حاول بعض رجال حاتم الجبلى وزير صحة النظام المخلوع بل والجبلى نفسه كما وصلنا من بعض مصادرنا أن يشكك فيما نشرناه العدد الماضى على لسان ممدوح عباس المستشار الإعلامى السابق بوزارة الصحة عن العلاقة الجيدة التى كانت تربط بين الجبلى وجمال مبارك لدرجة جعلت حاتم الجبلى الوزير الوحيد فى حكومة نظيف الذى يصرح بتأييد خلافة جمال مبارك لوالده حسنى مبارك فى مقعد الرئاسة من خلال البرنامج التليفزيونى «واحدمن الناس» على قناة دريم.. وردا على هؤلاء فسدوا وأفسدوا وزارة الصحة طوال 5 سنوات كاملة نؤكد أن الجبلى ظهر مع عمرو الليثى فى حلقة البرنامج التى أذيعت فى مساء يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2007 وهو ما أشارت إليه الصحف اليومية الصادرة صباح الخميس 26 ديسمبر ومنها صحيفة الشروق التى أشار عنوانها الرئيسى فى الصفحة الأولى إلى حديث الجبلى حيث كتبت «الجبلى: البرادعى لا يصلح رئيسا وجمال مبارك الأصلح إذا امتنع الرئيس عن الترشيح» ثم قالت فى تفاصيل الخبر «قال وزير الصحة حاتم الجبلى أن رجل الشارع البسيط لا يثق سوى فى مبارك رئيسا للجمهورية.. لشعور المواطن أنه صمام أمان له. فمهما حدث للمواطن من مشكلات يعلم أن الرئيس مبارك سيقبل على حلها وشدد وزير الصحة لبرنامج «واحد من الناس» الذى أذيع على قناة دريم مساء أمس الأول على أنه فى حالة امتناع الرئيس مبارك عن خوض الانتخابات الرئاسية سينتخب جمال مبارك إذا كان من ضمن مرشحى الرئاسة لأنه أكثر الشخصيات السياسية إلماما بمشكلات المصريين.. وأكد الجبلى أن د. محمد البرادعى لا يصلح أن يكون رئيسا لمصر لأنه لا يعلم شيئا عما تعانيه مصر من مشكلات.. فليس معنى حصوله على جائزة نوبل أنه مؤهل لشغل هذا المنصب.. وقال عن عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية: «لا أعرفه عن قرب حتى أحكم على مدى أهليته لمنصب الرئاسة من عدمه». هذا ما قاله حاتم الجبلى بالنص وهو مسجل بالصوت والصورة ومانشيتات الصحف.. فلم ينسب له أحد ما لم ينطق به لسانه ولا أعرف لماذا يخجل منه الآن بعدما كان موضع فخره وكبريائه خاصة بعدما تولى جهازه الإعلامى العتيد بقيادة عبدالرحمن شاهين مستشاره الإعلامى والمتحدث باسمه الترويج له باعتباره الوزير الوحيد فى الحكومة الذى أعلن إيمانه بجمال مبارك وقدراته العبقرية التى تؤهله لخلافة والده الرئيس العجوز فى حكم مصر.. لذلك فالجبلى باق فى منصبه ولن يخرج فى أى تغيير حكومى قادم حتى لو ذهب مبارك الأب مادام سيخلفه مبارك الابن.. وتتوالى الإعلانات التى ينشرها عبدالرحمن شاهين عن إنجازات سيده فى وزارة الصحة فى عهد مبارك الأب وهى الإعلانات التى زادت ميزانيتها 10 أضعاف فى عهد الجبلى وشاهين عما كانت عليه أيام د.عوض تاج الدين وزير الصحة قبل الجبلى ويتردد أنها بلغت حوالى 5 ملايين جنيه شهريا للإعلان عن التقدم الذى تشهده منظومة الصحة أو للتحذير وإثارة خوف المصريين من وهم أنفلونزا الخنازير والتى وصل حجم الإنفاق الإعلانى للتوعية بخطرها المزعوم فى عام 2009 بل وفى خلال التسعة أشهر الأولى من العام فقط حوالى 65 مليونا و 125 ألفاً و587 جنيهاً مصرياً وذلك حسب الإحصائية التى أجراها فرع شركة «أبسوس» العالمية للدراسات والأبحاث فى القاهرة عن حجم إنفاق حكومة أحمد نظيف على حملات الدعاية والإعلان التى أطلقتها فى مختلف وسائل الإعلام داخل مصر، من أجل توعية وتعريف المواطنين بقضايا صحية وخدمية مختلفة. من الحكمدار الجبلى لم يكد حاتم الجبلى يستقر على كرسى الوزارة فى يناير 2006 حتى فاجأ الرأى العام بتقديم مجموعة من البلاغات للنائب العام ضد ما اعتبره فسادا فى المنظومة الصحية فى فترة تولى سلفه د. عوض تاج الدين لمسئولية وزارة الصحة وبدأ الجبلى البلاغات ضد شركة «لاكتومصر» التى كانت تنتج لبن الأطفال «بيبى زان وان» الذى كانت تدعمه الوزارة بنحو 35 مليون جنيه سنويا لبياع مدعوما فى الصيدليات بسعر 390 قرشا للعلبة وقال الجبلى فى بلاغه إن هناك فسادا فى إنتاج اللبن وأتبعه بإعلانات مدفوعة الأجر فى الصحف يحذر فيها أمهات الأطفال من إطعام أطفالهن هذا النوع من اللبن لأنه أصبح سما وليس غذاء للأطفال وذلك على طريقة نداء يوسف وهبى فى الفيلم الشهير حياة أو موت «من حكمدار بوليس العاصمة.. إلى أحمد إبراهيم القاطن فى دير النحاس.. لا تشرب الدواء الذى أرسلت ابنتك فى طلبه.. الدواء فيه سم قاتل» حيث تقمص الجبلى دور حكمدار البوليس وأرسل تحذيره للأمهات من السم القاتل فى لبن الأطفال.. ورغم احتجاج الشركة المنتجة التى أكدت سلامة إنتاجها من ألبان الأطفال والذى يغطى الاستهلاك المحلى مع النوع الآخر الذى تستورده الوزارة وهو «بيوميل وان» إلا أن الجبلى قرر عدم الاعتماد نهائيا على النوع المحلى من ألبان الأطفال رغم أن التحقيقات أثبتت سلامة هذا المنتج.. و مع وجود إقبال كبير على ذلك النوع من اللبن بدأت الأزمات المتتالية فى ألبان الأطفال الرضع والتى لم يتبق منها إلا النوع المستورد وهو «بيوميل وان» خاصة مع رفض وزارة الصحة زيادة مبلغ الدعم الذى تقدمه للألبان الأطفال فتوقفت الكميات المدعومة عند 12 مليون علبة سنويا فلجأت وزارة الصحة إلى محاولة خفض الطلب نظريا على الألبان المدعومة فقررت بيع نوع اللبن المدعم بسعرين أحدهما دعم كلى بسعر 5,3 جنيه وقصر عملية بيعه على مراكز الأمومة والطفولة التابعة للوزارة فقط وبشروط صعبة أهمها أن تكون أم الطفل متوفية أو تقدم تقارير طبية مؤثقة تؤكد أنها لا تسطيع أن ترضع طفلها طبيعيا على أن يحصل الطفل الرضيع على 4 علب ألبان فقط فى الشهر بواقع علبة واحدة فى الأسبوع وبما أن هذه الكميات قليلة ولا تكفى بأى حال تغذية الطفل فقد قررت الوزارة طرح كميات أكبر من ألبان الأطفال فى الصيدليات بسعر قالت إنه مدعم جزئيا وهو 13 جنيهاعلى أن يباع بشهادة ميلاد الطفل ولكن الوزارة زادت هذا السعر بعد ذلك إلى 15 جنيها ثم 16 جنيها وأخير رفعت الوزارة السعر إلى 17 جنيها ولكنه اختفى من الصيدليات نهائيا ليصبح اعتماد ملايين الأطفال الذين يرضعون صناعيا على الكميات القليلة التى توزعها وزارة الصحة فى المراكز التابعة لها! لغز المصل واللقاح ومن بلاغ السم القاتل الذى اكتشفه حاتم الجبلى وحده فى ألبان الأطفال إلى ذلك البلاغ الذى أحدث به ضجة كبيرة فى بداية مايو 2006 عندما اتهم المسئولين فى الشركة القابضة للأمصال واللقاحات «فاكسيرا» وعلى رأسهم رئيسها د. محمد العبادى بارتكاب مخالفات كبيرة وإهدار للمال العام فى الشركة التابعة لوزارة الصحة وهو الفساد الذى قال الجبلى إنه اكتشفه وحده حيث لم يلحظه سلفه د. عوض تاج الدين رغم أنه موجود منذ سنوات بل إن عوض تاج الدين بوصفه رئيس الجمعية العمومية لشركة المصل واللقاح وافق على تجاهل هذه التقارير واعتماد أنشطة مجلس إدارة الشركة فى آخر اجتماع للجمعية العمومية قبل إبعاده عن الوزارة كما ادعى الجبلى وقتها.. وقال الجبلى فى بلاغه للنائب العام المستشار ماهر عبدالواحد فى ذلك الوقت: عدم وجود رقابة حقيقية على أنشطة الشركة القابضة للمصل واللقاح، وسوء إدارة الحسابات المالية وعدم وجود رقابة مالية ومحاسبية، وإهدار المال العام في مشروعات كثيرة معظمها توقف تماماً منذ سنوات أو لم يستكمل العمل فيه أيضا، وعدم التحقق من أرصدة الأصول الثابتة للشركة القابضة والشركات التابعة، فضلا عن التسهيلات الائتماية الواسعة والتي لم تغط ولا يعرف أحد عنها شيئا، وأن رأس المال العامل للشركة والشركات التابعة ظهر بالسالب ووصل إلى (196 مليون جنيه). واتهامات أخرى كثيرة ذكرها الوزير فى فيضان أحاديثه الصحفية التى أغرق بها الصحف وقتها والتى لم ينس أن يشير فيها أن محاربته للفساد تأتى تنفيذا لتوجيهات رئيسه المخلوع مبارك الذى قال له كما كان يتفاخر حاتم الجبلى «الرئيس مبارك قال لنا أثناء التكليف بالوزارة: لا تتركوا واحدا فاسدا فى مكانه، كما أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عندما أبلغته بهذه الوقائع والتجاوزات من خلال التقارير الرسمية قال لى: متفكرش مرتين.. مادام هناك فساد اتخذ إجراء فوريا، وأن المصلحة العامة أهم ولا نلتفت لغيرهذا». كاريكاتير خضر حسن ولكن بعد كل هذه الضجة جاء قرار نيابة الأموال العامة بعد عدة أشهر بحفظ بلاغ الجبلى ضد محمد العبادى ومسئولى المصل واللقاح لعدم وجود شبهة تعدى على المال العام. وتبقى ألغاز بلاغات الجبلى ورجاله فلماذا افتعل وزير صحة النظام المخلوع هذه الضجة وقدم البلاغات التى عمقت أزمات مصر الصحية وأساءت إلى الصناعة الوطنية فى ألبان الأطفال والأمصال واللقاحات والصناعة الأخيرة كنا المصدر الأول لها فى أفريقيا فأصبحنا لا نجد من يشتريها.. نريد من د. عمرو حلمى أن يحقق فى فساد بلاغات الجبلى التى تحولت إلى قضية فساد لوحدها!