تعطيل العمل وتأجيل الامتحانات.. جامعة جنوب الوادي: لا خسائر جراء العاصفة التي ضربت قنا    بعد التوقف والمنع.. افتتاح موسم الصيد ببحيرة البردويل في شمال سيناء    تنفيذ 15 قرار إزالة تعديات على أملاك الدولة بمساحة 2858 مترا بكفر الشيخ    «هوريزاون الإماراتية» تتنافس على تطوير 180 فدانا بالساحل الشمالى    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    آلاف المتظاهرين يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بعدم تقديم استقالته    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    رئيس فلسطين يصل الرياض    رجال يد الأهلي يحقق برونزية كأس الكؤوس الإفريقية    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    أمطار رعدية ونشاط للرياح.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأحد    قرار بحبس متهمين في واقعة "حرق فتاة الفيوم" داخل محل الدواجن    الاثنين والثلاثاء.. ياسمين عبد العزيز تحتفل بشم النسيم مع صاحبة السعادة    أحمد كريمة: شم النسيم مذكور في القرآن الكريم.. والاحتفال به ليس حرامًا    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    مجلة رولنج ستون الأمريكية تختار «تملي معاك» لعمرو دياب كأفضل أغنية عربية في القرن ال 21    خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد خلال الفترة الحالية    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب | النسخة العاشرة    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم خاص جدًا
نشر في صباح الخير يوم 08 - 06 - 2019

يوم لن نبالغ إن قلنا إنه يوم للسعادة والإحساس بالحرية. ذلك اليوم الذى يتنوع وفقا لمناسباته، ولكنه فى كل المناسبات يوم خاص جدًا . وتبقى خصوصيته فى رائحة الطفولة وذكرياتها الحميمة التى قد تظل متوارية خلف ابتسامة خجلى، وهى تتذكر ذلك المذاق الخاص جدا لحلوى تقترب مذاقها من الاحتراق، لتلتصق فى سقف الفم الذى يظل يتحرك طرفه الثعبانى حتى يتمكن منها، ويسقطها قابضًا عليها، يمتصها بلذة منتشيًا بذلك الطعم الفريد الذى لا مثيل له فى أية حلوى أخرى.
قبل احتراق السكر
إنها قطعة الحلوى التى كانت الأمهات تضعها فى أفواه أطفالهن وفى أفواه أطفال الجيران، حتى يرضخوا لمحاولات الأمهات لإبعادهم عن المنزل، وللذهاب للعب فى الشارع مع بقية الأطفال أو البقاء فى شقة أو بيت الخالة «أم فلان» مع بقية الأولاد حتى ينادين عليهم، ويفهم الأطفال سر هذا الرضا ويتمادون فى «الغلاسة» طمعًا فى قطعة حلوى أكبر أوفى قرش صاغ أيام كان موجودًا على قيد الحياة لشراء «أرواح» من عم «فلان» البقال، وقد ترضخ الأم حسب الظروف والأحوال .
ذلك اليوم من كل شهر والذى لا أتصور أن طقوسه قد انقرضت، كان طقسًا فى الأحياء الشعبية وفى الريف. كان النساء أقارب وصديقات يتجمعن فى موعد معلوم بعد أن يغادر الرجال ويتم تسريب الأبناء تبدأ ما يطلقون عليه «الحفلة»، حيث تطبخ الحلوى من السكر والليمون، وتوضع مع الماء على النار بمقادير دقيقة ومدة محددة بلا زيادة أو نقصان . يوم تمارس النساء فيه أفراحهن البسيطة ويعشن حالة حرية أيضًا بسيطة .
تتصاعد رائحة اقتراب السكر من الاحتراق تتسرب مخترقة النوافذ المغلقة حتى تصل لأبعد ما يمكن أن تحملها الرياح إلى من يسيل لعابه بتلك الرائحة حلوى انتزاع الشعر اختراع مصرى قديم.
لا يقتصر اليوم على طبخ الحلوى «و نزع الشعر بل يقضى النساء اليوم وهن مرتديات قميصًا شفافًا خفيفًا ويسمعن الراديو ويغنين ويرقصن ويطلقن النكات «الخارجة» ويتحدثن عن علاقتهن الحميمة بأزواجهن ويأكلن الفاكهة وكل «ست» تحضر من الموجود. وينتهى الحفل بعودة النساء إلى بيوتهن فرحات منتشيات طازجات كأنهن الفاكهة لحظة قطافها.
ليلة الجلوة
الماشطة هى كوافيرة الزمن الذى كان، خاصة فى الريف والأحياء الشعبية ووظيفتها قص الشعر وصبغه بالصبغة أو بالحناء وتصفيفه، وتستعين بها النساء الميسورات القادرات على دفع أجرها وهو ليس أجرًا معلومًا ومحددًا، لكنه يدفع حسب حالة المرأة الاقتصادية وأحيانًا فى الريف يكون الأجر عينيًا، كمية من الأرز أو الدقيق أو القمح، ويمكن أن يكون دجاجة أو زوج حمام.
والماشطة تقوم أيضًا بطبخ حلوى نزع الشعر وتزجيج الحواجب وأيًا كان مستوى العروس الاجتماعى، فالماشطة لابد أن تحضر ليلة « الجلوة» وهى ليلة الحنة التى تقوم فيها الماشطة بتجهيز العروسة وإعدادها لليلة الدخلة، فبالإضافة لما سبق ذكره من وظائف الماشطة فهى تقوم ب«جلوة» العروسة أى دعك قدمى العروس بالحجر«الخفافى» وتنعيم الكعبين وتحميم العروس ودعك جسدها بزيوت عطرية.
طبعًا كانت هذه الليلة هى ليلة العروس وصديقاتها وقريباتها يغنين أغانى إباحية مثل «ياللى ع الترعة حود ع المالح، وسطى بيوجعنى «يأتى الرد بسؤال: من إيه ؟» تكون الإجابة فى الأغنية «من ليلة أمبارح»، وهكذا إلى آخر الأغنية المصحوبة بضحكات صاخبة صافية «تجلو الهم عن القلب ويرقصن ويطلقن التعليقات عن الحدث الأكبر «ليلة الدخلة». هذه الليلة تشبه ليلة الحنة الحالية مع الفارق الكبير فى التكلفة.
خلطة زيت من عند العطار
ومن الماشطة إلى الكوافير رحلة طويلة قطعت فيها النساء مسافات من الحرملك إلى البرلمان، فقد اختفت مهنة الماشطة ولم تعد النساء يقمن حفلات « الحلوى الشهرية»، فقد ازدحمت الحياة بالمسئوليات والحواجز التى حجبت المودة والمحبة التى كانت، وارتبكت العقول بنعيق البوم الذى حرم الفرح على القلوب وأوشكت أن تختفى الضحكة من وجه الدنيا ،تلك الضحكة التى كانت تشق جدران البيوت فتشرق الشمس.
ولكن وكما هو معلوم بالضرورة من طباع الشعب المصرى بأنه شعب «مالوش» حل وليس له كتالوج ولا قطع غيار فإنه يخلق أفراحه التى تكون فى تصفيف الشعر وقضاء ساعة تجميل فى مركز أو محل كوافير.
وللكوافير حكاياته أيضًا وأيًا كان المستوى الاجتماعى والاقتصادى للمترددات على الكوافير وهو المستوى الذى يحدده المكان. أى أن محل فى الزمالك غير محل فى الوايلى والمكان يفرض السعر. وهما معًا يحددان مستوى الزبائن، والمستوى لا يعنى الكفاءة ولا جودة الخدمة، ففى الوايلى والسيدة زينب وحلوان صنايعية أيديهم تتلف فى الحرير.
وأيًا كان فلا تختلف الحكايات إلا فى بعض تفاصيلها ولا تختلف الحالة والرغبة فى بضع ساعات خاصة بعيدًا عن ضغوط الحياة التى أثقلت كاهل النساء .
فالفضفضة من طقوس تلك الساعات التى تمنى المرأة فيها نفسها بالخروج جديدة وقلبها فرحان بجمال شعرها ووجهها. وحدود الفضفضة مرتبطة بقدرة الكوافير على الإنصات وتطييب الخاطر بكلام لطيف تغلب عليه المجاملة ويتحول فى هذه الحالة كرسى تصفيف الشعر لمكان للاسترخاء كأنه «شيزلونج» المعالج النفسى.
وطبعا لابد من مساحة كبيرة من الثقة فى الكوافير فهو مستودع أسرار البعض رغم أن هؤلاء البعض لا تتحدثن بعيدا عن بقية الجالسات فى المقاعد المجاورة والعاملات فى المحل اللاتى تتدخلن فى الحوار بالمشاركة والتعاطف والنصيحة والشكوى.
من الحكايات الطريفة التى وقعت لصديقة لى شابة لم تكن قد تجاوزت فى ذلك الوقت الخامسة والعشرين من عمرها ولم تتجاوز خبرتها العملية الثلاثة أعوام، تعمل فى منظمة فى المهندسين واضطرتها دعوة لبرنامج تليفزيونى للذهاب لأقرب محل كوافير فى نفس الحى.
كانت المرة الأولى التى ستظهر فيها فى التليفزيون، وفى النهاية وبعد أن تغزلت فى جمالها الذى سيظهر على الشاشة وستفتخر به أمام خطيبها آنذاك، وهو بدوره سيفتخر بجمالها وطلتها على الشاشة أمام أهله، أفاقت على صوت المحاسب الجالس على تلك الآله التى تفتح بضغطة «زرار» وتبلع الفلوس وتغلق أى والله محاسب سمعت الرقم المطلوب ودارت الدنيا بها وأوشكت أن تبكى من القهر، فقد كان المبلغ المطلوب لمجرد عمل «سشوار لشعرها» مائة جنيه.
ترى هل تحكى هذه الحكاية الآن لابنتها التى بلغت عامها الخامس عشر؟ وربما تقول لها كما كانت تقول أمها: «كفاية كوافير شعرك حيقع حطى له حنة وخلطة الزيت اللى جبتها لك م العطار حيبقى زى الحرير». •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.