفات ومساءلة هذه القيادات أين ذهبت هذه القروض وغيرها من أشكال الفساد فأصبح الآن القطاع المصرفي ميلئا بالغموض وهناك علامات استفهام أمام القطاع المصرفي، وأصبح أمامنا طريق واحد أن القيادات الموجودة حالياً ما هي إلا غطاء يغطي كل هذه الشبهات الفاسدة والأخطاء. وأخيراً يؤكد أحمد آدم أن مصر لم تتحمل كارثة اقتصادية جديدة لذلك لابد من البدء في تغيير محافظ البنك المركزي الذي يعد أكبر البنوك صاحبة القرار في هذه الآونة حتي يقترب مننا التغيير الحقيقي. - استياء!! بينما يري الخبير المصرفي نبيل الحشاد أننا في حاجة لكي نشعر بالتغيير الحقيقي وليس مجرد حزمة قرارات لإرضاء العاملين ومنع الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية التي تتزايد يوما بعد يوم، وإذا كان التغيير لمجرد ذلك فعدمه أفضل. وأضاف الحشاد أن هناك عدة معايير يجب أخذها في الاعتبار قبل صدور قرارات حاسمة مثل هذا القرار لأنها تمس أحوال البلد وكذلك المواطن البسيط وأخيراً العاملين في هذه الكيانات الاقتصادية بدءاً من أنه لابد أن يكون التغيير من قبل جهة جديدة قادرة علي الخروج من عنق الزجاجة والبعد عن الوجوه المستمرة منذ فترات والناس يشعرون باستياء من جانبهم. ثانياً: لابد الأخذ في الاعتبار الكفاءة فمعظم القيادات ظلت لأكثر من 15 عاماً ولم تفد القطاع المصرفي بأي مساندة ومحاولة تطويرها فضلاً عن أن هناك قيادات أيضاً استمرت لفترات وكفاءتها محدودة للغاية والغريب أن هذه الكفاءات المحدودة ترأس البنوك الحكومية الكبري التي لها تأثير ملحوظ في القطاع المصرفي فالعبرة ليست بالمدة التي يقضيها رئيس البنك بل العبرة في القرارات الحاسمة الإيجابية خلال الفترة التي تواجد فيها. وأخيراً لابد من إعطاء فرصة لوجوه جديدة قادرة علي اتخاذ عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت أثناء النظام السابق ووجوه قادرة علي تغيير عبارات عجز الموازنة، الميزانية لا تسمح، التضخم وغيرها من العبارات التي تعمد أصحاب وبقايا النظام السابق فرضها لإحباط المواطن المصري البسيط. وأضاف الحشاد أن قيادات البنوك التي استمرت طوال السنوات الماضية وتم التجديد لها في قرار التغيير الجديد أثرت علي القطاع الخاص بشكل سلبي لأن البنوك بهذه القيادات طوال السنوات الماضية كانت تقرض الحكومة لضمان أموالها مما كان له تأثير سلبي علي تمويل مشروعات القطاع الخاص مما قلل توفير فرص عمل جديدة للشباب. فضلاً عن إخفاء دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي هي عماد الاقتصاد والبحث عن توفير هذه الأموال لتحقيق مصالح شخصية، فكل هذه الأشياء تؤدي إلي نتيجة واحدة وهي أن قرار تغيير البنوك ما هو إلا قرار ليس له أساس من الصحة لأنه يعتمد علي نفس الوجوه والأشكال والسياسة. - تغيير!! ومن جانبها تشير الدكتورة ليلي خواجة أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن التغيير شيء مهم في هذه المرحلة لأنه أول مطالب ثورة يناير فإذا كان التغيير من أجل تحقيق المصالح وإعطاء وقت وفرصة لمحاولة إخفاء قضايا الفساد فلا جدوي منه فالتغيير هدفه أولاً وأخيراً تحسين الأداء ومحاولة إعادة هيكلة المؤسسات علي نهج صحيح ولكن في قرار تغيير البنوك الأمر اختلف كثيرا لأنه أصبح يحكمه قواعد وأسس واضحة تدل علي عجز في عدم تحقيق التغيير المطلوب بالإضافة إلي أنه دليل علي عدم القدرة في إيجاد قيادات تجمع بين الكفاءة والمصداقية، فضلاً عن أن نواب رؤساء البنوك كما هم وهذا أيضاً دليل آخر علي أن السياسة المطبقة مازالت كما هي فالبداية لابد أن تبدأ من مراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات ميزانيات البنوك طوال هذه الفترة وإذا لم يجد أخطاء أو فسادا فسوف نرفع القبعة لمحافظ البنك المركزي علي كفاءة قياداته أما إذا أثبتت هذه الميزانيات أخطاء وأعباء يفرضها القطاع المصرفي علي الدولة وعدم اتباع معايير سليمة في قضايا الفساد فلابد من محاسبتها وإنهاء مدة توليهم المناصب علي الفور. وأخيراً تقول د. ليلي أن المصريين لهم أمنية واحدة وهي أنهم يلمسون التغيير بإيديهم حتي يثقوا في هذه الحكومة. أما الخبيرة الاقتصادية الدكتورة أمنية حلمي فتري أن هذا التغيير ليس حقيقيا ما هو إلا ملء قرارات علي حساب دفع عجلة التنمية للاقتصاد المصري مثلما حدث في قرار بيع بنك القاهرة ثم تراجعوا في القرار ولم تكن هناك أي مبررات. فالتغيير الملحوظ هو أنه تم فصل بنك الإسكان والتعمير عن البنك العقاري وجعل بنك القاهرة له رئيس مجلس معين بدلا من دمج مجلس إدارة بنكي القاهرة ومصر وكأن هذا هو التغيير المطلوب وتجاهل القرار تماما معني التغيير المطلوب فضلاً عن أن هذا القرار أوضح أن ملف القطاع المصرفي مشكلته تتوقف عند دمج البنوك مع بعضها فلابد من الأخذ في الاعتبار نتائج هذا القرار فالاقتصاد المصري لا يتحمل كارثة جديدة بعد تراجع إيرادات السياحة والأزمة المالية لأوروبا والديون الأمريكية وغيرها من الأزمات التي تصيب القطاع المصرفي في مقتل. ويقول أحمد العقباوي مدير أحد فروع بنك القاهرة أنه مازالت السياسة القديمة التابعة لأوامر أصحاب النظام السابق التي تتعمد فرض أشخاصها علي القيادات المصرفية محاولة لإسدال ستائر إخفاء الخسائر والفساد والأموال المنهوبة طوال هذه الفترة. وأضاف العقباوي إننا أمام أمر واحد لو وضعناه في الاعتبار لاستطعنا إيجاد دليل علي أنه لابد من خروج كل هذه القيادات المصرفية وهو أموال جميع المودعين من رجال الأعمال الهاربين والمحبوسين فأين أموالهم المفترض أنها محفوظة في البنوك فضلاً عن القرارات الوهمية التي يصدرها لمساندة جميع القطاعات الاقتصادية سواء كانت تجارية أو صناعية أو سياحية وغيرها ويبقي السؤال من أين هذه الأموال واقتصاد مصر يمر بمحنة؟ ويري العقباوي أن بنك القاهرة أصبح من البنوك التي كان عليها كثير من التحفظات بداية من خصخصته بعد تغيير القيادات عام 2004 ثم تخصيصه لدعم ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبيعه لوزارة المالية وأخيراً اختيار قيادات محدودة الكفاءة وبعد ذلك يكون هذا التغيير فنحن كعاملين نرفض هذا التغيير الذي لا فائدة من ورائه ولا حتي إعادة هيكلة المؤسسات البنكية بشكل سليم.