تتعاقب السنون، وتمضي الأيام ، وتبقى الذكريات الجميلة، شاهدة على العصر، تحكي حكايات الزمن الذي كان يوما ما واقعاً جميلاً، الكلام مع الجدات تأنس إليه النفس، وتنصت إليه الآذان في هدوء وسكينة، عن أجمل الذكريات التي تحب الجدات الكلام عنها، وهي مظاهر العرس بكل تفاصيلها. تقول الحاجة فاطمة السيد 81 عاماً: «كانت أيام جميلة والنفس راضية، والصحة عال، كان بيت العروس يظل شهراً كاملاً مفتوحاً على مصرعيه لبنات البلد، يدخلون ويخرجون متى شاءوا، ويطلقون الزغاريد في ذهابهن وإيابهن، وبالليل يجلسن على الأرض واضعين بينهن «الطشت» يدقون عليه بأيديهم، ولا رنة الطبل البلدي، و يغنون أغان زمان ، مثل (ع الزراعية يارب أقابل حبيبي )، و( بنت الأكابر غاليه )». وتابعت الجدة: «كان هناك ماشطة القرية، وهي تقوم مثل مقام الكوافير الآن، وكانت تترد علي العروس لمدة 10 أيام متتالية، فاليوم الأول تقوم بالعناية بشعر العروس ولفه بزيت الزيتون، ويظل 3 أيام هكذا، ثم اليوم الثاني والثالث دهن جسم العروس بماء الورد وزيت الزيتون، ثم تستمر عملية إعداد العروس حتى يوم الحنّة، وفيع تقوم الماشطة بوضع الحنة على يدي العروس وقدميها، ثم يأتي يوم الزفاف وفيه تقوم الماشطه، بتجهيز العروس ووضع الروج والكحل وأحمر الخدود فقط، هذا ماكنا نعرفه عن تزويق العروس». وأردفت قائلة: «يأتي يوم الزفاف وتجلس العروس وحدها وسط الكوشه لا تحرك ساكنا، ولا يهتز لها طرف، وإن حدث، رمقتها العيون بنظرات الغضب، وقامت إحداهن بقرصها في ذراعها، عيب لا تتلفتي كثيراً، حتى لا يقال عليكي عروسة عينها قوية دلالة، كان في القديم عادات متوارثه، في النجوع ، والقرى، فقد كانوا يطرقون باب غرفتها طرقات متتالية، ولحظات ويخرج الزوج شاهراً القماشة البيضاء، وعليها بقع دم، لتبدأ حفلة العرس ومباركة الجيران والأقرباء، كان ذلك ظلماً فادحاً للمرأة، فطرقات الرجال والنساء على الأبواب كانت مفزعه، ثم تنهدت ، وقالت ليس كل قديم جميل ، تقصد أن تغيير العادات القديمة السيئة،أمر مطلوب». أمّا عبد العزيز النجار 83 عاماً، فيتمتع بصحة جيدة ومازالت أسنانه وكأنها أسنان شاب ثلاثيني، يذهب للحقل يومياً ويباشر زراعته بنفسه، ويحتسي الشاي علي «شاليّة النار» و«كيزان الذرة» تنبعث رائحتها من كل مكان، فيقول: «الشبرية زمان كانت زفة العروسة، فيزين الجمل وتزين الشبرية لاستقبال العروس، وتجلس العروس في المنتصف ومعها فتاتان ، واحده علي اليمين والآخري علي الشمال ، وتنطلق الزغاريد حتي بيت العريس، لتبدأ مراسم ااحتفال علي الإسطوانات القديمه وأغاني زمان، ففي القديم كان عبد المطلب، وفي الستينات كانت أغاني فايزة أحمد ، هي المسيطرة علي كل الأفراح». وتابع الجد: «لم يكن مسموح للعريس أن يرى خطيبته، بل حينما كان يذهب إلى بيت العروس، حاملاً معه بعض الحلوى أو الفاكهة، وتراه العروس قادما يجري إلي داخل الدار، وتغلق الباب على نفسها حتى يمضي أو يمر ويذهب». وعن ذكريات العرس قديماً قال: «كانت البساطة هي سمة القرى قديماً، فكانوا لا يتكلفون في شراء أثاث و حاجيات العروس، ولا العريس كان يتكلف كثيرا، وكانت الأنفس راضية بالمقسوم والعيشة هنيه، أما الآن ، فالأثاث بالآلاف وشقق فاخرة وجهاز العروس يقصم الظهر، والعيشه صعبة، والمشاكل كتير،ويرجع الجد ذلك إلي الرضا، فيقول الرضا هو ما يجعل الشئ البسيط غال وثمين». وعاد الجد بالذاكرة إلي عشاء العروس والذي تجلبه أم العروس، فقال: «كان عبارة عن بط وحمام وديك رومي، ورقاق، ومحشي وفطير مشلتت ولبن، كان الخير كتير في الريف وكل دا من البيت، فالحظائر كانت مليئة، والأرض تخرج الزرع بإذن ربها والبهائم، ضروعها محملة بالخير الوفير، وتظل الزيارات لا تنقطع فتلك الصباحية، عبارة عن أسبته بها من خيرات الله والفاكهه، ومقسمه علي كل الأحبه والفطير يحمل علي 3 صوان توزع علي الجيران مع كحك العروس ، والبسكويت ، وتظل الأغانى لا تنقطع ، والزغاريد طيلة شهر العسل، ياريتنا نرجع زي زمان».
واقرأ أيضاً: قرار غلق قاعات الأفراح بالشرقية حبر على ورق.. وشهود عيان: يتم إغلاقها نهارا وافتتاحها ليلا شيرين يحيى تهنئ عروسين.. وتنشر صور الفرح عبر «فيسبوك»