في غياب الرقابة الحقيقية مازالت مافيا التجار تسيطر وتهيمن وتتلاعب بالسوق والمواطنين. ما إن تطرح الحكومة زيادة العلاوة للموظفين إلا ويتبع ذلك ارتفاع في أسعار السلع الأساسية، حيث شهدت أسعار الخضراوات والفاكهة في الأسواق ارتفاعا ملحوظا، حيث وصل كيلو الطماطم في المتوسط إلي 6 جنيهات وبلغت أسعار الكوسة نحو 4 جنيهات والفاصوليا 7 جنيهات والبسلة 5 جنيهات، وارتفعت أسعار البطاطس إلي 5,3 جنيه، والباذنجان إلي 6 جنيهات. حيث شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاعا ملحوظا منذ قيام ثورة يناير حتي وقتنا هذا. وفي جولة قامت بها «صباح الخير» علي الأسواق لاحظنا أن الطماطم سجلت ارتفاعا ملحوظا في الأسواق ما بين 5 و7 جنيهات بينما في منافذ البيع الأخري مثل «خير زمان» و«أولاد رجب» وغيرها ما بين 6 و8 جنيهات، وتترواح أسعار البطاطس ما بين 5,2 و3 جنيهات بينما بلغ سعر الفلفل الأخضر 6 جنيهات والباذنجان الأبيض 6 جنيهات. بينما الأسمر لا يتعدي ال 3 جنيهات وتساوي سعر البسلة والفاصوليا الخضراء والكوسة لتصل سعرها إلي ال 5 جنيهات والثوم والبصل يتراوح من ال 5,2 إلي 3 جنيهات ولكن مازال يتربع الليمون علي عرش ارتفاع الأسعار في الأسواق والسوبر ماركت ليصل إلي 7 و8 جنيهات وأيضا كان للفاكهة نصيب من هذا الارتفاع الملحوظ فسجل التفاح الأمريكي ما بين ال 10 إلي 12 جنيها والموز يتراوح سعره من 5,4 إلي 5 جنيهات. بينما الفراولة ب 3 جنيهات والأناناس من 5,3 إلي 4 جنيهات والخوخ من 5 إلي 7 جنيهات. فمازال المواطن المصري البسيط يتساءل: متي تنخفض الأسعار أو علي الأقل تصبح الأسعار في المتوسط الطبيعي وخاصة بعد الثورة ليجني المواطنون ثمار ثورة الخامس والعشرين من يناير. ومازال يتساءل: إلي متي سوف يظل المواطن فريسة لارتفاع الأسعار بعد حصوله علي أي علاوة فلقد أعلنت الحكومة مؤخرا زيادة نسبة العلاوة بحد أدني لموظفي القطاع الخاص بنسبة 15%. هذا في الوقت الذي رصدت فيه تقارير الغرف التجارية زيادات جديدة في أسعار زيوت الطعام والمسلي النباتي ومنتجات الألبان واللحوم المستوردة بنسب تراوحت بين 5% و10% في حين استقرت أسعار اللحوم البلدية والسكر الحر المعبأ والدقيق والأرز. وأشارت التقارير الخاصة بعدد من محافظات الجمهورية، إلي ارتفاع أسعار زيوت الطعام والمسلي النباتي للشركات الاستثمارية وقطاع الأعمال بنسبة تراوحت بين 5% و12%. وارتفعت عبوة الكرتونة المكونة من 12 زجاجة بمعدل يتراوح بين 4 و7 جنيهات، وصعد سعر لتر الزيت العادي والخليط ليتراوح بين 9 و10 جنيهات، وتحرك سعر لتر زيت عباد الشمس بين 12 و50,12 جنيه للزجاجة، بينما يباع لتر زيت الذرة بسعر 50,13 جنيه، بحسب صحف محلية صادرة الأحد. وفي وقت سابق من مارس، رصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجعا ملحوظا بأسعار اللحوم والدواجن والخضراوات والملابس الجاهزة بسبب الأوكازيون خلال فبراير 2011، بينما سجل معدل التضخم السنوي خلال الشهر زيادة 6,10 % مقارنة بمستوي المؤشر في فبراير 2010. وقال التقرير إنه رغم ما شهدته مصر خلال شهر فبراير من تغيرات سياسية مهمة تبعتها العديد من الوقفات الاحتجاجية للعاملين سواء بالحكومة أو القطاع الخاص إلا أن أسعار السلع والخدمات شهدت ثباتا نسبيا بشكل عام مقارنة بالشهر السابق. وتشير د.ضحي عبدالحميد أستاذ السياسات التمويلية بالجامعة الأمريكية إلي أن السبب في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة إلي السلسلة التي تصل بين المزارع والمستهلك النهائي. حيث تخرج الخضروات من المزرعة بأسعار زهيدة جدا، بينما تصل إلي المستهلك النهائي بأسعار مرتفعة. ناهيك عن الظروف الحارجة التي تتعرض لها البلاد الآن مما يؤثر علي حركة وصول السلع إلي المواطن. وتؤكد د.ضحي علي ضرورة الدور الرقابي للحكومة علي الأسواق حتي يعود الانضباط، وأيضا مؤسسات المجتمع المدني المتمثلة في جمعيات حماية المستهلك لافتة إلي أن هذه الجمعيات مازالت حبراً علي ورق وغير معترف بدورها الآن بحجة أن القانون لايعطيها الشرعية القانونية، حيث تستطيع أن تقوم حملات تقصي حول هذه السلسلة من أين تبدأ، وأين تنتهي؟، وما الذي يجعل الأسعار ترتفع في هذه السلسلة؟. وقالت إنه عندما تطبق آليات الرقابة الواضحة في كل مرحلة من مراحل السلسلة التي تصل بين المنتج وهي المحاصيل إلي المستهلك النهائي ستنخفض أسعار الخضروات والفاكهة بشكل ملحوظ. تؤكد الدكتورة: أمنية حلمي الخبيرة بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن البلاد تمر في هذه المرحلة بأزمة في السلع الغذائية ويرجع السبب إلي أننا نعيش مرحلة ارتفاع الأسعار العالمية ويجب التعامل مع هذه الأزمة بشكل شديد الاهتمام حتي لا تتحول الأزمة إلي كارثة يصعب الانتهاء منها وأضافت د.أمنية أن هناك نوعين من السلع سواء كانت محلية أو مستوردة فمعظم السلع التي نستوردها تكون كميات كبيرة من السلع البسيطة التي عادة ما يستخدمها الإنسان في حياته اليومية فضلا عن السلع التي تستخدم المبيدات الكيميائية في زراعتها وهي الأكثر استخداما ومن هنا يجب تحديد أسباب ارتفاع الأسعار ويأتي أول الأسباب أن تكلفة الإنتاج سواء كانت هذه السلع محلية أو مستوردة فإنها تكلف التاجر أسعارا باهظة وكذلك أماكن تخزينها فإنها تكلف التاجر تكلفة باهظة ومن هنا ترتفع الأسعار وفي نفس السياق تري د.أمنية أن الاحتكار المتواجد في الأسواق يقودنا إلي التفكير في دور الرقابة الخفية في الوقت الراهن التي جعلت مافيا السوق تتزايد يوما بعد يوم فيضطر المستهلك إلي المعاناة من ارتفاع الأسعار لذلك يجب وجود قواعد للمنافسة في الأسواق فعلي الدولة أن تتدخل لكي تحل هذه الأزمة من خلال توفير وتعدد المجمعات الاستهلاكية فمن الممكن أن نطرح السلع في هذه المجمعات بأسعار تحددها الدولة ومن هنا تجبر هذه المجمعات التجار علي المنافسة الشريفة لأنها تحدد الأسعار وبالتالي لاتستطيع مافيا الأسواق التدخل في تحديد الأسعار بالإضافة إلي تقليل دور الوسطاء وخاصة أن الدولة هي المشتري الوحيد الكبير فمن الأفضل أنها تكون المسئولة عن تحديد الأسعار وأخيرا تشدد د.أمنية علي دور المواطن وتتصور أن من الممكن أن تكون هناك رقابة شعبية خاصة بعد ثورة يناير من خلال أن يكون هناك ممثلون من الشعب يتواجدون في الأسواق لكي يحموا المواطن من جشع البائعين أو يلجئوا إلي الطرق القديمة ويمتنعون عن شراء بعض السلع غير الضرورية وبالتالي تقل الأسعار. وقال د.أحمد جلال الخبير الاقتصادي ومدير منتدي البحوث الاقتصادية إن زيادة الأجور إن لم تتبعها زيادة الإنتاجية فإن هذا يترجم إلي تضخم. لافتا إلي أن ارتفاع الأسعار يعود إلي عدة أسباب فقد يكون هناك منتج يسيطر علي بعض السلع بشكل احتكاري ويتواكب مع هذا أسواق احتكارية وفي مجال السلع الغذائية لا يظهر بشكل احتكاري كبير مقارنة بالسلع الأخري مشيرا إلي أن جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار لابد أن يكون له دور في محاربة المحتكر حتي لا يستغل المستهلك ويشير د.جلال إلي أنه من بين الأسباب التي تؤدي غالبا إلي ارتفاع الأسعار هو وجود سلع يتم استيرادها فعندما يتم ارتفاعها يؤثر علي زيادة الفاتورة ويوضح د.جلال أن السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار هو زيادة الدخول عن الإنتاج مما يؤدي إلي حدوث تضخم. ويوضح د.جلال أن معالجة هذه القضية تحتاج إلي ضبط السوق وزيادة المنافسة ولكن يجب أن نعي أنه لا يعقل أن يكون هناك رقيب علي كل سلعة فلا يعقل أن يتواجد مخبر علي كل بائع فبالتالي سوف يكون نصف السوق مخبرين والنصف الآخر بائعين ويتفقون علي استغلال السوق مما يتطلب ضرورة ضبط السوق.