الثورة وصلت مكتب الإرشاد. هذه حقيقة واقعة، الإخوان لم ينجوا من قطار التحرير وظهرت خمسة أحزاب للجماعة. وكل يوم نعرف أن الجماعة قامت برفت شباب من أعضائها ودخلت الإخوان نفق الانشقاق من أوسع أبوابه بما ينذر بخطر قادم علي الجماعة الحديدية وهذا ما حدث. فالبداية مجموعة من شباب الإخوان قاموا بتأسيس حزبا يحمل اسم «التيار المصري» غير حزب الجماعة الرسمي «العدالة والحرية»، وهو الأمر الذي يخالف اللوائح والنظم الداخلية للجماعة، فما كان من جماعة الإخوان إلا أن قامت بفصل خمسة من شباب الجماعة، لكن قرار الفصل لم يأت إلا بعد 5 جلسات من النصح مع الشباب لتوضيح موقف الجماعة بعدم المشاركة في أي أحزاب سياسية بخلاف الحرية والعدالة. هي لم تكن الواقعة الأولي فقبل عدة أسابيع قامت الجماعة بفصل دكتور عبدالمنعم أبوالفتوح من عضوية مجلس شوري الإخوان لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية وبذلك خرج أبوالفتوح عن مبدأ السمع والطاعة الذي تفرضه الجماعة.. ذهبنا للمفصولين من الشباب وهم من اكتووا بنار الجماعة. يقول محمد نور أحد شباب الإخوان والذي تم فصله بسبب انضمامه لحزب «التيار المصري» إنه خضع للتحقيق من قبل الجماعة وجاء في التحقيق : تأكيد قرار المرشد العام محمد بديع علي عدم الانضمام أو تأسيس أو دعم أي حزب آخر بخلاف حزب الجماعة الرسمي «الحرية والعدالة»، فكان ردنا أن جماعة الإخوان المسلمين مدرسة تربوية وجامعة إسلامية تربي الناس علي الخير والمبادئ وتنشر الخير والبر في الدعوة ويمكن أن يكون لها مشروع سياسي ترغب فيه كلوبي ضاغط لكن نحن لا نشارك في مساحة منافسة حزبية سياسية تصغر حجم الجماعة جدا.. ألا يكون من حق أفراد الجماعة سوي الانضمام إلي حزب واحد، بذلك تتحول الجماعة شيئا فشيئا إلي حزب سياسي مما يعد تحجيما لدور الجماعة المنتظر. فهذه ليست الصورة التي علي أساسها ظهرت الجماعة أيام الإمام حسن البنا.. هناك سؤال نوجهه دائما للجماعة :''إذا جاء أي عضو من أعضاء حزب الغد أو الوفد للانضمام للجماعة حتي يكون له دور دعوي من مدرسة الإخوان أو يود أن ''يعمل مع الإخوان'' كجماعة دعوية هل ستقبله الجماعة أم ترفضه؟.. فنجد الإجابات قطعا غير واضحة فنجد علي سبيل المثال إجابة :'' يجب أن يترك هذا العضو حزب الغد حتي ينضم إلي الإخوان''.. فما علاقة الإخوان بالحزب؟! هل بذلك يعد الحزب محسوبا علي الإخوان؟!.. قطعا لا. و يستطرد قائلا:'' اللوائح الداخلية للجماعة يجب أن تتم مراجعتها، وكما أن اللوائح داخل الجماعة لا تسير بشكل دقيق وتكون بالاجتهاد وهي غالبا ما تكون قرارات تؤخذ بشكل سريع وأحيانا فردي والتصويت يكون عليها بشكل عام. أما فيما يتعلق بالتحقيق الذي خضع له فيقول محمد نور:'' لم يتم التوصل فيه إلي شيء معين ولا نعرف حتي الآن القرار الذي تم اتخاذه بشأننا.. وأتوقع أن يستمر التحقيق حتي نهاية الأسبوع المقبل فحتي الآن لم يتم فصلي من الجماعة بخلاف بعض الإخوة فمنهم من تم فصله نهائيا ومنهم من تم فصله لمدة 6 شهور فقط.. فضلا عن أنه تم إعادة فتح التحقيق مع مجموعة أخري- وأنا من بينهم- حتي يستوضحوا موقفهم بشكل أكبر خاصة ''مجموعة الجيزة''... وعندما سألته عما يعتزم القيام به بعد الانتهاء من التحقيقات قال :'' أتمني أن أظل في التيار المصري وفي الجماعة ولا أقصد هنا حزب الحرية والعدالة فلن أنضم إليه بتاتا.. أنا أود أن أظل داخل الجماعة وأن أظل علي نفس المبادئ التي تعلمتها داخل الجماعة منذ عشرين عاما وفي نفس الوقت أن يكون لدي الحرية في اختيار البرنامج السياسي الذي يخدم بلدي بشكل أفضل.. ويضيف قائلا: «الجماعة قالت إنه إذا أراد أحد أن يكون له نشاط سياسي فليكن نشاطه من خلال حزب الحرية والعدالة ولكن ما يحدث علي أرض الواقع أنه عندما يعقد مؤتمر للحزب يتم إرسال إخوان المنطقة لحضور المؤتمر ''بالتكليف''.. فهناك تضارب مابين الحرية التي يدعون إليها وبين مايفرضونه. وهناك أيضا تخبط شديد في القرارات والتنفيذ وهذا نابع من عدم وضوح الرؤية وما هو الدور الحقيقي للإخوان والدمج ما بين العمل الدعوي والعمل السياسي والحزبي بصفة خاصة للمنافسة السياسية يشوه العمل الدعوي والبري ويجعل الناس تقول إن الإخوان يستغلون الدين في خدمة السياسة.. فالإخوان علي سبيل المثال تقوم بتحفيظ الناس القرآن فهل يصح أن أقول لهؤلاء « تعالوا انتخبوني».. لذلك كنا نأمل أن تكون جماعة الإخوان أكبر من ذلك وتوجه الشعب كله لاختيار الأفضل والأكفأ والأتقي كجماعة دعوية خيرية وسيكون أثرها في الحياة السياسية أكبر من أثر الحزب.. اليهود في أمريكا هم من يوجهون أمريكا بأسرها دون أن يكون لهم حزب. أما أحمد عبدالجواد أحد أعضاء حزب التيار المصري، فيقول: إنه لم يتم حتي الآن التحقيق معه بعد أن تم فصله نهائيا من عضوية الجماعة.. علي عكس مجموعة محافظة أكتوبر المتمثلة في أحمد نزيلي ومحمد عثمان الذين تم فصلهم لمدة 6 أشهر وخضعوا للتحقيق، لذلك قررنا أن نتقدم بمذكرة لمجلس شوري الجماعة للتحقيق في تفاصيلها المتعلقة بتأسيس حزب «التيار المصري».. ونشير من خلال هذه المذكرة إلي تباين واختلاف وجهات النظر مع مكتب الإرشاد في الفترة الماضية. وبالنسبة للتحقيق، فالشباب الخمسة التابعون لمحافظة الجيزة والذين تم فصلهم لمدة 6 أشهر قد تم التحقيق معهم بخصوص الانضمام للحزب الجديد وكان السؤال واضحا: هل أنت منضم لحزب التيار المصري أم لا؟! فكانت إجابتهم أنهم لم يقوموا حتي الآن بعمل توكيلات للحزب. ويضيف قائلا: أنا شخصيا لا أجد مشكلة في الخضوع لتحقيق جاد، وفي النهاية سألتزم بنتيجة التحقيق. وقرار الانضمام لحزب التيار المصري لايتعلق بمجموعة وهو في النهاية قرار فردي وكل شخص من حقه أن يختار ماذا يفعل!! أما محمد القصاص أحد مؤسسي حزب التيار المصري فيقول: تم فصلي نهائيا من الجماعة، ولا أعرف لماذا لم يتم التحقيق معي حتي الآن.. وسأتقدم أنا وزملائي بمذكرة نوضح فيها موقفنا وفي الحقيقة أنني منذ عشرة أيام وأنا في اعتصام التحرير ولا أود أن أعير اهتماما للموضوع برمته وتركت مسألة المذكرة لمجموعة من زملائي فهم من يتولون إعدادها.. فأنا حتي لا أعرف ما هي عناصرها. ولا توجد لائحة داخلية تنص علي أن هناك قرار عقوبات أو جزاءات كما أنه لا يوجد في اللائحة الداخلية للإخوان ما ينص علي أن يتم فصل أي إخواني انضم لأي حزب آخر.. فهذا القرار ما هو إلا قرار فردي أصدره المرشد العام. في النهاية أود أن أقول إنني لست مهتما بالموضوع لأن البلد والثورة أهم بكثير وتركيزي منصب علي تحقيق مطالب الثورة أولا وعندما تتم الانتهاء منها سأفكر في الفصل!! محمد شمس الدين يقول: تم فصلي لمدة 6 أشهر ثم تم وقف هذا القرار لحين التحقيق معي.. وبالفعل تم التحقيق معي ولكن من الصعب جدا أن أصرح بأي شيء مما حدث في التحقيق لأن الموضوع «فيه أخذ ورد كثير.. فأنا لا أحبذ أن أتكلم في الموضوع بشكل مباشر.. علي الأقل سأنتظر القرار الذي سيصدر بحقي.. وفي الحقيقة أنه لا يتضح لي في أي اتجاه سيسير القرار لكن من الوارد ألا يكون هناك أي إجراء.. ومن الوارد أيضا أن تتم مراجعة الإجراءات التي تم اتخاذها حيال الشباب الذين تم فصلهم. وقال دعينا نتفق علي أن فكرة حزب التيار المصري بعيدة جدا عن فكرة الإخوان وهي في النهاية فكرة غير قابلة «للنقاش» مع الإخوان.. فالشباب الذين أسسوا الحزب يرون أن الحزب سيساهم في خدمة البلاد بشكل مباشر وهي فكرة مطلوبة في هذه الفترة: أن يكون هناك حزب بهذا النمط السياسي مثل حزب التيار المصري، فما يميز هذا الحزب أنه يأخذ الخط العملي علي الأرض أكثر بكثير ويعطي مساحة أكبر للناس.. لأن في النهاية من يصنع السياسة والبرنامج والتحريك هم الناس.. فالشعب كان مهمشا سياسيا وكانت هناك مجموعة تقوده والمجموعة الأكبر هي التي تتبع.. فسوف نعكس الآية سنجعل المجموعة الأكبر هي التي ستشارك في صنع القرار وصنع السياسات ووضع البرنامج فتركيز الحزب كله علي شيئين أولهما علي أن الشعب يبدأ يشارك بشكل مباشر في العمل السياسي، ثانيا أن يعتمد بشكل كبير علي الشباب والحزب لم يعتمد علي أي رمز من الرموز، لذلك خرج في صورة حزب شبابي من وحي الثورة أو من فكرة الميدان. ولم أتقدم بمذكرة لأنه لم يتخذ بشأني أي إجراء والمذكرة لن يكون لها معني.. وأتوقع أن يصدر القرار بحقنا خلال الأيام القليلة القادمة. ولاشك أن ما يربطنا بالجماعة روابط وثيقة، ففكرة الفصل أو التجميد تكون مؤلمة نفسيا، لكن في النهاية الإخوان لا ندخلها بقرار حتي يتم فصلنا منها بقرار.. أما الإخواني المنشق عبدالستار المليجي فيقول عن وجود خمسة أحزاب للإخوان علي الساحة السياسية: «كل الأحزاب الإسلامية تلعب علي ورقة أن مفتاح شخصية المواطن المصري هو التدين.. فكل هذه الأحزاب تغازل المواطن المصري من الجانب الذي يحبه.. وليست الأحزاب السياسية فقط فنحن لدينا الطرق الصوفية وفيها10 أضعاف الإخوان.. وهذا جانب المراهنة عليه ناجحة باستمرار إنما العيب هو أن يستغل سياسيا.. ووجود خمسة أحزاب للإخوان هذا أمر طبيعي.. للأسف الشديد الفكرة الأساسية التي قامت عليها الإخوان في الثلاثينيات والأربعينيات وهي فكرة الدعوة إلي المبادئ والأخلاق الإسلامية انتهت من حياة الإخوان.. فأصبح العمل كله سياسيا بحتا وماديا وبيزنس و«شغلانة جديدة» خالص غير الموضوع الأساسي.. وبالتالي الآن لا يستطيع أحد أن يدعي أن الآخرين خرجوا عليه لأنه هو أصلا خرج من مفهوم الإخوان إلي ما عداه.. فأصبح تجمع مصلحة أكثر منه تجمعا أيديولوجيا هذه هي حقيقة الموقف صحيح هو يأخذ غطاء الدين في النهاية ولكن بهدف الإبقاء علي ما يجذب المواطن المصري الذي لا يعرف دخائل هذه الحركات وما يدور داخلها.. ويضيف قائلا:''مكتب الإرشاد انحرف تماما عن المبادئ الأساسية التي تأسست من أجلها جماعة الإخوان وأصبح يستورد فكرا وهابيا أو تكفيريا خارج الإطار المتفق عليه.. وعن حزب الحرية والعدالة يقول المليجي: «الحزب ليس لديه أي قيمة سياسية وليس لديه أدني درجات من الحرية في الحركة وبالنسبة لتمويل هذه الأحزاب فإنه يأتي من3 مصادر معروفة إما مصادر شرقية تمر بالخليج والسعودية التي تمول كل ما هو مضاد لفكرة أن تكون هناك جمهورية ديموقراطية وتريد أن تصبح الأمور إلي ملكيات وهذه حرب قديمة بينها وبين جمال عبدالناصر، وإما مصادر أمريكية غربية أوربية وهي كتلة واحدة تمولهم من أجل أن توجد أحزاب تحقق مصالحهم في المنطقة وتتصالح مع إسرائيل، أما مصادر رجال الأعمال المصريين ومنهم الإسلاميون وغير الإسلاميين وكل له أهدافه.. ولكن في حقيقة الأمر المظلوم في كل ذلك هو شباب الثورة الذين لا يستطيعون التعامل مع كل هذه الأمور لكن شباب الإخوان بعضهم يتم تمويله من الخليج. يقول الأستاذ ثروت الخرباوي المحامي بالنقض والباحث في شئون الحركات الإسلامية والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمينعن الانشقاق الذي دب في صفوف الإخوان بوجود 5 أحزاب للإخوان علي الساحة السياسية قد يتصور البعض أن المسألة هنا هي توزيع أدوار أو أنها انشقاقات وهمية ولكن الواقع أن الأحزاب المتعددة التي وصل عددها إلي خمسة تدل- وهذه معرفة حقيقية مني أنا للواقع الإخواني بالداخل- علي أن هناك صراعات مكتومة داخل الإخوان وعندما حدثت الثورة وظهر الإخوان علي سطح المائدة السياسية كان لابد لهذه الصراعات أن تخرج للعلن وألا تظل مكتومة في بطن الجماعة.. فتشكيل عدة أحزاب دل علي أن اختلاف الرؤي الذي كان داخل جماعة الإخوان أصبح الآن اختلافا حادا أدي إلي أن كل المجموعات التي شكلت أحزابا غير حزب الإخوان، هذه مجموعات أقرت أنها لا تستطيع أن تتعايش مع الفكر القطبي الذي يرفع من شأن السمع والطاعة علي شأن الفهم والتفكير.. فقررت هذه المجموعات أن تنشئ لنفسها أحزابا أقول أنه كان من الأفضل لهذه المجموعات أن تشكل لنفسها حزبا واحدا في مواجهة حزب الإخوان المسلمين لأن الاختلافات متعددة وطبيعتها كانت مختلفة عن بعض لذلك كل مجموعة اختلفت في جانب من الجوانب اجتمعت وشكلت لنفسها حزبا.. تعدد الأحزاب سيجعل يقينا- وهذا ما أتوقعه- أن بعض هذه الأحزاب ستموت ولن تكون لها حياة لأن أصحابها ليست لديهم المؤهلات لإدارة عمل سياسي لكن هناك أحزابا أخري منها ستكون عنصرا فاعلاً في المعادلة السياسية وهذا سيسحب من الإخوان.. علينا ملاحظة أن المسألة ليست في تعدد أحزاب الإخوان ولكن تعدد أحزاب الحركة الإسلامية بعمومها لأنه عندما يكون لدينا حزب للإخوان ثم سبقه حزب الوسط وهو حزب إسلامي ثم يكون هناك حزب يمثل التيار السلفي الذي اتضح أن له قوة هائلة داخل المجتمع المصري خاصة بين بسطاء المتدينين في المناطق الشعبية والأرياف، فأنا أرشح حزب الريادة وحزب التيار المصري لأن الشخصيات التي تقوم عليه مجموعة كبيرة من الشباب الفاعل الذي يمتلك قدرة حركية عالية، أما حزب الريادة فلديه مجموعة من الشخصيات التي تمثل الجناح الإصلاحي داخل جماعة الإخوان ولديهم خبرات تنظيمية سابقة وعلاقات قوية بألوان الطيف السياسي في مصر.. فعندما يكون لدينا أحزاب كثيرة تصل الأحزاب القوية لتيار الحركة الإسلامية إلي خمسة أحزاب معني ذلك أنه لن تكون جماعة الإخوان سيدة العمل السياسي لكن ستكون واحدا من الخمسة في العمل السياسي ذات المرجعية الإسلامية ولن تكون الحزب الوحيد، وهذا بالتالي يقلل من قدر تأثيرها في المجتمع المصري لأن المصريين عنصر كبير جدا في الرهان السياسي، الشعار الإسلامي لن يكون حكرا علي جماعة الإخوان ولكن سيكون لكل أبناء الحركة الإسلامية لتتحرك به مما سيقسم الأصوات الإسلامية وسيحقق رشدا في الاختيار بالنسبة للناخب.. وعن تمويل تلك الأحزاب يقول الخرباوي: «إن حزب العدالة والحرية الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين هو أغني هذه الأحزاب لأن أفراد جماعة الإخوان يمولون هذا الحزب والجماعة في الأساس شديدة الثراء وميزانيتها في الحقيقة ميزانية دولة وفقا للتقارير الخارجية والتقارير الاقتصادية الداخلية ووفقا لتقديري الشخصي وأنا سبق أن كتبت في هذا الأمر، ثروة جماعة الإخوان تتجاوز المليار والنصف مليار جنيه هذه ميزانية مهولة والإنفاق سيكون ببذخ لأن بعض المظاهر مثل قيام جماعة الإخوان وفقا لما نشرته الصحف مؤخرا بتخريج قضاة عرفيين وهي خبرة حركية يحاول الإخوان من خلالها الوصول إلي العمد والأعيان والمشايخ، وهذه مسألة واضحة تمام الوضوح فذهبوا إلي عمد ومشايخ البلاد وطلبوا منهم أن يحضروا ندوة وأعطوا محاضرة عن القضاء ومنحوهم شهادات بأنهم أصبحوا قضاة عرفيين فهذه خبرة حركية إلي جانب الأموال فهم يهدفون من خلال ذلك الوصول إلي طبقة العمد والمشايخ ذات التأثير علي الفلاحين.. هذه الخبرات لن تصبح حكرا علي جماعة الإخوان الآن.. فهناك أيضا التيار السلفي الذي يقوم بعمل كردونات ضخمة يتلقون فيها تبرعات من الجماهير عبارة عن ملابس أو ما شابه ذلك يقومون بتنظيفها وكيها ثم إعادة بيعها في هذه الكردونات بأثمان زهيدة تصل إلي2 أو 3 جنيهات، وهذا الأمر يحل مشاكل كثيرة للفقراء.. فإذا كان الإخوان لديهم قدرة كبيرة علي الحركة الجماهيرية واستخدام المال فالتيار السلفي كذلك وستنتقل هذه الخبرات للآخرين ولكن سيكون لجماعة الإخوان الحظ الأكبر بالنسبة للمال فهي تمول نفسها.. أما التيار السلفي فيأتي في المرتبة الثانية لأنه ينتمي إليه مجموعة من التجار وكبار الأثرياء ويقومون بالتبرع له حاليا وبالتالي يمتلك ميزانية ضخمة جدا خاصة أن رؤوس مشايخ السلفيين يمتلكون أموالا ضخمة ويمتلكون قنوات فضائية مثل الشيخ محمد حسان وإسحق الحويني وياسر برهامي مثل هؤلاء لديهم إمكانيات مالية هائلة ولهم قدرة علي جمع المال من الخليج والسعودية باعتبار أن التيار السلفي المصري حاليا هو الممثل الرسمي للفكر الوهابي في مصر.. سيأتي في المرتبة الثالثة الأحزاب التي انشقت عن الإخوان وأنا أظن أنه بالنسبة لحزب الريادة فسيضم مجموعة من رجال الأعمال من الإخوان ولديهم قدرة علي تمويل حزبهم ولكن المشكلة ستكون بالنسبة لحزب التيار المصري المكون من الشباب لأنه وإن كانت لديهم قدرات حركية لكن إمكاناتهم المالية بسيطة وسيواجهون مشكلة إلا إذا وجدوا حلولا للتمويل. يقول الأستاذ حسام تمام الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن ما يحدث في صفوف جماعة الإخوان المسلمين ليس تقسيما للأدوار إنما هو تفاعل حقيقي مرتبط بمصر الجديدة بعد الثورة، مصر التي ليس بها نظام قمعي تسلطي، مصر التي أصبحت الحرية فيها متاحة لأي شخص وأي مجموعة أن تنشئ تيارها أو حزبها السياسي.. الإخوان كان جزء كبير من صمودهم التاريخي هو عدم حدوث انشقاقات أو خروجات كبيرة عنهم وذلك بسبب طبيعة التثقيف داخلهم والتكوين الديني وذلك هو الذي حقق لهم التماسك - ليس كبقية القوي السياسية الأخري- لكن جزءا منه أنه لم يكن هناك فضاء سياسي يمكن للخارج عن الإخوان أن يتحرك فيه، فلذلك علي سبيل المثال ظل «حزب الوسط» لمدة 15 عاما بدون رخصة سياسية وأي خارج عن الإخوان ما كان باستطاعته أن يقيم حزبا سياسيا أو حتي جمعية خيرية.. فلم يكن الخروج عن الإخوان مضرا ولم يكن مفيدا.. فالوضع الجديد كما نري سمح لعشرات الأحزاب من الإسلاميين وغير المسلمين.. فنحن نتحدث عن أحزاب مثل ''النهضة'' و''الريادة'' و''التيار المصري'' و''حزب مجتمع السلام والتنمية'' فهنا خرج حوالي أربعة أو خمسة أحزاب عن الإخوان غير حزبهم المعتمد والذي تعتبره الجماعة حزبها الوحيد وهو حزب ''الحرية والعدالة''.. وكل واحد منها يمثل خروجا لسبب فمجموعة حزب ''التيار المصري'' خرجت لسبب يتعلق بتهميش الشباب وعدم استيعابه رغم ما قدمته المجموعة التي تمثل الإخوان في ائتلاف الثورة هم الذين ''بيضوا وجه'' الإخوان وأعطوهم زخما ومشاركة حقيقية في الثورة.. وهذا يعد احتجاجا علي تهميش الشباب.. وكذلك مجموعة ''حزب الريادة'' كان لديها رؤية في مسألة تجاوز فكرة الإسلام السياسي والإعلان المستمر للهوية الدينية في المشروعات السياسية.. أنا أري أن جماعة الإخوان انتهي الزمان الذي تتكلم فيه باعتبار أن الخارج منها خاسر أو أن الجماعة لا تخسر وأنها أحسن وأقوي من أن يخرج منها أحد.. أنا أري أنه تطور طبيعي سياسي.. فالإخوان ليسوا فقط مشروعا سياسيا إنما مظلة اجتماعية يعملون ويتزوجون ويتعلمون فيها.. فهو مجتمع مواز، فعندما عادت مصر إلي طبيعتها فأصبح من يريد أن يؤسس جمعية فليؤسس ومن يريد أن ينشئ حزبا فلينشئ فبدأت المكونات الطبيعية تعود.. فمن الممكن أن يكون هناك إخواني لا يعجبه حزب ''الحرية والعدالة'' وهذا ما حدث مع شباب الإخوان الذين اعترضوا علي فكرة إلزامهم بمشروع سياسي، فهم يقولون إنهم إخوان ولكن ليس من المفروض أن ينتموا إلي حزب ''الحرية والعدالة'' وهذا ما يخالف تعاليم الجماعة التي تمنعهم من حق الانضمام إلي أي حزب آخر بخلاف حزب ''الحرية والعدالة'' أو حتي تأسيس حزب آخر.. ثانيا كان رأي مؤيدي دكتور عبد المنعم أبو الفتوح أنه ليس من حق الجماعة أن تجبرهم علي مرشح رئاسي واحد.. فأنا أري أنه لا يوجد توزيع أدوار وإنما انقسامات طبيعية حقيقية لا تسيء للإخوان وهذه هي طبيعة المشروعات السياسية.